الخارجية الروسية: عجز مجلس الأمن عن إدانة الاعتداء الإرهابي في حمص دليل على ازدواجية المعايير والخضوع لواشنطن
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
موسكو-سانا
نددت وزارة الخارجية الروسية بازدواجية المعايير لدى الدول الغربية وحلفائها الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بعد رفضهم إدانة الاعتداء الإرهابي الذي استهدف الكلية الحربية في مدينة حمص مبينة أن ذلك دليل على خضوع هذه الدول لواشنطن.
وذكرت الخارجية الروسية في بيان لها أن “ممثلي روسيا في مجلس الأمن الدولي دعوا البلدان الأخرى الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة لإصدار بيان صحفي عام يدين العمل الإرهابي الدموي في الكلية الحربية في حمص، ويعرب عن التعازي لذوي الضحايا والمصابين”، مبينة أن هذه المبادرة التي تعد ممارسة عادية في المجلس جوبهت بالرفض من قبل عدة وفود.
وأوضح البيان الروسي أنه تبين أن الترويكا الغربية “الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا” إضافة إلى حلفائها “ألبانيا ومالطا واليابان” بدت عاجزة عن إدانة هذا العمل الإرهابي، مضيفاً: إنه تصرفت على هذا النحو أيضا أمانة منظمة الأمم المتحدة واكتفى أمينها العام انطوني غوتيريش ومبعوثه إلى سورية غير بيدرسون بالإعراب عن القلق فحسب دون أن ينطقا بأي كلمة عزاء إزاء ما حدث في حمص.
وخلص بيان الخارجية الروسية إلى أنه بالنتيجة فإن مجلس الأمن المدعو لمعالجة مسائل السلام والأمن الدوليين عجز مرة أخرى عن إبداء رد فعل موحد على ما حدث في سورية، مشيراً إلى أن الزلزال المدمر في السادس من شباط مر دون رد فعل أيضاً.
وأكدت الخارجية الروسية أن ازدواجية المعايير هذه في المواقف من الإرهاب وحماية السكان المدنيين واحترام سيادة البلدان واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها تبعاً لخضوعها لواشنطن وحلفائها لا يمكن إلا أن تبعث على الأسف وخيبة الأمل على نحو عميق.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: الخارجیة الروسیة مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
ازدواجية المعاير و التطفيف !
1
مدخل
قرأت مقال لنصر الدين عبد الباري بعنوان ( سلطات الامر الواقع السودانية ضد الأمارات العربية المتحدة : نفاق مؤسسة إبادة جماعية )، و في تقديري هو مقال حاول كاتبه بقدر الإمكان أن يجعله متوازنا و لكنه فشل، ليس ذلك لعدم الكفاءة و القدرة من جانبه، و لكن لأن من الصعب جمع ( لبن..... تمر هندي.... و فسيخ ) في وعاء أو اناء و احد !
الدفوع التي تقدمت بها دولة الامارات في الدعوى التي أقامها السودان في مواجهتها يمكن تلخيصها في الآتي :
- السودان يستغل المنظمات الدولية بطرحه قضايا ذات طابع سياسي
- تحفظ دولة الامارات على المادة 9 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية
- تنفى الامارات تقديم أي مساعدات أو دعم لقوات الدعم السريع و ان ادعاءات السودان لا أساس لها من الصحة و دوافعها سياسية
2
سياسي
في الجانب السياسي و الكاتب يستعرض الدعوى، شن هجوما عنيفا على مؤسسة الجيش و دورها التاريخي في حمامات الدم التي ارتكبتها في الجنوب، الغرب و النيل الأزرق و ذلك متفق عليه من جانبي، كما اتفق معه أيضا في محاولات التدليس و الاحتيال التي تقوم به سلطة " بورتسودان " من أجل استغلال منابر العدالة الدولية سياسيا، لكن من جانب آخر لقد هاجم قوات الدعم السريع بشكل " ناعم " رغم اقراره انها ارتكبت جرائم إبادة ضد المساليت، كما تغاضى أن يضمن في خطابه ارتكابها لجرائم ضد الإنسانية و جرائم حرب في حروبها سابقا في دارفور أو في حربها الآنية ضد الجيش و جموع الشعب السوداني، ثم تحاشى أيضا الحديث عن دور دولة الأمارات في الجانب السياسي رغم الدور الذى تلعبه في دعم و تأجيج الحرب في السودان و سرقة موارده، مما يثير الدهشة حقا و التساؤل عن هذا الصمت والتجاهل المريب !!
3
قانونى
يهمني الجانب القانوني ، و هو يكتب و يستعرض الدعوى المرفوعة من قبل سلطات الأمر الواقع في بورتسودان ضد دولة الأمارات المتحدة و يظهر هنا ميلا واضحا للجانب الإماراتي و يعتقد أن الدعوى سوف تشطب في مرحلة الدفوع الابتدائية وفقا للمادة 9 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية التي اقرت في ديسمبر 1948 و دخلت حيز التنفيذ في يناير 1952 ، و هو يؤكد انه حتى لو استمرت الدعوى حتى مرحلة الدفوع الموضوعية، فسوف تشطب لعدم قدرة الدولة المدعية ( السودان ) على اثبات النية و التواطؤ ضد ( المدعى عليه ) دولة الامارات المتحدة بارتكاب جريمة الإبادة.
ثم أورد سابقتين لتدعيم رأيه، قامت فيها محكمة العدل الدولية بشطب الدعاوى لعدم الاختصاص وهما دعوى ( يوغسلافيا ضد اسبانيا و أخرين )، ثم دعوة ( الكنغو الديمقراطية ضد رواندا ).سوف أتى لاحقا لتفنيد و توضيح ما ساقه حول السابقتين.
- لا تهمني الأمارات ، الدعم السريع أو الجيش السوداني فهم جميعا يتساوون في الجرم و مسؤولون عما حاق بالشعب السوداني من كوارث، و لكن يهمني كشف محاولات الكاتب تبرئة دولة الامارات العربية رغم ما فعلته و تقوم بفعله في السودان و من ثم التخفيف أو التطفيف في مسألة جرائم الجنجويد.
- المادة 9 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية تنص على الاتي : ( كل نزاع بين الأطراف بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ الاتفاقية يعرض على محكمة العدل الدولية اذا لم يتم حله عن طريق التفاوض ).
عند تفكيك المادة نجد انها تتحدث عن ثلاث أشياء :
ا- أي نزاع بين دولتين و هما طرف في الاتفاقية، يمكن لأى دولة منهما أن تقاضى الأخرى امام محكمة العدل الدولية
ب- الاختلاف حول تفسير معنى كلمة الابادة و هل اتخذت الدول المدعى عليها من التدابير اللازمة لمنع الإبادة
ج- المادة تتحدث عن مسئولية الدولة.
- التحفظات على المادة 9
- شَكل موضوع التحفظ على المادة 9 نزاعا في أكثر من قضية، و في العادة تلجأ المحكمة للتفسير الضيق للتحفظات التي تحاول الحد من اختصاصها، خاصة انها تتعامل مع جريمة الإبادة باعتبارها ذات طابع إنساني دولي لا يجوز التحلل من جوهرها بتحفظات هلامية.
- هنالك مبدأ ينص على أن حقوق الانسان و العدالة الدولية لا تخضع لمشيئة الدولة بالكامل.
- هنالك اتجاه قوى من الفقهاء لرفض مشروع التحفظات على المادة 9 لأنها تضعف الاتفاقية وتعمل على تحجيمها و هي تتعامل لمنع أخطر الجرائم في القانون الدولي.
- ترى " لجنة القانون الدولي " التابعة للأمم المتحدة ان التحفظات حول المادة 9 يؤدى الى اضعاف آلية التنفيذ المنصوص عليها في الاتفاقية، و توصى ان تفسر هذه التحفظات بشكل ضيق مما يحقق الهدف من منع الإبادة الجماعية و معاقبة مرتكبيها.
سوابق قضائية أخرى مختلفة عما أورده الكاتب حول التحفظ فى المادة 9
قضية كرواتيا ضد صربيا – 2015
رفضت المحكمة التحفظ و ذكرت في قرارها ان المادة 9 تمنحها اختصاصا الزاميا عندما تكون الدول طرف في الاتفاقية.
قضية البوسنة و الهرسك ضد صربيا – 2007
المحكمة قضت بأنها تملك الاختصاص بموجب المادة التاسعة و أن جريمة الإبادة الجماعية و قواعدها الأساسية لا يمكن التحلل منها بالتحفظات التي تفرغ الاتفاقية من مضمونها.
- لابد لي من الرجوع مرة أخرى كما ( وعدت ) ، للسوابق الى أوردها صاحب المقال لتبيان قرار المحكمة الذى استندت عليه . السابقتان هما :
سابقة يوغسلافيا ضد اسبانيا – 1999
رفضت الدعوى من قبل المحكمة لأسباب إجرائية فقط، و هي عدم استيفاء الشروط ، و لم تناقش مشروعية التحفظ بشكل مباشر، كما اشارت الى أن يوغسلافيا لم تكن عضوا في الأمم المتحدة أو طرفا فاعلا في النظام الأساسي للمحكمة.
سابقة الكنغو الديمقراطية ضد رواندا – 2006
أقرت المحكمة بعدم اختصاصها بالنظر في النزاع و اعتبرت أن ذلك يتفق و القانون طالما اغلبية الدول الاطراف لم تعترض على تحفظ رواندا. اثار هذا القرار خلاف فقهى رغم سريانه ( راجع المادة 61 حول سريان قرارات محكمة العدل الدولية )، لأنه أعطى الدولة وسيلة للتهرب من المحاسبة و ذُكر ان الفقه في القضية قد طغى فيه مبدأ السيادة على مبدأ المحاسبة مما يضعف النظام القانوني الدولي.
4
سياسي مرة أخرى
في تقديري و نحن نستعرض و نحلل الدعوى المقامة من حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، لا بد بالضرورة أن يكون لدينا وضوح تجاه بعض القضايا السياسية منعا للالتباس و التغبيش في الأمور التالية :
- أن كل الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية و جرائم الابادة من قبل الجنجويد قبل الحرب ، يشترك فيها الجيش مع الجنجويد بالتضامن و الانفراد.
- ان الجنجويد هم صنيعة الجيش المختطف من قبل الاخوان المسلمين بمختلف مسمياتهم.
- ان الجيش مرتكب لجرائم القصف الجوي و آخرها لما حدث في معسكر طره في شمال دارفور، ثم القتل العشوائي و العرقي الذى تقوم به كتائبه في العاصمة و هم يحاولون اخراج الجنجويد منها.
- ان دولة الامارات تقوم بدعم الجنجويد و تستغل ضعف الدولة لسرقة مواردها و محاولة الاستيلاء على أراضيها، كما تعمل دول أخرى بنفس المنهج.
- ان الاستعراض القانوني التي تقوم به حكومة الامر الواقع في (محكمة العدل الدولية )، تهدف به التضليل وخدمة مأربها ومحاولة لتبيض سياستها المعادية للشعب السوداني.
- ان التعديلات التي ادخلتها حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، و التي نشرت في الصحيفة الرسمية تهدف الى تمكين الانقلاب و ترسيخه، كما أن محاولات تشكيل حكومة موازية وفق ( الميثاق التأسيسي ) في نيروبي في الأراضي التي يسيطر عليها الجنجويد، يعمل على تمزيق الوطن و تفتيته ،و محاولات لفرض الأمر الواقع من الجانبين.
وأخيرا لا بد من إيقاف الحرب من خلال العمل القاعدي الدؤوب في اتجاه العودة الى الحكم المدني و الديمقراطية كبداية للتعافي.
عدنان زاهر
14 ابريل 2025
elsadati2008@gmail.com