عنوان خطبة الجمعة.. عهد الأمان مفهومه والحقوق المترتبة عليه
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
أكدت وزارة الأوقاف، تغيير عنوان خطبة الجمعة، عهد الأمان مفهومه والحقوق المترتبة عليه، والتى تقول: الحمد لله رب العالمينَ، القائلِ في كتابه الكريم: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا}، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأََشهدُ أنَّ سيدَنا ونبيَّنا مُحَمّدًا عَبدُه ورسوله، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلم وبارك علَيهِ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.
وبعد:
فإن الإسلام دين الأمن والأمان والوفاء ، وإن الوفاء بالعهد قيمة أخلاقية وإنسانية عظيمة ، بها تُدعم الثقة ويتحقق الأمن والأمان بين الناس، وبين الشعوب بعضها مع بعض ، يقول الحق سبحانه : {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا} فمن أبرم عقدًا أو عهدا وجب عليه احترامه و الالتزام به ، يقول الحق سبحانه: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}، ويقول جل شأنه: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.
وأعلى النبي (صلى الله عليه وسلم) من قيمة الوفاء بالعهود، وحذر من نقضها، أو عدم الوفاء بها؛ حيث إن في خيانتها وعدم الوفاء بها فسادًا للمجتمعات، وفقدًا للثقة بين الناس، وتضييعًا للأمانات، فقال (صلى الله عليه وسلم): ( آية المنافقِ ثلاثٌ: إِذا حدَّث كذَب، وِإذا وعدَ أَخلفَ، وِإذا اْؤتمِنَ خانَ), ويقول (صلى الله عليه وسلم): (المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) ، وحذر (صلى الله عليه وسلم) من عقوبة الغدر، فقال: (إِذَا جَمَعَ اللهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَيقال: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ)، والحكمة في هذا أنه لما كان الغدر خفيًّا، لا يطلع عليه الناس، فإذا كان يوم القيامة يصير علمًا منشورًا على صاحبه بما فعل، وهكذا يظهر للناس ما كانوا يُسرُّونه من المكر والخيانة، ويخزيهم الله (عز وجل) على رءوس الخلائق.
وإن من جملة العهود التي أمر الشرع الحنيف التزامها، وأكد على الوفاء بها، وعدم نقضها "عهدَ الأمان"، وهو بمفهوم العصر الحاضر: ما تمنحه الدولة من تصريح، أو تأشيرة، أو إذن بالدخول إلى أراضيها لأحد رعايا الدول الأخرى، سواء أكان سائحًا، أم زائرًا، أم مقيمًا، بموجب الأعراف، والمواثيق، والاتفاقيات والقوانين الدولية، فبمجرد حصول الشخص على تصريح الإقامة، أو تأشيرة أو إذن الدخول أصبح له حق وحرمة داخل هذه الدولة، وأصبح هذا العهد الذي أعطته الدولة له مُلزمًا لكل مواطنيها، والمقيمين بها، لا يجوز نقضه، أو الالتفاف عليه، أو التحلل منه، لا شرعًا، ولا قانونًا، ومن رأى مخالفة تمس أمن وطنه، أو تخالف النظام العام لدولته, فليس له إلا أن يرفع الأمر لأهل الاختصاص, حتى تتمكن أجهزة الدولة من إعمال شئونها في الأمر في ضوء ما تقتضيه وتنظمه القوانين؛ إذ ليس لآحاد الناس محاسبته على ما بدر منه، أو التعرض له بسوء، وإلا صارت الأمور إلى الفوضى وعدم الانضباط.
ومما لا شك فيه أن الوفاء بهذا العهد من أوجب الواجبات وألزمها شرعًا، وقانونًا، ووطنيةً، وإنسانيةً، فإذا كان ديننا الحنيف قد أعلى من شأن عهد الأمان، فإذا أعطت الدولة تأشيرة دخول أو إقامة أو سياحة أو غيرها وجب على جميع أفراد هذه الدولة احترام ذلك، وصار لمن حصل على عهد أمان الدولة من خلال إذنها له بالإقامة دائمة أو مؤقتة حق حفظ ماله وعرضه ودمه، بل إكرامه وحسن معاملته.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم).
إن الإسلام دين حفظ العهود والعقود، دين لا يعرف الغش، ولا الخداع، ولا الخيانة، حيث يقول الحق سبحانه مخاطبًا نبينا (صلى الله عليه وسلم): {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِين }.
وتظهر عظمة الإسلام وتتجلى في أعلى صورها في أمر الله (عز وجل) لنبيه (صلى الله عليه وسلم) أن يجير ويؤمن من استجاره، ولو كان مشركًا، بل ولو كان محاربًا، حيث يقول سبحانه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ }.
ورسخ النبي (صلى الله عليه وسلم) لهذه القيم النبيلة التي تحقق الأمن والأمان للإنسانية كلها بقوله وفعله، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (لَا إِيمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ).
واجبنا جميعًا الحفاظ على العهود والمواثيق التي تلتزم بها الدولة تجاه كلِّ إنسان يدخل إلى بلادنا، وأن نكون متعاونين ومتضامنين على حفظ دمه، وعرضه، وماله، وخصوصيته, كما أن من واجبنا حسن استقباله، وإكرامه؛ ليرى منا ما نحب أن يتصوره عن عظمة ديننا، وعمق حضارتنا، ورقي إنسانيتنا؛ بما يسهم في تكوين الصورة الذهنية التي نريدها لديننا، ووطننا، ومجتمعنا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاوقاف وزارة الأوقاف خطبة الجمعة الجمعة
إقرأ أيضاً:
دعاء آخر جمعة من سنة 2024: كلمات مباركة ومستجابة
مع بداية العام الجديد2025، يعكف المسلمون على ترديد الأدعية التي تحمل في طياتها طلبات للغفران والرحمة، خصوصاً في آخر جمعة من السنة، التي تعد من أفضل الأيام في العام، يعتبر الدعاء من العبادات المحببة في الإسلام، وقد ورد في القرآن الكريم: "ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"، مما يؤكد على أهمية الدعاء كوسيلة للتقرب إلى الله وفتح أبواب رحمته.
وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء بشكل مستمر، حيث قال: "مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ". لذلك، يعد الدعاء في هذه المناسبة فرصة للتوبة والتقرب إلى الله بكل ما في القلب من أماني.
دعاء آخر جمعة في السنةيُستحب للمسلمين ترديد هذا الدعاء في آخر جمعة من السنة، الذي يشمل طلبات متنوعة للغفران والشفاء والرزق:
اللهم لا تطوِ صفحة حياتي إلا وقد محوت سيئاتي وقبلت توبتي وسترت عيوبي واستجبت لدعائي.اللهم إني اسألك في هذه الجمعة تفريجًا لكل هم، واستجابة لكل دعاء، وشفاء لكل مريض، وغفرانًا لكل ذنب، ورزقًا لكل محتاج.اللهم اغفر لنا في هذه الجمعة واعف عنا واهدينا إلى صراطك المستقيم يا أرحم الراحمين.دعاء لتحقيق الأمانيفي هذه الجمعة المباركة، يُستحب للمسلم أن يسأل الله من فضله ويسعى لتحقيق أمانيه بصدق، فالله كريم لا يرد سائلًا:
اللهم بارك لنا في هذه الجمعة في أسماعنا وفي أبصارنا وقلوبنا وأرواحنا وذرياتنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.اللهم إني اسألك في هذه الجمعة عيشة نقية، وميتة سوية.اللهم إنا نسألك في هذه الجمعة شفاء من كل مرض، وفرج لكل كرب، وتيسير لكل أمر عز علينا.دعاء للفرج والراحةكما يتوجه المسلمون إلى الله بالدعاء للراحة والطمأنينة:
اللهم اجعل لنا في هذه الجمعة راحة من كل هم، وبركة في الطاعات، ورضا وسعادة في قلوبنا.اللهم إنا نسألك في هذه الجمعة راحة وجبر لقلوبنا، وسعة في أرزاقنا، واجعلنا ممن حرمت وجوههم على النار.دعاء آخر لمغفرة الذنوبوفي ختام السنة، يُستحب للمسلم أن يتوجه إلى الله بالدعاء ليغفر له ما تقدم من ذنوبه:
اللهم اكتب لنا في هذه الجمعة مغفرة لذنوبنا وإزاحة لهمومنا وتفريج لكروبنا وشفاء لمرضانا ورحمة لجميع موتانا وموتى المسلمين.إلى جانب الدعاء، يُشجع المسلمون على الإكثار من الاستغفار والذكر في هذه الأيام المباركة، عسى أن تكون هذه اللحظات فرصة لتجديد الإيمان وطلب العفو من الله تعالى.
زفي سياق أخر، قالت دار الإفتاء المصرية إن صلاة الجمعة فريضةٌ عظيمةٌ، أَمَرَ الله سبحانه عباده بتقديم السَّعيِ والحضورِ إليها على كلِّ عملٍ؛ فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: 9].
وأوضحت الإفتاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حث على التبكير لصلاة الجمعة وحذرنا من التأخير عليها
وأضافت الإفتاء أن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم حثنا على التَّبكير إليها، لننال عظيمَ الأجر في الآخرة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» متفقٌ عليه.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَسَّلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا» أخرجه الإمام الترمذي في "سننه" من حديث أوسِ بن أوسٍ رضي الله عنه.
صلاة الجمعة
قال الحافظ العراقي في "طرح التثريب في شرح التقريب" (3/ 171، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه فضل التبكير إلى الجمعة لما دل عليه من اعتناء الملائكة بكتابة السابق وأن الأسبق أكثر ثوابًا لتشبيه المتقدم بمهدي البدنة والذي يليه بمهدي ما هو دونها وهي البقرة] اهـ.
كما أكدت الإفتاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذَّر مِن تأخيرِ الحضور إلى الجمعة وكذا مِن التَّخلُّفِ عنها بغير عذرٍ؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ»، إلى أنْ قال: «فَمَنِ اسْتَغْنَى بِلَهْوٍ أَوْ تِجَارَةٍ اسْتَغْنَى اللهُ عَنْهُ، وَاللهُ غَنِيُّ حُمَيْدٌ.. الحديث» أخرجه الإمامان: الدارقطني والبيهقي في "السنن".
وعن أَبي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا، طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلْبِهِ» أخرجه الأئمة: أبو داود والدارمي في "السنن"، وابن خزيمة وابن حبان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك".