حالات وطنية وإنسانية واجتماعية في حياة الشاعر نزار قباني ضمن ندوة بثقافي كفرسوسة
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
دمشق-سانا
تضمنت الندوة التي أقامها المركز الثقافي في كفرسوسة، بمناسبة مرور مئة عام على ولادة الشاعر نزار قباني بعنوان “نزار قباني قمر دمشق” الحديث عن الحالات الوطنية والإنسانية والاجتماعية في حياته، وذلك بمشاركة عدد من الباحثين والأدباء والنقاد.
وتخلل الندوة عرض فيلم وثائقي قدمته مديرية الثقافة بدمشق سلط الضوء على حياة الشاعر الراحل، والمراحل التي مر بها إضافة لقراءة بعض النصوص الشعرية التي جمعت من حواراته ونشاطاته الثقافية.
بدوره ألقى الباحث الدكتور أنور وردة عدداً من نصوص الشاعر نزار قباني انتقاها وفق انطباعاته الخاصة، وكانت تمثل غالباً القصة الشعرية في حياة نزار قباني، والتي عكس فيها تداعيات المرأة وواقعها الاجتماعي.
وألقى الشاعر قاسم فرحات قصيدة بعنوان “حنظلة” أسقطها على لوحة حنظلة للفنان الشهيد ناجي العلي عبر فيها عن شقاء الطفل الفلسطيني بأسلوب دلالي وضرورة النضال حتى النصر والتحرير بعاطفة صادقة وإصرار على المقاومة وجاء فيها:
حَنظلة ..
طفلٌ بطولِ السُّنبلهْ! ..
مُتسربِلٌ بردائهِ المثقوبِ
مثلَ زمانِنا ومُطوَّقٌ بالأسئلهْ! ..
هو ابن مملكةِ البياضِ ..
مُحدِّقٌ ويداهُ غافيتانِ خلفَ الظهرِ! ..
لا صمتٌ! .. ولا صوتٌ! ..
يسافرُ في دروبِ المَهزلهْ..
هُوَ حَنْظَلَهْ .. ما أجمَلهْ.
وفي قصيدتها عبرت الشاعرة نوار الشاطر عن حبها الكبير لدمشق التي تحملت كثيراً من الهموم والأعباء، كونها رمزاً للنضال والمحبة والنقاء وذلك بأسلوب عاطفي حديث فقالت:
“دمشق….
سيدة المدن .. ملامح الياسمين ..
في حنايا القلب.. ترفرف الدموع ..
في ذاكرة؛ أنهكها البكاء
وصلبها الشوق في حقول الحلم”.
على حين قدم الناقد والشاعر الدكتور نزار هنيدي قراءة نقدية في شعر نزار قباني جاءت مختلفة عن كل القراءات، وتضمنت أساليب نزار الإبداعية وكتابته للقصيدة القصيرة جداً بشكل استطاع أن يختصر فيها عواطفه المتأثرة بما أحس به، وافتتح فيها أغلب دواوينه الشعرية.
وركز هنيدي على الأدوات التي استخدمها قباني في كتاباته الشعرية والمراحل التي مرت بها قصيدته، مقارناً بين المستويات النصية في مراحل شعره بأسلوب غير مطروق نهائياً في الكتابة عنه، وذلك وفق منهج تطبيقي مستخدماً الشواهد المناسبة لكل ما طرحه.
وألقى هنيدي قصيدة شعرية بعنوان “تلويحة في وداع شاعر” رثى فيها الشاعر قباني، ووصف تعامله الشعري في البيئة والمجتمع والمراحل التي بدأها وتوفي قبل أن يكملها، وذلك بشكل وجداني وإنساني وعاطفي وصادق فقال:
“لم يكمل بعد قصيدته فدعوه..
لم يطو شراع الحرف هلا تبكوه..
مازال النور يكلله..
مازال الورد يسير إليه..
مازالت أسراب الأحلام تعشش في عينيه”.
في حين بينت رئيسة المركز إيلزا قاسة أن استذكار الشاعر نزار قباني ضروري، لأنه شاعر على مستوى التاريخ، ولم يساوم في شعره أي عدو أو محتل، كما تناول كثيراً من القضايا الإنسانية، وخاصة فيما يخص المرأة.
وعن الفيلم الوثائقي أشارت مديرة ثقافة دمشق نعيمة سليمان في تصريح لها إلى أن الغاية من الفيلم هو توثيق لأهم ما قاله نزار بصوته وصورته والمراحل التي مر بها، وإصراره على الصدق والوفاء للحالة التي يعيشها.
محمد خالد الخضر
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: الشاعر نزار قبانی
إقرأ أيضاً:
نجم سعد السعود
لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمينها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.
واليوم نتحدث عن نجم ارتبط بالتفاؤل والسعادة عند العرب، حتى أنهم أسموه سعد السعود، وهو نجم ثلاثي يقع في الكوكبة النجمية الشهيرة التي تسمى "الدلو"، وقد ارتبط نجم سعد السعود بالخير والبركة، فقد كان ظهوره يشير إلى اقتراب موسم الحرث والزراعة، وكانوا يرتبطون به للتنبؤ بمواعيد الأمطار وزيادة الخصب في الأرض، كما كانوا يقيسون فترات النضوج الزراعي على أساس تطورات ظهور هذا النجم، خاصة في زراعة الحبوب مثل القمح والشعير.
أما عن خصائصه الفلكية فهذا النجم يبعد عن الأرض حوالي 60 سنة ضوئية، وهذا النجم العظيم يفوق حجم قطره 2200 ضعف من قطر الشمس، أما من حيث الحرارة فهو يقترب من حرارة شمسنا فدرجة حرارة سطحه تقدر بحوالي 5,500 درجة مئوية.
وقد ورد هذا النجم في كتب الأنواء العربية فهذا ابن قتيبة الدينوري يذكره في كتابه الأنواء في مواسم العرب فيقول: "وقيل له سعد السعود لتيّمنهم به، وطلوعه لاثنتى عشرة ليلة تمضى من شباط، وسقوطه لأربع عشرة تمضى من آب يقول ساجع العرب: "إذا طلع سعد السعود، نضر العود، ولانت الجلود، وذاب كل محمود، وكره الناس فى الشمس القعود" "نضر العود" يريد أن الماء قد جرى فيه قبل ذلك، فصار ناضرا غضّا و "تلين الجلود" بذهاب يبس الشتاء وقحله".
وقد ذكر هذا النجم وتم الاستشهاد به كثرا في الشعر العماني والشعر العربي، فيكاد ذكره في الشعر العربي من حيث الكثرة ينافس ذكر "الثريا" فهذا الشاعر العماني الحبسي يقول في مدح أحدهم:
لا زال قدرُك يسمو
فوَيقَ كلِّ السيُود
حتى حللْتَ من المج
دِ حيثُ سعدُ السعودِ
وأما الشاعر العماني اللواح الخروصي فيصف هذا النجم بقوله:
سعد السعود طلوعه بطلوعه
وعلى سوايَ طلوع سعد الذابح
سعرت سموم دبوره غير وإِن
أَهدى لنا منه نسيم البارح
ونجد الشاعر السمائلي المشهور أبو الصوفي يصف فتاة حسناء فيقول:
وزهتْ عروسُ البِشْر تَحْتَ بهائها
فتُخال من فَرْطِ الدَّلالِ رَداحا
خلعتْ ليالي الدهرِ حُلةَ نَسْجِها
وتلبَّست سعدَ السعود وِشاحا
في حين لو ذهبنا إلى ديوان شاعر الفخر والحماسة سليمان النبهاني لوجدنا لا ينفك عن افتخاره بنفسه في مقارنة نجمية بين نجم سعد السعود ونجم سعد الذابح فيقول:
أنا خيرُ من رَكبَ الجيادَ وخير من
حملَ النَّجادَ إذاً تنوب جَوائحُ
سعدُ السعودِ عَلى العُفاةِ وأنني
لعَلي طُغاة القوْم سعدٌ ذابحُ
وهذا الشاعر العماني ابن رزيق يصف أحد ممدوحيه بأنه نجم السعد: فيقول:
فلا يدورُ على آفاقنا فلك
نعدُّه بوجودِ السعدِ منحوسا
لا زالتِ الناسُ في أمرٍ وفي سعةٍ
تُهَلِّلُ اللهَ تسبيحاً وتقديسا
في حين لو ذهبنا إلى الشاعر هلال بن سعيد بن عرابة العماني لوجدناه ينحى منحا مختلفا في ذكر هذا النجم، فهو يصف مكانا قد أقفرته يد البلى وأصبح خاليا فقال في وصفه أنه غرب نجم سعوده فقال:
مَحَلٌ بمسيالِ النُّجَيْدِ دَريسُ
تَكَرّسَ لا حِسّ بهِ وأنيسُ
وقد غَرَبتْ منه سعودٌ وأشرقَتْ
عليه نجومٌ تحتويها نحوسُ
ونجد الشاعر الغشري يذكرا هذا النجم في معرض افتخاره بأهل عمان فقال:
قل للأعاجم أن ينجوا بأنفسهم
من قبل قتل وهتك قاصم الركب
فإنّ سعدهم ولّى وإنْ قربت
سعود أهل عمان غير منقلب
كما أن الشاعر موسى بن حسين بن شوال ذكر هذا النجم في قصيدة له يمدح فيها أحدهم فيقول:
فَهذا على الإِقبالِ بنتُ العلا أتت
وأَنت لَها دونَ البريّة خاطبُ
أَتتكَ وَنجمُ السعدِ بالسعد طالعٌ
عَليك وَنجمُ النحسِ بالنحس غاربُ