بعد سلسلةٍ من التساؤلات والتوقعات، حسمت الولايات المتحدة الأميركيّة سبب إرسالها حاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد آر.فورد" إلى منطقة شرق المتوسط في ظل المعركة التي تواجهها إسرائيل ضدّ حركة "حماس". هنا، ظهرَ موقفان أساسيان من واشنطن لا يُمكن التغاضي عنهما بشأن حاملة الطائرات: الموقف الأول جاء على لسان المتحدث بإسم وزارة الدفاع الأميركي باتريك رايدر الذي قال يوم أمس إنَّ إرسال حاملة الطائرات هو رسالة لإيران و "حزب الله" بأنّ عليهما عدم التفكير بالتدخل في الجبهة المفتوحة.

أما الموقف الثاني فكان من قبل مُستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان الذي قال إنّ واشنطن لم تُحرك حاملة طائراتها لمواجهة "حماس"، بل فعلت ذلك لمنع التصعيد.  
الكلامُ الأميركي الذي تم إسداؤه يوم أمس ليس عادياً بل يحملُ سلسلة من الرسائل المُبطّنة. فعلياً، تكشف خلفيات المواقف إن واشنطن لا تريدُ أخذ الأمور نحو مواجهةٍ وتصعيد، بل هي تعملُ حالياً على "ضبط إيقاع" المعركة القائمة ووضع أُطرٍ محددة لها منعاً لتفاقهما. الكلامُ هذا بدأ يُحكى داخل أروقة جهات أساسيّة في محور المقاومة، وتقولُ معلومات "لبنان24" إنَّ قيادتيْ "حماس" و "حزب الله" إتفقتا مؤخراً على مراقبة ما ستفعله حاملة الطائرات تلك خلال أيام المعركة المفتوحة، مشيرةً إلى أنَّ هناك توجُّسٌ من إستخدام البارجة الحربية منصة لإنخراط أميركا في المعركة القائمة.  
في هذا الإطار، يقولُ مصدرٌ رفيع المستوى في "حماس" لـ"لبنان24" إنَّه ليس من مصلحة أميركا الدخول عسكرياً في حربٍ ضدّ "حماس" أو "حزب الله"، مشيراً إلى أنّ "حصول هذا الأمر سيعني إنفتاح كافة الجبهات على مصرعيها خصوصاً إنّ أي خطوة عسكرية أميركية ملموسة ستعني تدخلاً مرفوضاً تماماً".  
إزاء كل ذلك، يبدو أن أميركا إستبقت قليلاً المواقف وحاولت طمأنة خصومها إزاء عدم تدخلها المباشر مع الجيش الإسرائيلي في معركته ضدّ "حماس". إلا أنه وفي حال حصل هذا الأمر، فعندها قد تتوسّع المعركة إلى خارج حدود لبنان وفلسطين، ومن الممكن أن تُصبح كافة القواعد الأميركية في دول الخليج والعراق مُهدّدة بنيران فصائل تنضوي تحت إطار "محور المقاومة". 
على الصعيد الإستراتيجيّ، لا يُعتبر إنخراط أميركا في المعركة أمراً جيداً بالنسبة للأخيرة، فواشنطن تعي أنّ هذا الأمر سيؤدي إلى تضرر مصالحها في الشرق الأوسط بشكلٍ كبير، لكنها في الوقت نفسه مُضطرة لحماية إسرائيل وتوفير الدعم لها. لهذا، يمكن أن تكون مهمّة حاملة الطائرات الأميركية بمثابة تأكيدٍ على أمرين: الأول وهو أنّ قوة واشنطن لم تنكسر في الشرق الأوسط في ظلّ تنامي الحركات الحليفة لإيران، في حين أنّ الأمر الثاني يهدف للقول إنّ أميركا مستعدة لحماية منشآتها ومصالحها والدفاع عنها بشكلٍ مباشرٍ وتحديداً في حال قرّرت إيران إطلاق معركة حقيقية وفعلية وعسكرية ضدّ إسرائيل.  
أمام هذه المشهدية، يمكن القول إنَّ منحى التطورات الميدانية هو الذي سيرسمُ صورة الوضع القائم. أما على صعيد "حزب الله"، فإنّ أميركا تسعى الآن للجمِ تحركه ضد إسرائيل قدر الإمكان، وفي حال فُتحت المعركة، فإنّ أميركا قد تجدُ نفسها مضطرة لإستخدام قوتها العسكرية ضدّ الحزب، لكن هذا الأمرُ مستبعد تماماً طالما أنّ الأمور بقيت مضبوطةً عسكرياً وميدانياً. 
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حاملة الطائرات هذا الأمر حزب الله

إقرأ أيضاً:

أميركا ليست عميلة لإسرائيل كيف فسرها خبراء واشنطن؟

واشنطن- مثلت تصريحات المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون "الرهائن" آدم بولر بأن المحادثات المباشرة بين إدارة دونالد ترامب وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) كانت "مثمرة للغاية" وأن حماس "قدمت بعض الآراء المثيرة للاهتمام"، تغييرا كبيرا في تعامل الحكومات الأميركية مع حماس التي دخلت القائمة الأميركية للجماعات الإرهابية منذ عام 1997.

وقال بولر إنه بالإضافة إلى مناقشة إطلاق سراح "الرهائن"، ناقش الطرفان كيف قد تبدو نهاية الحرب؟ كما أشار في معرض حديثه عن التقارير التي تفيد بأن الإسرائيليين قلقون من خطوة إدارة ترامب، أنه يفهم هذه المخاوف، لكن "في الوقت نفسه، الولايات المتحدة ليست عميلة لإسرائيل".

وفي هذا السياق، أشارت تقارير إلى أن إسرائيل أجرت مناقشات أمس الاثنين مع البيت الأبيض حول فحوى تعليقات بولر.

وبسبب الدعم الكبير غير المحدود من واشنطن لإسرائيل، والذي أخذ منحى غير مسبوق في حجمه وطبيعته منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عقب عملية طوفان الأقصى، أربك موقف إدارة ترامب المراقبين في واشنطن خاصة أنه جاء عقب عدة خطوات داعمة لإسرائيل منها شحن أسلحة وقنابل من زنة 2000 رطل سبق لإدارة جو بايدن تجميدها.

إعلان

لا تغيير في الصورة الأميركية

جدير بالذكر أن إسرائيل تسعى، وبموافقة أميركية، إلى بعض الترتيبات التي من شأنها تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المزيد من المحتجزين دون الشروع في إنهاء دائم للحرب ضد حركة حماس.

وقال المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، أمس الاثنين، إن هناك حاجة إلى مواعيد نهائية للتوصل إلى اتفاق للمرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وإن "كل الأمور مطروحة على الطاولة، إذا وافقت الحركة على نزع سلاحها، ومغادرة قطاع غزة".

وفي حديث له مع شبكة فوكس الإخبارية، قبل سفره للشرق الأوسط، قال ويتكوف "إذا غادروا، فستكون كل الأشياء مطروحة على الطاولة من أجل سلام تفاوضي، وهذا ما يحتاجون القيام به".

بدوره، رأى كبير الباحثين في معهد دول الخليج العربية بواشنطن حسين إبيش، أن انخراط الولايات المتحدة مع حماس لا يغير الكثير في الصورة العامة فيما يتعلق بغزة أو العلاقات مع إسرائيل أو مع الفلسطينيين.

وفي حديث للجزيرة نت، ذكر إبيش أن "ترامب يركز على إطلاق سراح الرهائن بشكل عام، والرهائن الأميركيين المتبقين بشكل خاص، لذلك من المنطقي أنه مستعد للتفاوض مباشرة مع حماس لمعرفة ما إذا كان بإمكانه تحقيق ذلك دون أي تنازلات كبيرة إضافية تنطوي على إجبار إسرائيل على القيام بأشياء كبيرة لا تريد القيام بها".

إحباط ترامب

من جانبها، اعتبرت خبيرة الشؤون الخليجية في معهد كوينسي بواشنطن آنيل شلين، أنه من خلال الانخراط المباشر مع حماس للتفاوض على إطلاق سراح المحتجزين الأميركيين، يظهر ترامب مرة أخرى استعداده للخروج عن الأعراف السابقة.

وفي حديث للجزيرة نت، أشارت شلين إلى أنه "على الرغم من أن إسرائيل سربت الخبر على أمل الضغط على إدارة ترامب، فإن ما كُشف عنه يظهر إحباط فريق ترامب من عدم رغبة نتنياهو في العمل مع حماس للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المتبقين والموافقة على وقف كامل لإطلاق النار في غزة".

إعلان

في حين يرى إبيش أنه ليس من المستغرب أن تكون الولايات المتحدة مستعدة للتحدث مع حماس، خاصة حول الأميركي الذي لا يزال حيا ومحتجزا، ويساعد هذا أيضا في الضغط على إسرائيل للموافقة على مزيد من التمديدات للمرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، أو حتى الدخول في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، وكلاهما يرغب ترامب في تحقيقه لأنه يريد أن يرى نهاية لحرب غزة.

وفي حديث للجزيرة نت، أشار نائب رئيس معهد كوينسي في واشنطن تاريتا بارسي، إلى أنه "من الواضح أن إدارة ترامب تشعر بالإحباط بسبب بطء سير نتنياهو في المفاوضات وتخريبه المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار".

وأضاف بارسي أنه من الواضح أن فريق ترامب مستعد للضغط على إسرائيل سرا وعلنا، "ومع ذلك، لن يمارس هذا الضغط إلا عندما يشعر ترامب أن إسرائيل تقوض أهدافه، وليس بسبب أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي أو ترتكب جرائم حرب. في الواقع من المرجح أن يكون ترامب أكثر تسامحا مع قمع إسرائيل للفلسطينيين".

مصالح ترامب أولا

وفي حديثها للجزيرة نت، قالت خبيرة الشؤون الخليجية في معهد كوينسي بواشنطن آنيل شلين إن ترامب، على عكس بايدن، مستعد لرفض رغبات نتنياهو وإعطاء الأولوية لمصالح المواطنين الأميركيين، وتابعت "لقد قام نتنياهو مرارا وتكرارا بتخريب الجهود المبذولة لإحراز تقدم نحو اتفاق مع حماس، وربما يكون ترامب قد سئم من عرقلته".

أما خبير الشؤون الإستراتيجية جورجيو كافيرو، فيعتقد كذلك أن "إدارة ترامب قد سئمت من تكتيكات نتنياهو المماطلة عندما يتعلق الأمر بالتفاوض مع حماس، وأدى ذلك إلى انخراط فريق ترامب في محادثات مباشرة مع حماس. مثل هذه الخطوة من قبل واشنطن غير مسبوقة ومثيرة للجدل، مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أن وزارة الخارجية تصنف حماس كمنظمة إرهابية".

وأكد كافيرو في حديثه، أنه "من الحقائق المعروفة أن الحكومة الإسرائيلية لا تحب أن تتفاوض إدارة ترامب مباشرة مع حماس، وأن تصريح بولر بأن أميركا ليست عميلة لإسرائيل يبعث برسالة حول استعداد الولايات المتحدة لتحقيق مصالحها الخاصة فيما يتعلق بالوضع في غزة دون الشعور بالحاجة إلى الحصول على قسيمة إذن من نتنياهو".

إعلان

أما مساعد وزير الخارجية الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير بالمجلس الأطلسي السفير ديفيد ماك، فيقول إن "ترامب يحب أن يظهر على أنه صانع صفقات مع قادة العالم والمنظمات التي لها صورتها الخاصة المتشددة مثل حركة حماس، وفي فترة ولايته الأولى كانت كوريا الشمالية هي ذلك الطرف".

وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر السفير ماك أن "ترامب يحاول إرجاع الفضل إليه في أي شيء يتبين أنه ناجح، من هنا، سيكون سعيدا بالتوصل لاتفاق يرجع الفضل فيه إليه وحده وليس مشاركة مع إسرائيل".

وأجمع الخبراء على أن ترامب ليس شغوفا أو مشغولا بأزمة غزة أو بما تعرضت له من تدمير وخراب بأسلحة أميركية، لكن الشيء الوحيد الذي يريده ترامب هو تحرير المحتجزين، وبعد ذلك، لا يبدو أنه يهتم كثيرا بما يحدث في غزة.

مقالات مشابهة

  • يجتمع الليلة بعراقجي.. مسؤول إماراتي كبير يحمل رسالة من ترامب لإيران
  • أميركا ليست عميلة لإسرائيل كيف فسرها خبراء واشنطن؟
  • الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال مسؤول الدفاع الجوي في وحدة بدر التابعة لحزب الله
  • عملية اغتيال نوعية.. إسرائيل توجه ضربة لحزب الله
  • عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر أمني: هدف الهجوم في لبنان عضو كبير في وحدة الدفاع الجوي لحزب الله
  • تقرير أميركي: هذا مصير سلاح حزب الله
  • بعد رفض رسالة ترامب.. التوتر الإيراني الأميركي إلى أين؟
  • حزب الله: كان لدينا خلل أمني وجار التحقيق لأخذ العبر والمحاسبة
  • حزب الله: لا اتفاق سري مع إسرائيل وعلى الاحتلال الانسحاب من جنوب لبنان
  • وسط اتهامات لحزب الله| انعدام الأمن في سوريا يصب في مصلحة إسرائيل.. ماذا يحدث؟