في حين أنَّ المنطق يفرض تدخلًا عاجلًا من المُجتمع الدوليِّ لحماية المَدنيِّين الفلسطينيِّين العُزَّل من آلة القمع والإرهاب الصهيونيَّة، نجد البيانات الغربيَّة تتسابق لإعلان الدَّعم وتَعرض المساعدة (العسكريَّة) بزعم حماية كيان الاحتلال الإسرائيليِّ، ولا ندري أيَّ دعمٍ ستُقدِّمه تلك الدوَل للكيان الصهيونيِّ الذي يمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة المتطوِّرة يُوجِّهها نَحْوَ شَعبٍ أعْزَلَ، لا تملك مقاومته المشروعة سوى أسلحة بدائيَّة؟ فتقديم الدَّعم للكيان الصهيونيِّ في ظلِّ الاختلال الكبير في القوَّة المُسلَّحة ما هو إلَّا ضوء أخضر ورسالة تسمح لهذا الكيان الغاصب بإبادة الشَّعب الفلسطينيِّ، ما يجعل كُلَّ الشّعارات التي كانت ترفعها تلك الدوَل حَوْلَ رعاية السَلام في المنطقة مجرَّد دعاوى زائفة، كانت تُمهِّد الطريق للقضاء على القضيَّة الفلسطينيَّة.


إنَّ التسابق الغربيَّ نَحْوَ لإرضاء كيان الاحتلال الصهيونيِّ، وترك فلسطينيِّي قِطاع غزَّة رهينة لدى العدوِّ الصهيونيِّ المحتلِّ، تدفعُه القوَّة الباطشة الصهيونيَّة نَحْوَ تهجيرٍ جديد، يظهر بوضوح حقيقة دعوات إخلاء غزَّة من سكَّانها، التي طالَما نفَتْها تلك القوى الكبرى، التي كانت تُواري أهدافها الحقيقيَّة وراء الحديث عن سلام مزعوم، يقضي على ما تبقَّى من الحقوق الفلسطينيَّة، ويرسِّخ زراعة هذا الكيان الغريب في منطقة الشرق الأوسط. فلَمْ تكتفِ تلك الدوَل بالصَّمْتِ المخجل والمعيب الذي يمنح الاحتلال الإسرائيليَّ الضوء الأخضر للاستمرار في عدوانه الهمجيِّ الذي يفتكُ بالأطفال، والنساء، والشيوخ، ولا يستثني أحدًاً، ويُدمِّر في طريقه كُلَّ شيء، ويُمارس كُلَّ أنواع الفاشيَّة بقطع إمدادات الكهرباء، والماء، والطعام والدواء، بل ذهَبَ الغرب إلى الإعلان الصريح عن تقديم مساعدة لكيان الاحتلال الصهيونيِّ في حرب الإبادة الشَّاملة التي يشنُّها على العُزَّل والمَدنيِّين من أبناء فلسطين.
ولعلَّ هذه المواقف وأشكال الدعم تجعل من الغرب شريكًا في الحرب الشَّاملة التي يشنُّها كيان الاحتلال الإسرائيليِّ على الشَّعب الفلسطينيِّ، والتي تُمثِّل انتهاكًا خطيرًا لجميع قواعد ومبادئ القانون الدوليِّ، بما في ذلك حظر استهداف المَدنيِّين والأعيان المَدنيَّة بشكلٍ عشوائي ومُتعمَّد، بحيث تتسبَّب بإلحاق خسائر ومعاناة بَشَريَّة فادحة، ودمار هائل، والتي ترقى إلى عقاب جماعيٍّ واسع النطاق للسكَّان المَدنيِّين الفلسطينيِّين والذين تحتجزهم في غزَّة في ظلِّ حصار غير إنساني منذ (16) ستَّة عشر عامًا، خصوصًا وأنَّ لجنة التحقيق الدوليَّة المستقلَّة التَّابعة للأُمم المُتَّحدة المعنيَّة بالأرض الفلسطينيَّة المحتلَّة قَدْ أكَّدت على وجود أدلَّة واضحة على جرائم حرب ارتُكبت في غزَّة، وعبَّرت عن قلَقِها البالغ إزاء إعلان كيان الاحتلال الصهيونيِّ فرض حصار كامل على غزَّة يشمل وقف المياه والغذاء والكهرباء والوقود، الأمْرُ الذي سيُكلِّف ـ بلا شك ـ الكثير من الخسائر في أرواح المَدنيِّين ويُشكِّل عقابًا جماعيًّا.
إنَّ الضمير وقواعد الحقِّ تفرض على كافَّة الدوَل والمنظَّمات الدوليَّة التضامن مع الشَّعب الفلسطينيِّ في إعداد ملف دعوى جنائيَّة ضدَّ كيان الاحتلال لملاحقته أمام المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة، بدلًا من الإعلان عن دعم القاتل. فمعاقبة الكيان الصهيونيِّ الغاصب على ما يرتكبه من جرائم ـ تُشكِّل وصْمة عار على جبين الإنسانيَّة في عصرنا الحديث ـ هي بداية الطريق الصحيح، وانطلاقة نَحْوَ السَّبيل الوحيد لإنهاء العنف وتحقيق السَّلام المستدام، ومعالجة الأسباب الجذريَّة للصراع، بما في ذلك إنهاء الاحتلال غير القانونيِّ للأرض الفلسطينيَّة، والاعتراف بحقِّ الشَّعب الفلسطينيِّ في تقرير المصير، وإقامة دَولته المستقلَّة ذات السِّيادة الكاملة على كافَّة أراضيها المحتلَّة وفق قرارات الشرعيَّة الدوليَّة.

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: کیان الاحتلال الدو ل

إقرأ أيضاً:

المقاومة مستمرّة: “إسرائيل” تحت مجهر القانون

يمانيون../
يستمر العدو الصهيوني في عدوانه الوحشي على غزة ولبنان في ظل صمت عربي ودولي فاضح، تجاوز حدود “الحيادية” بأشواط ليبلغ حدود التآمر والمشاركة في العدوان، وقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية الدور الأبرز في تشكيل خط الدفاع الأول عن حليفتها “إسرائيل” على مستوى المحافل الدولية، لا سيما أمام القضايا القانونية المرتبطة بجرائم الحرب والإبادة.

هذا الواقع فرض نفسه على الساحة القانونية والحقوقية، وكان محور اهتمام ومتابعة من قبل العديد من القانونيين والناشطين في المجال الحقوقي وضد العدوان الصهيوني، وفي هذا السياق كانت التحديات والقضايا المرتبطة بهذا الواقع محط دراسة ومتابعة في جدول أعمال الندوة التي نظمها المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، تحت عنوان “حقوقيون ضد العدوان، في المواجهة القانونية.”

الندوة تخللها العديد من المداخلات حول قضايا وأفكار متشعبة تصب جميعها في قالب واحد، وهو المواجهة القانونية لجرائم العدو الصهيوني باختلاف طبيعتها، وقد نتج عنها مجموعة من التوصيات التي يتعزّز عبرها المسار القانوني لهذه المواجهة، ومساءلة “إسرائيل” في المحافل الدولية بكل الوسائل الممكنة والمتاحة.

البداية مع نائب مدير المركز ورئيس “مرصد قانا لحقوق الإنسان” الدكتور محمد طيّ الذي أوضح أنه وقبل الحديث عن طبيعة جرائم العدو، لا بد من تحديد المنهجية التي على أساسها تعالج هذه الجرائم، بمعنى أنه لا يجب أن ننجر إلى معالجتها على طريقة الأوروبيين، لأن هؤلاء معترفون أساسًا بالعدو الصهيوني كـ”دولة”، لكننا نرى أن هذا الكيان زُرع لهدف معين يخدم الدول الأوروبية من جهة، ويحقق مصالح خاصة بالصهاينة من جهة أخرى.

جرائم “إسرائيل” بالطبع، لم تبدأ اليوم، وهي ليست وليدة العدوان الحالي، وبالتالي يجب أن تعالج على ضوء تاريخيّتها، بمعنى أنها جرائم متواصلة ومستمرة ولها أهداف محدد. هدفها القريب هو كسر المقاومة، أما الغاية الكبرى فهي إخلاء الأرض من سكانها للاستيلاء عليها.

لهذه الجرائم تصنيف يستند إلى طبيعة كل منها. البداية مع الأخف خطورةً وهي جريمة الحرب، لا سيما وأن “إسرائيل” تستهدف المدنيين وتقتل الأسرى، وجريمة الفصل العنصري، وقصف المدن والقرى غير المحمية، وهي سياسة ممنهجة ومتّبعة وهادفة إلى إخلاء الأرض والاستيلاء عليها، ولا تنطوي أبدًا تحت مسمى “خسائر حرب تبعيّة”، كما يحاول بعضهم تصنيفها.

نوع آخر من الجرائم يسمى “جرائم ضد الإنسانية”، وذلك حين نشهد استهداف مدنيين على نطاق واسع وبشكل مبرمج، وهذا الأمر لا يجري صدفةً بل هو مخطط ومبرمج، أما جريمة “إبادة جنس بشري” وهي تعدّ أخطر، فهي تعني التوجه إلى مجموعة من الناس من أجل إهلاكها كليًا أو جزئيًا، على أن تكون هذه الجماعة قومية أو دينية أو إثنية أو عرقية، ولا يقال عنها جريمة إبادة جماعية، لأن وطأتها وخطورتها هي أكبر من ذلك بكثير، وهذا التغيير في المسمى، أو تعديل المصطلح يصب بالطبع في مصلحة العدو لأنه يخفف من وطأة إجرامه.
أخيرًا وليس آخر، تأتي جريمة “إلغاء وطن” وهي جريمة خطيرة رغم أن بعض المتخصصين يصنفها جريمة سياسية، وإقامة ما يسمى بالكيان “الإسرائيلي” على أنقاض وطن آخر كفلسطين، هي الحقيقة الأكثر تطابقًا مع هذا النوع من الجرائم، وهذا ما يجب علينا أن نفرضه ونبيّنه ونشرحه للرأي العام العالمي.

وفيما يرتبط بالتوصيات والآليات المعتمدة لتنفيذها، فإن أهمها، ما هو مطلوب من الحكومة اللبنانية القيام به من التحرك لمخاطبة المنظمات الدولية، كمجلس حقوق الإنسان والمنظمات المختصة بالطفولة والنساء وغيرها، بالإضافة إلى ما هو مطلوب من الحقوقيين على صعيد التواصل مع نقابات المحامين في أرجاء العالم خاصة في الدول الصديقة، ومنظمات الحقوقيين، مثل جمعية الحقوقيين العرب والجمعية العربية للعلوم السياسية، وسائر الجمعيات التي تهتم بالجانب الحقوقي.

الدكتور طي أكد أن نشر وتعميم ما تم التوصل إليه يعطي شرعية للدول التي تقاطع العدو الصهيوني، وأيضًا للحركات التي قامت ضد هذا العدو وما زالت تقوم في أوروبا وأميركا وغيرها، كما أن إظهار أحقيّة الشعوب في مواجهة وحشية العدو الصهيوني، يسقط عنها تهمة الإرهاب بوصفها حركات مقاومة، ويضغط على الحكومات التي تدعم العدو ويعرّضها لمساءلة شعبها، كما أن هذا الأمر يخلق حالة من الاضطراب في الساحة الداخلية للعدو ويعطي المقاومات بالمقابل زخمًا ويشجعها على مواصلة النضال وتشديده.

في سياق الندوة، شدد الدكتور عقل عقل على أن العدالة تنتزع ولا تطلب، وما نشهده اليوم من صمت عربي ودولي هو تواطؤ مكشوف يجب التصدي له بالأدوات القانونية والسياسية المتاحة، والتي تشمل المحكمة الجنائية الدولية، محكمة العدل الدولية، المحاكم الدولية بفضل الولاية القضائية العالمية، والتعاون مع المنظمات الدولية. وفي المقابل أشار الدكتور عقل إلى التحديات السياسية والقانونية التي تواجه لبنان في مسار محاكمة “إسرائيل”، والتي تتمثل بـ”الفيتو” الأميركي في مجلس الأمن، ونسف “إسرائيل” لكل مبادئ القانون الدولي، والضغط السياسي الدولي الذي تتعرض له المحاكم الدولية.

الدكتور عقل، أكد أنْ لا حصانة للعدوان، وأن على المجتمع الدولي أن يختار بين العدالة والتواطؤ، وملاحقة جرائم العدو هي واجب وليست خيارًا، وكل من يسعى لحجبها هو شريك في الجريمة.

مداخلة أخرى في الإطار عينه للدكتور حسن جوني الذي رأى فيها أن العدو “الإسرائيلي” ارتكب في عدوانه على فلسطين و لبنان كل الجرائم الدولية خصوصًا جريمة الإبادة الجماعية، وإبادة الأجناس البشرية التي تعتبر في القانون الدولي من أخطرها حسب المادة السادسة من نظام روما، وارتكابها يهدد السلم والأمن الدوليين.

الدكتور جوني أشار إلى أن العدو “الإسرائيلي” يلاحَق أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة، وقد اعتبرت المحكمة في تقريرها الاحترازي أن “إسرائيل” قد ارتكبت هذه الجريمة بحق أهل غزة الذين يشكلون مجموعة بشرية ثابتة في فلسطين المحتلة، كما أن عدة دول انضمت إلى دولة جنوب إفريقيا في ملاحقة المجرم “نتنياهو” وغيره من الصهاينة بتهمة ارتكاب هذه الجريمة.

أبرز المداخلات كانت أيضًا للدكتور خالد الخير، الذي تحدث فيها عن موضوع “المسؤولية الدولية” عن الجرائم “الإسرائيلية” المرتكبة، فحدد القواعد القانونية الدولية التي تحكم المسؤولية المدنية والتي بموجبها تكون دولة الاحتلال ملزمة بالتعويض العيني والمالي عن الأضرار التي تسببت بها وذلك استنادًا إلى العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية أهمها ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف 4 والبروتوكول الإضافي الأول وقرارات مجلس الأمن وغيرها، وهنا الحديث يشمل بالطبع كل من غزة ولبنان وسورية خاصة في ظل ما تشهده حالياً.

الدكتور خير تناول أيضًا قواعد المسؤولية الجزائية التي تنطبق على جرائم الاحتلال المتمثلة بجرائم الإرهاب والحرب والعدوان والجرائم ضد الإنسانية وجريمة إبادة جنس بشري، وليس آخرها جريمة اغتيال القادة التي تعد من أخطر الأنواع، مؤكدًا أن العدو مارس كل هذه الجرائم بحق الشعوب في فلسطين ولبنان وسورية، منتهكًا كل القوانين والمواثيق والقرارات الدولية.

العهد الاخباري ـ سارة عليان

مقالات مشابهة

  • كاتب صحفي: إسرائيل تصعد هجماتها بشكل ممنهج في غزة وتنتهك القوانين الدولية
  • عن إحراق مستشفى كمال عدوان.. الصمت الدولي يُغري الاحتلال لارتكاب حرب الإبادة
  • مشاهد من جرحى العدوان الصهيوني على مطار صنعاء الدولي
  • المكتب الإعلامي بغزة: الاحتلال يوظّف روبوتات متفجرة لارتكاب جرائم حرب
  • رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
  • المقاومة مستمرّة: “إسرائيل” تحت مجهر القانون
  • وقفات تعبئة واستنفار ضد العدو الصهيوني بعدد من المديريات في إب
  • المقاومة مستمرّة: الكيان الصهيوني تحت مجهر القانون
  • مجلس النواب يناشد البرلمانات العربية والإسلامية سرعة التحرك لإنقاذ الشعب الفلسطيني من آلة القتل والإجرام الصهيوني
  • العميد فدوي: خلال السنوات القليلة القادمة لن يكون هناك كيان يسمى إسرائيل