زنقة 20. الدارالبيضاء

تعزز العرض الصحي بالعاصمة الاقتصادية بمركز جامعي للطب النفسي ( Eucalyptus) تابع للمستشفى الجامعي الدولي محمد السادس ببوسكورة، والذي افتتح مؤخرا من أجل تعزيز الجهود المتعلقة أساسا بمحاربة الإدمان.

في هذا الصدد، انعقدت أمس الثلاثاء بالدار البيضاء ندوة بمناسبة افتتاح هذا المركز ركزت على موضوع ” الصحة العقلية في صلب المنظومة الاستشفائية الجامعية: رهانات الرعاية والتكوين”، أكد خلالها أحمد بنانا المدير العام للمستشفى الجامعي الدولي محمد السادس ببوسكورة، أن هذا المركز للأمراض النفسية يندرج في إطار التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بورش إصلاح المنظومة الصحية الوطنية، خاصة ما يهم مكون تنويع العرض الصحي.

وأشار إلى أن الأمر يتعلق بمركز للأمراض العقلية والنفسية وطب الإدمان”، مؤكدا أن هذه المؤسسة تأتي لتعزيز العرض الصحي في قطاع علاج الإدمان الذي ما يزال يعرف خصاصا.

من جانبها، أشارت رقية بنجلون أستاذة في الطب النفسي ومديرة المركز إلى أن هذه الندوة الافتتاحية تتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية.

وشددت البروفيسور بنجلون على أهمية إدخال مقاربة الصحة النفسية في مجال التكوين بالنسبة لجميع مهنيي الصحة من أجل السماح بالتشخيص السريع وتدبير أفضل للصحة العقلية للمرضى.

من جهتها، استعرضت الخنساء اليوسيفي أستاذة مساعدة في الطب النفسي بهذه الجامعة، اضطرابات تعاطي المواد ذات التأثير النفساني، وكذلك التطورات الجديدة في المواد المسببة للإدمان.

بينما تناول يوسف حسني الوزاني التهامي الأستاذ المساعد في الطب النفسي بجامعة UM6، المخاطر المتعلقة بالصحة العقلية لدى الأطفال والمراهقين، مؤكدا أن الأرقام على المستوى الوطني والدولي مثيرة للقلق، حيث إن من 10 إلى 20 في المائة من الأطفال والمراهقين يعانون من اضطرابات نفسية.

ويوفر هذا المركز علاجات ورعاية متطورة في مجال الصحة العقلية، وذلك وفق أحدث التطورات العلمية.

كما يعمل هذا المركز على تلبية عرض الرعاية الشاملة بشكل يستجيب لاحتياجات المرضى وضمان المراقبة المنتظمة والشخصية للمرضى، مع إيلاء اهتمام خاص للاحتياجات المحددة للأطفال والمراهقين، كما يقدم استشارات تتلاءم مع مختلف الأعمار . وتم تجهيز المركز بـ53 غرفة وجناح موزعة على ثلاثة طوابق، مما يضمن رعاية استشفائية كاملة تتلاءم مع الاحتياجات الفردية، فضلا عن خدمة الطوارئ طب النفسي على مستوى المركز، وبالتالي ضمان رعاية كاملة وسريعة للمرضى في حالات الأزمات.

يتكون الفريق الجامعي للمركز من أساتذة في الطب النفسي، وأطباء في الطب النفسي من ذوي الخبرة، والطب النفسي الأطفال، بالإضافة إلى متخصصين آخرين في مجال الصحة العقلية.

المصدر: زنقة 20

كلمات دلالية: فی الطب النفسی الصحة العقلیة هذا المرکز

إقرأ أيضاً:

بين اللغة والتحليل النفسي

لا يتناول كثيرون في البلاد العربية مسألة علاقة اللغة بعلم النفس أو بالتحليل النفسي خصوصا، مع أن هذا الأخير لا يكاد يكون ممكنًا من غير فهم جيد للغة؛ فكيف قد يستطيع طبيب نفسي أن يشخّص أحدًا دون جملة من الأسئلة يطرحها عليه ليسبر أعماقه ويلقي نظرة فاحصة إلى مكنونه؟

وأعتقد أن قصور الاهتمام في مواضيع كهذه ليس في الحقيقة نابعا من صعوبتها في السياق الأكاديمي ولا من تعذّر آلات التحليل فيها، وإنما هو نابع برأيي من أمرين اثنين: الأول هو النظرة السطحية إلى اللغة بوصفها مجرد وعاء لأفكار الإنسان شأنها شأن الإناء الذي يُحمَل فيه الطعام، وهذه نظرة مجردة بعيدة عن الصحة في سياق اللغة؛ فرغم اختلاف باحثي وعلماء اللسانيات في هذا الشأن، إلا أن أكثر الخلاصات البحثية تثبت وجود تشابك أعمق بين اللغة وتفكير الإنسان، وتأثير أبعد مدىً للمدخلات اللغوية في سلوكيات البشر. أما السبب الثاني فهو البُعد الأسطوري في مسألة اللغة العربية تحديدا، فالخلاف قديم في مسألة نشأة اللغة، ولكن سهولة الرأي القائل بأن اللغة إنما هي وحيٌ وتوقيف ألهمها الله آدم، جعلته أوسع انتشارًا وقبولا، وأقعدت العرب عن دراسة جوهر لغتهم ومحاولة فهم تجذُّراتها في النفس البشرية. ولا يفوتني أن أضيف الثورات التقنية والصناعية التي يشهدها العالم منذ قرون كسببٍ بالغ الأثر في انصراف الناس عن غالب فروع العلوم الإنسانية، وبما أن الريادة في الصناعة والتقانة أصبحت اليوم من نصيب غير العرب فلا عجب أن تتذيّل اللغة قائمة اهتماماتنا، ونلهث في محاولة اللحاق بفتات العلوم التجريبية من هندسة وحوسبة كي لا نُوصم بالرجعية. وهكذا أُخذنا بالكون الذي هو خارجنا عن الكون الذي هو داخلنا، ولم تعد محاولة فهم الإنسان تشغلنا، «أتحدث عن الإنسان وأعلم أنني أتحدث عن أشد الأشياء تعقيدا في هذا العالم» كما قال روسو.

ولا يمكننا الحديث عن علم النفس دون ذكر (سيغموند فرويد)، الطبيب النمساوي المؤسس للتحليل النفسي ورائد علم النفس الحديث، ولكن حتى فرويد نفسه أسيئت قراءته من قبل كثير من دارسيه، الأمر الذي جعل هذه العلاقة التي لم ينفكّ فرويد يصرّح ويلمّح بها في كتبه غائبةً عن دائرة الضوء، حتى جاء المحلل النفسي الفرنسي (جاك لاكان) الذي أعاد قراءة فرويد قراءة فاحصة لم يستطع خلالها إلا الانبهار بهذا التشابك الهائل بين شؤون الكلمات وشؤون النفس في مؤلفات النمساوي فرويد، لاسيما فيما يتعلق بالجزء اللاواعي من النفس «اللاشعور منتظم بنيويًّا على هيئة لغة». وفي هذا يقول لاكان عن كتاب تفسير الأحلام لفرويد: «افتحوا أي صفحة من صفحات هذا الكتاب، فلن تجدوا فيها إلا حديثا عن شؤون الكلمات»، بل إنه يصل للقول إن مؤسس اللسانيات البنيوية (دي سوسير) لم يكن إلا «ناقلاً متحمّسًا» وليس مخترعًا لقوانين البُنية، وإنما يعود الفضل في ذلك إلى مؤسس التحليل النفسي. كما أنّ الفرنسي لاكان خلَص إلى فكرة مثيرة للاهتمام وهي أن اللغة سابقة على الذات، وأن الطفل على حد قوله لا يصبح ذاتًا إنسانية إلا بعد دخوله النسق الرمزي للثقافة وهو اللغة، وهو جواب لاكان عن سؤال: أيهما يصنع الآخر، هل الإنسان يصنع اللغة أم اللغة تصنع الإنسان؟ فاللغة عند لاكان ليست مجرد أداة يستخدمها الإنسان للتعبير، بل هي التي تشكّل ذاته وهويّته، وفي ذلك قال: «الدالّ هو ما يمثّل الذات لدالٍّ آخر» مشيرًا إلى أن هوية الإنسان وذاته تتشكل من خلال شبكة الدوال (الكلمات والرموز) التي تتفاعل فيما بينها.

ولكن ما هي مظاهر هذا التشابك بين اللغة والنفس وكيف بوسعنا أن نفيد منها؟ وجد فرويد أن اللغة تشبه القناة التي تتسرب منها مكونات اللاوعي الإنساني، وقد تجلى ذلك في عدة ظواهر لغوية، منها مثلاً زلّات اللسان، تلك الأخطاء العفوية التي اعتبرها فرويد خيانات من اللاوعي تكشف عن مخاوف أو رغبات مكبوتة. وبالحديث عن أبعاد العلاقة بين اللغة وعلم النفس تجدر الإشارة إلى دورين مهمّين تلعبهما اللغة في هذا الحقل، دور تشخيصي ودور علاجي، فبالنسبة للأول تمثل اللغة أداة تشخيصية بالغة الأهمية في التحليل النفسي، ومن أشكال ذلك: تحليل المحتوى للموضوعات التي يتحدث عنها المريض وتلك الموضوعات التي يتجنبها، ودراسة الأسلوب اللغوي الذي يكشف عن سمات الشخصية واضطراباتها، مثل الخطاب المتشظي عند مرضى الذهان، والخطاب المتماسك ظاهرياً لكنه فارغ دلالياً عند مرضى الهستيريا، والدقة المفرطة والتكرار عند الوسواس القهري. وبالنسبة للعلاج، فإن العملية العلاجية في التحليل النفسي تعد لغوية بامتياز، ومن خطواتها: تحويل المعاناة من حالة جسدية أو عاطفية غامضة إلى كلمات، ثم يأتي دور إعادة الصياغة حيث يساعد المعالج المريض على إعادة صياغة قصته الشخصية بلغة جديدة وفهم إيجابي مختلف لتجاربه، كما من المهم كسر الصمت، ومحاولة إثارة الحديث عن الصدمات التي ظلت حبيسة الكتمان طويلا. ومع تطور علم النفس اللغوي ظهرت تطبيقات عصرية في كلا الجانبين التشخيصي والعلاجي، أفادت من السجلات الكثيرة للمرضى لملاحظة أنماط تشخيصية، لتفحص لغة المريض بشكل أكثر دقة وترفد المعالج بوسائل لغوية تمثل طرقا أنجع للعلاج.

وهذا غيض من فيض يصوّر لنا أهمية اللغة ومحوريّتها في فهم النفس البشرية وحتى في صنع الشخصية وبنائها، فكم لها من تطبيقات عملية ينتبه لها البعض ويغفل عنها الكثيرون، وكم استُخدمت تطبيقات علم اللسانيات لبناء وعيٍ وهدم آخر، ونخر حضارة وإرساء أخرى، وهذا ما يجعل دول الاستعمار أكثر ريادةً في أبحاث علم اللسانيات لمعرفتها بقوة هذا السلاح، فمن لا لغة له لا ذاكرة له، ومن لا ذاكرة له لا حضارة له.

مقالات مشابهة

  • بين اللغة والتحليل النفسي
  • مستشفى الزيتون التخصصي يحصد المركز الأول في مكافحة العدوى.. ووزير الصحة يكرّمه
  • القطاع الصحي في تركيا يضرب عن العمل يوم 14 مارس!
  • وكيل صحة كفر الشيخ يهنئ فوة المركزي لحصوله على المركز الأول في رعاية حديثي الولادة
  • محافظ قنا يشيد بدور المركز الطبى للجمعية الشرعية فى دعم القطاع الصحي
  • لمتابعة التطعيمات.. رئيس قطاع الطب الوقائي يتفقد المراكز الطبية بالقليوبية
  • رئيس قطاع الطب الوقائي بالقليوبية يتفقد المراكز الطبية بالعبور وشبرا
  • مطار طنجة يتعزز ببوابات إلكترونية
  • تعزيزًا لنمط الحياة الصحي.. انطلاق النسخة الأولى من دوري “امش30” في 11 مارس بمشاركة مجتمعية شاملة
  • حملات للطب البيطري تضبط لحوما مذ بوحة خارج المجازر في أسوان