أسرار البحر الأحمر.. "كاوست" و"جيومار" تستكشفان الفوهات الحرارية
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
في مسعى تعاوني بين جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية "كاوست" ومركز "جيومار هيلمهولتز" لأبحاث المحيطات في مدينة كيل الألمانية، ستنطلق في أكتوبر الحالي رحلة بحثية استكشافية كبرى في البحر الأحمر على متن سفينة الأبحاث "ميتيور" التي يبلغ طولها حوالي 100 متر، وهي واحدة من سفن الأبحاث البارزة في ألمانيا.
تعد الرحلة الاستكشافية الثانية التي تقوم بها سفينة الأبحاث "ميتيور" في البحر الأحمر حيث انطلقت الرحلة الأولى من مدينة ليماسول في قبرص في 8 سبتمبر 2023 ووصلت جدة في 4 أكتوبر 2023، وقادها د. توماس لودمان، العالم في جامعة هامبورغ، ود. هيلدغارد ويستفال، الأستاذة في مركز لايبنتز للأبحاث البحرية الاستوائية "ZMT" في مدينة بريمن الألمانية وأعضاء من هيئة التدريس الزائرين في كاوست. وتركزت الرحلة على دراسة الشعاب المرجانية في منطقة الوجه والمناطق المحيطة بها.
أخبار متعلقة فرق الصحة في "وقاء" تقضي على انتشار الجراد بالليث والقنفذةطقس المملكة.. أمطار غزيرة على جازان والباحةاستكشاف البحر الأحمر - اليوم
استكشاف البحر الأحمرقالت "ويستفال" حول الرحلة الاستكشافية الأولى: "درسنا تاريخ الحياة في البحر الأحمر تحديدًا الظروف البيئية المتغيرة التي حدثت له قبل مئات الآلاف من السنين وأدت لمحو أجزاء كبيرة من الحياة البحرية. ثم عادت اليه الحياة وازدهرت في ظل ظروف كانت في بعض الحالات أكثر دفئًا خلال الفترة ما بين العصور الجليدية. نستطيع من خلال دراسة التغييرات فهم مرونة النظام البيئي في البحر الأحمر وتطوره، وكيف عادة إليه الحياة بعد تلك الظروف الصعبة".
وعقب انتهاء الرحلة الأولى، أقيم حفل استقبال على متن سفينة الأبحاث بميناء جدة يوم الأحد 8 أكتوبر، وحضر حفل الاستقبال ممثلين من كاوست، وشركة البحر الأحمر الدولية، والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، والهيئة العامة للموانئ، والسفارة الألمانية.
الرحلة الاستكشافية الثانيةستنطلق الرحلة الاستكشافية الثانية بتاريخ 10 أكتوبر 2023، ومن المقرر أن تصل إلى مدينة بيرايوس في اليونان في 7 نوفمبر 2023، ويقودها كبير العلماء د. نيكو أوغستين من مركز جيومار، ود. فروكي فان دير زوان، أستاذ مساعد في هندسة وعلوم الأرض والعلوم الفيزيائية والهندسة في كاوست، والمدير المشارك لمركز أبحاث البحر الأحمر في الجامعة.
وتحدث البروفيسور توني تشان، رئيس كاوست بهذه المناسبة عن مركز أبحاث البحر الأحمر في الجامعة ودوره الحيوي في قيادة الدراسات حول البحر الأحمر وجذب الخبراء العالميين إلى الجامعة والمملكة، وقال: "تعد هاتان الرحلتان البحريتان لسفينة الأبحاث ميتيور مثالًا ممتازًا على التعاون الذي يدمج الخبرات بين المؤسسات البحثية المختلفة من ألمانيا والمملكة، ويضم تخصصات متعددة مثل الجيولوجيا وعلم المحيطات وعلم الأحياء. ومن خلال الإمكانات المتفوقة لسفينة الأبحاث ميتيور سنتمكن من دراسة الكنوز الموجودة في مياه البحر الأحمر الزرقاء واكتشاف أسرارها وأعماقها المجهولة".
ستنطلق عمليات ميتيور الاستكشافية على طول المحور البركاني لأعماق البحر الأحمر، بهدف أساسي هو تحديد مواقع الفوهات الحرارية المائية غير المكتشفة حتى الآن في المنطقة.
حقول الفوهات الحراريةتوضح فان دير زوان، أن حقول الفوهات الحرارية المائية ذات الدخان الأسود تحدث في جميع المحيطات العميقة وتمتلك تنوعاً حيوانيًا فريدًا يعيش من خلال عملية التمثيل الكيميائي وليس التمثيل الضوئي - المصدر الأساسي لإنتاج الطاقة في معظم أشكال الحياة - حيث لا يتوفر ضوء الشمس في الأعماق.
تقول: "تختلف هذه الأنواع قليلاً في كل محيط، والبحر الأحمر مختلف تمامًا من الناحية البيئية عن المحيطات الأخرى - فمياهه العميقة أكثر دفئًا وملوحة، وبيئته مغلقة وحديثة نسبيًا. لذلك نتوقع العثور على أنواع من الكائنات الجديدة إما كحيوانات كبيرة أو ككائنات دقيقة، ويمكننا دراسة تطور هذه الأنظمة ومعرفة الكثير عن الحياة المبكرة على الأرض".
وأضافت أن الكائنات الدقيقة التي تزدهر في البيئة الفريدة التي تحتوي على أدخنة سوداء قد يكون لها خصائص بيولوجية واستقلابية غير عادية. يمكن أن تكون هذه الخصائص أساسًا لتقنيات جديدة في الطب والتخلص من النفايات وعزل الكربون. وقد يكون الدخان الأسود أيضًا مصدرًا للمعادن الثمينة مثل النحاس والزنك والرصاص والذهب والفضة. ومع ذلك، فإن تحديد موقع الفوهات الحرارية المائية النشطة في البحر الأحمر وفهمها بشكل تام ودراسة عملياتها الجيولوجية وموائلها وأنظمتها البيئية بالتفصيل أمر بالغ الأهمية لتوفير مبادئ توجيهية لأي أنشطة تجارية محتملة.
بيئة البحر الأحمرتعكس الرحلة الاستكشافية التعاونية أهمية الجمع بين أفضل الخبرات والمعدات عالية التقنية من مختلف أنحاء العالم لتطوير علوم البحر الأحمر.
تقول فان دير زوان: "تكمن قوة الرحلة الاستكشافية هي خبرتنا المشتركة المتمثلة في خبرة جيومار في الأبحاث الميدانية في أعماق البحار ومجال الفوهات الحرارية المائية والمعرفة المتخصصة لكاوست في بيئة البحر الأحمر. ولا يمكن للبعثة أن تتم إلا من خلال الجمع بين خبرات المعاهد المختلفة، ولكن أيضًا من التخصصات المختلفة داخل كلتا المؤسستين، مثل الجيولوجيا وعلم الأحياء الدقيقة وعلم الحيوان وعلم المحيطات وكيمياء السوائل".
من جانبه، يؤكد د. نيكو أوغستين أنه "بعد ما يقرب من عقد من الاستعدادات والعمل الأساسي مع كاوست، يسعدنا أن نبحر أخيرًا إلى أكثر المناطق المستهدفة الواعدة في صدع البحر الأحمر. نحن متفائلون جدًا باكتشاف أنظمة حرارية مائية جديدة ونتطلع إلى ما نجده من نظم بيئية فريدة. هل ستشبه أي شيء رأيناه من قبل، أم أنها ستكون جديدة تمامًا؟ هذا هو جمال أبحاث أعماق البحار - فنحن أول من سيشهد أسرار أعماق البحر الأحمر".
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: اليوم كاوست أخبار السعودية فی البحر الأحمر من خلال
إقرأ أيضاً:
عبدالله علي صبري : ميناء أم الرشراش والمشروع التوسعي البحري الصهيوني
لا تتوقف أطماع الصهيونية في الأراضي العربية برا وبحرا، ومنذ قيام دولة لهذا الكيان على الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة، وعصابات الإجرام اليهودية تعمل على المزيد من التوسع الذي وصل إلى شواطئ البحر الأحمر، من خلال ضم منطقة أم الرشراش عام 1949، وتحويلها إلى ميناء بحري بات معروفا باسم ميناء إيلات.
وليس غريبا إن قلنا بأن الصهيونية تتكئ إلى مزاعم دينية في كل مشروعها الاستيطاني، وقد زعم اليهود ولا يزالون بأن البحر الأحمر من شماله إلى جنوبه، كان ضمن حدود مملكة سليمان عليه السلام قبل الميلاد. ولأن الموانئ والمضايق المحيطة بهذه الدولة اللقيطة تشكل تحديا استراتيجيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ولا يمكن تجاهل أهميتها في استمرار وديمومة هذا الكيان، فقد شنت إسرائيل مع فرنسا وبريطانيا العدوان الثلاثي على مصر بعيد إعلان عبد الناصر تأميم قناة السويس في العام 1956، واحتلت سيناء وسواحلها على البحر الأحمر شرقي مصر. وفي عام 1967 احتل اليهود قناة السويس وسيطروا على حركة الملاحة الدولية منها وإليها.
لكنهم اضطروا للتخلي عن هذا المكسب الكبير بعد حرب أكتوبر 1973، إذ كان عليهم الانسحاب من القناة وتوقيع اتفاق الهدنة 1974، ثم ما لبثوا أن ثبتوا قواعد جديدة في معاهدة السلام مع مصر 1979، التي اعتبرت قناة السويس ممرا دوليا يحق لإسرائيل وسفنها الحركة فيه كسائر دول العالم.
وقد ساعدت هذه التطورات على تنشيط ميناء أم الرشراش، الذي يعتمد عليه الكيان في تبادل السلع مع أفريقيا ودول جنوب شرق آسيا، كما كان هذا الميناء لوحده يستقبل نصف احتياجات إسرائيل من النفط، الذي كان يأتي من الموانئ الإيرانية في عهد الشاه قبل الثورة الإسلامية 1979، مرورا بباب والمندب والبحر الأحمر.
لقد ظهرت عدة متغيرات دولية دفعت بهذا الكيان إلى التفكير جنوبا، حيث باب المندب، خاصة بعد انسحاب بريطانيا من عدن 1967، ثم عندما قامت مصر مع دولتي اليمن الجنوبية والشمالية آنذاك بإغلاق مضيق باب المندب في وجه الملاحة الدولية المتجهة إلى إسرائيل بالتزامن مع حرب 1973.
اليوم وبعد نصف القرن على المواجهة العربية مع الكيان الصهيوني في البحر الأحمر، يعيش الكيان مأزقا حقيقيا بعد أن دخلت اليمن معركة طوفان الأقصى وقلبت الموازين بشكل كان خارج كل الحسابات.
أحكمت القوات المسلحة اليمنية حصارها البحري بعمليات عسكرية نوعية أدت إلى إغلاق ميناء إيلات في بضعة أشهر، وخروجه عن الخدمة كليا، مع إعلان إفلاسه، ما ترك تأثيرا مباشرا على الاقتصاد القومي للكيان الغاصب، وتكبيده خسائر باهظة.
على أن الأخطر بالنسبة لهذا الكيان أن طموحاته وسياساته التوسعية باتت في مهب الريح، فجبهة اليمن المساندة لغزة 2023-2024 يتعاظم دورها وفاعليتها، لدرجة أن قوات صنعاء الباسلة اشتبكت مع القوات الأمريكية البريطانية التي هرعت إلى البحر الأحمر دفاعا عن هذه العصابات الإجرامية التي لم تكف عن جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني.
وباعتراف الخبراء والمحللين في الغرب وفي داخل الكيان نفسه، فإن المعركة مع اليمن دخلت طورا تصاعديا، أشد تأثيرا وأكثر تعقيدا، فلم يتمكن تحالف ” حارس الازدهار ” من كبح جماح اليمن، وباتت البحرية الأمريكية بحاملات طائراتها تلوذ بالفرار في مشهديه مفاجئة وغير مسبوقة، ومتكررة أيضاً.
فوق ذلك يدرك هذا الكيان أن المعركة مع اليمن مفتوحة على كل الاحتمالات، وليس من سبيل لإيقافها أو التخفيف من حدتها، إلا بإيقاف العدوان على غزة ورفع الحصار عن أهلها وشعبها.
25-12-2024