موقع 24:
2024-09-09@06:53:22 GMT

شرق أوسط جديد

تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT

شرق أوسط جديد

ربما لم يدرك رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يرأس الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل، كم كان صادقاً ومحقاً عندما قال منذ يومين، إن الأحداث بعد الهجوم على غزة، ستنقلنا إلى شرق أوسط جديد بالكامل.

بعد هجوم السبت، سيدفع نتانياهو ثمن مأساته العائلية والنفسية، وستدفع حماس ثمن تضحيتها بالفلسطينيين في غزة، وستظهر في الشرق الأوسط قيادات ووجوه جديدة.

لم يدرك بنيامين نتانياهو، في ظل حماسه المتدفق ربما في مواجهة حماس، أن الشرق الأوسط، اليوم فعلاً على أعتاب مرحلة جديدة ربما تشكل لحظة تاريخية حقيقية. ذلك أن هذا الشرق الجديد، سيكون خالياً، من نتانياهو، أولاً ومن حماس ثانياً، وربما من مشروع اليمين الحاكم اليوم في إسرائيل ثالثاً.
صحيح أن نتانياهو، الذي يتحمل بطريقة مباشرة نصف المسؤولية عن الأحداث على الأقل، وعن تطورها بالشكل الذي نشاهده اليوم على القنوات، ونطالعه على التواصل الاجتماعي، وفي انفجار برميل البارود بسياسته المتطرفة، الخاضعة لإيديولوجيا مؤسسي الصهيونية الأولى، والتي لم تكن تراعي لا تطورات الأرض، ولا المجتمع الإسرائيلي نفسه، والمحيطين العربي والدولي لإسرائيل، بعد أوسلو في 1994.
فإصرار نتانياهو على أيديولوجيا الإحلال، والتهويد والاجتثاث، وضرب أسس حل الدولتين، لابتلاع الأرض، واقتلاع الفلسطينيين منها، وهدم السماء فوق رؤوسهم، في الضفة، وإغراقهم في جحيم القنابل في غزة، سبب رئيسي في حمام الدم، وفي تدفق حمم الجحيم على الإسرائيليين والفلسطينيين.
ولكن مشكلة نتانياهو ليست خياراته السياسية الأخيرة أو تنازلاته لليمين الأكثر تطرفاً، أو ما بعد الجابوينسكية المتشددة التي اعتنقها، ممثلاً في سموتريتش، أو بن غفير، بل في شخصيته ونفسيته، وهو الإسرائيلي الأمريكي، الذي عاد إلى "أرض الميعاد" من فيلاديلفيا محملاً بالشهادات العلمية الرفيعة، والتي طغت عليها مأساته العائلية، حتى أصبح طالب ثأر أبدي.

ورغم أنه شارك في بعض العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين، في أكثر من مناسبة في السبعينات، إلا أن مصرع شقيقه الأكبر يوناثان، في عنتيبي الأوغندية أثناء محاولة تحرير رهائن إسرائيليين وغربيين اختطفهم فلسطينيون من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في 1976، حولت حياة رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي إلى كابوس، بسبب شغفه بالانتقام والثأر من قتلة العقيد نتانياهو، وهو بالمناسبة العسكري الوحيد الذي قتل في عملية إسرائيلية مماثلة من أصل مئات العمليات، منع رئيس الوزراء نتانياهو لاحقاً من تجاوز مأساته الشخصية، إلى أفق السياسة مثل ما فعل قبله إسحق رابين، أو  أرييل شارون جزار صبرا وشاتيلا، أو حتى قبل ذلك ميناحيم بيغين الزعيم الأسطوري لليمين المتطرف في إسرائيل تاريخياً، صانع السلام مع الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات.
عندما سجن نتانياهو نفسه في قفص الصهيونة المسيانية، المطالبة بكل شيء، والرافضة لكل شيء، ولكل حل، فإنه حفر قبره السياسي بنفسه، لأن النتيجة لم يكن لها أن تكون إلا هجوم حماس، أو غيرها، يوم السبت الماضي، الذي كان مقدراً ومحتوماً، لا يهم تاريخه، ولكنه كان سيحصل اليوم أو غداً.
ولكن نتانياهو ليس الخاسر الوحيد في الحرب، فبعد القتال عليه غداً أو بعد مئة عام، التفاوض مع الفلسطينيين، على سلام أو هدنة، أو استسلام، أو غيره من المآلات، فهل سيفعل بعد تدمير غزة، وتجريفها، وتهجير سكانها، فيتفاوض مع حماس، بما أنه اقتلع السلطة الفلسطينية من أساسها ودعم في حكومتيه الأولى والثانية، حماس الوحش الذي تربي في حضنه قبل أن ينقلب عليه، لدق عظام السلطة ودفن حلم الدولة الفلسطينية؟ وإذا اختفت حماس من الساحة، فهل يتفاوض مع الجهاد؟ على ترتيب أو شروط إنهاء القتال، أم يعود إلى محمود عباس والسلطة في رام الله؟ وإذا فعل فكيف يواجه أنصاره في إسرائيل، وداعميه في الخارج؟ وبأي وجه، وبأي خطاب؟
أما حماس فهي الخاسر الثاني المقصود، فرغم نجاحها العسكري والنفسي المؤقت، فإن حماس التي تعرف أن المغامرة العسكرية التي أطلقتها وإن حققت لها مكاسب محدودة في البداية، لن تضمن لها الفوز في المعركة، ولا قلب معادلة الصراع في المنطقة، فالنزاع مشكلة دولية منذ يومه الأول، ولن يحل إلا في إطار توافق دولي عليه، بعد توفر الإرادة الجدية لذلك.
ولكن خسارة حماس الأفدح، تتمثل في خسارة معركة الإعلام والدعاية، ونسف كل رصيد التعاطف الدولي السابق مع القضية الفلسطينية، بعد ذبح وقتل مدنيين، فالهجوم على الحفل الموسيقي، واحتجاز رهائن، جرح غائر في الكثير من دول الغرب، وقضية غير قابلة للنقاش في مجتمعات عربية وغربية كثيرة، وارتكاب جريمة رداً على جريمة مماثلة، لا يعفي مرتكبها من المساءلة والملاحقة، وهو ما انتبهت له إسرائيل سريعاً، فانقضت على صور قتلاها الإسرائيليين المستوطنين، والعسكريين، والمدنيين على يد مسلحي حماس، لتنسف جهوداً استمرت عقوداً للتعريف بالفلسطينيين في العالم، دعاة سلام وحوار، يواجهون محتلاً معتدياً، ومغتصباً لأرض ودولة ولحقوق، فالجريمة واحدة، سواء ارتكبها نتانياهو، أو إسماعيل هنية، واليأس والإحباط، لا يبرر قتل الأطفال، والمسنين، لا في كيبوتس، ولا في مخيم لاجئين، هذا ما خسرته حماس، وما خسره الفلسطينيون أيضاً.
خسائر حماس لم تتوقف عند هذا الحد، فهي اليوم رسمياً فصيل فلسطيني رهن نفسه لإيران لعقود طويلة مقبلة، بدليل أنه الفصيل الذي لم تنتفض الجماهير من أجله في الأراضي الفلسطينية نفسها، فلا إضرابات في بيت لحم، أو احتجاجات في رام الله، ولا حتى في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، أو في دول الجوار، ما يكشف حجم صدمة الفلسطينيين قبل الإسرائيليين من مغامرة حماس أولاً، وخوفهم من انعكاساتها الكارثية عليهم ثانياً.
سيدعي البعض أن فلسطينيي الداخل أو الخارج و الشتات خاضعون بالسلطات التي تحكمهم، وهو كلام مردود على أصحابه، فالسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية اليوم، أضعف من أن توقف سائق مركبة، أو تعتقل مشاغباً في الشارع، لا أن توقف متظاهرين أو متضامنين مع حماس في غزة، رغم  حضور ها القوي في الضفة الغربية، وحتى بين فلسطينيي 1948.
ولتأكيد ذلك، فإن سبب مواجهة الفلسطينيين في غزة اليوم لحمم النار وجحيم الحصار، مغامرة حماس، وجريمتها الأولى يجب تسمية الأمور بمسمياتها، عندما هاجمت مدنيين وقتلت أطفالاً ونساءً، أثارت عليها القريب قبل البعيد، وأعادت عقارب الساعة إلى الوراء إلى ما قبل خطاب ياسر عرفات في الأمم المتحدة الشهير، ورفع غصن الزيتون، وحديثه عن الحمامة، فالطائر ذُبح، والزيتونة اقتلعت من جذورها، في غلاف مستوطنات غزة، وهو ما سارع إليه الإعلام الإسرائيلي وساسة تل أبيب، بالحديث عن داعش، و11 سبتمبر، في انتظار، ما ستجود به هوليوود، وقنوات التلفزيون، ونتفليكس، وغيرها، من إنتاجات لن تزول آثارها المدمرة على العرب والفلسطينيين، قبل قرون.
إن نتانياهو، وحماس، اليوم، شريكان في جريمة واحدة، ولكنهما أيضاً، ربما وضعا معاً أسس خطة جديدة للتعامل، مع الشرق الأوسط، بقبر حل الدولتين، نهائياً، أو حل الدولة الواحدة اليهودية، مع كانتونات عربية دائرة في فلكها كما كان الأمر في جنوب إفريقيا زمن الفصل العنصري، لتعود للواجهة، الأفكار التي كانت مطروحة زمن أوسلو، وحتى قبل ذلك بكثير، حل الدولة الفدرالية، أو ثنائية القومية، عربية إسرائيلية، في تذكير، من القبر، بتنظيرات القذافي الشهيرة عن "إسراطين"، وغيرها من المشاريع التي لم يكتب لها يوماً  أن ترى النور.
اليوم، وبعد هجوم السبت، سيدفع نتانياهو ثمن مأساته العائلية والنفسية، وستدفع حماس ثمن تضحيتها بالفلسطينيين في غزة، وستظهر في الشرق الأوسط قيادات ووجوه جديدة.

وفي إسرائيل يرجح أن تظهر قيادة يمينية متشددة جديدة، من رحم حكومة نتانياهو المتطرفة، ولكنها حكومة قادرة على التلون وفق ما تقتضيه البراغماتية، بعد أن انهارت أسطورة القبضة الحديدية، وكسر الإرادة للسيادة، وهو ما فعله بيغن نفسه، الإرهابي السابق الذي كان مطلوباً لدى بريطانيا في عهد الانتداب، أو رابين بعده، الذي كان يأمر بكسر عظام الفلسطينيين في زمن الانتفاضة الأولى، قبل التراجع وتغير المسار إلى أوسلو، وحتى قبل ذلك بكثير،  بن غوريون نفسه الذي كان يطالب بكل فلسطين قبل أن يتراجع بدافع الضرورة والبراغماتية و ييقبل بقرار التقسيم.
وفي المعسكر الفلسطيني، ستظهر بعد هدوء غبار المعارك، وجفاف شلالات الدماء، قيادات سترفع غصن الزيتون مجدداً، لتقطع نصف خطوة بعيداً إلى الأمام عن أوهام الوطن البديل، والبلد البديل، والخلافة، وغيرها من مشاريع العمائم، لتقيم وطناً جديداً، يضمن الحياة لا الموت، ويضمن التعاون والتواصل لا الأحزمة الناسفة، أو اختطاف الرهائن.

فعلاً إنه شرق أوسط جديد، في الأفق، لننتظر هدوء العاصفة، وإن غداً لناظره قريب.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: غزة وإسرائيل زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الفلسطینیین فی الشرق الأوسط فی إسرائیل فی الضفة الذی کان فی غزة

إقرأ أيضاً:

مصر: استمرار تعنت نتانياهو عقبة أمام جهود الهدنة

نقلت قناة " القاهرة الإخبارية"، مساء اليوم الجمعة، عن مصدر مصري رفيع المستوى قوله إن "تعنت" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يظل "عقبة أمام أي جهود للهدنة وإقرار السلام".

وأضاف المصدر الذي لم تكشف القناة النقاب عن هويته أن "استمرار الفشل العسكري والسياسي الإسرائيلي يدفع حكومة نتانياهو لمزيد من التعنت وإفشال جهود الوسطاء للتغطية على إخفاقها".

وكانت القناة قد نقلت أمس الخميس عمن وصفته بمصدر مصري رفيع المستوى، قوله إن تصريحات نتانياهو "تفتقد الواقعية، ويسعى من خلالها إلى تحميل الدول الأخرى مسؤولية فشله في تحقيق أهدافه في قطاع غزة الذي شهد إبادة جماعية".

مصدر رفيع المستوى: يظل تعنت #نتنياهو عقبة أمام أي جهود للهدنة وإقرار السلام بغزة#خالد_عاشور #القاهرة_الإخبارية #تضامنا_مع_فلسطين#من_غزة_هنا_القاهرة#غزة #فلسطين pic.twitter.com/cUOH1sD7aV

— القاهرة الإخبارية - AlQahera News (@Alqaheranewstv) September 6, 2024

وأوضح المصدر، في تصريحات خاصة للقناة أمس، أن الأشهر الماضية "أثبتت أن نتانياهو لا يهمه عودة المحتجزين الإسرائيليين أحياء طالما ذلك يتعارض مع أهدافه ومصالحه الشخصية".

وكان نتانياهو صرح أول أمس الأربعاء في مؤتمر صحافي، مخاطباً الإسرائيليين: "إذا اردتم تحرير الرهائن، فأنتم بحاجة للسيطرة على محور فيلادلفيا" بين قطاع غزة ومصر لمنع تهريب أسلحة لحماس عبر الانفاق على جانبي الحدود".

وأضاف أن "إسرائيل قد توافق على مغادرة محور فيلادلفيا ضمن أطر وقف إطلاق النار الدائم الذي سيتم مناقشته في المرحلة الثانية من صفقة الرهائن، ولكن ليس في المرحلة الأولى".

وتابع: "الشروط التي سنطرحها بشأن وقف إطلاق النار الدائم يجب أن تشمل وضعاً لا يمكن فيه اختراق محور فيلادلفيا".

تقرير: رسائل نتانياهو تنسف آمال الهدنة في غزةhttps://t.co/O3U20HVTl1 pic.twitter.com/MAGxkr90Ux

— 24.ae (@20fourMedia) September 6, 2024

ونفت مصر مراراً على لسان مصدر رفيع المستوى ما تتداوله وسائل إعلام إسرائيلية حول وجود أنفاق عاملة بينها وبين قطاع غزة.

وشدد المصدر لـ "القاهرة الإخبارية"، أمس على أن ما يتردد هو "هروب إسرائيل من إخفاقها في القطاع"، مؤكداً أن "فشل إسرائيل في تحقيق إنجاز بغزة يدفعها لبث ادعاءات حول وجود أنفاق لتبرير استمرار عدوانها على القطاع".

مقالات مشابهة

  • نتانياهو القائد الأعلى الجديد للشرق الأوسط !
  • نتانياهو يأمر الجيش بالاستعداد للحرب مع حزب الله
  • يوم صعب.. نتانياهو يعلّق على إطلاق النار في اللنبي
  • نجل نتانياهو يفاخر بتصفية والده لقادة حماس
  • اتفاق غزة العالق بين نتانياهو والسنوار
  • مساهمة بايدن غير المقصودة في الرعب الذي يتكشف في غزة
  • خطاب نتانياهو البائس
  • الرشق: المتضامنة الأميركية قُتلت بذات الرصاص الذي يقتل به شعبنا
  • مصر: استمرار تعنت نتانياهو عقبة أمام جهود الهدنة
  • نيوزويك: نتانياهو يتمسك بالسلطة على حساب الرهائن