جوجل Meet.. ميزة جديدة لإجراء المكالمات الجماعية بجودة 1080 بكسل
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
أعلنت شركة جوجل عن إتاحتها لميزة إجراء المكالمات الجماعية بجودة عالية تبلغ نحو 1080 بكسل على منصة الاجتماعات والمكالمات المرئية التابعة لها Meet.
أوضحت جوجل إنها ستبث المكالمة بجودة 1080 بكسل، عندما يقوم شخص أو أكثر بتكبير مساحة الشاشة المخصصة للمستخدم الذي يفعلها.
كيفية إجراء المكالمات الجماعية على جوجلسيقوم المستخدمون بتفعيل خيار إجراء المكالمة بالجودة العالية قبل بدئها، لأن هذه الميزة معطلة افتراضيا، ومن المفترض تفعيلها يدويا، أو التحكم فيها من خلال قائمة الإعدادات.
يجب أن يكون لدى المستخدمين اتصال سريع بالإنترنت، إلا فإن خدمة جوجل Meet سوف تعدل جودة المكالمة تلقائيًا بحسب سرعة الاتصال.
جوجل Meetيذكر أن ميزة إجراء المكالمات الجماعية بجودة عالية جوجل Meet متوفرة فقط للمشتركين في خطط «غوغل ورك سبيس» المدفوعة، وهى غير متاحة حاليا لأصحاب الحسابات الشخصية المجانية.
وكانت قد أتاحت الشركة الأميركية ميزة جوجل Meet في وقتٍ سابق من العام الجاري للمكالمات الفردية عبر Meet قبل توسيع نطاقها لتشمل المكالمات الجماعية.
وفي ذات الوقت، أعلنت جوجل عن زيادة الدقة القصوى للمحتوى الذي يجري مشاركته أثناء المكالمات عبر Meet من 720 بكسل إلى 1080 بكسل، وهو ما سيساهم في توضيح النصوص والرسوم المعروضة.
جوجل Meet والذكاء الاصطناعيتعمل جوجل على التخطيط لإدماج مزايا الذكاء الاصطناعي في خدمة Meet عبر مساعد الذكاء الاصطناعي الخاص بها Duet AI، الذي سيتيح العديد من المزايا الإضافية ومن بين هذه المزايا:
-تلخيص الاجتماعات.
- وعرض الترجمة الحية للغات الأجنبية.
وحضور الاجتماعات نيابةً عن المستخدمين، وغيرها.
اقرأ أيضاًجوجل تطرح الجيل الجديد من هواتف بيكسل
الذكرى 25 لإنشاء Google.. كيف أصبح جوجل أشهر محرك بحث في العالم؟
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
التبريرات والإدانات الغربية للمجازر والإبادات الجماعية
في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وبعد ما يقرب من أربعة عقود من الاحتلال العسكري ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات لصالح المستوطنين اليهود، تلاها حصار خانق استمر لعقدين وحوّل غزة إلى معسكر اعتقال مفتوح، جاء الردّ الفلسطيني على إسرائيل. وقد أدى هذا الردّ على عقود من الاستعمار والقمع إلى مقتل نحو 1150 إسرائيليا، يقدّر بأن ثلثيهم من المدنيين. من بين هؤلاء القتلى هناك عدد غير محدد حتى الآن قتلتهم قواتهم الإسرائيلية، حين فعّلت ما يُعرف بـ"بروتوكول حنبعل"، وهو إجراء عسكري إسرائيلي يسمح باستخدام القوة المفرطة لمنع أسر الجنود أو المدنيين، حتى وإن أدى ذلك إلى مقتلهم.
وفي ردها على هذا الهجوم، شنّت إسرائيل حملة إبادة جماعية راح ضحيتها أكثر من 200 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح حتى الآن، ودمّرت قطاع غزة بالكامل، مخلفة ما يقرب من مليوني لاجئ، تسعى إسرائيل إلى تهجيرهم قسرا بصورة نهائية.
وصف وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يوآف غالانت، الفلسطينيين بـ"الحيوانات البشرية"، بينما شدد الرئيس الإسرائيلي على أن "الشعب [الفلسطيني] بأكمله مسؤول"، مضيفا "أن الكلام عن أن المدنيين [الفلسطينيين] غير مدركين وغير متورطين هو غير صحيح البتة". وقد اعتبر هذان التصريحان دليلين رئيسين على نية إسرائيل في الحكم التمهيدي الذي أصدرته محكمة العدل الدولية الذي يلزم إسرائيل بوقف جميع أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.
وقد دفع مقتل عشرات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين عضوا في الكنيست الإسرائيلي إلى القول إن "أطفال غزة هم من جلبوا ذلك على أنفسهم". ومؤخرا، وصف نائب رئيس البرلمان الإسرائيلي، نيسيم فاتوري، الفلسطينيين بأنهم "دون البشر"، فيما اصطف القادة الغربيون أيضا لتبرير استهداف إسرائيل للمدنيين؛ على سبيل المثال، أيد كير ستارمر، زعيم المعارضة في حزب العمال البريطاني آنذاك، "حق" إسرائيل في قطع الغذاء والماء والوقود والأدوية عن جميع سكان غزة، وهو موقف لم يمنعه لاحقا من تولي منصب رئاسة الوزراء.
اعتبر هذان التصريحان دليلين رئيسين على نية إسرائيل في الحكم التمهيدي الذي أصدرته محكمة العدل الدولية الذي يلزم إسرائيل بوقف جميع أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين
ما تمارسه إسرائيل اليوم من قتل وإبادة جماعية غير مسبوق منذ إقامتها عام 1948، ولعل أقرب حملة إسرائيلية مشابهة لها من حيث عدد الضحايا هي غزوها للبنان عام 1982؛ الذي أسفر عن مقتل نحو 20 ألف فلسطيني ولبناني، وتدمير جنوب لبنان وأجزاء واسعة من بيروت. في ذلك الوقت، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن الفلسطينيين بأنهم "وحوش تسير على قدمين".
بررت إسرائيل غزوها للبنان الذي شنّته في 6 حزيران/ يونيو 1982 (والذي انتهك اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة لمدة 11 شهرا مع منظمة التحرير الفلسطينية، والذي انتهكته إسرائيل باستمرار طوال مدته وفقا للأمم المتحدة) بأنه رد على محاولة اغتيال سفيرها في لندن شلومو أرغوف، التي نفذتها جماعة أبو نضال في 3 حزيران/ يونيو، وأصيب على إثرها السفير بجروح بالغة. ومن المعروف أن جماعة أبو نضال كانت فصيلا متمردا ومعاديا لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقد نفذت الجماعة العديد من عمليات الاغتيال بحق مسؤولين في منظمة التحرير الفلسطينية في السبعينيات والثمانينيات.
ويُعتقد على نطاق واسع أن زعيم الجماعة، أبو نضال، كان عميلا لإسرائيل، وهو ما يعزّز فرضية أن محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي شلومو أرغوف لم تكن مجرد عمل فردي معزول، بل عملية مدبّرة بعناية لتوفير الذريعة السياسية والعسكرية اللازمة لإسرائيل لشنّ غزو شامل للبنان.
دفعت المذابح الواسعة التي ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين في لبنان، ولاحقا في غزة، العديد من الحكومات ووسائل الإعلام والجامعات الغربية إلى تبريرها بوصفها أعمالا مشروعة في مواجهة ما يعتبره الغرب مقاومة فلسطينية "غير شرعية". لم يُدن الفلسطينيون أو تُبرَّر الإبادة الجماعية بحقهم فحسب، بل أصبح الدفاع عن حقوقهم في الغرب فعلا يُعاقب عليه أيضا، حيث يتعرض مناصرو القضية الفلسطينية للملاحقة من قبل مؤسسات خاصة وعامة، بل وحتى من قبل الحكومات نفسها. ويُعد الطالب الفلسطيني في جامعة كولومبيا، محمود خليل، من أبرز ضحايا هذه الملاحقات.
ما جرى ويجري للفلسطينيين ليس استثناء في التاريخ الاستعماري، بل هو امتداد لسوابق بارزة في سياقات استعمارية مختلفة، وقد تناولت بعضها بإسهاب سابقا في هذا الموقع (في جنوب أفريقيا، وإثيوبيا، والجزائر، وناميبيا، وبلاد أخرى). ورغم أن هذه السوابق قد لا تتطابق كليّا فيما بينها، إلا أن أوجه الشبه بينها تُبرز التفاوت الفجّ في المعايير الغربية، بين أنواع العنف التي تُدان وتلك التي تُبرَّر، وبين ضحايا يُنظر إليهم بوصفهم "جديرين بالتعاطف"، وآخرين يُهمَّشون أو يُنفى عنهم هذا الحق.
ثمة أيضا العديد من السوابق التاريخية لهذا المعيار الغربي المزدوج والمنافق. ففي 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 1938، دخل هيرشل غرينسبان، ابن السبعة عشر عاما، وهو لاجئ يهودي من ألمانيا مقيم في باريس، إلى السفارة الألمانية واغتال الدبلوماسي الألماني إرنست فوم راث. وقد استغلّ النظام النازي هذه الحادثة لشنّ مذبحة "كريستال ناخت" أو "ليلة تحطيم الزجاج"، التي قُتل خلالها 91 يهوديا في أنحاء ألمانيا والنمسا، كما دُمّرت آلاف المتاجر والممتلكات اليهودية.
ولكن لم تكن تلك أول عملية اغتيال لمسؤول نازي على يد يهودي. ففي عام 1936، عشية انطلاق دورة الألعاب الأولمبية في برلين، أقدم طالب الطب اليهودي ديفيد فرانكفورتر، البالغ من العمر 26 عاما والمولود في يوغوسلافيا، على اغتيال المسؤول النازي فيلهلم غوستلوف في دافوس بسويسرا. وكان فرانكفورتر، الذي غادر ألمانيا في عام 1933، قد صرّح لاحقا: "اجتاحتني موجة من الكراهية تجاه كل ما يمثله النازيون ومليشيات القمصان البنية". وقد ألقى هتلر خطابا في جنازة غوستلوف الرسمية في ألمانيا؛ ألقى فيه باللوم في عملية قتله على "القوة البغيضة لعدونا اليهودي".
أما غرينسبان، فقد وُلد عام 1921 في ألمانيا لأبوين بولنديين هاجرا إلى ألمانيا عام 1911، لكنه لم يُمنح الجنسية الألمانية أبدا بسبب قانون الجنسية العنصري الصادر عام 1913، وظل بلا جنسية حتى حصل لاحقا هو ووالداه على الجنسية البولندية بعد استقلال بولندا في نهاية الحرب العالمية الأولى. كان غرينسبان ناشطا في "نادي بار كوخبا" الصهيوني للشباب الذي أسسه الزعيم الصهيوني ماكس نورداو في وقت سابق من ذلك القرن، لحث الشباب اليهود على اكتساب "العضلات". يُقال إن غرينسبان كان سريع الغضب وكان يرد بعنف على الاستهزاءات والإهانات المعادية للسامية في المدرسة.
تقدم غرينسبان بطلب للهجرة إلى فلسطين عام 1936، إلا أن إدارة الحركة الصهيونية في فلسطين، المخولة حينها باختيار المهاجرين وفقا لنظام الحصص المعتمد من قبل الانتداب البريطاني، رفضت طلبه بحجة صغر سنه. بعدما حصل غرينسبان على جواز السفر البولندي وتصريح إقامة ألماني، غادر البلاد لكنه دخل فرنسا بشكل غير قانوني في عام 1936. لكن، في عام 1937، انتهت صلاحية جواز سفره البولندي وكذلك تصريح إقامته الألماني. وفي العام التالي، ألغت الحكومة البولندية المعادية للسامية جنسية اليهود البولنديين المقيمين بشكل مستمر لمدة خمس سنوات أو أكثر خارج البلاد، مما جعل غرينسبان بلا جنسية. في غضون ذلك، سعت الشرطة الفرنسية إلى ترحيله.
بعد إسقاط بولندا لجنسية اليهود البولنديين المقيمين في الخارج، ألغى النازيون تصاريح الإقامة لليهود البولنديين المقيمين في ألمانيا ورحّلوا 12000 منهم إلى بولندا في تشرين الأول/ أكتوبر 1938 بمن فيهم عائلة غرينسبان. قرر غرينسبان بعد أن علم بمحنة عائلته اغتيال السفير الألماني في باريس يوهانس فون ويلتشيك، وعندما دخل مبنى السفارة، طلب غرينسبان مقابلة السفير أو مسؤول رفيع المستوى آخر مدعيا أنه يريد تسليمهم وثيقة مهمة تحتوي على معلومات استخباراتية. أُدخل غرينسبان إلى مكتب إرنست فوم راث، وهو موظف صغير في السفارة، فسأله الأخير عن الوثيقة.
وفقا للشرطة الفرنسية، صرخ غرينسبان في وجه فوم راث قبل أن يسحب مسدسه: "أنت بوش قذر! نيابة عن 12000 يهودي مضطهد، إليك الوثيقة!" (كلمة "بوش" هي صفة فرنسية عنصرية معادية للألمان). أطلق غرينسبان النار على فوم راث خمس مرات في بطنه، وتوفي فوم راث البالغ من العمر 29 عاما بعد يومين متأثرا بجراحه.
تم الكشف لاحقا عن أن فوم راث كان في الواقع ناقدا للنازيين ومتعاطفا مع اليهود، وكان جهاز المخابرات النازية، الغيشتابو، يتعقبه. وقد زعمت ادعاءات لاحقة أن فوم راث وغرينسبان كانا يعرفان بعضهما البعض مسبقا وكانت بينهما علاقة جنسية، إلا أن غرينسبان بحسب هذا الزعم شعر بالإحباط عندما تراجع فوم راث عن وعوده بتجديد تصريح إقامة غرينسبان الألماني. من المرجح أن تكون قصة مثليتهم الجنسية، وفقا لحنة آرندت، ملفقة من قبل الغيشتابو.
أقام النازيون جنازة رسمية لفوم راث في مدينة دوسلدورف، حضرها، إلى جانب أدولف هتلر، وزير الخارجية يواكيم فون ريبنتروب الذي أعلن بتحدٍّ: "لقد فهمنا التحدي ونقبله"، وأضاف أنه ردا على الاغتيال، فإن المعركة "ضد يهود العالم" ستكون متواصلة. وأضاف المسؤول النازي إرنست فيلهلم بوهل أن فوم راث كان "الضحية الثامنة في الخارج للشهوة اليهودية البلشفية للقتل". وذكّر بوهل بجرائم قتل ألمان آخرين في الخارج، بمن فيهم غوستلوف، وأضاف: "إنهم اليوم أهداف للكراهية والاضطهاد والافتراءات مِن مَنّْ هم دون البشر الدوليين، الذين يركزون كل قوتهم على تدمير الرايخ المنبعث".
تساؤلات حول طبيعة التعاطف الغربي وطبيعة إداناته، ناهيك عن أنواع المقاومة التي يُشرّعها والتي لا يُشرّعها. ومع اتساع نطاق آلة القتل الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، وامتدادها إلى لبنان واليمن وسوريا، وتزايد الدعم الغربي الرسمي وغير الرسمي لها، يبدو أنه لا حدود للتعاطف الغربي مع هذا البلد الإبادي
ونظرا لأن فوم راث قُتل في ذكرى ما سمي بحادثة "انقلاب هتلر في قاعة البيرة" عام 1923، وهي مناسبة ذات أهمية رمزية في التاريخ النازي، فقد اكتسب اغتياله دلالة رمزية كبيرة. ألقى وزير الدعاية النازي يوزف غوبلز خطابا دعا فيه الألمان إلى الانتقام لمقتل فوم راث، وكتب في مذكراته: "للمرة الأولى، يجب أن يشعر اليهود بغضب الشعب". بعد ذلك بوقت قصير، بدأت حشود من الألمان المسيحيين بمهاجمة اليهود والمتاجر اليهودية، واستمرت المذبحة طوال الليل، وهي المذبحة التي عُرفت لاحقا باسم "ليلة تحطيم الزجاج". قُتل 91 يهوديا ودمرت آلاف المتاجر اليهودية، كما اعتقل النازيون 30 ألف يهودي. وقد زعم المسؤولون النازيون أن المذبحة كانت رد فعل "عفويّا" من الألمان ضد اليهود لاغتيال فوم راث. أما نسبة قتل 91 يهوديا ألمانيا مقابل مقتل مسيحي ألماني واحد فقد كانت مجرد بداية لما كان النازيون يضمرونه لليهود.
من الأهمية بمكان متابعة مصير كل من فرانكفورتر وغرينسبان في ضوء السياق الراهن. فقد حُكم على فرانكفورتر بالسجن 18 عاما من قبل قاضٍ سويسري، لكنه نال العفو في نهاية الحرب العالمية الثانية بعد أن قضى تسع سنوات في السجن، وقد استقبلته الجماهير استقبال الأبطال، وصرح قائلا: "أخطط لمغادرة سويسرا ومحاولة بدء حياة جديدة في بلد يمكن للناس فيه العيش والعمل دون التعرض للمضايقات". غادر فرانكفورتر سويسرا وأصبح مستعمرا في فلسطين، وانضم إلى الجيش الإسرائيلي فيما بعد. كان "بلده الجديد"، ولا يزال، بلدا لا يتعرض فيه اليهود للمضايقات، بل هو بلد لا يمكن فيه إلا للفلسطينيين التعرض للمضايقات والاضطهاد بدعم رسمي من الدولة. وقد لُقّب فرانكفورتر بـ"المحارب الأول ضد النازية"، وسُمّيت شوارع باسمه في إسرائيل، وطن الفلسطينيين المسلوب. وقد عُرض فيلم سويسري تكريما له عام 1975 بعنوان "اغتيال في دافوس".
أما هيرشل غرينسبان، فقد حظي بدعم واسع من وسائل الإعلام الأمريكية والغربية الأخرى، التي برّرت جريمته آنذاك كردّ فعل على الاضطهاد النازي لليهود. جُمعت مبالغ تزيد عن 40 ألف دولار في الولايات المتحدة للدفاع القانوني عن غرينسبان في باريس، إلا أنه، وبعد الغزو الألماني لفرنسا، وقبل أن يمثل أمام المحكمة، اختطفه جهاز الغيشتابو واقتاده إلى ألمانيا، حيث لم يُمنح محاكمة كما وُعد.
يعتقد أن غرينسبان توفي قبل نهاية الحرب، لكن وفاته لا تزال محل شك بسبب تقارير لاحقة زعمت مشاهدته في أوروبا. في عام 1960 أعلنت حكومة ألمانيا الغربية وفاته غيابيا بناء على طلب والديه اللذين انتقلا إلى إسرائيل في عام 1948. بعد الحرب، ألف الموسيقار البريطاني الشهير مايكل تيبيت مغناة كلاسيكية عنه، وكتب أيضا كلماتها، بعنوان "طفل من عصرنا"، وقد عرضت في بريطانيا ولاحقا في إسرائيل عام 1952 بحضور والدي غرينسبان.
إذا كان ثمة من يعتقد أن أبو نضال كان عميلا إسرائيليا، فقد بدت حنة أرندت مقتنعة بأن غرينسبان أيضا، الذي وصفته بأنه "مختل عقليا"، كان "أداة غير مقصودة لعملاء الغيشتابو في باريس، الذين ربما أرادوا قتل عصفورين بحجر واحد"، أي خلق ذريعة لاقتراف المذابح بحق اليهود والتخلص من ناقد سياسي للنازيين في نفس الوقت.
تطرح هذه الأحداث التاريخية، وردود الفعل الغربية الرسمية وغير الرسمية على العنف المشروع وغير المشروع، تساؤلات حول طبيعة التعاطف الغربي وطبيعة إداناته، ناهيك عن أنواع المقاومة التي يُشرّعها والتي لا يُشرّعها. ومع اتساع نطاق آلة القتل الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، وامتدادها إلى لبنان واليمن وسوريا، وتزايد الدعم الغربي الرسمي وغير الرسمي لها، يبدو أنه لا حدود للتعاطف الغربي مع هذا البلد الإبادي.
حتى هذه اللحظة، لم يُؤلف أي موسيقي غربي بارز عملا واحدا يُجسّد مأساة الفلسطينيين، ضحايا الإبادة الجماعية المستمرة على يد الدولة الصهيونية، ولم يُنتَج فيلم عالمي واحد يُنصف حقهم في الحياة، أو يروي حكاية مقاوميهم بلغة إنسانية حقيقية. لم تُسمَّ شوارع بأسمائهم، بل طُمست أسماء شوارعهم الأصلية في بلدهم المحتل، ومُحيت قراهم ومدنهم التي عمّروها لآلاف السنين. لا نشيد، ولا نصب، ولا أثر. فقط صمتٌ ثقيل، وخرسٌ لا يليق إلا بالمتواطئين.