قائد الأكراد: تركيا تدمر النفط ومنشآت الطاقة في شمال شرق سوريا
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
دمشق: قال القائد الأعلى للأكراد إن القصف التركي ألحق أضرارا بأكثر من نصف البنية التحتية للطاقة والنفط في شمال شرق سوريا الخاضع لسيطرة الأكراد، مما وجه ضربة لاقتصادها المعتمد على الطاقة.
وانتقد مظلوم عبدي، الذي يرأس قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد والمدعومة من الولايات المتحدة، واشنطن لفشلها في بذل المزيد لمنع الضربات، خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس في مدينة الحسكة الشمالية.
في 5 أكتوبر، شنت تركيا حملة قصف في شمال شرق سوريا بعد أن قالت إن المسلحين الذين كانوا وراء هجوم في أنقرة جاءوا من سوريا وتدربوا فيها.
ونفت الإدارة الكردية التي تتمتع بحكم شبه ذاتي هذا الادعاء، وقالت إن 44 شخصًا على الأقل، بينهم أفراد أمن ومدنيون، قتلوا في الهجمات.
وقال عبدي إن "أكثر من نصف منشآت النفط والكهرباء تضررت" عندما قصفت تركيا عشرات المواقع بما في ذلك محطات توليد الكهرباء والبنية التحتية للغاز.
وقادت قواته المعركة لطرد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من آخر معاقلهم في الأراضي السورية في عام 2019.
وقد ترك الهجوم السكان بدون كهرباء منذ يوم الخميس، في منطقة تكافح بالفعل لتوفير 10 ساعات فقط من الكهرباء يوميًا.
وقال عبدي إن "موقف الولايات المتحدة كان ضعيفا" في مواجهة الهجمات.
وأضاف أن "القوات الأميركية اقتصرت تحركاتها على حماية مواقعها... لكنها لم تفعل شيئا لوقف" الهجوم.
- "مستهدف بشكل مباشر" -
وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردي التي تهيمن على قوات سوريا الديمقراطية فرعا من حزب العمال الكردستاني المحظور، الذي يشن تمردا ضد تركيا منذ عقود.
وتعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، بتكثيف الضربات ضد المقاتلين الأكراد في سوريا والعراق.
وأعلن فرع من حزب العمال الكردستاني - الذي أدرجته أنقرة وحلفاؤها الغربيون على قائمة الجماعات الإرهابية - مسؤوليته عن تفجير أنقرة، وهو الأول الذي يضرب العاصمة التركية منذ عام 2016.
وقال عبدي إن تركيا "استهدفت بشكل مباشر البنية التحتية والخدمات والموارد" التي تستخدمها السلطات الكردية من أجل قطع مصادر الدخل و"منع قوات سوريا الديمقراطية من الاستمرار".
وقال في مقابلة مساء الثلاثاء: "لم يتمكنوا من استهداف قوات سوريا الديمقراطية بشكل مباشر، لذلك تم استهداف مصادر التمويل".
والخميس الماضي، أسقطت الولايات المتحدة طائرة تركية بدون طيار اعتبرت أنها تمثل تهديدًا للقوات الأمريكية في شمال شرق سوريا.
ويتمركز المئات من الأفراد الأمريكيين في شمال وشمال شرق البلاد كجزء من التحالف الدولي الذي يقاتل جهاديي داعش إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية.
وطالب عبدي "القوات الموجودة في المنطقة، سواء كانت روسيا أو أمريكا أو التحالف (الدولي)،... بمنع حدوث هذه الهجمات" والمساعدة في إعادة بناء المنشآت المتضررة.
- "فاتر" -
ومنذ عام 2016، نفذت تركيا عمليات برية متتالية لطرد القوات الكردية من المناطق الحدودية السورية، وحافظت على وجود عسكري ووكلاء في أجزاء من شمال سوريا.
ولطالما أدانت أنقرة دعم واشنطن حليفتها في حلف شمال الأطلسي لقوات سوريا الديمقراطية.
وفي مارس/آذار 2020، اتفقت تركيا وروسيا، حليفة الحكومة السورية، على إنشاء ممر أمني في المنطقة، مع تسيير دوريات تركية روسية مشتركة على طول المناطق المحددة التي يسيطر عليها الأكراد.
وتعد قوات سوريا الديمقراطية أكبر قوة مسلحة في سوريا بعد الجيش السوري، وتسيطر على ما يقرب من ربع الأراضي السورية ومعظم مواردها النفطية، وتقع إلى حد كبير في محافظة دير الزور ذات الأغلبية العربية.
وفي السنوات الأخيرة، عقدت السلطات الكردية عدة جولات من المحادثات غير الناجحة مع حكومة الرئيس بشار الأسد، التي ترفض حكمهم الذاتي وتتهمهم "بالانفصال".
ولم يقطع الجانبان العلاقات قط لكن عبدي وصف اجتماعاتهما الأخيرة بأنها "فاترة".
وفي سبتمبر/أيلول، خلفت اشتباكات استمرت أياماً بين المقاتلين العرب، الذين كان بعضهم سابقاً جزءاً من قوات سوريا الديمقراطية، والقوات التي يقودها الأكراد في محافظة دير الزور، عشرات القتلى.
وأكد عبدي أنه على الرغم من تحسن الوضع الأمني في المنطقة منذ ذلك الحين، إلا أن دير الزور لا تزال تعاني من العديد من المشاكل "التي لم يتم حلها بعد"، مستشهدا بقضايا إدارية وخدمية.
ونفت قوات سوريا الديمقراطية أي توترات مع القبائل العربية في المنطقة، واتهمت بدلاً من ذلك الحكومة السورية بدعم المقاتلين المحليين وإرسال تعزيزات.
المصدر: شبكة الأمة برس
إقرأ أيضاً:
مصير قوات قسد.. هل يحدد مستقبل الدولة السورية؟
لا أبالغ إذ أقول، إن الإدارة السورية الجديدة، التي تمكنت من إسقاط نظام بشار الأسد في أحد عشر يومًا، تقف اليوم على مفترق طرق فيما يتعلق برؤيتها للتعامل مع ملف قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
فهذا الملف تحديدًا لا يمكن اعتباره شأنًا داخليًا خالصًا، بل تتنازعه قوى إقليمية ودولية، ذات حسابات متباينة ومتضاربة، فتركيا ترفض رفضًا باتًا بقاء هذه القوات على حدودها بأي شكل من الأشكال، وتقول إن تنظيم حزب العمال "PKK" يسيطر تمامًا عليها، حتى وإن كان أكثر مقاتليها من العشائر العربية.
فيما تبسط الولايات المتحدة حمايتها على التنظيم، بزعم الحاجة إليه في مواجهة تنظيم الدولة، حيث تعتبر واشنطن أن خطر التنظيم لايزال قائمًا، خاصة مع وجود آلاف السجناء المنتمين له، تتولى قوات "قسد" الإشراف على السجون والمعتقلات المودعين فيها.
يضاف إلى ذلك ما تداولته تقارير إعلامية عن انضمام عشرات الضباط المنتمين إلى نظام بشار الأسد، والذين تمكنوا من الفرار إلى مناطق سيطرة التنظيم المسلح.
كل هذا يعني تعدد أطراف المواجهة، الأمر الذي يفتح المجال أمام تعدد السيناريوهات المتوقعة في التعامل مع الملف.
وسيلقي هذا المقال الضوء على أبرز هذه السيناريوهات، ومدى قبولها من أطراف الأزمة، وتداعياتها على وحدة وسلامة الدولة السورية.
إعلان السيناريو الأول: حلّ التنظيمفي تصريحات متلفزة، أكّد وزير الخارجية العراقي السابق، هوشيار زيباري، وجود مقاتلين من تنظيم حزب العمال "التركي" في مفاصل قوات "قسد" السورية!
هذا التأكيد من زيباري كردي العرق، يعزز السردية التركية بشأن مخاوفها الأمنية من وجود تنظيم انفصالي مسلح على حدودها الجنوبية، حتى ولو تحت لافتات أخرى مثل "قسد" أو "وحدات الحماية الكردية".
من هنا كانت المقاربة التي طرحتها تركيا على لسان وزير خارجيتها، هاكان فيدان، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تعتمد إنهاء الأزمة من خلال حل التنظيم نهائيًا.
إذ تضمنت المقاربة مغادرة جميع مقاتلي حزب العمال ووحدات الحماية، سوريا، على أن يسلم الباقون السلاح للإدارة السورية الجديدة، ومواصلة الحياة وفق ما سيتم التفاهم بشأنه.
هذه الأطروحة التركية تتوافق مع رؤية الإدارة السورية التي أعلنتها منذ اللحظات الأولى لدخولها دمشق، والرامية إلى حل جميع التنظيمات المسلحة، وضمها تحت مظلة وزارة الدفاع.
من ناحيته، تماهى حزب العمال جزئيًا مع هذا السيناريو، إذ أعلن في بيان موافقته على مغادرة الأراضي السورية، لكنه اشترط بقاء سيطرة قوات "قسد" على شمال شرقي البلاد، أو احتفاظها بدور مهم في القيادة المشتركة.
لكن هذه الاشتراطات ترفضها الإدارة السورية، كما أنها غير مقبولة من جانب تركيا، التي ترفض بقاء أي "جيوب" انفصالية على حدودها.
وحتى ولو وافقت قيادة قوات "قسد" على هذا السيناريو، تبقى الموافقة الأميركية شرطًا لتنفيذه، وهذا سيتوقف على الإستراتيجية التي ستتبناها إدارة الرئيس، دونالد ترامب، بشأن الملف السوري.
السيناريو الثاني: الانضمام إلى الجيش السوريويمثل هذا السيناريو حلًا مرضيًا لجميع الأطراف، لكن شريطة أن يتم التحاق قوات "قسد" بالجيش السوري أفرادًا، كما هو شأن بقية الفصائل التي تستعد لتنفيذ تلك الخطة.
إعلانلكن ما يجعل هذا السيناريو مستبعدًا من الناحية العملية هو اشتراط قيادة "قسد" الانضواء إلى الجيش ككتلةٍ لا أفرادٍ.
ففي حديث لقناة الشرق الإخبارية، أشار قائدها، مظلوم عبدي، إلى أن قواته "لا تعتزم حل نفسها"، مؤكدًا انفتاحها على الارتباط بوزارة الدفاع، والعمل وفق قواعدها، ولكن "ككتلة عسكرية".
لكن هذا العرض قوبل بالرفض من قبل الإدارة الجديدة، حيث تعتقد أن هذا السيناريو من شأنه أن "يهدد بزعزعة الاستقرار، بما في ذلك حدوث انقلاب". وذلك وفق ما أكده أحد المسؤولين في دمشق لرويترز.
فالخبرة السورية لا تزال تعيش التداعيات المدمرة لوجود كتل أقلوية داخل الجيش، إذ نجحت الكتلة العلوية بزعامة صلاح جديد، وحافظ الأسد، في تنفيذ انقلاب فبراير/شباط 1966، والذي مهد لتهميش المكونات الأخرى وخاصة الأغلبية السنية، إلى أن نجح الأسد في حسم الرئاسة لصالحه بانقلاب تالٍ في نوفمبر/تشرين الثاني 1970.
كما أن قبول أحمد الشرع وإدارته هذا السيناريو، يعني فتح الباب على مصراعيه أمام احتفاظ بقية الفصائل المسلحة بكتلها المستقلة داخل الجيش، وهو الأمر الذي يتنافى مع أبسط مقومات سلامة الدولة ووحدتها.
أيضًا فإن احتفاظ "قسد" بهويتها وكتلتها داخل الجيش، يعني احتفاظها بالسيطرة على أماكن تمركزها في شمال شرق البلاد، ما يمنح الحق لبقية المكونات الطائفية للمطالبة بوضع مماثل!
السيناريو الثالث: تجميد الأوضاعوهذا السيناريو يمكن تصوره من الناحية النظرية، لكن لا يمكن قبوله من الإدارة السورية في دمشق.
فتجميد الأوضاع يعني أن تظل محافظتا الرقة والحسكة، وجزء من محافظة دير الزور خارج سيطرة الدولة، ما يعزز سردية التقسيم لفئات وطوائف داخل سوريا.
ففي السويداء مثلًا حيث الأكثرية الدرزية هناك، يمكننا بوضوح أن نميز بين تيارين:
الأول: تيار مدني يرى ضرورة الانصهار في بوتقة الدولة الجديدة، ومحاولة تحصيل أكبر قدر من الامتيازات في مرحلة إعادة البناء. الثاني: تيار يعزز من خلال مواقفه وسردياته النزعة الانفصالية، من خلال الحديث المبهم عن "اللامركزية" وعدم تسليم السلاح، ويتزعم هذا التيار الشيخ حكمت الهجري، بتصريحاته المثيرة للجدل. إعلانفبقاء الأوضاع على ما هي عليه الآن، يعني منح الفرصة للتيارات الانفصالية داخل الطوائف للقفز من مركب الدولة الموحدة، واللهاث خلف فكرة التقسيم وطلب الدعم من أطراف دولية وربما إقليمية، ما سيدخل الدولة في فوضى لن تنجو منها بسهولة.
السيناريو الرابع: الحسم العسكري"باب التفاوض مع قسد في الوقت الحاضر قائم، وإذا اضطررنا للقوة فسنكون جاهزين". هذه العبارات وردت على لسان وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، في لقائه مع الصحفيين بدمشق يوم 22/01/2025، ما يعني أن سيناريو الحسم العسكري سيظل قائمًا، حال فشل المفاوضات الحالية.
وبالرغم من أننا نعيش تقريبًا أجواء هذا السيناريو الآن، من خلال القصف المركز الذي تنفذه القوات التركية وقوات الجيش الوطني على أماكن تمركز قوات "قسد" في مناطق سد تشرين وريف منبج والقامشلي وعين العرب "كوباني" وغيرها، فإن تطورها إلى اجتياح بري لن يكون بالأمر السهل.
فقوات "قسد" تتمتع بحماية القوات الأميركية التي تولت إنشاءها وتدريبها ودعمها منذ عام 2015، ومن غير المتصور أن تتخلى واشنطن عنها بسهولة، رغم إعلان ترامب عزمه على تصفير المشكلات في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص.
ومن هنا فالأمر يحتاج إلى تفاهمات أميركية – تركية – سورية، تعيد ترتيب أوضاع الشمال السوري بما يحول دون تقسيم البلاد، أو وجود جيوب انفصالية.
كما يجب أن تمتد هذه التفاهمات إلى حل إشكالية الإشراف على السجون المحتجز فيها عدة آلاف من عناصر تنظيم الدولة، حيث تبرر واشنطن دعمها لـ "قسد" بحراستها تلك السجون.
ورغم الكلفة العالية للحسم العسكري، فإنه يظل الخيار الأرجح حتى الآن، نظرًا لفشل مسارات التفاوض في الوصول إلى نقاط التقاء.
وآخرها اللقاء الذي جمع مظلوم عبدي، مع رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني – القيادة الكردية التاريخية – مسعود البارزاني، دون أن يتمخض عن إجراءات مؤثرة وواضحة.
إعلانرغم أن البارزاني – الذي يتمتع بعلاقات إستراتيجية مع تركيا – كان صريحًا في طلبه من عبدي ضرورة التفاهم مع الإدارة السورية الجديدة، والابتعاد عن حزب العمال.
وفي تقديري أن العملية العسكرية – حال حدوثها – ستكون عملًا مشتركًا بين إدارة العمليات العسكرية، وقوات الجيش الوطني، دون أن تزج تركيا بقواتها البرية بشكل مباشر؛ خروجًا من أي جدل يثار بهذا الشأن، مع بقاء الدعم العسكري التركي مقصورًا على الإسناد الجوي والمدفعي إذا تطلب الأمر ذلك.
والخلاصة:إن إنهاء سيطرة "قسد" على شمال شرق سوريا، وتفكيك قواتها سيمنحان إدارة أحمد الشرع قوة كبيرة في القضاء على الجيوب المتناثرة لفلول نظام بشار الأسد، ووأد أي تطلعات انفصالية، وإلا فإن بقاء سيطرتها قد يدخل البلاد في نفق مظلم لن تخرج منه بسهولة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية