تنشر بوابة الفجر النص الكامل لكلمة  ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ورئيس الدورة 160 لمجلس جامعة الدول العربية، على المستوى الوزاري، أمام الاجتماع الطارئ للمجلس بالقاهرة، اليوم الأربعاء، لمراقبة تطورات الأوضاع في فلسطين.

وكانت الكلمة كما يلي:

بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، دعت المملكة المغربية، بصفتها رئيسة الدورة 160 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري، إلى عقد هذا الاجتماع الطارئ للتشاور والتنسيق بشأن تدهور الأوضاع في قطاع غزة واندلاع أعمال عسكرية تستهدف المدنيين، وكذا البحث عن سبل إيقاف هذا التصعيد الخطير.

إن ما شهدناه جميعا في الأيام الماضية من أحداث دامية ومروعة، وما واكبها من عنف منقطع النظير ومن احتقان خطير لهو مؤشر على أنـَّنا أمـام وضع غير مسبوق، قد يُدْخِلُ الصراع إلى مرحلة لا يمكن التكهن بملامحها وتداعياتها على المنطقة.

إنَّ الوضع مأساوي، بكل ما تحمله الكلمـة مـن معاني الحدة والفظاعة والقسوة: قتلى بالمــآت؛ جرحى بالآلاف؛ ونزوح جماعي يفوق 170 ألفا، فضلا عن الإعلان عن حصار كامل على منطقة غزة، يشمل قطع المياه وحظر دخول الغداء والوقود والأدوية.

كما أن استهداف المدنيين، من أي جهة كانت، والاعتداء عليهم يعد مصدر قلق بالغ، ويدفعنا للتأكيـد على ضرورة توفير الحماية الكاملة لهم بموجب القانون الدولي الإنساني وألا يكونوا هدفا أو ضحايا للصراع.

يَحْدُثُ كل هذا، في خضم تصاعدِ خطابٍ استئصالي مُمَنْهَج مُريع لا يبشر بخير في المستقبل القريب. كأنَّنا لم نستوعب بَعْدُ أنَّ العنف لا يؤدي إلاَّ إلى العنف المضاد؛ وأنَّ الأقصاء لا يولد إلاَّ الإقصاء؛ وأنَّ التطرف لا يُنْتِجُ إلاّ التطرف.

بالتأكيد، لا يمكن بأي حال من الأحوال، فصل ما حدث عن الأسباب الجذرية التي شكلت – وما تزال - عاملا رئيسيا في انفجار الوضع، بما في ذلك، على وجه الخصوص، انسداد الأفق السياسي للقضية الفلسطينية واستمرار الانتهاكات الإسرائيلية المُمَنْهَجَة والإجراءات الأحادية الجائرة في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة.

ولقد سبق لجلالة الملك محمد السادس - رئيس لجنة القدس - أن نبَّـَه غـير مـا مـرة، إلى خطورة هذه العوامل، مُنَدِّدًا بشدة بالاقتحامات المتكررة التي يقوم بها متطرفون للمسجد الأقصى المبارك، ومُحَذِّرًا من أن تلك التصرفات المرفوضة تغذي التطرف، وتروج لثقافة العنف، وتؤجج نيران الصراع، وتُقَوِّضُ جهود التهدئة، وتَنْسِفُ أُفُقَ حل الدولتين وتضرب بذلك في الصميم كل فرص السلام الشامل والعادل والدائم.

واليوم، تجدد المملكة المغربية التأكيد على أن المساس بالوضع القانوني والتاريخي القائم في مدينة القدس والحرم القدسي الشريف، والمساس بالحقوق الفلسطينية أمر مرفوض وينبغي أن يتوقف، خدمةً للسلام والاستقرار، وتفاديًا لتحول الصراع من صراع سياسي إلى صراع ديني ستكون عواقبه وخيمة على الجميع، كما أشار إلى ذلك جلالة الملك في أكثر من مناسبة. فمدينة القدس يجب أن تبقى أرضًا للقاء ورمزًا للتعايش السلمي بالنسبة لأتباع الديانات التوحيدية الثلاث، ومركزًا لقيم الاحترام المتبادل والحوار.

أصحاب السمو المعالي والسعادة، 
حضرات السيدات والسادة،

لم يعد مصطلح "خطير" يكفي لتشخيص الوضع الحالي في الشرق الأوسط، أمام تصعيد غير مسبوق وَسَّعَ ساحة المواجهات وأذكى حلقة العنف والعنف المضاد، بحدة قد تقضي على ما تبقى من فرص وأمال شعوب المنطقة في إقامة سلام دائم وشامل.

هذا الوضع المتأزم يُسائل أيضا المجتمع الدولي، والقوى الفاعلة، وكذا الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن حول مدى نجاعة تعاطيهم مع هذه الأزمة المزمنة:
     فأين هي الآليات التي وضعها للنظر في هذه القضية ومتابعة تطوراتها، وما هي       نجاعتها ؟ 
     وما هي النتائج التي حققتها حتى الآن ؟
    وهل سيكتفي المجتمع الدولي بمجرد إدارة الأزمة وإصدار بيانات جوفاء لا تأثير لها ؟

من هذا المنطلق، ومن منظور المملكة المغربية، فإن اجتماع مجلسنا الطارئ لهذا اليوم، يجب أن ينصبَّ على تحقيق أربعة أهداف رئيسية هي كالآتي:

أولا: بذل كل الجهود لبلوغ هدف التهدئة وحقن الدماء من خلال التحرك، سواء بشكل جماعي أو فردي، لدى القوى الدولية الفاعلة مـن أجل الوقف الفوري للمواجهات على الأرض وخفض التصعيد، مع ما يَتَطلَّبُهُ ذلك من حماية المدنيين ومنع استهدافهم، ووقف الاستفزازات والأعمال الأحادية، تفاديا لاستفحال الوضع وخروجه عن السيطرة.

ثانيا: تقييم الاحتياجات الصحية والإنسانية العاجلة في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية المتضررة، وبرمجة عقد اجتماع طارئ لمجلس وزراء الصحة العرب للتجـاوب مـــع تـــلك الاحتياجات وسبل إيصالها إلى وجهتها.

ثالثا: تقوية الموقف التفاوضي للأشقاء الفلسطينيين من خلال التعجيل بالمصالحة الوطنية ونبذ الخلافات وإعلاء المصلحة الفلسطينية العليا، ونرحب في هذا الصدد بجهود جمهورية مصر العربية الشقيقة ونحثها على مواصلة جهودها الدؤوبة من أجل تحقيق مصالحة فلسطينية حقيقية ودائمة.

رابعا: حث الأطراف الدولية راعية عملية السلام، بما فيها الرباعية الدولية، على البدء في مشاورات حقيقية لإحياء العملية السلمية من أجل بلورة خارطة طريق بأهداف عملية، تشمل جدولا زمنيا للدخول في مفاوضات جادة وهادفة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للاتفاق على صيغة نهائية لحل القضية الفلسطينية، وفق المرجعيات الدولية والعربية.

في هذا المقام، أجدد التأكيد على دعم المملكة المغربية الكامل والثابت لدولة فلسطين ولسلطتها الوطنية الشرعية، بقيادة فخامة الرئيس محمود عباس "أبو مازن"، للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وتحقيق تطلعاته في الحرية والاستقلال والعيش الكريم.

أصحاب السمو المعالي والسعادة،
معالي السيد الأمين العام، حضرات السيدات والسادة،

إنَّ أمن الشرق الأوسط واستقراره، وكما أكد على ذلك جلالة الملك، في رسالته السامية بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، " يتطلب مساع بلا انقطاع وجهود حثيثة ومتواصلة، للخروج من منطق الصراع والعنف إلى منطق السلام والتعاون وبناء فضاء مزدهر لجميع شعوب المنطقة".

وبطبيعة الحال، فإن المملكة المغربية، بقيادة جلالة الملك، ستظل متشبثة بالسلام العادل والشامل المستند إلى قرارات الشرعية الدولية، باعتباره خيارا استراتيجيا لا محيـد عنـه، ومستعدة للانخراط في أي جهد دولي يروم تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967، وفق حل الدولتين المتوافق عليه دوليا، بما يُمَكِّنُ شعوب المنطقـة مـن مستقبل آمن يعمه السلام ويتيح الفرص والتفوق للأجيال الصاعدة.

شكرا لكم.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الخارجيه فلسطين الأفريقي استهداف السعادة استقلال محمود عباس الاحترام المتبادل مصلحة مجلس الجامعة المملکة المغربیة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تنفي مسئوليتها بشأن الإشكال الدبلوماسي خلال زيارة وزير الخارجية الفرنسي

نفت إسرائيل، الخميس، مسؤوليتها عن إشكال دبلوماسي وقع خلال زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو لموقع تديره فرنسا في القدس، مؤكدة أن المسائل الأمنية تم توضيحها مسبقا لسفارة باريس،  بحسب سكاي نيوز عربية. 

انتشار فيديو اعتقال إسرائيل لفرنسيين في القدس وثورة غضب بوسائل الإعلام.. شاهد مصطفى بكري: ترامب سيسعى لوقف الحرب وفقا لشروط إسرائيل (فيديو)

وبعدما احتجت باريس على دخول عناصر مسلحين من الشرطة الإسرائيلية موقع "الإيليونة" في جبل الزيتون قبيل زيارة لجان-نويل بارو، أكدت الخارجية الإسرائيلية في بيان أن "الآليات تم توضيحها مسبقا خلال محادثات تمهيدية مع سفارة فرنسا في إسرائيل".

واعتقلت الشرطة الإسرائيلية، الخميس، فردين من الدرك الفرنسي في كنيسة تديرها باريس في القدس، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.

جاءت عملية الاعتقال خلال زيارة نويل بارو إلى القدس، مما تسبب في أزمة دبلوماسية بين باريس وتل أبيب، على وقع دخول أفراد مسلحين من الشرطة الإسرائيلية من دون إذن إلى موقع يضم كنيسة تديرها فرنسا.

وقد وصف وزير الخارجية الفرنسي التحرك الإسرائيلي بأنه "وضع غير مقبول" ورفض دخول موقع موقع كنيسة "الإيليونة" الواقع في جبل الزيتون بسبب إيقاف الشرطة عنصرين من الدرك الفرنسي.

كما ذكرت الخارجية الفرنسية أن "تصرف الشرطة الإسرائيلية غير مقبول، وسيتم استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس في الأيام المقبلة".

وقال بارو للصحفيين إن "هذا المساس بسلامة موقع تحت إدارة فرنسية من شأنه أن يضعف روابط جئت بغرض توطيدها مع إسرائيل في وقت نحن جميعا بحاجة إلى دفع المنطقة باتجاه السلام. 

واعتبر مصدر فرنسي اطلع على ما جرى أن "على السلطات الإسرائيلية تقديم توضيحات وليبدأ الأمر باعتذارات"، وفق ما ذكرت فرانس برس.

وكان بارو قد وصل، الخميس، في زيارة قصيرة إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية بهدف البحث عن حلول دبلوماسية للحرب المشتعلة في غزة ولبنان، وفق ما أوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تنفي مسئوليتها بشأن الإشكال الدبلوماسي خلال زيارة وزير الخارجية الفرنسي
  • بعد حادثة القدس.. الرئيس الفلسطيني يستقبل وزير الخارجية الفرنسي
  • المملكة ترأس أعمال الدورة الـ 42 للجنة الفنية الدائمة للإحصاء للدول العربية
  • وزير الخارجية الفرنسي يرفض دخول كنيسة في القدس بسبب وجود الشرطة الإسرائيلية
  • بوتين: الوضع في العالم أبعد ما يكون عن الاستقرار
  • وزير الخارجية يلتقي الأمين العام لجامعة الدول العربية
  • الأمين العام لجامعة الدول العربية يستقبل وزير خارجية السودان الجديد
  • نائب وزير الخارجية لـ"البرهان": المملكة حريصة على عودة الاستقرار للسودان
  • وزير الخارجية الفرنسي يزور إسرائيل والأراضي الفلسطينية غدا
  • وزير الخارجية: الممارسات الإسرائيلية لن تنجح في كسر المشاعر الوطنية الفلسطينية