تستخدم وسائل الإعلام الأميركية الرئيسية كلمة "رهائن" لوصف كل إسرائيلي أسره مقاتلو حماس في هجومهم الأخير على غلاف غزة ويشكل تحليل هذا الاستخدام وسيلة جيدة للتعريف بالكيفية التي يشوه بها هذا الإعلام الأزمة الحالية.

هذا ما لاحظه موقع موندويس الإخباري الأميركي، مبرزا أولا أن المعتقلين من الجنود الإسرائيليين ينبغي أن يطلق عليهم "أسرى حرب"، خاصة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن الحرب فعليا على غزة.

أما المعتقلون الآخرون فهم مدنيون والوصف المناسب في حالهم هو بالفعل: "الرهائن".

غير أن الكاتب بالموقع جيمس نورث حث القارئ على الانتباه إلى أن هذا الصراع لم يبدأ في الساعة 6:30 صباح يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بل إن إسرائيل تحتل كلا من الضفة الغربية وقطاع غزة منذ ما يقرب من 60 عاما، وخلال هذه الفترة اعتقلت وسجنت مئات الآلاف من الفلسطينيين، وغالبا ما يكون ذلك دون حتى محاكمات صورية.

وفي هذا السياق، يورد نورث ما جاء في رواية: "يوم في حياة عبد سلامة" التي كتبها ناثان ثرال، وسلط من خلالها الضوء على الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين من خلال مأساة عائلة واحدة.

ويقول إنه ذكر في كتابه "المثير للإعجاب" الصادر حديثا، أن الاحتلال الإسرائيلي اعتقل ما بين 1967 و1993 حوالي 700 ألف رجل وصبي فلسطيني في الضفة الغربية، أي ما يقرب من 40% من إجمالي سكان هذه المنطقة.

وأضاف الكاتب أن الإسرائيليين مستمرون اليوم في اعتقال الفلسطينيين، واحتجازهم لفترات طويلة دون أي شيء يشبه المحاكمة العادلة، لكن لا يبدو أن تيار الإعلام الرئيسي في الولايات المتحدة يصف هؤلاء الفلسطينيين بأنهم "رهائن".


معايير مزدوجة

وأوضح نورث أن المعايير المزدوجة تكشف اللعبة التي تمارسها وسائل الإعلام الأميركية حول كيفية تشويه الأزمة، وذلك من خلال تحريف التقارير باستخدام لغة أحادية الجانب في إطار متحيز، والأهم من ذلك أنها تتجاهل أي جزء من التاريخ في إسرائيل/فلسطين، بحيث يبدو الهجوم من غزة وكأنه موجة غير مبررة من العنف وكراهية اليهود.

على الأقل، تطلق صحيفتا نيويورك تايمز وواشنطن بوست على الفلسطينيين المسلحين من غزة لقب "المسلحين". لكن الكثير من قنوات "سي إن إن"، وبعض قنوات "إم إس إن بي سي"، وبالطبع "فوكس نيوز"، تصفهم بأنهم "إرهابيون".

وهناك تحيز لغوي أكثر دقة، فقد أشار أحد المراقبين، جيف شارليت، على تويتر إلى أن شبكة "سي إن إن" تطلق بشكل روتيني على الإسرائيليين لقب "الشعب"، لكنها تشير إلى الفلسطينيين دائما على أنهم "فلسطينيون".

ومع استمرار تغطية الحرب الجديدة وخلال يومها الثاني، زاد التحيز، فقد أجرت شبكات الكابل مقابلات حصرية تقريبا مع "الضحايا" الإسرائيليين، لكنها تجاهلت الفلسطينيين تقريبا.

كما عرضت "سي إن إن" خريطة لفلسطين وإسرائيل طوال نهاية الأسبوع ذات خلفية تعكس ألوان العلم الإسرائيلي، مما يعكس مثالا آخر على انحراف وسائل الإعلام الأميركية، كما أظهرت تلك الخريطة الضفة الغربية المحتلة بأكملها على أنها "تحت السيطرة الفلسطينية"، وهو ما من شأنه أن يمثل مفاجأة للفلسطينيين الذين يضطرون كل يوم إلى المرور عبر نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية.

وفضلا عن ذلك تجاهلت وسائل الإعلام الأميركية الرئيسية الحديث عن الأسباب التي جعلت حماس تشن هجوم السبت.

وعلى النقيض من ذلك، نقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية اليومية عن إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، اتهامه لإسرائيل بتدمير المسجد الأقصى، كما اتهمها بمواصلة التطهير العرقي في الضفة الغربية المحتلة، وقال "لقد حذرناهم أيضًا من الاستمرار في سياسة التغيير الديمغرافي في الضفة الغربية، وتسريع مشروع الاستيطان، إلا أنهم يواصلون مداهماتهم على المدن ومخيمات اللاجئين".

واختتم هنية "كان بإمكان إسرائيل إسكاتنا بإعطائنا الفتات، لكن الحكومة أدارت ظهرها لأي احتمال لصفقة تبادل أسرى، واستمرت في حصار القطاع".

وأوضح الكاتب أن ما قاله هنية لن تشاهده في شبكات الكابل الأميركية الرئيسية سواء اتفقت معه في النهاية أم لا، ولكن يجب أن تعرف على الأقل ما قاله.

ومن ناحية أخرى، أغفلت وسائل الإعلام الأميركية الحديث عن فشل حكومة نتنياهو الهائل في اكتشاف الهجوم الأخير، وكذلك توضيح مساهمة غطرسة ائتلاف نتنياهو اليميني المتطرف الحاكم في الكارثة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

ترامب يوقف صوت أمريكا بعد 83 من انطلاقها.. غير ضرورية

جمدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السبت، عمل الصحفيين العاملين في إذاعة "صوت أمريكا" وغيرها من وسائل الإعلام الممولة من حكومة الولايات المتحدة، ما أدى إلى وقف عمل وسائل إعلام اعتُبرت أساسية في مواجهة الإعلام الروسي والصيني.

وتلقى مئات من مراسلي وموظفي إذاعات "صوت أمريكا" و"آسيا الحرة" و"أوروبا الحرة" وغيرها من وسائل الإعلام الرسمية، رسالة إلكترونية في نهاية الأسبوع تُفيد بمنعهم من دخول مكاتبهم وإلزامهم تسليم بطاقات اعتمادهم الصحفية وهواتف العمل وغيرها من المعدات.

وأصدر ترامب الذي كان قد أوقف عمل الوكالة الأمريكية للتنمية ووزارة التعليم، الجمعة، أمرا تنفيذيا يُدرج الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي من ضمن "عناصر البيروقراطية الفدرالية التي قرر الرئيس أنها غير ضرورية".



وبعثت كاري ليك المذيعة السابقة المؤيدة لترامب التي عُيّنت مستشارة للوكالة الأمريكية للإعلام، رسالة إلكترونية إلى وسائل الإعلام التي تُشرف عليها تقول فيها إن أموال المنح الفدرالية "لم تعد تُحقق أولويات الوكالة".

أما هاريسون فيلدز، المسؤول الإعلامي في البيت الأبيض، فقد كتب على منصة "إكس" كلمة "وداعا" بعشرين لغة، في سخرية لاذعة من تغطية إذاعة "صوت أمريكا" بلغات متعددة.

ووصف رئيس إذاعة "أوروبا الحرة/راديو ليبرتي" التي كان بثها موجها للاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة، إلغاء التمويل بأنه "هدية عظيمة لأعداء أمريكا".

وقال ستيفن كابوس في بيان إن "آيات الله الإيرانيين والقادة الشيوعيين الصينيين والمستبدين في موسكو ومينسك سيحتفلون بزوال إذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي بعد 75 عاما".

وأضاف: "إهداء فوز لخصومنا سيجعلهم أقوى وأمريكا أضعف".

وترى إذاعة "آسيا الحرة" التي تأسست عام 1996، أن مهمتها بث تقارير غير خاضعة للرقابة إلى البلدان التي لا توجد فيها وسائل إعلام حرة مثل الصين وبورما وكوريا الشمالية وفيتنام.

وتتمتع وسائل الإعلام الحكومية بجدار حماية يضمن استقلاليتها رغم أن تمويلها يأتي من الحكومة الأمريكية.

وهذه الاستقلالية لم ترق لترامب الذي اعتبر خلال ولايته الأولى أن وسائل الإعلام الحكومية يجب أن تروج لسياساته.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية بسبب الحرب التجارية التي أطلقها ترمب
  • ترامب يوقف صوت أمريكا بعد 83 من انطلاقها.. غير ضرورية
  • اليمن: عشرات الشهداء في الغارات الأميركية والحوثيون يتوعدون بالرد
  • "الحقيقة" الأمريكية
  • ترامب يصب جام غضبه على وسائل الإعلام وخصومه السياسيين
  • “أوتشا” يحذر من تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية
  • أبوخشيم: يجب محاسبة وسائل الإعلام التي تروج لخطاب الكراهية
  • فاسدة وغسر شرعية..ترامب يهاجم ووسائل الإعلام التي تنتقده
  • أعداء الشعب… ترامب يهاجم وسائل الإعلام ومعارضي سياساته
  • وفد من السفارة الأميركية جال في الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة