الجزيرة:
2025-01-20@05:34:19 GMT

طوفان الأقصى.. المباغتة والتوقيت وهشاشة الاحتلال

تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT

طوفان الأقصى.. المباغتة والتوقيت وهشاشة الاحتلال

الطوفان في اللغة هو ما كان كثيرا أو عظيما من الأشياء أو الحوادث بحيث يطغى على غيره. وهذا بالفعل ما حدث عندما طغت العملية العسكرية التاريخية التي قامت بها كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس صباح السبت على كل الأجندات الأخرى؛ على الحرب الروسية الأوكرانية ومنافسات الانتخابات الأميركية وعلى بقية ترندات الأخبار الإقليمية والعالمية.

يزداد الأمر عظمة عندما يرتبط هذا الطوفان بمعان مقدسة وروحية سامية حيث تم ربط الطوفان بالأقصى في معركة "طوفان الأقصى"؛ فالأقصى قبلة المسلمين الأولى ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم الذي يتعرض لأبشع أنواع الاعتداء والانتهاك من الحكومة الصهيونية ومن المستوطنين بشكل لا يحتمل. حيث انطلق المقاتلون كسيل يغشى الأرض وهم يدركون أن هذه معركة للأقصى تستحق أن تكون تاريخية وغير مسبوقة وتُدفع العدو ثمنا باهظا ليعلم أن الاعتداء على المسجد الأقصى لا يمر بلا حساب.

في الساعة الأولى للمعركة كان هناك عنوان قيادي واضح لا لبس فيه بكل ما يعنيه من ثقل وإجماع وطني؛ وهو القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، حيث خرج ببيان رزين ومحكم أوضح فيه خلفية وأهداف المعركة والمطلوب من الجهات المختلفة وكان الأهم فيها هو ربط أهداف العملية بالاعتداءات المستمرة على المسجد الأقصى خلال الأسابيع الأخيرة والتي قامت الحكومة الصهيونية الفاشية بتغطيتها ورعايتها وخاصة من قبل الوزيرين سموتريتش وإيتمار بن غفير، حيث اقتحم أكثر من 42 ألف مستوطن المسجدَ الأقصى منذ بداية عام 2023 وخاصة في الأسابيع الأخيرة خلال الأعياد اليهودية.

على كل حال الطوفان يحصل كما في الذاكرة الإنسانية بسبب الفساد والطغيان وقد أفسد الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه باستباحة المسجد الأقصى وبالاعتداء بدم بارد على أقدس المقدسات يوميا ومع سبق الإصرار وببجاحة غير مسبوقة.

ما قبل الطوفان

لقد تم توجيه نداءات وتحذيرات للحكومة الإسرائيلية خلال الأشهر الماضية بكثافة ليلا ونهارا وتم إبلاغ الوسطاء كافة سرا وجهارا بدعوة الاحتلال لتجنب المساس بالمسجد الأقصى ووقف انتهاكاته واعتداءاته على المصلين والنساء والأطفال في القدس، لكن الاحتلال تجاهل ذلك ومكر مكرا كبّارا، ولم تزد النداءات المستوطنين إلا تماديا وإصرارا في الاعتداءات سواء في القدس أو في الضفة الغربية، وترافق مع ذلك توجه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى مزيد من الاجراءات الانتقامية من الأسرى في السجون لتنغيص حياة 5 آلاف أسير فلسطيني مما زاد من تسخين الأمور.

على المستوى الإقليمي والدولي باتت وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي وأدواتها الدبلوماسية في قلب مسعى حثيث تتنقل فيه عبر عواصم الدول الإسلامية لتطبيع علاقاتها ككيان مشروع ومتفوق في المنطقة وكانت هناك إرهاصات بأن عددا من الدول الإسلامية باتت قاب قوسين أو أدنى من التطبيع الرسمي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي رغم أنه يُقاد بحكومة هي الأكثر فاشية في تاريخه ورغم كونه في ذروة اعتداءاته على المقدسات الإسلامية في القدس والخليل وعلى أبناء الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده في فلسطين. وفي هذه اللحظة السياسية جاء قرار هذا الهجوم غير المسبوق.

المفاجأة والمباغتة

لم تستيقظ دولة الاحتلال الإسرائيلي فحسب بل استيقظ العالم كله على وقع مفاجأة عسكرية غير مسبوقة مع قيام مئات من مقاتلي كتائب القسام بهجوم بري قوي وبالمظلات عبر قرابة 14 مجموعة مهاجمة على مستوطنات ومواقع عسكرية للاحتلال الإسرائيلي في محيط 40 كيلومترا في غلاف غزة. وقد تم الهجوم بغطاء صاروخي شمل إطلاق 5 آلاف صاروخ لم تستطع القبة الحديدية إسقاط أي منها خلال 20 دقيقة استطاع فيها المقاتلون السيطرة بالكامل على عدة مستوطنات بدأت بالسيطرة على موقع قيادة غزة التابع للجيش الإسرائيلي.

ولقد شكّل هذا الخبر صدمة مهولة للاحتلال وحكومته وأجهزته الأمنية والاستخبارية التي يبدو أنها لم تفق من الصدمة حتى الآن، كما كان الهجوم بمثابة حلم بالنسبة لكل فلسطيني منّى النفس بزوال الاحتلال والعودة إلى أرضه التي احتلت عام 1948 أو عام 1967.

لقد تحقق هذا الحلم بالنسبة للفلسطينيين من خلال خطة محكمة يبدو أن قيادة كتائب القسام عملت على إعدادها والاستعداد لها على مدار سنوات بسرية بالغة حيث حققت مباغتة عالية اختارت توقيتها ومكانها وأدواتها يحق لها أن تدرس في كافة الأكاديميات العسكرية.

اختيار التوقيت

لقد عملت حركة حماس على تصعيد العمليات العسكرية ضد الاحتلال في الضفة الغربية خلال الأشهر الأخيرة لمواجهة مشاريع التهويد والاستيطان ووقف تغول المستوطنين وبذلت في ذلك وسعها مما جعل جيش الاحتلال الإسرائيلي ينقل عددا كبيرا من قواته من الحدود مع غزة إلى الضفة الغربية لحماية المستوطنات ومواجهة أي تصعيد محتمل، وهذا مهد الطريق أمام تسهيل الطريق أمام المقاتلين الذين انطلقوا نحو أهدافهم المدروسة مسبقا.

لقد فرض الاحتلال الإسرائيلي إغلاقا شاملا على الأراضي الفلسطينية منذ 29 سبتمبر/أيلول وحتى ليل السبت السادس من أكتوبر/تشرين الأول بسبب مناسبة عيد العرش آخر الأعياد في فترة الأعياد اليهودية، وكانت هناك معلومات لدى المقاومة -كما أفاد الشيخ صالح العاروري نائب قائد حماس- بأن قوات الاحتلال كانت تستعد لتوجيه ضربة استباقية للمقاومة في غزة لدورها في إسناد المقاومة في الضفة الغربية، ومع هذين المعطيين باغتت المقاومة الاحتلال في فترة استرخائه واطمئنانه وتحلله من كل أنواع الجهوزية العسكرية مع آخر ليلة في الأعياد واستبقت ضربته بضربة لم تكن في الحسبان ولا في الخيال.

ويأتي توقيت المقاومة في الذكرى الـ50 لحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 التي وجهت فيها مصر وسوريا ضربات منسقة ضد الاحتلال الإسرائيلي في سيناء والجولان، وقد تشابهت في العموم مع هذه الحرب في إخفاق الاستخبارات الأميركية في توقعها والارتباك والصدمة ومن ثم الضوء الأخضر الأميركي ويبقى أن تحدث أزمة كبيرة في الولايات المتحدة تصبح فيها إسرائيل أكثر انعزالا لتكتمل مشاهد التشابه مع أكتوبر/تشرين الأول 1973.

وعلى كل حال فإن رمزية تمثيل المقاومة الفلسطينية لامتداد انتصارات الشارع العربي المتعطش للانتصارات منذ 50 عاما هي الصورة الأكثر أهمية هنا والتي تزداد حيوية كلما أحدثت مزيدا من الأثر في التضامن العملي من الشارع العربي الملتهب، وقد جاءت بعض الإشارات الأولية لهذا التضامن في استهداف شرطي مصري لإسرائيليين في الإسكندرية وإطلاق بعض المقذوفات من لبنان وينتظر المزيد من الحراك والتفاعل.

هشاشة الموقف الاسرائيلي لقد كان التصور لدى العقل السياسي والأمني الإسرائيلي أن حركة حماس مرتدعة ولن تجرؤ على القيام بعملية هجومية محدودة فضلا عن عملية بهذا الحجم، وذلك بالنظر إلى الصعوبات التي يواجهها قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 15 عاما وبالنظر إلى موقف الحركة المتحفظ على الانخراط في بعض جولات القتال المحدودة التي اندلعت خلال العام الحالي. ثانيا لم يكن لدى أجهزة العدو الاستخبارية أدنى فكرة أو حتى شبهة عن إمكانية وقوع مثل هذه العملية رغم وجود مئات المقاتلين الذين كانوا يستعدون لخوضها وآلاف الصواريخ التي تم تربيضها، ولقد تم ترتيب كل شيء بعناية فائقة أظهرت تفوق العقل الأمني الفلسطيني. ثالثا على المستوى العملياتي لم يستطع العدو التعامل مع هذه المعركة حتى بعد ساعات من بدايتها، فلقد كان المقاتلون يسيطرون على المواقع العسكرية تلو الأخرى ويتجولون فيها ويعودون بالأسرى بدون أن يستطيع الاحتلال الإسرائيلي أن يقدم الدعم والإسناد لقواته التي تتعرض للمباغتة. ولم يقم سلاح الجو الإسرائيلي المشهور بتفوقه بأي حركة لمواجهة المقاتلين في الساعات الأولى. كما استطاعت المقاومة أن تستبدل بعدد من المهاجمين مهاجمين جددا وتمد المهاجمين الذين تقدموا في الصباح بإمدادات في السلاح والعتاد. ولا تزال العمليات حتى كتابة سطور هذا المقال مستمرة داخل سديروت وفي بعض التجمعات الاستيطانية في الداخل المحتل. رابعا: من زاوية أخرى لم تشارك في عمليات طوفان الأقصى سوى أعداد قليلة تقدر بأقل من 10% من قدرات كتائب القسام واستطاعت أسر أكثر من 100 أسير عسكري من جنود وجنرالات الاحتلال الذين تم سحبهم من مواقعهم ودباباتهم، الذين تم نقلهم إلى قطاع غزة على الدراجات النارية والذين تم أسرهم ضمن خطة محكمة سيتم بموجبها تفادي ردة فعل إسرائيلية مجنونة نسبيا وسيتم العمل على تبييض السجون وتسريع حرية 5 آلاف أسير.

ختاما؛ قد لجأ العدو لموقف أميركي مساند لعلاج ارتباكه وللملمة صفوفه ولكن مهما حصل فإن الإسرائيليين سيظلون يعيشون هاجس الطوفان، وقد يلجأ نتنياهو إلى ردود قاسية ولكن العدو وضع كل سيناريوهاته على حسابات لم يدخل فيها هذا الطوفان. وسيحتاج الكثير من الوقت، وقد لا يجده لوضع خطط تتناسب مع ما حدث. كما أن من هندس هذا الهجوم بنجاح ونفذه بنجاح وتمت الأمور كما هو مخطط لها بنسبة كبيرة جدا لا يتوقع منه أن يغفل عن الاستعداد للتعامل مع ردود العدو الذي تلقى ضربة أذلته وأظهرت أنه ليس إلا نمرا من ورق.

لقد فُتحت صفحة جديدة في تاريخ القضية الفلسطينية كنا نحسب أن معركة القدس فيها معركة فاصلة ولها ما بعدها؛ لكن ما حدث اليوم وأمس هو من فصول التاريخ العسكري الإنساني وسيكون له انعكاسات كبيرة جدا.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی المسجد الأقصى الضفة الغربیة کتائب القسام

إقرأ أيضاً:

الانتصار الفلسطيني يدخُلُ حيز التنفيذ.. نتائجُ “طوفان الأقصى” تحاصرُ وجودَ العدوّ

يمانيون../
دخَلَ اتّفاقُ وقف إطلاق النار في غزةَ حيِّزَ التنفيذ، الأحد، وسط أجواء احتفالية بالانتصار التاريخي الذي تعاضدت المقاومة الفلسطينية مع شعبها في تأمين الوصول إليه وتثبيت شروطِه على مدى 15 شهرًا من الصمود في وجه الإبادة الجماعية الوحشية والتدمير الشامل، بمساندة تأريخية أَيْـضًا من جانب جبهات المقاومة في لبنان واليمن والعراق؛ ليعودَ العدوُّ إلى نقطة البداية محرومًا من أي إنجاز فعلي، وعاجزًا عن تغيير الواقع الجديد الذي فرضه “طوفان الأقصى”.

مع أول ساعات دخول الاتّفاق حيز التنفيذ، كانت الأجواء في غزة تعبّر بوضوح عن الطرف المنتصر، حَيثُ خرج أبناء الشعب الفلسطيني مع مجاهدي المقاومة للاحتفال معًا بالانتصار على إرادَة العدوّ وإسقاط أهدافه وإجباره على القبول بنفس الشروط التي ظن في البداية أنه سيتجاوزها، والمتمثلة بوقف الإبادة وتبادل الأسرى والانسحاب من غزة، وهو إنجاز لم تخفف من قيمته أرقام الضحايا والمشاهد المروعة للدمار الشامل، بل زادته قيمةً وأهميّةً؛ لأَنَّها تعني أن كُـلّ ما يستطيع العدوّ فعله وارتكابه من جرائم لا يغيِّر من حتمية هزيمته، وبالتالي حتمية زواله.

مشاهد عودة النازحين إلى مناطقهم برغم غِيابِ ملامحها؛ بسَببِ التدمير الهائل، ترجمت هذا بوضوح، حَيثُ عكست تلك المشاهد السقوط المدوي لما سُمِّيَت بـ “خطة الجنرالات” التي كان العدوّ يسعى من خلالها إلى تهجير الفلسطينيين قسرا بتحويل مدنهم وأحيائهم إلى أراضٍ محروقة ومناطق عسكرية، وهي خطة كان العدوّ الصهيوني يعول عليها كَثيرًا في الأشهر الأخيرة لتعويض فشله في تحقيق أهداف الحرب، وسقوطها يثبت اليوم أن إرادَةَ الشعب الفلسطيني ومقاومته أقوى وأكثر ثباتًا وفاعلية من كُـلّ استراتيجيات العدوّ وإمْكَاناته، وأنه لا يمكن هزيمةُ غزة.

هذا أَيْـضًا ما بات يدركه العدوّ بشكل واضح، وتترجمُه اعترافاتُ قادته ومسؤوليه الذين لم يتردّدوا في اعتبار الاتّفاق “هزيمة لإسرائيل” وفقًا لكل الاعتبارات، ومنها اعتراف الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ومهندس ما تسمى “خطة الجنرالات” نفسه الذي أكّـد أن “إسرائيل فشلت بشكل مدوٍّ في غزة” وأن “حماس انتصرت بكل تأكيد”، وهي اعترافات لم يفلح مجرم الحرب بنيامين نتنياهو في تخفيف وقعها إعلاميًّا، وقد تكاملت مع دلائل أُخرى على الهزيمة، مثّل انسحاب ما يسمى بوزير الأمن القومي لكيان العدوّ، إيتمار بن غفير، مع أعضاء حزبه من حكومة العدوّ، اعتراضًا على الاتّفاق، وتهديد ما يسمى بوزير المالية سموتريتش، بإسقاط الحكومة إذَا لم تتم العودة إلى القتال؛ الأمر الذي يعمِّقُ بلا شك الأزمةَ الداخليةَ التي يواجهُها نتنياهو بالفعل منذ مدة، ويفتحُ البابَ أمام المزيد من الانقسامات التي ستبرز المزيد من دلائل الهزيمة والفشل.

المقاومة أكثر تماسكاً

لقد بدت غزةُ صباحَ الأحد، أكثَرَ تماسُكًا بكثير مما بدا عليه العدوّ الصهيوني بعد 15 شهرًا من الحرب فيما يتعلق بالموقف والتلاحم الداخلي، وإلى جانب النصر الواضح الذي حقّقته من خلال فرض شروطها العادلة على العدوّ وتعطيل فاعلية كُـلّ ما يمتلكه من نفوذ وإمْكَانات وتحالفات، فَــإنَّ غزة لم تخرج وحيدة من الحرب أَيْـضًا؛ إذ مثّل انتصارُها تثبيتًا لواقع إقليمي جديد لم يكن بحسبان العدوّ وشركائه، وهو واقعُ الإسناد متعدد الجبهات للشعب الفلسطيني والذي سعى العدوُّ طيلةَ الحرب لتفكيكِه من خلالِ استهداف كُـلّ جبهة مساندة، وُصُـولًا إلى شَنِّ حرب شاملة على لبنان، وإطلاق عدوانٍ دولي على اليمن، لكنه لم يتمكّن أَيْـضًا من تحقيق أهدافه، بل ضاعَفَ معطياتِ الفشل التي رسّخت حتميةَ هزيمته في هذه الجولة وفي أية جولة قادمة.

وفي هذا السياق فقد مثَّلَ انتصارُ “حزب الله” على العدوّ الصهيوني، مقدمة مهمة لخروج غزة منتصرة، وهو الهدف الذي وضعه سماحة الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله لجبهة الإسناد اللبنانية منذ البداية، وبرغم أن العدوّ تمكّن من توجيه ضربة كبيرة للحزب من خلال اغتيال قيادته، فَــإنَّ المقاومة الإسلامية في لبنان استطاعت بشكل مدهش احتواء تلك الضربة وقتل تأثيرها بسرعة وعكس اتّجاه الضغط العسكري والأمني باتّجاه العدوّ لإجباره على وقف عدوانه والانسحاب من جنوب لبنان بعد تعرضه لإنهاك كبير ساهم في تمهيد الطريق لانتصار غزة التي أدرك العدوّ مجبرًا أنه لن يحقّق أهدافَه فيها مثلما لم يحقّق أهدافَه في لبنان.

وقد أسهمت جبهة الإسناد اليمنية في تثبيت هذا الواقع بشكل لم يتوقعه العدوّ الذي كان في البداية قد أوكل مهمة “ردع اليمن” إلى حلفائه الأمريكيين والبريطانيين والأُورُوبيين، ليتفاجأ أنهم غيرُ قادرين حتى عن تشكيل جدار حماية فعال ضد الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية التي تطورت تقنياتها بسرعة وتحولت إلى تهديد استراتيجي -فضلًا عن وقف إطلاق تلك الصواريخ والطائرات- وهو ما دفعه في النهاية إلى محاولة التصرف بشكل مباشر، لكنه لم يستطع أن يحدث بتلك المحاولة حتى تأثيرًا دعائيًّا بسيطًا، وبرغم الرقابة التي يمارسُها على وسائل إعلامه، لم يستطع أن يمنعَ استحواذَ عناوين الفشل والإحباط على مشهدِ المواجهة مع جبهة الإسناد اليمنية، وهو ما تكامَلَ بشكلٍ فَعَّالٍ مع نتائج هزيمة العدوّ في لبنان وفشله في غزة؛ لترسيخِ واقع استحالة الانتصار في المواجهة وحتمية التعاطي مع شُرُوط غَزَّةَ في النهاية.

ولم تكتفِ جبهةُ الإسناد اليمنية بالمساهمة الفعالة في تثبيت أرضية الانتصار الفلسطيني خلال الحرب، بل عملت أَيْـضًا على ضَمانِ الإطار التفاوضي للانتصار من خلال التصعيد الكبير الذي تزامن مع آخرِ الترتيبات التفاوضية لاتّفاق وقف إطلاق النار، وُصُـولًا إلى ما قبلَ دخول الاتّفاق حيزَ التنفيذ بساعات قليلة، بالإضافة إلى دور المراقبة الذي أعلنت القوات المسلحة عن توليه من خلال الاستعداد للتعامل مع أية خروقات صهيونية للاتّفاق بعد دخوله حيز التنفيذ بالتنسيق مع المقاومة الفلسطينية، وهو دورٌ يحافظ على الانتصار بعد تحقيقه، ويثبّت واقعَ هزيمة العدوّ وواقع التغيُّر الإقليمي لصالح المقاومة الفلسطينية؛ الأمر الذي يثبّت معادلات ثباتها وانتصارها في الجولات القادمة أَيْـضًا.

مقالات مشابهة

  • الانتصار الفلسطيني يدخُلُ حيز التنفيذ.. نتائجُ “طوفان الأقصى” تحاصرُ وجودَ العدوّ
  • أبو عبيدة: معركة طوفان الأقصى أشعلت شرارة تحرير فلسطين
  • أبو عبيدة يلقي خطاب النصر ويعلن: معركة طوفان الأقصى دقت المسمار الأخير بنعش الاحتلال وغيّرت المعادلات
  • أبو عبيدة: معركة "طوفان الأقصى" التاريخية دقت المسمار الأخير في نعش الاحتلال الزائل لا محالة
  • أبو عبيدة:”تضحيات ودماء شعبنا لن تذهب سدى ولها ما بعدها”
  • أبو عبيدة: 471 يوما على معركة طوفان الأقصى التاريخية التي دقت المسمار الأخير بنعش الاحتلال
  • في أول ظهور منذ شهور.. أبو عبيدة: التضحيات والدماء العظيمة التي بذلها شعبنا لن تذهب سدى / فيديو
  • خبراء إيرانيون يقيّمون طوفان الأقصى بعد اتفاق غزة
  • حماس: طوفان الأقصى حطّمت غطرسة العدو الاسرائيلي
  • “حماس”: “طوفان الأقصى” جسدت تلاحم شعبنا مع مقاومته وحطّمت غطرسة العدو