تنمية مواطن القوة قوة للمواطن
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
هند الحمدانية
تشهد مجتمعاتنا حملة وطنية للبحث والتقصي عن المشكلات التي يعاني منها أبناء المجتمع وتحليلها ووضع خطط ومحاولات لكيفية حلحلتها أو تجاوزها لنحقق حياة كريمة للمواطن وتنمية مستدامة للوطن، ونتيجة لهذه العملية المتواصلة في اكتشاف نقاط الضعف التي يعاني منها أفراد المجتمع طغت على السطح قضايا البطالة والباحثين عن عمل ونقص الموارد المختلفة وشح المهارات وشتى النواقص التي يعاني منها المجتمع بداية من الإمكانيات المادية ونهاية إلى القدرات البشرية.
تقول روزابيث موس كانتر الأكاديمية في جامعة هارفرد: "إننا عندما نغير الناس فإنهم يختبرون ذلك كعنف، ولكن عندما يتغير الناس لأنفسهم، فإنهم يختبرون ذلك كتحرر"، لذا أود أن أطرح عليكم في هذا المقال استراتيجية جديدة لتطوير المجتمع وأبناءه ربما لم نعتد عليها كنمط للتغيير والتطوير وإنما هي حقيقة أثبتتها المجتمعات المتطورة وطبقتها وحصدت نتائج مذهلة انعكست على الأفراد والمؤسسات والأوطان على حد سواء.
استراتيجية تحقق لنا تغيير الناس بطريقة لا تلحق الضرر بقدراتهم في مجتمعاتهم وهي أن نبدأ بالتركيز على مصادر القوة في داخلهم وفي داخل مجتمعاتهم وليس بالتركيز على مواطن الضعف وعلى ما ينقصهم ويعيبهم.
وفي محاولة مِنَّا لتأطير هذه النظرية، يجب علينا أن ندرك الحقائق المؤسفة والأخطار الجسيمة التي تنعكس على الناس والمناطق المحلية من التعاطي مع الأمور بالطريقة التقليدية القديمة، أول الأضرار أنها تتطلب بالفعل وجود أشخاص ومجتمعات ضعيفة لنقوم بمساعدتهم بدلا من البحث من خلال مواهبهم وقدراتهم ونقاط القوة في المجتمع، أيضا الأموال الهائلة التي نخصصها لعمليات الإصلاح تلك والتي تهدف إلى توجيهها نحو أولئك الذين يحتاجون إلى الدعم والمساندة، فهي في الحقيقة لا تحقق ذلك المطلب، بل هي تذهب إلى الخبراء الذين يتقاضون رواتبهم مقابل تقديم الخدمات لأولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة، الأمر الآخر أن مجتمعات بأكملها تم تعريفها بأنها ناقصة بسبب الاعتقاد أن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يتغير بها أي شيء بالنسبة لهم هو عندما يكون هناك خبير خارجي لديه البرنامج الصحيح والأموال الكافية ويأتي لإنقاذهم، ولكن بالتركيز على ما هو قوي بدلًا من التركيز على ما هو ضعيف نبتكر منهج ذكي ينعكس بشكل فعال جداً على عملية تطوير المجتمعات والناس ويضع قواعد جديدة ناجحة تغير أساليب المعالجة والمساعدة.
ووفق دراسة لجامعة نورث وسترن الأمريكية، قام الباحثان جون ماكنايت وجودي كريتزمان بتسليط الضوء على هذه الفكرة بشكل كبير؛ حيث أمضوا 4 سنوات في السفر عبر 300 حي و20 مدينة في أمريكا الشمالية، إلى أن استوقفتهم تلك الأحياء المعروفة إلى حد كبير من قبل الآخرين بأنها مناطق منعزلة للأمراض والمشكلات الاجتماعية والبطالة. وهنا بدأ جون وجودي بتطبيق أسلوب جديد في الحوار مع سكان تلك المناطق، لقد ابتكروا محادثة مختلفة في الطرح؛ حيث دعوا الناس ليخبروهم عن وجهة نظرهم حول كيف يمكن أن نحدث التغيير في مجتمعاتهم، لقد استمعوا لقصص الجميع ووجهات نظرهم التي كانت تدور حول آراءهم في أسلوب إحداث التغيير.
وخلصت الدراسة إلى 5 محاور أساسية للتغيير اتفق عليها الأغلبية وهي الآتي: تحديد مهارات السكان المحليين، وقوة الشبكات الاجتماعية المحلية (العلاقات)، والموارد المتوفرة للقطاع العام والخاص والمؤسسات غير الربحية، والموارد المادية والاقتصادية للأماكن المحلية، والقصص المُلهِمة من حياتنا المشتركة (موارد نفسية).
حقيقة: هذه الدراسة أكدت لنا أن الطريق الوحيد لبناء المجتمعات هو بناء علاقات عميقة، لأننا في النهاية نصنع مواطن في وسط مجتمعه ليزدهر ويقدم مواهبه الأصيلة ومهاراته المكتسبة لإنشاء مجتمع أفضل وأكثر شمولية واستدامة.
إننا عندما نصف الناس بأنهم ضعفاء، أو فقراء، أو ناقصين أو مثيرين للمشاكل أو عاطلين عن العمل فإن ما نفعله في الواقع هو أننا ننتزع جزء من روح المواطن وذلك باسم مساعدته.
علينا أن نجد طريقة لنرفع تلك المسميات التي تحجب مواهب المجتمعات والموارد والإمكانيات والخزان الغير مستغل من القدرات والإبداع الموجود داخل كل مجتمع، وهذه الطريقة هي أن يخلق الناس الحل بكلماتهم الخاصة وبأيديهم، لأنه عندما يخلق الناس الأشياء بأنفسهم فإنهم يمتلكونها ويلتزمون بها بطريقة لا يمكن لأحد أن ينازعهم عليها، دعوهم ينتبهوا للقوة المودوعة في داخلهم ليستثمروها في معالجة ما هو خطأ وناقص وضعيف وخلق شعور مستمر بالتحفيز وإجراء تغييرات سلوكية دائمة لدى المواطنين تهدف إلى التدرج في الإنجاز والديمومة في تنمية الفرد والمجتمع.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط مفاهيم الرجولة والأنوثة
مصر – حذر الدكتور نظير عياد، مفتي مصر، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط مفاهيم الرجولة والأنوثة نتيجة الفوضى في المفاهيم.
وخلال لقائه ببرنامج اسأل المفتي، وجه نظير عياد تحذيرا من “تنامي ظاهرة التنصل من المسؤولية في المجتمع، سواء لدى الأبناء أو الأزواج”، موضحا أن “هذه الظاهرة أصبحت سمة شائعة في حياتنا اليومية، وأن هذه الظاهرة قد تكون ناتجة عن فقدان التربية السليمة والصحيحة التي تحفظ العلاقات الأسرية والاجتماعية”.
وأضاف المفتي نظير عياد، أن “المجتمع يعاني من أزمة أخلاقية عميقة، حيث أصبح من الصعب تمييز ملامح الرجولة أو الأنوثة نتيجة للاختلاط والفوضى في المفاهيم”، لافتا إلى أن “السبب في ذلك يعود جزئيا إلى تأثير وسائل الإعلام الحديثة، التي على الرغم من كونها نعمة في كثير من الأحيان، إلا أنها أصبحت وسيلة لنقل أفكار غريبة وسلوكيات منحرفة”.
وأردف: “لقد حولنا وسائل التواصل الحديثة من أدوات للتطور والإيجابية إلى وسائل لنشر أفكار وأفعال غريبة، وهذا لم يحدث بالصدفة بل ربما كان مقصودا”، مشيرا إلى أن “بعض هذه الأفكار قد تكون موجهة بشكل غير مباشر إلى المجتمعات العربية والإسلامية، التي تتمتع بخصوصية ثقافية ودينية تحاول وسائل الإعلام الغربية إحداث تداخل معها”.
وأوضح مفتي مصر أن “المجتمعات العربية والإسلامية تمتاز بوجود الكتلة الصلبة، وهي الأسرة، التي تمثل الركيزة الأساسية في استقرار المجتمع”، مضيفا: “رغم أن المجتمعات الغربية قد شهدت تراجعا في دور الأسرة، إلا أن الأسرة في المجتمعات الشرقية ظلّت تعتبر مؤسسة مقدسة ومهمة”.
وقال نظير عياد: “حتى في الفلسفات القديمة، مثل الفلسفة المصرية والهندية، كان للأسرة مكانة عظيمة باعتبارها حجر الزاوية في بناء المجتمعات”.
وشدد عياد على “ضرورة العودة إلى القيم الأساسية التي تحافظ على الأسرة وتدعم استقرار المجتمع”، محذرا من أن “غياب هذه القيم قد يؤدي إلى تفتت المجتمعات وانتشار التفكك الاجتماعي”.
المصدر: “القاهرة 24”