ميلاد رسول الله «دراسة تربوية بلاغية لبعض آيِ الذكر الحكيم» «3»
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
يقول الله تعالى:(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (آل عمران ـ 164).
هذه الآية الكريمة تضمنت من أوصاف الرسول الكريم الكثير والكثير، وبدأت بقسم الله على هاتيك السمات، وتلك الأوصاف، بأسلوب القسم (لقد منَّ الله.
وفاعل الفعل (مَنَّ) هو (الله)، والنعمة، والمنَّة تكون على قدر المنعم، فإذا كان المنعم هو مالك الملك، وخالق النعم نفسها، فكيف يتصور مخلوق عظمة خالقه، ومنته؟!، وهو كذلك كناية عن سعة رحمته، وكامل حبه لخلقه، وتام رأفته بهم، حيث امتن عليهم ببعثه الشريف، الذي به عادت إليهم إنسانيتهم، وعزهم، وكرامتهم، وأمست البشرية مدينة لربها بهذه المنة، ومدينة لرسولها بهذه النعمة، وتلك السيرة العطرة التي غيرت واقعهم، وارتقت بهم، وبسلوكياتهم، ووسَّدَتْهم مكانَ السيادة في كون الله الرحيب.
وقوله:(على المؤمنين) الحرف:(على) يفيد العِلِّيَّةَ، والسُّمُوَّ، فيَدُ الله عليا، تعمُّ كلَّ المؤمنين، فكأنَّ مَنَّهُ وعطاءَه قد علاهم، وغطَّاهم، وشملهم مِنْ قمع رؤوسهم إلى إخمص أقدامِهم، وغَمَرَهُمْ بفيض عطائه، وواسع مَنِّهِ، وجليل نعمائه، ولم يترك أحدا حتى كساه منا وفضلا وفيوضات وخيرا، وبركات.
واسم الفاعل:(المؤمنين) يحمل معنى النية من كل مؤمن، وفي الوقت نفسه يشرح قلوبَنا هذا الإقرارُ من السماء بكمالِ، وقبول عقد الإيمان بينهم، وبين ربِّهم، و(أل) هنا موصولة، أي: بمعنى (الذين)، فالمَنُّ من الله نزل إلى هؤلاء الذين حقَّقوا الإيمان، واشتملوا عليه، وعايشوه، وتَذَوَّقُوهُ، واتصفوا به.
ثم جاءت جملة:(إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم) بدلا من جملة:(مَنَّ اللهُ على المؤمنين) التي قبلها، فهي تفسير لها، وتوضيحٌ، وشرح، وهي بدلٌ منها، يكشف عن جِماع، وخلاصة ما فيها، وجمال، وجلالها ما تضمنتْه، وكلمة (إذ) هي ظرفٌ لما مضى من الزمان، فالله قد مَنَّ، ونزل منُّه، وعمَّ فضله، و(إذ) تكشف عن طبيعة، وزمن ذلك المنِّ؛ حيث كان منذ بعثه الشريف، والفعل:(بعث) فعلٌ ماضٍ، وهو كناية عن العطاء التام، وإنزال الخير، وهو أمرٌ يريح أهلَ الإيمان، حيث يروْن استمرار مَنِّ الله، وتواصل كرمه ببعث رسوله الكريم، وتغيير وجه الكون، وحَيَوَاتِ الناس إلى حيثُ شاء الله من الطهر، والعفاف، والإنسانية العالية، والمعاملات الأخلاقية الرائعة، السامية، إذ أمسى الكون كلُّه، وهو في زهوه، وتألُّق ثوبه، وازدهارِ وجْهه، وصارت حياتُه سعيدةً، وأيامُه مزهرةً، ودبَّتْ فيه روحُ الأمل، وعادت إليه نفسُه الضائعةُ التي كانت أيام الشرك، وعبادة غير الله، وأزمان الضياع التام، وتوسدت الإنسانيةُ مكانَها اللائقَ بها، فلم تَعُدْ تعبدُ أناسيَّ مثلها، وانتهتْ حياةُ الاستعباد، وأيامُ تأليه البشر، بمبعث خيرِ البشر.
د.جمال عبدالعزيز أحمد
كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة – جمهورية مصر العربية
Drgamal2020@hotmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
قبل بدء الشهر الكريم.. ضوابط صلاة التراويح بالمساجد الكبرى رمضان 2025
أعلن الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، عن ضوابط صلاة التراويح بالمساجد الكبرى، وخطة وزارة الأوقاف لشهر رمضان المبارك 2025.
ضوابط صلاة التراويح 2025وتوفر «الأسبوع» لمتابعيها معرفة كل ما يخص ضوابط صلاة التراويح 2025 وذلك ضمن خدمة مستمرة تقدمها لزوارها في مختلف المجالات ويمكنكم المتابعة من خلال الضغط هنا.
أوضح وزير الأوقاف أن صلاة التراويح، تكون 20 ركعة بالمساجد الكبرى «مسجد الحسين، السيدة نفيسة، والسيدة زينب» بالقاهرة، بينما تقام في باقي المساجد 8 ركعات.
وقال وزير الأوقاف إن إقامة صلاة التراويح بمساجد الجمهورية، ستكون غير محددة بوقت، وكل مسجد على حسب رواده، على أن يتم الاتفاق بين الإمام ورواد المسجد.
وأضاف أسامة الأزهري أنه سيتم تحديد مساجد في كل منطقة للصلاة بجزء وختم القرآن الكريم.
وأكد أسامة الأزهري أن سيتم العودة لريادة ملتقي الفكري الإسلامي وسيقام في ساحة مسجد سيدنا الحسين رضي الله عنه، لكي يتمتع كل المصليين وهم حاضرين للمسجد وفي ساحته وأن يشعروا بروحانيات وشعائر رمضان.
وتابع وزير الأوقاف أنه يكون هناك تعميمًا في المساجد لإجراء حملة نظافة لكي تكون هناك بهجة وزينه في كل مساجد مصر، فضلا عن تنظيم ندوات عن الصحة الإنجابية وغيرها من الموضوعات التي تهم المواطن وخاصة السيدات.
يكون موعد أول صلاة تراويح فى ليلة الرؤية يوم الجمعة الموافق 29 فبراير 2025 إن ثبت رؤية هلال شهر رمضان، ليبدأ يوم السبت، حيث يتوجه المصلون إلى المساجد لأداء صلاة التراويح.
واتفق الفقهاء على أن صلاة التراويح عند الحنفية والحنابلة وبعض المالكية سنة مؤكدة، وهي من أعلام الدين الظاهرة، فعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَرَضَ صِيَامَ رَمَضَانَ عَلَيْكُمْ وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ، فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» أخرجه النسائي.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رواه البخاري.
قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب": [فَصَلَاةُ التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ] اهـ، وبالتالي فإن صلاة التراويح سنةٌ نبويةٌ في أصلها ينبغي على المسلم أن يحافظ عليها.
اقرأ أيضاًضوابط صلاة التراويح في شهر رمضان 2025
الأوقاف: بث صلاة التراويح من مسجد الحسين بمشاركة كبار الأئمة في رمضان.. فيديو
السعودية تمنع بث ونقل صلاة التراويح عبر التلفزيون وتحظر التصوير بهواتف المحمول