مقدمة الترجمة

نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأميركية المعروفة، التي يُصدرها مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، مقالا لـ "دانيال بيمان"، الزميل بمركز الدراسات الدولية والإستراتيجية والأستاذ بجامعة جورج تاون، و"ألِكساندر بالمر"، الباحث بمركز الدراسات الدولية والإستراتيجية. وقد تحدَّث الكاتِبان عن أسباب هجوم حماس في هذا التوقيت وكيف تنوي إسرائيل التعامل معه، والمُعضِلة التي تواجه نتنياهو الآن وخيارات الخروج منها، وهي خيارات أحلاها مُرّ على حد وصفهم بعد أن وضعته عملية حماس في موقف لا يُحسَد عليه.

في السطور التالية، نستعرض أهم ما ورد في مقال "بيمان" و"بالمر".

نص الترجمة

بينما انهمرت آلاف الصواريخ على إسرائيل وأضاءت سماء تل أبيب وغيرها من المُدن الإسرائيلية، أصبحت أولوية الدولة الآن الدفاع عن مُدُنها وقواعدها العسكرية بوجه هجمات حماس المفاجئة والفتَّاكة القادمة من قطاع غزة. ستحاول إسرائيل أن تقتلع مقاتلي الحركة، وأن تمنع المزيد من رجالها من اقتحام الحدود، وأن تُسكِت الصواريخ والقاذفات التي تسقط على سكانها. ولكن بالنظر إلى نطاق هجمات حماس الواسع والمفاجأة التي أحدثتها في إسرائيل، فإن أيًّا من تلك المهام لن يكون سهلا بالنسبة إلى تل أبيب.

وحتى لو نجحت إسرائيل في ذلك، فإنها تواجه خيارات صعبة عمَّا ينبغي عمله بعد ذلك لضمان "إضعاف حماس" وعدم تكرار هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول. إن قادة إسرائيل يحتاجون الآن إلى إعادة تأسيس الردْع في مواجهة حماس وغيرها ممن يعدُّونهم أعداء لهم، ومنع انتشار دائرة المواجهة إلى الضفة الغربية، وإدارة ملف الأسرى الإسرائيليين الذين يُنتظر تحريرهم.

مُعضِلة غزَّة الطبيعة العُمرانية الكثيفة لغزة تُمثِّل عائقا واضحا للقوات البرية الإسرائيلية، وتنطوي على إمكانية سقوط أعداد هائلة من الضحايا. (رويترز)

لعل السؤال الأبرز في إسرائيل الآن هو ما الذي ينبغي فعله بخصوص قطاع غزة. منذ سيطرت حماس على القطاع عام 2007، تجنَّبت إسرائيل أي عمليات برية واسعة النطاق رغم دعوات بعض السياسيين الإسرائيليين إلى اتخاذ قرار عسكري حاسم حين اندلع القتال بين الجانبيْن في السنوات الأخيرة. على سبيل المثال، قدَّم وزير الدفاع الإسرائيلي السابق "أفيغدور ليبرمان" استقالته احتجاجا على اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل عام 2018. بيد أن القادة العسكريين في إسرائيل دوما ما أشاروا إلى أن محاولة اجتثاث حماس من قطاع غزة ستكون صعبة، إذ إن الحركة ضاربة بجذورها هناك، وتدير المستشفيات والجوامع والمدارس والروابط الشبابية وجهاز الشرطة.

قبل الجولة الأخيرة من القتال بين الطرفيْن، قال القادة الإسرائيليون إن الضغط الاقتصادي والضربات الجوية بين الحين والآخر تُفقِد حماس توازنها باستمرار، وتجعلها غير قادرة على تجسيد خطورة كُبرى على إسرائيل. ولكن تلك النظرية فقدت وجاهتها الآن، إذ إن إسرائيل ما انفكَّت تضرب غزة بكثافة، دون أن تهتز سُلطة حماس. ورغم تعاطف الرأي العام الدولي -والأميركي على وجه الخصوص- مع إسرائيل، فإن كل يوم يمُر من القصف الإسرائيلي يؤدي إلى تآكل هذا التعاطف الدولي مع العمليات العسكرية الإسرائيلية.

على المدى القصير، يُمكن لإسرائيل أن تجني بعض المُكتسبات في حربها على حماس بإرسال جيشها من أجل احتلال جزء من قطاع غزة أو ربما القطاع كله، وذلك لأن مجرد دخولها إلى هناك يهُز سيطرة حماس على سكان غزة. وبوسع الإسرائيليين حينها أن يعتقلوا مسؤولي حماس على كل المستويات وأن يستجوبوا الفلسطينيين ويحصلوا على المعلومات، كما يُمكِنهم أيضا قتل أو أسر عدد كبير من أعضاء الحركة على المستوى الشعبي، وتدمير الأنفاق والذخائر، وتعطيل مسارات التسلُّل إلى الداخل الإسرائيلي. إن كل هذه الخطوات كفيلة بأن تُضعِف حماس وتُقلِّص خطرها على المدى القصير.

بيد أن التوغُّل البري يجلب مخاطر كبرى على تل أبيب حتى ولو نجح في إضعاف حماس. إن الطبيعة العُمرانية الكثيفة لغزة تُمثِّل عائقا واضحا للقوات البرية الإسرائيلية، وتنطوي على إمكانية سقوط أعداد هائلة من الضحايا. ففي عام 2014 مثلا، تسبَّبت عملية الجرف الصامد في مقتل 66 جنديا إسرائيليا وستة مدنيين إسرائيليين وأكثر من ألفيْ فلسطيني (معظمهم مدنيون)، رغم أن القوات الإسرائيلية لم تتوغَّل حينها أكثر من بضعة كيلومترات داخل قطاع غزة. لقد حفرت حماس أيضا الأنفاق في مواقع كثيرة داخل القطاع، ويُمكن أن تستخدمها لشن الهجمات المفاجئة وإيقاع المزيد من الأسرى من جنود الجيش، ومن ثمَّ تصبح الكارثة السياسية التي تعاني منها تل أبيب الآن كابوسا أكبر.

بوسع إسرائيل أن تجتث نفوذ حماس على المدى البعيد إن استطاعت أن تجِد فلسطينيين آخرين يضطلعون بمهمة إدارة قطاع غزة، لكنها تفتقد إلى شريك سياسي موثوق به من الجانب الفلسطيني. من جهته، لا يطيق "محمود عباس"، رئيس السلطة الفلسطينية، ورجاله حركة حماس، كما أنهم حاربوها بعُنف في الضفة الغربية، لكنهم لا يتمتَّعون بأي شرعية مُعتَبَرة في صفوف الفلسطينيين اليوم نتيجة الفساد المستشري والقيادة العجوز المنفصلة عن الناس والسنوات الطويلة من التعاون مع إسرائيل التي أفقدت السلطة ثقة الفلسطينيين فيها. علاوة على ذلك، لا يرغب قادة السلطة الفلسطينية في تولِّي السلطة في قطاع غزة من خلال الدبابات الإسرائيلية، إذ إن أمرا كهذه سينسِف ما تبقى من رصيدهم الوطني. وما يعنيه كل ذلك هو أن التوغُّل البري الذي يُسقِط حماس من السلطة سيُورِّط إسرائيل في إدارة غزة، ويُجبرها على التعامل مع وضع اقتصادي صعب وكُتلة سكانية مُعادية لها.

رغم كل هذه المشكلات، لعل قادة إسرائيل يجدون أنفسهم مُرغَمين على الدخول إلى قطاع غزة، وسيكون نطاق العملية حينها هائلا إلى حدٍّ يجعل أي عودة إلى ما قبله تبدو وكأنها نصر لحماس. وهنا تجدر الإشارة إلى أن السياسيين الإسرائيليين لديهم تاريخ من التفكير قصير الأمد، لا سيَّما في وقت تسيطر فيه المشاعر على المشهد.

هدوء في الضفة الغربية

في غضون ذلك، ستسعى إسرائيل إلى ضمان استمرار الهدوء في الضفة الغربية، لا سيَّما في حال قرَّرت التوغُّل البري داخل غزة، حيث أدت عملياتها العسكرية السابقة إلى خروج تظاهرات ضخمة في الضفة الغربية. وتعيش الضفة بالفعل وضعا متوترا على خلفية حديث مُحللين كُثُر عن احتمالية اندلاع انتفاضة ثالثة، كما شهدت المنطقة مستويات مرتفعة من العُنف عاميْ 2021 و2022 (على خلفية أحداث الشيخ جراح)، ويبدو إذن أن هذا العام في طريقه إلى أن يكون العام الأسوأ بالنسبة لإسرائيل على هذا الصعيد، حيث استُشهِد بالفعل 200 فلسطيني منذ بداية السنة على يد القوات الإسرائيلية. يُعزَى جزء من تزايد العُنف في الضفة إلى ضعف السلطة الفلسطينية عموما، غير أن توسُّع المستوطنات الإسرائيلية وعمليات طرد السكان الفلسطينيين من بيوتهم على يد المستوطنين مؤخرا فاقمت التوتر القائم جدا.

غير أن تداعيات عملية حماس ورد الفعل الإسرائيلي سيزيدان من التوتر في الضفة، لا سيَّما أن نجاح حماس يُلهِم الفلسطينيين الغاضبين الذين يريدون لإسرائيل أن تدفع ثمن سياساتها طيلة العقد الماضي. إن جولة القتال الجديدة هذا ستُشعِل المشاعر الفلسطينية لا شك، حتى لو صدَّق الإسرائيليون والمجتمع الدولي بأن حماس هي مَن بدأ بالهجوم.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأمر الذي يُحبِط تل أبيب وقدرتها على الرد هو مشكلة الأسرى. لا نعلم على وجه الدقة كم أسرت حماس، لكن الحركة تقول إنها أسرت "العشرات"، ولعل بعضهم قد هُرِّب إلى داخل غزة أو مُتحفَّظ عليه بواسطة المقاتلين الفلسطينيين داخل الأراضي الإسرائيلية نفسها. ويمنح هذا الوضع حماس نقطة قوة هائلة في حين يُمثِّل كابوسا للقادة الإسرائيليين، وخصوصا أنه ملف يخلق بطبيعته نوعا من "الدراما"، حيث يشغل عناوين الصحف الأولى باستمرار في ظل ذُعر المأسورين وعائلاتهم والرأي العام الإسرائيلي المتعاطف معهم، ما يُشكِّل ضغطا على الحكومة الإسرائيلية.

ثم إن الأسرى يُعقِّدون أيضا من العمليات العسكرية على الأرض. فمن الناحية الإستراتيجية، يُمكن لحماس بأن تُهدِّد تل أبيب بتصفية الأسرى إن توغَّل الجيش الإسرائيلي داخل القِطاع. ومن الناحية التكتيكية، يُمكِن لتوزيع الأسرى على المباني السكنية في غزة أو بين المقاتلين أن يجعل تنفيذ العمليات أصعب كثيرا مما يتصوَّر الإسرائيليون، إذ إنه ينطوي على احتمالية قتل مدنيين أو عسكريين إسرائيليين بسبب العملية العسكرية الإسرائيلية نفسها.

 

كيف ستُعيد إسرائيل إمكانية الرَدْع؟

إن واحدا من التحديات الكُبرى أمام صناع القرار في تل أبيب الآن هو قدرتهم على ردْع أعدائهم عن مهاجمتهم، وإقناع حماس وغيرها بأنهم لا يستطيعون أن يهاجموها دون دفع ثمن ضخم لا يقدرون على تحمُّله، وتكمُن المعضلة في تأسيس هذا الردع دون اللجوء إلى وسائل غير أخلاقية تجعل دعم الرأي العام الدولي والدعم الأميركي في مهب الريح. من جهة أخرى، ثمَّة قلق الآن بين المسؤولين الإسرائيليين من أن الرد العسكري إن أتى أخفَّ من اللازم سيُشجِّع حماس على تكرار عمليتها تلك، وسيجعل إسرائيل تبدو ضعيفة في نظر حزب الله وإيران وغيرهما.

إن مبدأ التكافؤ في القانون الدولي يُحتِّم على إسرائيل أن تتجنَّب إيقاع قتلى من المدنيين، وأن تُخفِّف من حِدة ردها العسكري بالتركيز على ما تمثله حماس من تهديد فقط. لكن منطق الردْع نفسه في المقابل ينطوي على إيقاع عدد غير متكافئ من القتلى في الجانب الفلسطيني، ولأن إسرائيل حساسة فيما يتعلَّق بسكانها، فإنها تنظر دوما إلى مسألة التكافؤ بوصفها خسارة فعلية لدولة الاحتلال. هذا وتفتخر الحركات المقاومة مثل حماس وحزب الله منذ تأسيسها بأنها تستطيع أن تُضحِّي أكثر من إسرائيل، وأن الدولة العِبرية ليست سوى "بيت عنكبوت" تبدو عليها الصلابة من بعيد لكنها في الحقيقة أوهَن البيوت. من هذا المُنطلق، تصبح إسرائيل في حاجة إلى إيقاع عدد ضخم من المدنيين كي تضغط على حماس، ومن ثمَّ تفقد تدريجيا التعاطف الدولي معها بسبب غياب التكافؤ في ردودها العسكرية كل مرة.

كي يعمل الردْع على المدى البعيد، يجب أن يكون أمام حماس خيارات عديدة تؤسس عليها شرعيتها في الداخل الفلسطيني، إلى جانب مقاومتها للاحتلال الإسرائيلي، وحينها يُمكِن لتل أبيب أن تردْع حماس عن مهاجمتها باستخدام الخيارات الأخرى التي تعتمد عليها حماس. إن الردْع ينطوي على منع الخصم من مهاجمتك، لكن إن لم يكن أمام الخصم أي خيارات سوى الهجوم، فإن الردْع يصبح أصعب بكثير. نظريا، يُمكِن لإسرائيل أن توسِّع هامش الخيارات أمام حماس حتى تخلق ردْعا بينهما، وذلك عن طريق منحها دورا أكبر في السياسة الفلسطينية وحرية أكبر في إدارة قطاع غزة. غير أن هذه التنازلات التي قد تجعل حماس أقوى من ذي قبل خيارٌ مُرٌّ أيضا في نظر إسرائيل، وفي ظل الوضع الحالي، لا يبدو أن تل أبيب على استعداد لاتخاذ قرار كهذا، ومن ثمَّ تصبح جميع الخيارات المتاحة أمامها الآن خيارات سيئة.

_____________________________________

ترجمة: ماجدة معروف

هذا التقرير مترجم عن Foreign Affairs ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی الضفة الغربیة إسرائیل أن على المدى حماس على قطاع غزة تل أبیب ع حماس الرد ع

إقرأ أيضاً:

ضم الضفة والتعامل مع إيران.. ماذا تعكس خيارات ترامب تجاه قضايا الشرق الأوسط؟

الولايات المتحدة – أثار إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، أسماء مرشحيه للمناصب القيادية في إدارته، تساؤلات حول سياسته المتوقعة حيال قضايا الشرق الأوسط والعالم، خاصة مع اتجاهاتها المتشددة.

وسيتسلم فريق ترامب، المعروف بنظرته المتشددة تجاه فلسطين وإيران، ملفات ملتهبة بالفعل في ظل حرب دامية متواصلة منذ أكثر من عام، تجمعت فصولها أخيرا لتقود إلى مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران، كما أن هذه الأولى، باتت تسعى إلى ما أهو أكثر من الاعتراف بالقدس عاصمة لها، وتضع عينها على الضفة الغربية بأكلمها، وتخطط للبقاء طويلا في غزة.

وفي ولايته الأولى بين عامي 2016 و2020، قدم ترامب، لإسرائيل ما لم يقدمه رئيس أمريكي، وأدبى مواقف متشددة من إيران وفلسطين، وهو ما يتوقع استمراره في ولايته الثانية، بالنظر إلى اختياراته، فضلا عن تصريحات الرئيس المنتخب خلال حملته الانتخابية.

ويرى عبد المهدي مطاوع، المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي، أن تعيينات ترامب، لا تختلف عن فترته السابقة، فعلى سبيل المثال مبعوثه للشرق الأوسط في ولايته الأولى جيسون غرينبلات، محامي عقارات، والمبعوث الجديد ستيفن ويتكوف، يعتبر من أباطرة العقارات، كما أن سفيره المرشح للعمل في إسرائيل مايك هاكابي، الذي أعرب خلال زيارته لفلسطين عام 2018، عن رغبة في شراء شقة بمستوطنة أفرات، لا يختلف عن السفير السابق ديفيد فريدمان (الذي عينه ترامب) وهو مستوطن يعيش في مستوطنة، كما أنه يهودي.

ويقول مطاوع، في تصريحات لـRT، أنه لا يوجد اختلاف كبير في رؤية ترامب حول تسوية الوضع في فلسطين على أساس الاستيطان وبقاؤه، كما أن ترامب، صرح عندما التقى نتنياهو في زيارته الرسمية لواشنطن، بأن “إسرائيل دولة صغيرة بحاجة إلى التوسع”، وهي إشارة ضمنية لمسألة ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل.

لكن خطط ترامب، تواجه بعض التحديات، “فبرأيي هناك عامل مهم يجب النظر إليه، وهو المملكة العربية السعودية، حيث يريد ترامب، استئناف عملية السلام الإبراهيمي، ويسعى للنجاح في تطبيع علاقة بين إسرائيل والسعودية، بينما اشترطت المملكة، وجود أفق سياسي لحل القضية الفلسطينية، وبالتالي يجب تقديم تنازلات”، حسبما قال مطاوع.

ويتفق مع هذا الاتجاه الدكتور أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية، الذي يرى أن ترامب سيركز على فكرة التطبيع وانصهار إسرائيل في المنطقة، معتبرا أن فكرة ضم الضفة الغربية، لن تكون متاحة لترامب على الأقل في العامين الأولين من ولايته، لأنها تختلف عن الجولان وما جرى في القدس، وهي جزء من الدولة الفلسطينية التي اعترفت بها الأمم المتحدة بصفة مراقب في عام 2012، بحدود 4 يونيو 1964 وعاصمتها القدس الشرقية.

واعتبر سمير في حديثه لـRT أن “حديث بعض المحيطين بترامب، ومن بينهم المرشح للعمل كسفير لأمريكا في إسرائيل، تأتي في إطار التفاوض”، موضحا أنهم “يحاولون رفع السقف والضغط على الفلسطينيين بشكل كبير جدا، حتى يقبول بسقف أقل، وتحديدا قبول صفقة القرن، سواء بصيغتها الماضية أو بصيغة معدلة”.

وشدد على أن الفلسطينيين والعرب والاتحاد الأوروبي أو حتى حلفاء الولايات المتحدة مثل بريطانيا، لن لن يقبلوا بفكرة ضم الضفة الغربية، “ولكنه تكتيك يمكن وصفه بالعرض الافتتاحي، ترفع فيه واشنطن سقوف ضغوطها على الطر الآخر، حتى يقبل بسقف أقل”.

ويقول مطاوع، في هذا الصدد، أن “العائق الذي سيكون أمام ترامب (في خططه حول إسرائيل)، هو نتنياهو، وبالنظر إلى الفترة الأخيرة من تشديد القضايا ضده وتسريبات مكتبه؛ فهناك احتمال كبير أن يتضرر داخليا”.

واستدرك قائلا: “بالنظر للتصريحات (الأمريكية)، نعم هناك مساع كبيرة للضم، لكن برأيي فبعقلية رجل الأعمال ربما يُغير ترامب رأية في بعض القضايا، وهو شخص متقلب، إذا كان هناك ضغط كاف من الدول العربية وعلى رأسها السعودية”.

وبالحديث عن صفقة القرن، التي طرحها ترامب في ولايته الأولى، ورفضتها فلسطين ودول عربية، يقول الدكتور أيمن سمير، إن الرئيس الأمريكي المنتخب، سيعود إلى صفقة القرن مع بعض التعديلات، وذلك لأن غالبية المحيطين بترامب، يعتقدون أنها كانت صفقة مبدعة، ويعتقدون أن بعض النجاحات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة، قد تقنع من لم يقتنع بصفقة القرن، وبالتالي التلويح بأمور أخرى، مثل “إذا لم يقبل الفلسطينيون صفقة القرن، قد تدعم الولايات المتحدة وقتها فكرة ضم الصفة الغربية إلى إسرائيل”.

ويرى سمير، أن “ترامب سيحاول حل القضية الفلسطينية لكن وفق رؤيته القائمة على “السلام الاقتصادي”، بما يعني تحسين حياة الفلسطينيين في الضفة وغزة، وخلق بيئة إيجابية للمفاوضات.

ونوه بأن ترامب سيعمل على وقف إطلاق النار في غزة، ليس حبا في الفلسطينيين، ولكن لاعتقاده بأن استمرار الحرب ليس في صالح إسرائيل، وسيؤثر على فرض التطبيع، منوها بأن ترامب يعتقد أن إسرائيل حققت جزءا كبيرا من أهدافها ويمكنها استكمال تحقيق باقي الأهداف بالدبولماسية والضغط السياسي.

وتابع: “وجهة نظر ترامب أنه كلما طالت الحرب وسقط عدد من القتلى ستكون الكراهية أكبر لإسرائيل ويصعب استكمال مسار التطبيع”.

وحول الملف الإيراني، يرى سمير، أن فريق ترامب له مواقف متشددة ضد الصين وإيران، ويوصف “روبيو”، بأنه عدو الصين، كما يدعو لفرض مزيد من العقوبات على إيران.

ويتوقع خبير العلاقات الدولية، أن تأخذ سياسة ترامب، مجموعة من المسارات تجاه إيران، أولها الضغط الاقتصادي، منوها بتصريحات “روبيو” السابقة بأنه ضد تغيير النظام السياسي الإيراني بالقوة أو من الخارج، لذلك لن يهتموا بدعم مظاهرات داخل إيران، وسيعملان على فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية، وتحديدا على قطاعي النفط والبتروكيمااويات، لاعتقادهما بأن ذلك سيجعل هناك شحا في الأموال بأيدي إيران، ما ينعكس عدم تمويلها للمجموعات الداعمة في المنطقة مثل الفصائل اللبنانية والحوثيين والمجموعات المسلحة في سوريا والعراق، بالإضافة إلى حركة الفصائل الفلسطينية،

وتابع: “بالتالي المدخل بالنسبة لترامب هو المدخل المالي وفرض مزيد من العقوبات على إيران، كما قد يعيد بعض العقوبات التي رفعها بايدن”.

وأوضح أن هذه العقوبات ستحقق مجموعة من الأهداف، إرضاء إسرائيل ونتنياهو، والإيحاء بأنه متفق معهم في الهدف ضد إيران، كما يوصل رسالة لدول المنطقة بأن الولايات المتحدة عادت من جديد كعنصر فاعل في المنطقة.

وفيما يتعلق بسوريا والعراق، قال إن ترامب وروبيو، قد يسحبان قواتهما من سوريا، لإيصال رسالة إلى تركيا؛ لتحقيق جزء من أهدافها المتعلقة بشمال سوريا والعراق، “لأن روبيو وترامب يعتقدان أن تركيا باعتبارها إحدى دول حلف شمال الأطلسي، ستكون أكثر إفادة من العراق وسوريا”.

وحول فكرة السلام القائم على القوة، التي صرح بها وزير الخارجية المرشح ماركو روبيو، قال، إنها “فكرة أمريكية بامتياز، منذ أيام الكاو بوي، ووضعه السلاح على الطاولة قبل الجلوس”، مضيفا أن ترامب ووزير خارجية، يؤمنان بأن الدبلوماسية لا يمكن أن تأتي بنتيجة إلا بمعية البندقية.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • ضم الضفة والتعامل مع إيران.. ماذا تعكس خيارات ترامب تجاه قضايا الشرق الأوسط؟
  • تغيرات كبرى في الشخصية الإسرائيلية قادت إلى طوفان الأقصى.. دراسة جديدة (2من2)
  • وصف عناصر حماس بـ"الحيوانات الشرسة".. ماذا نعرف عن ماركو روبيو وزير الخارجية الأمريكي الجديد؟
  • تغيرات كبرى في الشخصية الإسرائيلية قادت إلى طوفان الأقصى.. دراسة جديدة (2 من 2)
  • تطورات اليوم الـ405 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • ‎ماذا سيفعل إيلون ماسك في منصبه الجديد كوزير بعد نجاح ترامب؟
  • فوضى بوزارة حرب الاحتلال.. استقالات وإقالات منذ عملية طوفان الأقصى (صور)
  • حزب الله يهاجم بمسيرات انقضاضية وزارة الدفاع الإسرائيلية بتل أبيب
  • عمليات كتائب القسام في اليوم الـ403 من "طوفان الأقصى"
  • لا مجال لكسب مزيد من الوقت.. النيابة العامة الإسرائيلية ترفض تأجيل شهادة نتنياهو بقضايا الفساد