الحرب على غزة بين مقدمات الإبادة الجماعية والصمت الدولي
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
يعيش قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 علي وقع أصوات القذائف والقصف الجوي المميت الذي استخدمت فيه قوات الاحتلال الاسرائيلي قنابل ذات قوة تدميرية واسعة، تحظي بقدرة علي تدمير مبان شاهقة مكونة من عدة طوابق، وهو ما كان تأثيره فادحًا علي السكان والبنية التحتية المدنية بما في ذلك المستشفيات والمدارس ودور العبادة وحتي بعض المرافق التابعة للأمم المتحدة، هذا بالإضافة إلي نية إسرائيل لاجتياح بري لقطاع غزة خلال الساعات القادمة، ردًا علي إطلاق فصائل فلسطينية يوم السبت الماضي عملية “طوفان الأقصى” والتي تم من خلالها استهداف إسرائيل بعدة آلاف من الصواريخ من قطاع غزة، كما نفذت الفصائل الفلسطينية عمليات نوعية في العمق الإسرائيلي.
كما دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنامين نتنياهو الفلسطينيين إلى مغادرة غزة مهددا بتدمير حركة “حماس” وتحويل غزة إلى خراب. ومن جانبه أمر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بضرورة فرض حصار كامل على قطاع غزة قائلا “إنه لن يكون هناك كهرباء ولا غذاء”.
أن التصرفات الإسرائيلية التي تحرم الفلسطينيين في قطاع غزة من وسائل عيشهم، من الغذاء والمياه والكهرباء، تشكل جريمة حرب وإبادة جماعية بحق الفلسطينيين حيث تعرض حياة 2.2 مليون فلسطيني لخطر التجويع، وهي جريمة ضد الإنسانية. فعندما يتحول التجويع إلى وسيلة لإخضاع ساكنة قطاع غزة عبر فرض أحوال معيشية صعبة تؤدي إلى هلاكها جزئيا أو كليا، بواسطة حرمانها من الأساسيات كالغذاء والدواء والكهرباء والمياه، للبقاء على قيد الحياة. مع وجود نية خاصة لتدمير تلك الفئة من السكان المحمية بموجب اتفاقية منع وقمع الإبادة الجماعية للعام 1948، والتي يستدل عليها من تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين من قبيل (سكان غزة حيوانات بشرية على شاكلة التوتسي مجرد صراصير يستحقون الموت كما كان يصفهم اعلام الهوتو برواندا). فإن الامر إذا، يتعلق بمقدمات جريمة الإبادة الجماعية لساكنة القطاع المحاصرة بسجن كبير اسمه غزة (على غرار معتقلات النازية اشويتفز، سوبيبور،…) فحتي اجبار سكان غزة على المغادرة او مواجهة الموت، يعد تطهيرا قوميا لجزء من الشعب الفلسطيني. فإبادة الأرمن مطلع القرن العشرين كانت تطهيراً عرقيا أي مزيجا بين القتل المنظم الواسع والإجبار على المغادرة، أي أن تغادر مجال جغرافي محدد أو ستواجه الموت.
الغريب في الأمر إن كل هذه الجرائم تتم في ظل قبول واسع من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، والتي خرجت لتدين ما فعلته الفصائل الفلسطينية متجاهلة الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين منذ عام 1948، متناسية القرارات الأممية والاتفاقيات الدولية التي تمنح الشعوب الواقعة تحت الاحتلال حق المقاومة حتى تقرير مصيرها، ومنها قرارات الجمعية العامة رقم 1514 لسن 1960 والقرار 3246 لسنة 1974.
كما يتعارض استهداف المدنيين بشكل مميت كما تفعل قوات الاحتلال مع المواد 50 و 51 من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1977 وهي المواد التي تحظر بشكل واضح الهجوم على المدنيين، وتمثل المادة 50 علي وجه التحديد قاعدة عامة يجب تنفيذها من قبل جميع الحكومات بما في ذلك الدول الأعضاء وغير الأعضاء في البروتوكول وهو ما لم تمتثل اليه قوات الاحتلال. كما إن الاستهداف العشوائي للمدنيين يمثل انتهاك للحق في الحياة وهو اسمي الحقوق الواردة في القانون الدولي لحقوق الإنسان والذي ينطبق في حالتي الحرب والسلم معًا. حيث تحظر المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان انتهاك الحق في الحياة لكن اسرائيل تتنصل من تنفيذ مواد الإعلان، كما يتعارض انتهاك الحق في الحياة مع المادة السادسة من العهد الدولي لحقوق الإنسان والتي صادقت عليه إسرائيل في 3 أكتوبر 1991.
وفي الأخير نؤكد بأنه طالما ظلت إسرائيل محصنة ضد المساءلة والعقاب، لن يسفر ذلك إلا عن استمرار هذه الجرائم والانتهاكات المتصاعدة، وسنشهد مزيدا من القمع وإراقة لدماء المدنيين.
دكتوراه في العلوم السياسية – جامعة القاهرة
للتواصل مع الكاتب: [email protected]
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: قوات الاحتلال قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
البديوي: وقف قوات الاحتلال الاسرائيلي لدخول المساعدات إلى قطاع غزة يخالف جميع المواثيق والقوانين الدولية
اعرب معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الاستاذ جاسم محمد البديوي، عن إدانته واستنكاره الشديدين لقيام قوات الاحتلال الاسرائيلي بمنع دخول المساعدات الانسانية والاغاثية إلى قطاع غزة، عادًا ذلك انتهاك صارخ للمواثيق والقوانين الدولية كافة، ولا سيما القانون الدولي الانساني، الذي يكفل توفير الاحتياجات الاساسية للمدنيين في مناطق النزاع.
واكد معاليه ان هذه الاجراءات غير القانونية تعمّق الازمة الانسانية التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتفاقم معاناتهم المستمرة نتيجة هذه الاجراءات الخطيرة لقوات الاحتلال الاسرائيلي، وطالب معاليه المجتمع الدولي، بالتدخل الفوري والضغط على قوات الاحتلال لرفع القيود الجائرة المفروضة على المساعدات، والعمل على ضمان وصول الاغاثة العاجلة لتلبية الاحتياجات الا?ساسية للشعب الفلسطيني، وبالاخص خلال شهر رمضان.
وجدد معالي الامين العام، الموقف الثابت لدول مجلس التعاون، في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى راسها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لمبادرات السلام والقرارات الدولية ذات الصلة.