الروائي الأردني جلال برجس يكتب عبر “أثير”: بوصلة “نوبل للآداب” لا تشير إلى العرب
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
أثير- الروائي الأردني جلال برجس
ما عاد غامضًا لماذا هذا الفقر اللافت في حصيلة العرب من جائزة نوبل للآداب، من دون أن تتجاوز تلك السنة التي نالها فيها الروائي العربي الكبير نجيب محفوظ. ولم يقتصر الأمر على الفوز فقط؛ بل حتى طال الفقرُ تلك الفرصة في وصول أي عربي هذه الأيام بالمعنى المُنافس إلى قائمة تلك الأسماء المتداوَلة كل عام، لتكون بالإضافة إلى أنها ترسيخ لهم، فهي تمهيد للمتوَّج بأكثر الجوائز العالمية سمعة، وأثرًا، وتأثيرًا في قطاعات الناشرين، والمترجمين، والقراء، رغم كل ما يثار حولها من لغط يشير إلى اعتبارات الجائزة سياسيًّا، وجغرافيًّا.
لقد كان اهتمام جائزة نوبل بالأدب العربي سابقًا أكثر مما هو عليه في هذه المرحلة؛ إذ رُشح لها عدد من الأدباء العرب المرموقين مثل: توفيق الحكيم، وطه حسين، ويوسف إدريس، وأنيس منصور. كما رشحت في هذه المرحلة نوال السعداوي، والشاعر السوري أدونيس. لكن الجائزة تجاهلت الكثير من الكتاب العرب، ومنهم الروائي السوري الراحل حنا مينه الذي رشحه نجيب محفوظ في إجابة على سؤال صحافي بعد نيله الجائزة: من الروائي الذي ترشحه لنيل الجائزة بعدك؟
في كل عام، وقبل الإعلان عن الجائزة ينشغل كثير من الكتاب، والقراء، والمهتمين العرب بنتيجة هذه الجائزة التي تدير ظهرها لهم منذ 1988 تلك السنة اليتيمة التي توج فيها نجيب محفوظ، ليصبح أول عربي ينالها. لكن هذا الانتظار بات يخفت في السنوات الأخيرة من جهة القراء والكتاب، والمهتمين، إلى أن وصل إلى مستوى باهتًا من الاهتمام، بل حتى صار حدث الفوز يمر من دون ذلك الاحتفاء الذي اعتدنا عليه سابقًا، تمامًا كما جرى هذه السنة مع فوز النرويجي “جون فوسّيه” الذي ركز بيان الجائزة على أعماله المسرحية، ونثره، أكثر من أعماله الروائية، وقد ترجمت منها أكثر من رواية عن دار الكرمة المصرية للنشر والتوزيع.
لقد تبنى الكثير من المتابعين قناعة -على ما أعتقد- في أن بوصلة هذه الجائزة ما عاد يمكن أن تشير إلى جهة الأدب العربي عمومًا. ومن هذا المنطلق بات التفكير بدوافع هذا التجاهل سائدًا؛ فإن كانت ذرائع الجائزة وإدارتها تكمن في مؤشرات التفوق الأدبي غربيًّا، وضعف الكتاب عربيَّا؛ فلماذا هذا التجاهل وبيننا كتّاب ومفكرون، وشعراء كثر يتفوقون على عدد ممن فازوا سابقًا بجائزة نوبل للآداب؟
وإن كان الأمر مرتبطًا بالترجمة؛ ففي السنوات الأخيرة نشطت حركة الترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، وباتت خيارات القراء تهتم كثيرًا بتلك الترجمات التي ذاعت عبرها أسماء غربية لم تنل تلك الشهرة في بلدانها، بل حتى أن الترجمة إلى العربية باتت مطمع كثير من الكتاب الأجانب. وما هذا إلا تغليب للجانب التجاري عند كثير من دور النشر العربية، على الجانب الثقافي الذي نلمس فيه الآن خللًا واضحًا هذه الأيام. بينما في المقابل –أي في سوق النشر الغربي- فإن الترجمة من العربية محكومة منذ زمن بعناصر غامضة ليس أهمها بالطبع العنصر التجاري. وبالتالي فإن ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى قليل، وإن انتشاره مجرد حالة إعلامية قصيرة ما إن تبدأ حتى تنتهي؛ إلا من أولئك الذين تمترسوا وراء تلك القضايا التي يريد الآخر الحديث عنها، وباللغة التي يريدونها، وضمن المفاهيم الاستشراقية التي أُسس لها منذ أمد بعيد، وما تزال تشكل عائقًا بين قراء اللغات الأخرى والأدب العربي الذي بطبيعة الحال له خصوصياته، ومساراته.
لا يخفى على أحد أن المركزية الغربية الثقافية بكل تجذراتها على الصعيد المؤسساتي والأهلي ما تزال تنظر إلى العربي بشكل عام على أنه كائن خارج السياق الحضاري، بل إنها تدفع بقوة تبدو لي ممنهجة بهذا الاتجاه دومًا، على مختلف الصعد السياسية، والفكرية، والاجتماعية، وإن نيل أديب آخر لجائزة نوبل أمر محكوم بهذه المسألة، وبتفرعاتها. ومن هذا الجانب سعى البعض من الكتاب الذي يضعون بحسبان أمنياتهم نيل جائزة نوبل إلى التوافق مع شروطها غير المعلنة، ومع ذلك لم تلتفت لهم الجائزة، بحيث بدا الأمر كأنه لهاث غير مجد، بل حتى أنه يهشم تاريخهم الأدبي الذي يفترض أن يُحتفى به عربيًا. فهل يصنع العرب مركزيتهم الثقافية رغم صعوبة المرحلة، وبالتالي يُحدثون توازنًا مقابل هذا الإختلال؟
لماذا لا يكون لنا منبرًا موزايًا مثل نوبل، وبالتالي يمكن من خلاله الانطلاق نحو العالمية بالثقافة العربية، بأدوات العصر الجديد، لئلا نبقى أسرى للرؤى النمطية، وللإحباط؛ فبوصلة جائزة نوبل للآداب لا تشير إلى الأدب العربي.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: نوبل للآداب جائزة نوبل من الکتاب کثیر من
إقرأ أيضاً:
الفصائل الفلسطينية تستنكر قانون “الكنيست” الجديد الذي يقضي بترحيل عائلات المقاومين
الوحدة نيوز/ استنكرت فصائل المقاومة الفلسطينية، اليوم الخميس، القانون الصهيوني الذي يقضي بترحيل عائلات المقاومين الفلسطينيين منفذي العمليات الفدائية لمدّة تصل إلى 20 عاماً.. مؤكدة أنه لن يرهب الشعب الفلسطيني ومقاومته.
وقالت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، في بيان لها: إنّه وفي خطوة جديدة من خطوات القمع والتنكيل التي يمارسها العدو بحق الشعب الفلسطيني صادق الكنيست على قانون يمنح وزير الداخلية صلاحية ترحيل أفراد عائلات منفذي العمليات لمدة تصل إلى 20 عاماً، كما ويسمح بسجن الأطفال الصغار، ممن تقل أعمارهم عن 14 عاماً، وإصدار أحكام بحقهم.
وأشارت إلى أنّ “هذا القانون الخطير يُشكّل انتهاكاً صارخاً لكل المواثيق والأعراف الدولية التي تحرم العقاب الجماعي”.. مؤكدةً أنّ سلسلة القوانين التي أقرّها “الكنيست” في الآونة الأخيرة، والتي يعمل على إقرارها “أداة من أدوات التطهير العرقي، وجزء من آلة حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني”.
ولفتت إلى أنّ “منح مجرم مدان بارتكاب جرائم إرهابية، يشغل اليوم منصب وزير الداخلية في الكيان، الصلاحية بطرد عائلات بأكملها في إطار فرض عقوبات جماعية انتقامية، هو أصدق تعبير عن مستوى التدني الأخلاقي الذي وصل إليه الكيان الصهيوني”.
كما حمّل البيان ما يسمى بالمجتمع الدولي والمؤسسات الدولية والأنظمة المطبعة مع هذا الكيان مسؤولية تماديه في عدوانه ضد الشعب الفلسطيني، بسبب صمتها المخزي الذي يمنحه الغطاء لتنفيذ سياساته العدوانية المجرمة.
من ناحيتها، استنكرت لجان المقاومة في فلسطين القانون الصهيوني.. مؤكدةً أنّه “يكشف النوايا الصهيونية المبيتة لتهجير الشعب الفلسطيني، وإفراغ الأراضي المحتلة من أصحابها وسكانها الأصليين”.
وشدد البيان على أنّ “القوانين والإجراءات الإسرائيلية القمعية كافّة “لن تفلح في إرهاب أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة في العام 1948، ولن تكسر إرادته ولن تثنيه عن مقاومته وكفاحه ونضاله المشروع ضد العدو”.
ودعا البيان إلى أوسع تحركٍ جماهيري ومقاومة فاعلة للتصدي لهذا القانون الإجرامي في كل أنحاء فلسطين المحتلة.. مُطالباً “الأحرار في الأمة وحول العالم بمساندة الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة”.
ويُشار إلى أنّ “الـكنيست” الصهيوني، صادق اليوم، على قانون يسمح لوزير الداخلية الصهيوني بترحيل أفراد عائلات منفذي العمليات الفدائية ضد أهداف صهيونية، لمدة تصل إلى 20 عاماً.
كما صادق على إجراء مؤقت لمدة خمسة أعوام يسمح بفرض عقوبات بالسجن على القاصرين دون سن 14 عاماً، الذين يدينهم العدو بجرائم قتل متصلة بأعمال مقاومة أو في إطار نشاط الفصائل الفلسطينية.
وتم تمرير القانون بتأييد 61 عضو “كنيست”، ومعارضة 41، فيما دعم الإجراء 55 نائباً وعارضه 33.
وجاء في نص اقتراح القانون لترحيل أفراد عائلات منفذي العمليات، الذي بادر إليه عضو “الكنيست”، حانوخ دوف ميلفيتسكي من حزب “الليكود” “سيتم ترحيل ابن الأسرة (قرابة من الدرجة الأولى) إلى قطاع غزة أو إلى وجهة أخرى تحدد وفقاً للظروف”، وذلك إذا تقرر أنه “كان على علم مسبق بخطة أحد أفراد عائلته لتنفيذ عمل ضدنا ولم يبذل كل الجهود المطلوبة لمنعه”.