طوفان الأقصى يكسر غطرسة الاحتلال
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
0بدأ كيان بني صهيون احتلال أرض فلسطين من خلال القيام بمجازر ومذابح إرهابيَّة وعمليَّات إبادة لقًرى فلسطينيَّة أحدثَتْ حالةً من الرُّعب بَيْنَ سكَّان فلسطين، على إثرها حدثَتْ هجرة قسريَّة ونزوح جماعي عام 1948م، وهكذا ظلَّ الاحتلال الصهيونيُّ يعيث فسادًا طوال فترة احتلاله لمُدُن فلسطين بمساعدة القوى الدوليَّة التي قرَّرت رعايته واعتبار أمْنِه ضِمْن سياساتها الثابتة، ولذلك لَمْ يتورَّع هذا المُجرِم الصهيوني من ممارسة ساديَّته ضدَّ المَدنيِّين الآمنين، واستمرأَ قتْلَ الأطفال والنساء والعجزة، سواء بعمليَّات تصفيات جماعيَّة أو من خلال تنفيذ حالات اغتيال فرديَّة لقيادات فلسطينيَّة، ولَمْ يكُنِ الصهيوني لِيبقَى في أرض فلسطين لولا هذا الدَّعم الدولي الذي يتشدَّق بحقوق الإنسان رغم انكشاف عَوْرته وبطلان زَيْفه عَبْرَ تلك المنظَّمات الدوليَّة التي لَمْ تستطع إلزامه بإعادة أيٍّ من الحقوق الفلسطينيَّة، وذلك رغم صدور قرارات دوليَّة بشأنها مِثل القرار 242، ولكنَّ منهجيَّته الصهيونيَّة الإجراميَّة ونموذجه الإجرامي لَمْ يكُنْ لِيأبَه بالعدالة أو حقوق الإنسان أو تقرير المصير، لذلك استمرَّ في غيِّه وطُغيانه.
لا يُمكِن لمحتلٍّ أن يدركَ معنى العدالة وقضيَّة الحقوق رغم أنَّ قرار الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة الصادر في 29 نوفمبر 1947م والذي قضى بإنهاء الانتداب البريطاني بتقسيم فلسطين بَيْنَ دَولة عربيَّة على مساحة 42،3% ودَولة يهوديَّة على مساحة 57،7% من أرض فلسطين التاريخيَّة وإعلان ما يُسمَّى دَولة «إسرائيل» التي ظلَّت تتمدَّد على حساب الحقوق الفلسطينيَّة والعربيَّة واضعةً شعارها على الكنيست من النِّيل إلى الفُرات، ورغم دخول العرب لاحقًا فيما سُمِّي بمفاوضات السَّلام واتفاقيَّات السَّلام مع أكثر من دَولة عربيَّة وانفرطَ عقد رفقاء السِّلاح والبندقيَّة عِندما وقَّعت منظَّمة التحرير الفلسطينيَّة اتفاقيَّة أوسلو برعاية أميركيَّة عام 1993م على أن يتمَّ الاعتراف بالدَّولة الفلسطينيَّة ومعالجة القضايا الرئيسة (اللاجئين والقدس والحدود والمستوطنات والترتيبات الأمنيَّة) ولَمْ تجْنِ السُّلطة من مفاوضات الاستسلام سوى خيبات الأمل؛ لأنَّه سلام الضعفاء، وليس سلام الشجعان الذي يتَّكئ على القوَّة .
عرف الشَّعب الفلسطيني أنَّ عودة الحقوق لَنْ تتمَّ إلَّا بالقوَّة، فما أُخذ بالقوَّة لا يستردُّ إلَّا بالقوَّة والعودة إلى ساحة النضال التي بدأها الرعيل الأوَّل أمثال الشيخ عز الدِّين القسَّام الذي استشهد عام 1935م والحاج أمين الحسيني، وبقيَّة المناضلين الأبطال في ذاكرة الحركة الوطنيَّة الفلسطينيَّة. لذا أفرزت السَّاحة الفلسطينيَّة مجددًا أبطالًا كانوا على الوعد أمثال المهندس يحيى عياش والعديد من الأبطال الآخرين؛ لِيُعِيدَ الشَّعب الفلسطيني رسم ملحمة التحرير بعد أربع سنوات من توقيع اتفاقيَّة أوسلو عِندما أيقنوا أنَّ الصهيوني لا يعرف معنى السَّلام فكانت الانطلاقة المقدَّسة التي بدأت بانتفاضة الحجارة عام 1987م وتوالى النضال الفلسطيني لِتقومَ انتفاضة الأقصى المباركة عِندما دنَّس أرييل شارون باحات المسجد الأقصى في 28 سبتمبر عام 2000م، واستمرَّت الانتفاضة خمس سنوات تؤكِّد للشَّعب الفلسطيني أنَّ مشروع التحرير لَنْ يتحقَّقَ إلَّا من خلال هذا الكفاح المقدَّس لِنَيْل حقوقه وتقرير مصيره، وكان من نتائج انتفاضة الأقصى انسحاب الاحتلال من قِطاع غزَّة لِتنموَ شجرة المقاومة في غزَّة وتصمد في عدَّة حروب لاحقًا 08/09م و2012م 2014م الأكثر دمويَّة و2018 و2021م في معركة سيف القدس التي سارع العدوُّ إلى طلب الهدنة ووقف إطلاق النار، وهذه المواجهات كانت المقاومة تسجِّل حالة تصاعديَّة في تطوُّر وقوَّة المقاومة الفلسطينيَّة كمًّا ونَوْعًّاـ وقَدْ قِيل ما قَبل سيف القدس ليس كما بعدَه فكانت معادلة القدس ـ غزَّة نموذجًا للمقاومة بالدِّفاع عن المُرابطين في الأقصى ومناصرة أهالي حيِّ الشيخ جرَّاح وحيِّ سلوان الذي قرَّرت بلديَّة القدس هدم منازلهم وهي تنمُّ عن بلطجيَّة النِّظام الصهيوني. ولكن منذ سيف القدس تأكَّد للعالَم أنَّ هذه المقاومة التي تأسَّست منذ انتفاضة الحجارة ماضية تشقُّ طريق التحرير لاستعادة الحقوق بالقوَّة حتَّى جاءت المفاجأة أخيرًا والتي أذهلت العالَم في السَّابع من أكتوبر 2023م عِندما انطلق أبطال المقاومة من قِطاع غزَّة تطبيقًا لتعليمات إلهيَّة كما قال تعالى في مُحكم كتابه العزيز: «ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» وقَدْ تحقَّقَ في هذه المعركة تحوُّل نَوْعي استراتيجي في إطار الصراع، وتمرَّغت هيبة جيش الاحتلال وقَدْ فاقَ ضحايا العدوِّ خلال ثلاثة أيَّام 1000 قتيل وما يقرب من نصف هذا الرقم من الأسرى وأكثر من ألفَيْ مصاب بعضهم في حالات حرجة، وهو ما لَمْ يحْدُثْ طوال تاريخ الصراع. هذه المعادلة الجديدة في حرب التحرير كرَّسها رجال الله من أبطال غزَّة يساندهم أشقَّاؤهم في الضفَّة الغربيَّة ومناوشات على الحدود الشماليَّة لفلسطين مع حزب الله لَمْ تصل بعد إلى فتح الجبهة الشماليَّة في حرب مفتوحة، لكنَّها أكَّدت على وحدة السَّاحات، وأنَّ وعْدَ الله يقترب على يَدِ هؤلاء الأبطال المتمسِّكين بقضيَّتهم ومشروعهم العظيم أملًا في تحقيق الفتح المُبين، فالله أكبر ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين .
قال تعالى: «مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلًا» هذه الفئة الصَّادقة الصَّابرة المتمسِّكة بأوامر الله تسير على درب العزَّة والكرامة، هدفهم الأسمى تحقيق مشروع التحرير العظيم، ماضون ـ بعونِ الله ـ لا يضرُّهم من خذَلَهم، ولَنْ تخبوا عزائمهم، فما تحقَّق من أهداف يستحقُّ التضحية والفداء، هذه حرب تحرير مشروعة من قِبل أبطال المقاومة .
العدوُّ الصهيوني اليوم أمامه خيار وحيد باستهداف الأبرياء العُزَّل وممارسة عربدته وفق سياسة الأرض المحروقة بعد تمريغ كرامته، يهدف إلى إسقاط مزيدٍ من الضحايا لِترميمِ هَيْبته التي كُسرت، وهنا يجِبُ على الدوَل العربيَّة والإسلاميَّة أن تقفَ وقفةً صادقةً وعدم الاكتفاء ببيانات التنديد والإدانة، بل تُقدِّم كُلَّ أشكال الدَّعم والمساندة، فهذه الفئة القليلة الصَّابرة المُجاهِدة اليوم تمسح عن الأُمَّة غبار الذُّل والمَهانة وتُلقِّن العدوَّ دروسًا في الكرامة، وتُمرِّغ أنفه في التراب، وكما أعلنت دوَل أوروبا صراحة مساندة كيان الاحتلال ننتظر موقفًا مُشرِّفًا واضحًا من قِبل الأشقَّاء العرب والمُسلِمين في معركة طوفان الأقصى، لا سِيَّما وأنَّ العالَم اليوم يعيش حالة تحوُّلات كبرى ينبغي استثمارها في تحقيق العدالة الدوليَّة، وإنهاء الاحتلال وعودة الحقوق لأصحابها.
خميس بن عبيد القطيطي
khamisalqutaiti@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة الفلسطینی ة الحقوق أبطال ا ة التی ع ندما
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يقود الكيان الصهيوني نحو نهايته: غروره ووحشيته يثمران قوة المقاومة
يمانيون – متابعات
كلما ارتفعت وتيرة الإجرام الصهيوني في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، زادت مهارة مقاتلي المقاومة وأداءهم العالي في التصدي لجيش الاحتلال. عملياتهم أصبحت أكثر دقة ونجاحًا، حيث لا تخطئ قواعد الجيش الصهيوني وآلياته، بل تستهدف تجمعات جنوده بكل حرفية، ما يجعل الكيان الصهيوني غير قادر على إخفاء نتائج هذه العمليات، حتى وإن حاولت التلاعب بالأرقام وتزييف الحقائق حول القتلى والمصابين والخسائر. في المقابل، أصبح العالم على دراية كاملة بأساليب التعتيم والتحفظ التي يمارسها جيش الاحتلال، وأصبحت القاعدة أن أي رقم يتم الإعلان عنه يعكس جزءاً صغيراً من الواقع الفعلي.
منذ بداية التصعيد، يلاحظ المراقبون أن كل جريمة صهيونية ترتكب بحق الفلسطينيين أو اللبنانيين، تُعتبر خطوة أخرى نحو تدمير الكيان الصهيوني، خصوصًا مع تصاعد الوحشية الصهيونية على يد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يغرق في مستنقع غروره الشخصي، ما يخرجه عن كل منطق سليم. هذا الغرور بات يقود الكيان الصهيوني نحو نهايته الحتمية، وفقًا للعديد من التحليلات.
وفي مقال نشره موقع “ذا أيسلندر” تحت عنوان “الكابوس الذي تفرضه إسرائيل على نفسها: غرور نتنياهو والانهيار الوشيك”، تناول الكاتب الأمريكي جيري نولان تأثيرات سياسات نتنياهو على أمن الكيان الصهيوني، مشيرًا إلى أن تنامي المقاومة في الضفة الغربية لا يعكس فقط صمود الفلسطينيين، بل يعكس أيضًا بداية تفكك الكيان الصهيوني داخليًا. نولان أضاف أن السياسات القمعية التي يتبعها نتنياهو تقود إلى انهيار بطيء للكيان الصهيوني، نتيجة للغرور والقسوة التي يمارسها ضد الفلسطينيين، وهو ما يثير الاستياء ليس فقط لدى سكان غزة بل أيضًا داخل المجتمع الصهيوني نفسه.
من وجهة نظر نولان، فإن نهج نتنياهو لم يعد يتعلق بأمن الكيان الصهيوني، بل هو مجرد خدعة يائسة تهدف إلى التغطية على فضائح الفساد التي تحيط به. وتابع قائلاً: “كل قنبلة تسقط على غزة وكل مساحة تمحى من الوجود هي خطوة أخرى نحو تدمير الكيان الصهيوني من الداخل.” كما أضاف أن هذه الوحشية تمثل قنبلة موقوتة تهدد كل صهيوني، مشيرًا إلى أن رئيس حكومة الاحتلال ضحى بقدرة الكيان الصهيوني على البقاء على المدى الطويل من أجل “بقاءه الشخصي”.
وأشار نولان إلى أن سياسة نتنياهو قد جعلت الكيان الصهيوني منبوذًا عالميًا، حيث أظهرت التهديدات التي يتعرض لها الكيان الصهيوني أنها لم تعد تهديدات خارجية، بل أصبحت تهديدات داخلية بفعل سياسات الزعيم الحالي. وأكد أن غرور نتنياهو أدى إلى تفتيت الكيان الصهيوني، وجعل جهازه العسكري غير قادر على مواجهة التحديات الداخلية المتزايدة، في وقت يزداد فيه الرأي العام العالمي قوة في دعمه للمقاومة الفلسطينية.
وفي ختام مقاله، وصف نولان ما يفعله نتنياهو بأنه “مفارقة وحشية”، حيث يبدو أن زعيم الاحتلال راهن على تأمين بقاءه الشخصي على حساب أمن الكيان الصهيوني، إلا أن النتيجة كانت العكس تمامًا. وقال: “ربما كان نتنياهو يعتقد أنه يسعى وراء غفرانه الشخصي، لكنه في الحقيقة دعا إلى اللعنة الوجودية للكيان الصهيوني”.
————————–
إبراهيم القانص