بالشوكولاتة ومعجون الأسنان.. وسائل الموساد لاغتيال الفلسطينيين
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
منذ ما يصل إلى 80 عاما، تحدث العديد من الصراعات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ كما يتدخل الموساد الإسرائيلي في هذه المواجهات عندما يتطلب الأمر المزيد من المراوغة والتخفي.
ولأن عملية طوفان الأقصى مازالت مستمرة، ذكرت صحيفة ديلي ستار البريطانية أن إسرائيل تحاول الآن إنقاذ رهائنها والتأكد من عدم وجود عناصر من حركة حماس داخلها.
استطاعت هذه الوكالة فائقة السرية القيام بعدد من الاغتيالات الأكثر غرابة في التاريخ، أشهرها هو اغتيال وديع حداد أحد مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومسئولًا عن تخطيط وتنفيذ العديد من عمليات اختطاف الطائرات التي شاركت فيها شركة الطيران الإسرائيلية من أبرزها عمليات اختطاف الطائرات في عنتيبي في يونيو 1976، والتي شهدت احتجاز 248 راكبًا كرهائن وقتل شخص واحد وإصابة 5 أشخاص. بحسب صحيفة ديلي ستار البريطانية.
استغل الموساد حب حداد للشوكولاتة واستطاع اغتياله بها عام 1978. ووفقًا لكتاب الصحفي الإسرائيلي آرون كلاين لعام 2006 بعنوان "Striking Back"، تناول حداد علبة من الشوكولاتة البلجيكية المغلفة بسم بطيء المفعول وغير قابل للاكتشاف.
ليس هذا فقط، بل وضع الموساد السم في معجون أسنانه أيضًا حيث استطاع بطريقة ما من الوصول إلى منزله، واستبدل معجون أسنانه العادي بأنبوب مماثل المظهر يحتوي على مادة سامة ضارة طورها المعهد الإسرائيلي للأبحاث البيولوجية. وهذا يعني أنه في كل مرة يأكل فيها الشوكولاتة أو ينظف أسنانه، تدخل كمية صغيرة من السم إلى مجرى الدم، مما يتسبب في موته ببطء شديد جدًا.
الاغتيال بالقنابل
من بين عمليات اغتيال الموساد الشهيرة أيضًا هي اغتيال محمود الهمشري الذي كان يمثل منظمة التحرير الفلسطينية في فرنسا بعد أشهر من مذبحة ميونيخ التي قام فيها الفلسطينيين بقتل 12 من أعضاء الفريق الإسرائيلي للألعاب الأولمبية الصيفية عام 1972.
تم ذلك عن طريق صحفي إيطالي طلب إجراء مقابلة صحفية مع الهمشري وبالفعل ذهب إليه في منزله، وبطريقة ما دخل عملاء الموساد إلى المنزل وركبوا قنبلة أسفل هاتف مكتبه، ثم رتب الصحفي الذي كان في الأصل عميلًا للموساد للاتصال به فيما بعد.
رد الهمشري على الاتصال وبالتالي تم تفجير القنبلة بعد أن أرسل الموساد إشارة تفجير عبر خط الهاتف. أسفر عن ذلك إصابة محمود الهمشري بجروح قاتلة، لكنه عاش فترة كافية ليخبر المحققين بما حدث قبل أن يموت في المستشفى بعد بضعة أسابيع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الفلسطينيين الإسرائيليين الموساد طوفان الأقصى الاغتيال وديع حداد
إقرأ أيضاً:
إطلالة الشرع..وكؤوس السم
نادراً ما تتّجه الأنظار المحلية والإقليمية والدولية إلى رجلٍ واحد. هذا يحدث فقط عند المنعطفات الكبرى. ليس بسيطاً على الإطلاق أن يطلَّ شاب أربعيني من ساحة المسجد الأموي في دمشقَ ليطويَ صفحةَ ما يزيد عن نصف قرن من حكم عائلة الأسد. اقتلاع البعث السوري بأيدٍ سورية حدثٌ قد يفوق في تداعياته ما رتَّبه على العراق والمنطقة اقتلاعُ تمثال نظام صدام حسين على يد الغزو الأمريكي.
كان المشهد هائلاً أو رهيباً. أحمدُ الشرع في باحة المسجد الأموي وبشارُ الأسد افتتح تقاعدَه في المنفى الروسي. ضاعف الإثارة أن الشرعَ ليس رجلاً مجهولاً. عرفه العالم من قبل بكنيته أبو محمد الجولاني. كان الرجل مطلوباً وتابع كثيرون أخبار رحلته مع أبو مصعب الزرقاوي وأبو بكر البغدادي وافتراقه عنهما في محطات لها رنةٌ كبرى تحت عناوين القاعدة وداعش والنصرة وصولاً إلى هيئة تحرير الشام.
ومن حقّ السوريين وأهلِ المنطقة والعالم أن يسألوا عمَّا يدور في مخيّلة الرجل وأوردةِ رأسه. أولُ الأسئلة ماذا يريد الشرع وهل تبديلُ الزِّي يعكس تغييراً في القاموس ومفرداته؟ أي سوريا يريد؟ وهل يستطيع إدارةَ غابة البنادق التي حملته إلى دمشقَ ومنحته لقب «الرجل القوي» في سوريا ربَّما بانتظار الألقاب المقبلة؟ هل يستطيع منعَ جموح رفاق له يبحثون عن حرب هنا أو انغماس هناك؟ هل تغيَّرت هيئة تحرير الشام أثناء كمونِها على مدى سنوات في معقل إدلب؟ وهل باتت مستعدةً للتصالح مع حقائق التركيبة السورية والموازين الإقليمية والشروط الدولية؟ وثمة من يعتقد أنَّ سوريا تستطيع مرافقة أحمد الشرع بنسخته الجديدة لكنَّها لا تستطيع الإقامة في ظل النسخة التي كانَ يمثلها أبو محمد الجولاني.
أسئلة. أسئلة. أسئلة. هل تتوفر حالياً شروطُ قيامِ سوريا المبنيةِ على المواطنة والمؤسسات؟ سوريا التي تعيش في ظلّ دستور يحترم التعدديةَ وحق الاختلاف. سوريا المبنية على القانون والعدالة بلا انتقام أو تصفية حسابات. ماذا عن السُّنة والعلويين والدروز والمسيحيين، وماذا عن العرب والأكراد؟ وماذا عن حقوقِ الإنسان وحقوق المرأة والحرياتِ الشخصية ومناهج التعليم؟ سوريا موحدة تهجسُ بمكافحة الفقر والالتحاق بقطار التَّنمية والتقدم. سوريا التي تعيش داخل حدودِها من دون أوهام دور إقليمي اقتحامي وتصدير نموذج لا يريده جيرانُها. وما علاقة سوريا بالحاضنة العربيةِ ومع إيران وتركيا وما هو موقفها من إسرائيل؟ أرسلَ الشرع رسائلَ تطمينية لكنَّها تحتاج إلى عبارات أوضح ومفردات أكثر صراحة.
أطل الشرع من ساحة الأمويين فاكتملت ملامحُ الزلزال. سوريا بلا الأسد. وبلا إيران. وبلا حزب الله. أرغم محور الممانعة على سلوك طريق التقاعد، على الأقل في الوقت الحاضر. طريق طهران بيروت التي أنفق قاسم سليماني دماً وملياراتٍ وسنوات لتعبيدها قُطعت على نحوٍ محكم. أعادَ سقوط الأسد حزب الله إلى الخريطة اللبنانية وها هو زعيمه يعترف بخسارةِ طريق الإمداد وهي كانت طريق دوره الإقليمي. إنَّنا أمام سوريا أخرى ولبنان آخر.
دقَّت إطلالة الشرع جرسَ الإنذار في العواصم القريبة. سوريا مربوطة بشرايين المنطقة ومستقبلها يمسُّ الأمنَ والاستقرار والتوازنات. خشيت بغداد أن يثيرَ انقلاب المعادلات في سوريا شهيةَ من يحنون إلى قلب المعادلات في العراق. خشيت عمّان أن تكونَ سوريا على أبواب مواعيد شائكة فعبَّر لقاء العقبة عن رغبةٍ عربية ودولية في احتضان «عملية سياسية جامعة» تفضي إلى سوريا تتَّسع لكل مكوناتها. الجمهورية اللبنانية المقطوعة الرأس عاودتِ البحثَ عن رئيس وهي تتساءل عمَّا إذا كان «حزب الله» استوعبَ "الدرس المرير الذي يجب أن نتعلَّم منه"، على حد قول قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي.
لإطلالة الشرع نكهةٌ إقليميةٌ صريحة. لم تُخفِ تركيا دورَها في إطاحة الأسد الذي رفضَ دعوات متكررةً لمصافحة رجب طيب إردوغان. بدا واضحاً أنَّ الزعيم التركي لعب دوراً حاسماً في إقناع روسيا وإيران بتجرّع كأسِ السُّم. تنازلت روسيا عن الرجل الذي تدخلت عسكرياً لإنقاذه. وتنازلت إيران عن المعبرِ السوري إلى لبنان. لعبت إيرانُ دورَ المرشد في عهد الأسد. وقد تلعب تركيا دورَ المرشد في عهد الشرع. لكن لا بد من الانتظار لمعرفة ما وفَّره إردوغان من ضمانات وضمَّادات لروسيا وإيران في مقابل تنازلهما عن دعم الأسد.
بعد رحيل الأسد تصرَّفت إسرائيلُ بعدوانية صارخة. دمَّرت آخرَ قدرات الجيش السوري. بدا أنها تتوقَّع أن تكونَ سوريا الجديدة مصدراً للأخطار لا للاستقرار وتعاملت مع إطلالة الشَّرع كأنَّها مجردُ إطلالة للجولاني. هل ستتولى تركيا رعايةَ بناء الجيش السوري الجديد وتسليحه؟ وهل تقبل إسرائيل بأن ترابطَ تركيا عند حدودها بعدما خاضت حرباً طويلة لإبعاد إيران عن هذه الحدود؟ وهل تقبل إيرانُ بالأرجحية الإقليمية للدور التركي أم تراهن على انتكاسِ الوضع السوري الجديد للتسرب إليه؟
لم يذرفِ العالمُ دمعةً على جمهورية الكبتاغون. أهوالُ الظلمِ والقتل والتعذيب في سجن صيدنايا لم تترك مجالاً لأي أسف. مشهدُ مكبسِ الجثث على الشاشات هزمَ مخيلاتِ أفضل كتاب روايات القسوة. سيستفيد الوضعُ الجديد في سوريا من هذه الإداناتِ السوريةِ والعربية والدولية لماراثون الوحشية الذي قادَه جلاوزةُ الأمنِ وأقام طويلاً. لكن المستقبل أهم من الماضي وستكشف الشهور المقبلة إذا كانت سوريا فتحتِ النافذةَ على المستقبل.
وزعت إطلالةُ الشرع كؤوسَ السّمِ على النّظام وحلفائه ويبقى الأهم إبعادُ سوريا عن كؤوس الفوضى والعنف والإرهاب والاحتراب الأهلي بين المكونات.