كتب- أحمد السعداوي:

عقدت السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، لقاء اليوم الأربعاء، عبر الفيديوكونفرانس، مع عدد من أبناء الجاليات المصرية في دول البرازيل والمكسيك والأرجنتين، في إطار مبادرة "ساعة مع الوزيرة".

جاء ذلك بحضور السفير عمرو عباس، مساعد وزيرة الهجرة للجاليات، والسفير وائل أبو المجد سفير مصر في البرازيل، والسفير خالد شمعة سفير مصر في المكسيك، والسفير محمد كاظم سفير مصر في الأرجنتين، والسفيرة هبة سيدهم القنصل العام المصري في ريو دي جانيرو.

وشارك في اللقاء عدد من مسؤولي وزارات ومؤسسات الدولة المصرية، من بينهم اللواء إيهاب الحيني ممثلاً عن قطاع الأحوال المدنية، وعقيد دكتور محمد شرشر مدير إدارة الشؤون القانونية بالإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية، وأحمد عزت رئيس الإدارة المركزية للتغطية التأمينية بالهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، والدكتورة إلهام فتحي وزارة التربية والتعليم مدير إدارة "أبناؤنا في الخارج".

ورحبت السفيرة سها جندي بالحضور من أبناء مصر في الدول الثلاث، مشيرة إلى أننا الآن نصل إلى 62 دولة في لقاءات "ساعة مع الوزيرة"؛ لنستمع ونناقش مقترحات المصريين بالخارج وأفكارهم وأطروحاتهم، والتنسيق مع مختلف وزارات ومؤسسات الدولة المصرية لحل أي مشكلة تواجههم، وسبل تنفيذ مقترحاتهم وذلك ضمن استراتيجية وزارة الهجرة لربط المواطنين بالخارج بجذورهم في الجمهورية الجديدة، مؤكدة أن المصريين بالخارج ثروة بشرية لا تقدر بثمن، ولهم أياد بيضاء في دعم جهود التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، وهم جزء أصيل من بناء الوطن وقوته الناعمة، وهم سفراء للحديث عن كل منجزات البلد، تاريخها وحاضرها ومستقبلها، ونقل صورة إيجابية عن كفاءة وتميز الشخصية المصرية، في أي مكان وأية مهمة تسند إليهم، ليؤدوها ببراعة واقتدار.

وثمنت وزيرة الهجرة جهود سفراء مصر بالخارج في مساندة المصريين حول العالم، وتسهيل إقامتهم في أماكن الوجود والتعاون المثمر الجاري بين الهجرة والخارجية لتقديم أفضل خدمة ممكنة للمصريين في مختلف الدول، مؤكدة أن هدفنا جميعًا تلبية مقترحاتهم وحل مشكلاتهم، إيمانًا بدور المصريين بالخارج ودورهم في نقل الصورة الإيجابية (الحقيقية) عن مصر.

وأكدت وزيرة الهجرة أهمية الحفاظ على المكتسبات السياسية للمصريين بالخارج، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المصرية 2024، وأهمية المشاركة في الانتخابات، لصنع حاضر ومستقبل دولتنا معاً، مؤكدة أيضًا على ضرورة انتهاء المصريين في الخارج من إصدار أوراقهم الثبوتية، سواء الجوازات أو بطاقات الرقم القومي وشهادات الميلاد وغيرها، تسهيلاً للكثير من الخدمات المتطلبة ذلك، وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية القادمة التي ستتطلب إما بطاقة رقم قومي من الناخب (صالحة أو منتهية الصلاحية) وإما جواز سفر مميكن وصالح.

وأشارت جندي إلى لقائها مؤخرًا مع المستشار حازم بدوي رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، موضحة أنه قد وجه بموافاة وزارة الهجرة بآليات وضوابط التصويت الخاصة بالمصريين بالخارج، وكل الإجراءات التي من شأنها التيسير على المصريين بالخارج بالانتخابات الرئاسية، وأنه سيتم نشر ضوابط تصويت المصريين بالخارج، وكذلك الأسئلة الشائعة وإجاباتها على المنصات الرسمية للوزارة الهجرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتناولت الوزيرة عددًا من المحفزات التي قدمتها وزارة الهجرة، منذ تولي سيادتها حقيبة الوزارة في أغسطس 2022، مؤكدة أننا نتيح مختلف سبل التواصل مع المصريين بالخارج، سواء بالزيارات الفعلية لأماكن وجود المصريين في الخارج، أو لقاءات "ساعة مع الوزيرة"، أو من خلال الوجود على الجروبات الإلكترونية على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تشارك فيها الوزيرة ومسؤولة الوزارة للرد على أي استفسارات والنظر في أي تحديات.

وأشارت الوزيرة إلى مختلف المحفزات التي تم إنجازها خصيصًا لمصلحة المصريين في الخارج، ومن بينها تخفيضات سنوية على تذاكر مصر الطيران على لمدة 216 يومًا على مدار العام، وكذلك تخصيص أراض ووحدات متميزة للمصريين بالخارج بالتعاون مع وزارة الإسكان بتخفيض خاص على الدفع بالدولار، والشهادات الدولارية بعائد متميز يصب نحو ٧٪؜ و٩٪؜ علي الشهادات الدولاريةً في البنوك الوطنية، وغيرها في مجال التعليم (أبنائنا في الخارج)، والاستثمار وإتاحة خارطة الاستثمار الصناعي لمستثمرينا بالخارج، وكذلك البدء في إطلاق شركة المصريين للخارج للاستثمار، وإطلاق مبادرة السيارات للمرة الثانية بناء على الطلب الملح للمصريين في الخارج، وثيقة معاش بكرة بالدولار، وكذلك المبادرة الخاصة بالتسوية التجنيدية للأبناء من سن ١٩ إلى ٣٠ سنة، وغيرها الكثير من المحفزات التي تستهدف وزارة الهجرة بها تحقيق أولويات المصريين وربطهم بالوطن، وفقًا لاحتياجاتهم التي سبق أن أعربوا عنها في مؤتمرات المصريين في الخارج.

وأضافت السفيرة سها جندي أنه استجابة لتوصيات النسخة الرابعة من مؤتمر المصريين بالخارج، وتلبية لرغباتهم في إعادة العمل بمبادرة منح تيسيرات جمركية لسيارات المصريين بالخارج، فقد قرر مجلس الوزراء إعادة تفعيل المبادرة بذات المزايا التي كان يتيحها قانون منح تيسيرات جمركية لسيارات المصريين بالخارج، وعليه، قد وافقت لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب على إحالة مشروع قانون سيارات المصريين بالخارج إلى الجلسة العامة للمناقشة، وحال إقراره يمكن العمل بالمبادرة لمدة 3 أشهر أخرى، مما يترتب على ذلك تقديم خصومات كبيرة تصل إلى نسبة (70٪) من قيمة الضريبة الجمركية ويتم استرداد قيمتها كاملة بعد خمس سنوات من تاريخ السداد، بذات القيمة، بالمقابل المحلي للعملة الأجنبية المسدد بها، وبسعر الصرف المعلن من البنك المركزي وقت الاسترداد، وذلك عبر تطبيق مخصص لذلك، عبر الرابط:

رابط أندرويد:هنا...

رابط أيفون:هنا

واستعرضت وزيرة الهجرة آخر مستجدات شركة استثمارات المصريين بالخارج، والتنسيق لتخصيص صندوق لاستثماراتهم، وطرح الأسهم للاكتتاب، والتنسيق مع المؤسسات المالية المعنية لوضع الإطار القانوني للشركة، بجانب التعريف بوثيقة "معاش بكرة بالدولار"، وتمديد مبادرة تسوية الموقف التجنيدي، بحيث تنتهي في 14 أكتوبر 2023، بعد مدها لمدة شهر.

واستعرضت وزيرة الهجرة طرح شهادات استثمارية بعائد متميز، يصل إلى نحو 7-9% للشهادات بالدولار، وعوائد تصل إلى 25% بالجنيه المصري، وإتاحة الفرصة للمصريين بالخارج للاستفادة من برنامج الطروحات الحكومية وسبل استفادة المصريين بالخارج منها، بجانب ضمانات البنك المركزي المصري لربط شهادات استثمارية من المصريين بالخارج بالدولار، وإتاحة الحصول على أي مبالغ من رصيد أصحاب الشهادات بنفس العملة، سواء بالدولار أو اليورو، وغيرهما.

وأوضحت وزيرة الهجرة أننا نجحنا في إجلاء أكثر من 10 آلاف طالب من السودان، مشيدة بجهود طلابنا الدارسين بالخارج من أبناء "ميدسي"، وبجهودهم في مساندة وزارة الهجرة للوصول إلى أبنائنا الدارسين في الخارج؛ خصوصًا في دول النزاعات والكوارث الطبيعية، حيث استعرضت جهود الوزارة في إنقاذ جالياتنا وطلابنا من أوكرانيا وروسيا والسودان والكوارث الطبيعية في تركيا وسوريا، ودعم جهود وزارة الدفاع في إعادة جثامين أبنائنا من ليبيا والذين راحوا ضحية الإعصار.

واستعرضت جهود الوزارة في دمج الطلاب العائدين من الخارج من روسيا وأوكرانيا والسودان في الجامعات المصرية، بجانب التنسيق مع التعليم العالي لإتاحة سنة لتوفيق الأوضاع للأساتذة المصريين بالخارج ممن تجاوزت مدة إجازاتهم السنوات العشر بالخارج، وكذلك استجابة وزير التربية والتعليم لمقترح تنفيذ نظام امتحان فصلين دراسيين لطلاب "أبناؤنا في الخارج"، تلبية لمقترحات أُسرهم.

وتناولت وزيرة الهجرة جهود تدريب وتأهيل الشباب في المركز المصري الألماني للتوظيف والهجرة وتدريب الشباب على جوانب اللغة والثقافة للمجتمع المضيف، مشيرة إلى مركز وزارة الهجرة للحوار لشباب المصريين.

وثمن السفير وائل أبو المجد، سفير مصر في البرازيل، مبادرة "ساعة مع الوزيرة" للتواصل مع المصريين بالخارج والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، لافتًا إلى أن الجالية المصرية في البرازيل مميزة وعلى مدار ٤ سنوات لا يوجد أية مشكلات إلا في أضيق الحدود ولديها بعثتا الأزهر والأوقاف ودور مهم للكنيسة المصرية في التواصل مع أعضاء الجالية المصرية.

وأعرب السفير محمد كاظم، سفير مصر في الأرجنتين، عن سعادته بهذا التواصل المهم، مشيرًا إلى أن الجالية المصرية في الأرجنتين صغيرة ولكنها مشرفة ومنتجة، ولدينا أبناؤنا يدرسون في جامعة بوينس آيرس وهي جامعة في المرتبة السابعة عالميًّا، نأمل أن يكونوا عناصر مفيدة للوطن، مشيدًا بمبادرة "ساعة مع الوزيرة"؛ لما لها من أهمية كبيرة في تحقيق التواصل مع المصريين بالخارج.

وقدم السفير خالد شمعة، سفير مصر في المكسيك، الشكر على اللقاء مطالبًا بأن يتم تكراره لاستمرار التواصل، منوهًا بأن أغلب مطالب الجالية المصرية بالمكسيك تتمثل في استخراج الأوراق الثبوتية والمعاملات القنصلية.

وقالت السفيرة هبة سيدهم، القنصل العام المصري في ريو دي جانيرو، إن الجالية المصرية متميزة ومتعاونة وتعمل على تلبية كل احتياجاتهم من استخراج الأوراق الثبوتية الخاصة بهم وغيرها، مشيدة أيضًا بمبادرة "ساعة مع الوزيرة"؛ لضمان التواصل بعدد كبير من الجاليات المصرية بالخارج باستخدام التكنولوجيا الحديثة.

وقدم المصريون بالخارج عددًا من المقترحات حول تيسير المعاملات المختلفة، خصوصًا استخراج الأوراق الثبوتية وتجديد بطاقة الرقم القومي وجواز السفر، مطالبين بوجود مهمة في مدينة ساو باولو لاستخراج الأوراق الثبوتية؛ حيث يوجد بها العديد من المصريين، وطالبوا بانضمام مصر إلى اتفاقية "لاهاي" المعنية بإلغاء شرط التصديق على الوثائق الرسمية الأجنبية، بالإضافة إلى أهمية وجود خط طيران مباشر بين القاهرة والمكسيك، كما هي الحال مع البرازيل، بالإضافة إلى معادلة الشهادات الجامعية.

وتابع المصريون من المشاركين في اللقاء الحديث عن أهمية ربط أولادنا بجذورهم وحضارتهم ومعرفة تاريخنا المصري عبر التاريخ، ووجود مكتب ثقافي للحفاظ والترويج للثقافة المصرية، حيث أشارت وزيرة الهجرة إلى المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" ومركز شباب المصريين بالخارج، وما تتضمنه هذه المبادرات من ربط للشباب بجذورهم.

ووعدت السفيرة سها جندي بمخاطبة وزارة التعليم العالي بخصوص معادلة الشهادات الجامعية ودراسة وجود مكتب ثقافي، قائلةً: "سعيدة بوجودي معكم ومصر تهتم بكل أبنائها في كل الأوقات ونسعى دائمًا لتحقيق ما ترغبون".

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: طوفان الأقصى نصر أكتوبر الانتخابات الرئاسية حريق مديرية أمن الإسماعيلية أسعار الذهب فانتازي الطقس مهرجان الجونة السينمائي أمازون سعر الدولار أحداث السودان سعر الفائدة الحوار الوطني وزيرة الهجرة أبناء الجاليات المصرية الانتخابات الرئاسية الانتخابات الرئاسیة المصریین فی الخارج للمصریین بالخارج المصریین بالخارج الأوراق الثبوتیة السفیرة سها جندی الجالیة المصریة وزارة الهجرة وزیرة الهجرة سفیر مصر فی المصریة فی الخارج من

إقرأ أيضاً:

المعارضة المصرية بين المبدئية والبراجماتية

مع تحميل النظام المصري الحاكم بقيادة السيسي المسئولية الكبرى عن حالة التأزم السياسي في البلاد؛ إلا أنه لا يمكن إعفاء المعارضة بشقيها الراديكالي والإصلاحي من المسئولية أيضا، أيا كانت النسبة. وليس خافيا أن سببا رئيسا من أسباب استمرار النظام حتى هذه اللحظة رغم فشله، ورغم حالة الغضب الشعبي الكبيرة منه، تعود إلى غياب المعارضة الموحدة والقادرة على تقديم بديل مقنع للشعب المصري، ولكل من يرغب في دعم عملية التغيير الديمقراطي.

يمكننا أولا التفريق بين المعارضة المنظمة، وتلك المعارضة العامة التي تنتشر بين قطاعات شعبية ونخبوية واسعة، وهذه الأخيرة تزايدت خلال السنوات القليلة الماضية مع تصاعد الأزمات الاقتصادية الناتجة عن سياسات الحكم القائم، وكذا شعور هذه القطاعات بتبدد الأمل في أي وعود لتحسين أوضاعها بعد تعهدات متتالية من رأس النظام بهذا التحسين خلال سنة أو سنتين.. إلخ، وقد مر من الوقت أضعاف ذلك دون تحقيق شيء سوى بناء مشروعات إسمنتية؛ من أكبر عاصمة إدارية (لا تمثل أولوية) إلى بناء أطول برج في أفريقيا، وأكبر مسجد وأكبر كنيسة، وبناء قصور رئاسية متعددة، وشراء طائرات رئاسية عملاقة دونما حاجة إلى ذلك، أو حتى شعور هذه القطاعات بجرح كرامتها وكرامة الوطن فيما يخص التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وحقوق مصر المائية، وتقزم دور مصر الإقليمي في مواجهة دول أو دويلات لا تساوي مساحة أحد أحياء القاهرةّ.

هذه المعارضة الشعبية تتصاعد كمّا وكيفا، وترتفع الأصوات تدريجيا بنقد رأس النظام مباشرة، وتحميله مباشرة المسئولية عن كل مظاهر الفشل والفساد، والاستبداد، والإفقار، بعد أن كانت تقتصر على من هم دونه، لكن هذه المعارضة لا تجد من ينظمها ويتبنى مطالبها، ويضعها في المسار الصحيح، وكان المفترض أن تقوم بذلك المعارضة المنظمة في أحزاب وحركات شعبية.

المعارضة الشعبية تتصاعد كمّا وكيفا، وترتفع الأصوات تدريجيا بنقد رأس النظام مباشرة، وتحميله مباشرة المسئولية عن كل مظاهر الفشل والفساد، والاستبداد، والإفقار، بعد أن كانت تقتصر على من هم دونه، لكن هذه المعارضة لا تجد من ينظمها ويتبنى مطالبها، ويضعها في المسار الصحيح
المعارضة المنظمة بدورها منقسمة حتى الآن تأثرا بحالة الاستقطاب السياسي التي أعقبت ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، ولا يزال أغلبها واقفا عند حدود 2013 لا يستطيع أو لا يريد تجاوزها بكل ما تحمله من مرارات وأوهام، ولا يزال بعضها يرى عدوه الحقيقي ليس النظام الاستبدادي الحاكم؛ بل جزءا آخر من المعارضة التي تشاركه تجرع كأس المرار، والعذاب، والتنكيل.

عقب انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013 انقسمت قوى يناير إلى فريقين، أولها وقف ضد الانقلاب من البداية، وثانيهما دعم ذلك الانقلاب بدرجات متفاوته، أو سكت عنه، لحسابات سياسية خاصة بكل فريق. وقف الفريق الأول مدافعا عن شرعية الخيار الديمقراطي وما أنتجه من برلمان منتخب وأول رئيس مدني، وضم هذا الفريق بشكل أساسي الإخوان المسلمين وأنصارهم من عموم التيار الإسلامي، أو من تيار الشرعية عموما بما شمله من شخصيات ليبرالية أو يسارية، فيما أيد الفريق الثاني المسار الجديد الناتج عن الانقلاب، ظنا أن الجنرالات لن يبقوا في الحكم، بل سيتنازلون عنه لصالحهم، وضم هذا الفريق أحزابا وقوى ليبرالية ويسارية.. الخ.

لم يستمر شهر العسل طويلا مع الحكم الجديد الذي استعان في البداية بحكومة يرأسها سياسي ليبرالي هو حازم الببلاوي، ومعه عدد من الوزراء الليبراليين والناصريين واليساريين، وإلى جانبهم نائب رئيس جمهورية كان أيقونة لثورة يناير هو محمد البرادعي، لكن الحكم العسكري وحاضنته الصلبة (البعيدة عن هذه القوى) أنهت عمل هذه الحكومة خلا بضعة شهور، ثم بدأ النظام الجديد ينطلق في تنفيذ سياساته الخاصة، وغير المدروسة، بعيدا عن أي شراكة سياسية. وكانت القاصمة الكبرى التي دفعت معظم القوى الليبرالية واليسارية (الينايرية) بعيدا عن النظام هي قبوله تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وما تلا ذلك من سياسات تفريط أخرى، وسياسات الاستدانة الواسعة، وتعويم الجنيه، ورفع الأسعار.. إلخ، وما تبع ذلك من تضييق واسع على تلك المعارضة في الداخل، واعتقال العديد من كوادرها بل من رموزها الكبرى، حتى امتلأت السجون بهؤلاء القادة والنشطاء، إلى جوار قادة ونشطاء الفريق الأول.

رغم اتساع قمع النظام ليشمل جميع معارضيه من كل القوى السياسية دونما تفريق، إلا أن ذلك لم يدفع تلك القوى لتوحيد جهودها في مواجهة هذا القمع، ولإنقاذ الوطن، إذ ظلت رواسب الماضي القريب غالبة على تفكيرها وأدائها، وهو ما انعكس سلبا على أدائها الباهت في معظمه، والذي لا يرقى إلى مستوى الغضب الشعبي.

كانت المعارضة الخارجية -ولاتزال- هي الأعلى صوتا، والأكثر مبدئية بحكم تحررها من قيود النظام، وبحكم حجم التضحيات التي قدمتها، لكنها ظلت قليلة الفعالية، كما أنها لا تزال في حالة تشرذم، بينما أصبحت المعارضة الداخلية التي اختارت البراجماتية السياسية أسيرة العمل تحت القصف، مع استمرار تشرذمها أيضا. ومع ذلك، نشير إلى بعض التجارب المتعثرة للعمل الوطني المشترك.

ففي الخارج جرت محاولات مثل تأسيس الجبهة الوطنية المصرية والتي استمرت عامين ليخلفها اتحاد القوى الوطنية المصرية في الخارج، ومعهما بعض المحاولات الشبابية، لكن التعثر وعدم القدرة على تمثيل أطياف متنوعة كان سمة جميع المحاولات.

وفي الداخل كانت المحاولة الأبرز هي تأسيس الحركة المدنية الديمقراطية، ولكنها اقتصرت على جزء من فريق 30 يونيو (الأكثر براجماتية)، حيث استُبعدت من البداية القوى أو العناصر التي رفعت سقف معارضتها للنظام. وتعيش الحركة حاليا شبه جمود بعد انقسام مكوناتها حول الانتخابات الرئاسية الماضية، والاستعداد للانتخابات النيابية المقبلة، وبديلا عن ذلك تأسست جبهة يسارية (مجموعة أحزاب يسارية غير ممثلة في البرلمان)، كما جرت محاولة لتأسيس مظلة ليبرالية ماتت في مهدها أيضا. وإلى جانب ذلك، رأت بعض الأحزاب فرصتها الحقيقية لكسب عدد أكبر من نواب البرلمان في التنسيق مع الأجهزة الأمنية التي تحدد مسبقا أسماء وحصص الفائزين.

إضافة إلى تشرذم المعارضة المصرية حتى الآن، فإن أيا منها لم يقدم مشروعا سياسيا واضحا للتغيير يمكن الاشتباك معه قبولا أو رفضا أو تعديلا، ينطبق ذلك على معارضة الخارج كما ينطبق على معارضة الداخل. والفرصة لا تزال متاحة على الأقل في الخارج لبدء حوارات جادة بين قوى ورموز المعارضة الذين يمثلون كل الطيف الوطني الآن، والذين يتمتعون بحرية العمل والحركة
في ظل هذا الوضع المتردي للمعارضة المصرية لا يمكن أن نتجاهل المحاولة الجادة التي قادها النائب البرلماني السابق أحمد طنطاوي، بهدف الترشح للانتخابات الرئاسية الماضية من خارج المسرحية المرتبة سلفا، والتي شارك فيها (أي المسرحية) رؤساء أحزاب معارضة آخرون مقابل زيادة عضوية أحزابهم في البرلمان المقبل. لقد صنع طنطاوي حالة سياسية نشطة داخل مصر وخارجها؛ عبر عملية جمع التوكيلات التي كانت أشبه بمعركة عسكرية (من طرف واحد هو النظام)، ونجحت حملة طنطاوي في جذب شباب وكبار من كل التيارات الوطنية تقريبا، وصنعت تيارا جديدا (تيار الأمل)، لكن النظام لم يحتمل التجربة فسارع إلى اعتقال رائدها وعدد من داعميه، بعد أن حرم طنطاوي من جمع التوكيلات المطلوبة للترشح..

في كل التجارب النضالية العالمية ضد الاستبداد لم تنجح جهود التغيير إلا بعد توحيد المعارضة خلف أهداف وطنية جامعة، تمثل إرادة الشعب، حدث ذلك في تشيلي، وفي جنوب أفريقيا، وفي عدة دول أفريقية أيضا في السنوات الأخيرة.

إضافة إلى تشرذم المعارضة المصرية حتى الآن، فإن أيا منها لم يقدم مشروعا سياسيا واضحا للتغيير يمكن الاشتباك معه قبولا أو رفضا أو تعديلا، ينطبق ذلك على معارضة الخارج كما ينطبق على معارضة الداخل. والفرصة لا تزال متاحة على الأقل في الخارج لبدء حوارات جادة بين قوى ورموز المعارضة الذين يمثلون كل الطيف الوطني الآن، والذين يتمتعون بحرية العمل والحركة، والتواصل، ولو نجحت هذه القوى في هذه الخطوة فإنها ستلقى ترحيبا معلنا أو مستترا من معارضة الداخل ومن عموم الشعب المصري، وستتمكن من تقديم بديل وطني حقيقي مؤهل لإنقاذ البلاد والعباد، غير ذلك فإن جريمتها بحق الشعب والوطن تتزايد يوما بعد يوم.

x.com/kotbelaraby

مقالات مشابهة

  • خبير مصرفي: تحويلات المصريين بالخارج تقارب 21 مليار دولار
  • تفاصيل اختبارات وظائف السعودية للمصريين.. برواتب تتجاوز 100 ألف جنيه
  • بهجت العبيدي: بيان البنك المركزي يؤكد الدور الحيوي للمصريين بالخارج في الاقتصاد المصري
  • الأمريكيون يتجهون للقارة العجوز.. أوروبا تستعد لموجة هجرة غير مسبوقة
  • البنك المركزي: 20.8 مليار دولار حجم تحويلات المصريين من الخارج في 9 أشهر
  • وزير العمل يستقبل وفدا من مجلس النواب واتحاد شباب المصريين في الخارج
  • وظائف وزارة العمل 2024 للمصريين في الداخل والخارج.. الرابط وخطوات التسجيل
  • جهود للقنصليات المصرية من قلب القارة الآسيوية مع أبناء الجالية والطلاب المصريين
  • وظائف للمصريين بالداخل والخارج.. خطوات التسجيل في موقع وزارة العمل
  • المعارضة المصرية بين المبدئية والبراجماتية