الجزيرة:
2024-09-19@00:14:42 GMT

طوفان الأقصى.. كيف يمكن قراءة الموقف التركي؟

تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT

طوفان الأقصى.. كيف يمكن قراءة الموقف التركي؟

رغم العلاقات الوثيقة التي ربطت تركيا بإسرائيل على المستوى الرسمي منذ عام 1949، فإن هذه العلاقات تعرضت لاهتزازات شديدة الوطأة خلال العقدين الماضيين عقب تولي حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم وحتى الآن.

ففي سبتمبر/أيلول 2011 أعلن وزير الخارجية حينها أحمد داود أوغلو، طرد السفير الإسرائيلي لدى أنقرة وتعليق كافة الاتفاقيات العسكرية إثر رفض تل أبيب الاعتذار عن مهاجمة أسطول الحرية في مايو/أيار 2010 الذي كان في طريقه إلى غزه في خطوة رمزية لكسر الحصار، حيث أفضى الهجوم إلى مقتل 9 أتراك.

وفي مايو/أيار 2018 طردت تركيا السفير الإسرائيلي مجددا، ومعه القنصل العام الموجود في إسطنبول، إثر المذبحة التي ارتكبتها قوات الاحتلال على حدود قطاع غزة.

لكن ردود الفعل الأولية الصادرة من أنقرة، عقب بدء عملية "طوفان الأقصى" وما تبعها من اعتداءات إسرائيلية وحشية على قطاع غزة، تشي بأن الإستراتيجية التركية إزاء التعامل مع الأزمة هذه المرة سيكون مختلفا عما حدث عامي 2011 و2018، اتساقا مع سياسة التطبيع التي تنتهجها أنقرة مع تل أبيب خلال السنوات الثلاث الأخيرة على الأقل.

هذه السياسة التي توجت بزيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ لأنقرة في مارس/آذار 2022، في زيارة هي الأولى منذ 15 عاما. ثم اللقاء الذي جمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، حيث ناقشا سبل تحسين العلاقات، والتعاون في مجال الطاقة سواء من حيث الإنتاج أو التوزيع، وهو الملف الذي توليه تركيا أهمية قصوى.

من هنا يمكن قراء الإستراتيجية التركية الرسمية والشعبية في التعامل مع الأزمة، في ضوء تلك التطورات التي أشرنا إليها، على النحو التالي.

أولاً: الانحياز إلى الفلسطينيين دون الاصطدام بإسرائيل

ففي الساعات الأولى التي تلت انطلاق "طوفان الأقصى" اتصل أردوغان بنظيريه الفلسطيني والإسرائيلي، حيث أكد لمحمود عباس أن تركيا تبذل قصارى جهودها من أجل إنهاء الاشتباكات وإرساء الهدوء في المنطقة بأقرب وقت، وبينما قدم التعازي لهرتسوغ قال له إن "أي خطوة يمكن أن تلحق الضرر بشعب غزة بشكل جماعي وعشوائي ستؤدي إلى زيادة المعاناة ودوامة العنف في المنطقة".

ثم أصدر أردوغان بيانا مطولا باللغة العربية على حسابه بمنصة "إكس" قدم من خلاله رؤية تركية تحاول أن تتبنى موقفا متوازنا قدر الإمكان، حيث أكد التالي:

اعتبار القضية الفلسطينية هي حجر أساس توتر المنطقة بأكملها، وأن تلك المشاكل لن تحل "من خلال المضايقات المستمرة ضد الشعب الفلسطيني وتجاهل سلامة أرواحه وممتلكاته ومصادرة منازله وأراضيه وتخريب البنية التحتية له وعرقلة تنميته". رفض المقاربة الإسرائيلية في معالجة الأزمة، التي تتجاهل بشكل تام الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، محذرا من أنها ستؤدي إلى إراقة المزيد من الدماء من الطرفين، وستصيب مساعي السلام بخيبة أمل. رفض جميع الممارسات التي تقوم بها قوات الأمن الإسرائيلية والمستوطنون ضد الشعب الفلسطيني من ضغوطات وظلم وإعدامات وفي الوقت ذاته رفض جميع الأعمال "العشوائية" تجاه المدنيين الإسرائيليين. عدم قبول تدمير قطاع غزة بالهجمات البرية والجوية غير المتكافئة وقصف المساجد وقتل الأطفال والنساء والمسنين والمدنيين الأبرياء، وأيضا رفض مثل هذه الأعمال حال حدوثها تجاه المدن الإسرائيلية. تأكيد أردوغان على اضطلاع تركيا بتأمين المساعدات الإنسانية لأهالي غزة. ثانياً: الاستعداد التركي للعب دور الوساطة

في أزمات سابقة، رأينا فيها تركيا تتحول إلى طرف من أطراف الأزمة، بصدامها السياسي والدبلوماسي مع إسرائيل. لكن هذه المرة، تحاول لعب دور الوسيط بين طرفي الأزمة. لذا حرص وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، على إجراء محادثات هاتفية مع نظيره التركي، هاكان فيدان، مرتين من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.

ثم كانت الاتصالات التي أجراها فيدان في المنطقة مع نظرائه في المنطقة، وفي مقدمتهم وزير الخارجية المصري سامح شكري، لاحتواء الأزمة قبل أن تقرر إسرائيل قصف قطاع غزة بهذه الوحشية.

هذه التحركات الأولية يعود فيكررها أردوغان -عقب بدء القصف الإسرائيلي- بتأكيده جاهزية بلاده لأي نوع من الوساطة بما في ذلك تبادل الأسرى، في حال طلبت الأطراف ذلك.

ثالثا: تباين المواقف الشعبية والحزبية

كان لا بد أن يتأثر "طوفان الأقصى" برذاذ الانقسام الحدي بين المحافظين والعلمانيين المعروف في المجتمع التركي.

فقد استغل ناشطون وصحفيون "علمانيون" الصور التي بثت في الساعات الأولى لبدء العملية لاحتجاز نساء ومدنيين، للتشهير بالمقاومة الفلسطينية ورفضهم التام للعملية مهما كانت المبررات، كما أعلنوا تضامنهم مع "المدنيين" الإسرائيليين.

في مقابل ذلك، حرص التيار المحافظ على حشد الشارع التركي دعما للمقاومة، حيث نظمت جمعيات تركية إسلامية مظاهرات في إسطنبول على مدار يومين، إحداها كانت أمام القنصلية الإسرائيلية، كما نظم حزب هدا بار "كردي إسلامي" مسيرة ضخمة بالسيارات في مدينة ديار بكر، في حين نظم إسلاميون في مدينة ماردين فاعلية تضامنية مع الشعب الفلسطيني.

كما حرص ناشطون وصحفيون "محافظون" على إعادة تذكير الرأي العام التركي بجرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد النساء والأطفال بصفة خاصة، من خلال إعادة بث مقاطع مصورة قديمة.

أما على المستوى الحزبي، فقد أعلن زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض دعمه للشعب الفلسطيني، في حين أبدى رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، انزعاجه من الهجوم الذي نفذته حماس، مع تأكيده على مسؤولية إسرائيل في ما قامت من أعمال ضد المدنيين.

لكن يبقى السؤال: إلى أي حد تستطيع تركيا الحفاظ على هذا التوازن مع تصاعد الأعمال العدوانية الإسرائيلية؟

في تقديري أن الأمور حينها ستتجه أكثر إلى دعم الشعب الفلسطيني.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی طوفان الأقصى فی المنطقة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

ما بعد الإسلام السياسي بين مآلات الربيع العربي وتداعيات طوفان الأقصى؟

بعد إجهاض انتفاضات الربيع العربي، وما تعرضت له حركات الإسلام السياسي من ضربات وملاحقات واعتقالات، شاعت في الأوساط الأكاديمية والإعلامية أطروحة "ما بعد الإسلام السياسي" التي تشي بتراجع تلك الحركات وفقدانها لكثير من مكتسباتها السابقة، وانزياحها عن مواقع الحضور والتأثير.

ووفقا لباحثين فإن غالب المقاربات التي تبنت أطروحة ما بعد الإسلام السياسي، كانت ترى أن المشروع الذي حملته تلك الحركات وبشرت به، قد وصل إلى طريق مسدود، ومُني بالفشل الذريع، وأن معطيات الواقع وإكراهاته تجبر تلك الحركات والأحزاب على تحولات جذرية، وإجراء تغيرات أساسية للتكيف والتوائم مع واقع ما بعد الإسلام السياسي.

لكن تلك الأطروحة لم تصمد طويلا كنموذج تفسيري في فهم وتحليل ظاهرة "الإسلام السياسي" إذ جاء طوفان الأقصى ليعيد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى صدارة المشهد الإسلامي، وهي الحركة التي خرجت من رحم جماعة الإخوان المسلمين، وإليها تنتمي، ومن ثم مد سائر حركات الإسلام السياسي بماء الحياة، وإعادتها للمسرح السياسي من جديد.

وفي هذا الإطار، تُظهر نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في الأردن يوم الثلاثاء العاشر من الشهر الجاري، الفوز الكبير والواسع الذي حققه حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، والذي حصل على 31 مقعدا في مجلس النواب الأردني من مجموع 138 مقعدا، وفق النتائج الرسمية التي أعلنتها الهيئة المستقلة للانتخابات الأردني.

ما بين مآلات الربيع العربي، وما تعرضت له حركات الإسلام السياسي من قمع وملاحقات واعتقالات، وبين تداعيات طوفان الأقصى التي أبرزت حركة حماس، وجناحها العسكري "كتائب عز الدين القسام" كمقاومة فاعلة وقادرة على مناجزة جيش الاحتلال الإسرائيلي كأكبر قوة في المنطقة، والذي يتلقى الدعم اللامحدود من الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر قوة عسكرية في العالم، وارتدادات ذلك على المنطقة بأسرها، أكدّت معطيات الواقع أن حركات الإسلام السياسي ما زالت تمتلك رصيدا شعبيا واسعا، وأنها قادرة على الفعل والتأثير.

وأمام معطيات الواقع فثمة تساؤلات تدور حول متانة أطروحة "ما بعد الإسلام السياسي" وتماسكها كنموذج تفسيري لفهم وتحليل الظاهرة الإسلامية؟ وهل جازف أصحاب تلك الأطروحة في إطلاقها وترويجها؟ وماذا تبقى منها في ظل تداعيات عملية طوفان الأقصى، وما أحدثته من ارتدادات قوية ظهرت بعض تجلياتها في نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في الأردن قبل أيام؟

الكاتب والباحث اليمني، المتخصص في الحركات الإسلامية والفكر الإسلامي، نبيل البكيري يرى أن أطروحة ما بعد الإسلام السياسي "لا تصلح كرؤية تفسيرية مطلقا، لأنها مقولة صِيغت على عجالة من الأمر عقب تراجع ثورات الربيع العربي وفشلها، وهي نفس المقولة التي أطلقها الباحث الفرنسي، المتخصص في حركات الإسلام السياسي، جيل كيبيل بداية تسعينيات القرن الماضي عن سقوط الإسلام السياسي عقب الانقلاب على الانتخابات الجزائرية التي فازت بها جبهة الإنقاذ الإسلامية حينها".


                      نبيل البكيري كاتب وباحث يمني متخصص في الحركات الإسلامية

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "وما أحدثته عملية طوفان الأقصى بارتداداتها وتفاعلاتها التي لا تزال قائمة ومفتوحة على كل الاحتمالات تكشف عن عدم فهم غربي دقيق لحقيقة وبواعث قيام الحركات الإسلامية واستمرارها، أو وهو الأقرب تذاكي غربي في دراسة الظاهرة التي ستظل قائمة وتتكاثر طالما بقيت الأيادي الغربية تعبث بالبلدان العربية والإسلامية وتسلب قرارها السياسي".

وعن تقييمه لأطروحة "ما بعد الإسلام السياسي" في ظل نتائج الانتخابات البرلمانية الأردنية الأخيرة، والفوز الكبير الذي حققته جبهة العمل الإسلامي، لفت الباحث اليمني البكيري إلى أن "هذا يعد من تجليات طوفان الأقصى وارتداداته على المشهد العربي العام".

من جانبه أكدَّ القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، الدكتور خالد حسنين أن "ظهور مقولة ما بعد الإسلام السياسي كان بعد الانقلاب على ثورات الربيع العربي، التي تصدرها الإسلام السياسي في تونس ومصر، وفي العديد من الدول، وكان هو العنصر الأساسي الفاعل في المعادلات السياسية المختلفة".

وأردف "ولما وقعت الردة عن ثورات الربيع العربي قيل إننا في مرحلة ما بعد الإسلام السياسي، بمعنى أن هذه التجربة المحدودة تم إجهاضها، وفي تقديري أنها مقولة تفتقر إلى الدقة من خلال قراءة المشهد السياسي من جميع جوانبه، نعم يمكن القول إنه تم التمكين لبعض جماعات الإسلام السياسي في بعض الدول، كتونس ومصر لكنه كان لفترة قصيرة ولم يطل كثيرا".

وواصل حسنين حديثه لـ"عربي21" بالقول "وقد شهدنا خلال هذه الفترة وجود خطاب أكثر واقعية من قبل قوى وأحزاب الإسلام السياسي، أو المحسوبة عليه، وقد ألجأتهم إلى ذلك إكراهات الدولة نفسها، سواء أكان في الأوضاع السياسية أو الاقتصادية وعلاقة الدولة مع غيرها من الدول استنادا إلى التزامات الدول تجاه بعضها البعض من خلال المعاهدات وغيرها كما حدث في العلاقة بين مصر وإسرائيل، وكما حصل في قضية القروض في تونس من البنك الدولي..".


                                 د. خالد حسنين قيادي سابق بجماعة الإخوان في الأردن

ولفت إلى أنه "لا يوجد في أوساط جماعات الإسلام السياسي، أو المراقبين والباحثين المحايدين من يرى أن فكرة الإسلام السياسي في ذاتها فشلت، لكن ربما أُفشلت التجربة، وهذا ما يؤهلها للنهوض من جديد، إذ من المعروف أن الأفكار لا تموت، لكنها قد تضعف أو تحاصر أو يضيق عليها في فترة من الفترات، لكن يمكن بعثها من جديد".

وعن مدى تأثر الانتخابات البرلمانية في الأردن مؤخرا بطوفان الأقصى وارتداداته على المنطقة، أوضح حسنين أن "علاقة الدولة الأردنية بجماعة الإخوان حالة استثنائية، فالنظام الأردني إلى حد ما متسامح ومتقبل لوجود الحركة الإسلامية ضمن معايير معينة، لكن بدفع من القوى المحيطة، وتحت تأثير موجات الحرب على الإرهاب حقق النظام خطوات كثيرة باتجاه محاصرة الحركة الإسلامية، بدأت بسحب  إدارة جمعية المركز الإسلامي من الإخوان، وتمت عدة خطوات بهذا الاتجاه، انتهت بسحب الغطاء القانوني عن الجماعة، وباتت من الجماعات المحظورة لكنها من المسكوت عنها".

وتابع: "فالنظام استطاع أن يتعامل مع الحركة الإسلامية ولم يلغِ وجودها، فالإسلام السياسي في الأردن لم يصل في تعامله مع الحركة إلى حالة الإلغاء أو السجون والاعتقالات العامة، لكنه على الأقل قام بمحاصرتها، ومن ثم يمكنها أن تنمو نموا طبيعيا بناء على الظروف القائمة والمحيطة، لكل هذا فإن فوز الإخوان من جديدة في الانتخابات البرلمانية ليس مستغربا".

أما فيما يتعلق بحركة حماس وتفاعلات الأحداث على وجودها كحركة تنتمي للإسلام السياسي، بيَّن حسنين أن "حركة حماس في شقها السياسي محسوبة على الإسلام السياسي، لكنها بالأساس حركة مقاومة مسلحة، لها ظروفها وواقعها المختلف تماما عن الحركات الإسلامية الأخرى، كونها حركة عسكرية، نشأت لمقاومة المحتل، وقد تعرضت لتضييق وحصار بعد الانقلاب الذي حدث في مصر، لكنها أعادت ترتيب وضعها مع القيادة المصرية، والمخابرات المصرية..".

وأكمل فكرته بالقول: "حركة حماس حركة عسكرية وُجدت لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ويصعب تصنيفها عبر محطاتها ومسيرتها السياسية في سياق الإسلام السياسي فقط، فمشروعها الأساسي هو مقاومة الاحتلال، لذا فإن الوضع في غزة إلى ما قبل طوفان الأقصى لم يكن مثاليا في طبيعة العلاقة بين الدولة والشعب، فالوضع أقرب ما كان إلى الحكم العسكري، بحكم الظروف والأوضاع القائمة".

وفي ذات الإطار أبدى الكاتب والباحث المصري المتخصص في الحركات الإسلامية، أحمد سلطان تحفظاته الشديدة على أطروحة ما بعد الإسلام السياسي، ذاكرا أن "ثمة حالة من الغرام في المابعديات في أوساط كثير من مراكز البحوث والدراسات والأوساط الإعلامية العربية، وجزء كبير منها يستقي ذلك من الدراسات الغربية، والإعلام الغربي".

وردا على سؤال "عربي21": إن كان الإسلام السياسي قد انتهى بالفعل حتى يتم الحديث عن ما بعد الإسلام السياسي؟ قال سلطان "الإسلام السياسي ضارب بجذوره في التاريخ، ومنذ نشأت الحركة الإسلامية المعاصرة، والتي يؤرخ لها بنشأة جماعة الإخوان المسلمين سنة 1928، مرت الجماعات الإسلامية المختلفة بحالات انتشار وحالات انحسار، ضيق عليها فيها، وطُوردت ولوحقت وما إلى ذلك، ورغم كل ذلك لم تختفِ حركات الإسلام السياسي، ولذلك أسباب سياسية ودينية واجتماعية عززت وجودها".

وتابع: "فمقولة ما بعد الإسلام السياسي خاطئة في جوهرها، وخاطئة في النموذج المعرفي الذي بُنيت عليه، وخاطئة كذلك في استدلالتها واستنتاجاتها، فعلى الرغم من كل ما حدث فأيديولوجية الإسلام السياسي ما زالت موجودة، وحركات الإسلام السياسي ما زالت باقية، والمشروعات الموازية أو الأنظمة السياسية القائمة لم تنجح في تفكيكها أو معالجة الأفكار المتعلقة بها، وإن كان ثمة مبادرات عديدة في هذا السياق تبنتها بعض مراكز البحوث والدول إلا أنها لم تنجح بشكل كامل، أو لم يكتب لها نجاح حقيقي يمكن الاعتماد عليه".


                         أحمد سلطان كاتب وباحث مصري متخصص في الحركات الإسلامية

وعن تأثيرات طوفان الأقصى وتداعياته على وجود حركات الإسلام السياسي وحضورها، أشار سلطان إلى أن "طوفان الأقصى هو جزء من حالة الزخم الموجودة لدى الإسلام السياسي باعتبار حماس حركة مقاومة إسلامية وطنية، لديها مشروعها، ومن المعروف أنها تنتمي فكريا بالإخوان..".

وأضاف "يمكننا النظر إلى طوفان الأقصى بوصفه جزءا من حالة التشكل في المنطقة، وهو ما سيمنح الإسلام السياسي فرصة كي يبرز مرة أخرى، وقد يأخذ ذلك أوقاتا مختلفة من مكان لآخر بحسب الظروف القائمة في كل دولة، وما حصل في الأردن هو جزء من هذه الحالة، لكن قد يكون للحالة الأردنية خصوصية معينة في إطار التفاهمات بين الدولة والحركة الإسلامية".

وختم حديثه بالتنبيه إلى أن "حركات الإسلام السياسي إذا ما منحت فرص حقيقية للتحرك والعمل فإنها قادرة على إعادة بناء نفسها، وإثبات وجودها وحضورها، لا سيما في ظل الفراغ السياسي والمجتمعي السائد في المجتمعات العربية، والذي فشلت مختلف القوى والحركات والأحزاب الأخرى في ملئه وإشغاله، وهو ما يُظهر بوضوح مدى هشاشة مقولة ما بعد الإسلام السياسي، فهي الأقدر على حشد الطاقات، وقيادة الشارع".

مقالات مشابهة

  • تطورات اليوم الـ349 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • تطورات اليوم الـ348 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • عقيلة صالح: التقارب المصري التركي فرصة لحل الأزمة وإخراج القوات الأجنبية
  • عقيلة صالح: التقارب المصري التركي يسهم في حل الأزمة الليبية
  • صاروخ يمني واحد يُرعب الصهاينة ويُوقظ العالم
  • تطورات اليوم الـ347 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • السنوار: المقاومة بخير وتحضر نفسها لحرب استنزاف
  • نص رسالة يحي السنوار إلى قائد أنصار الله
  • نص رسالة السنوار للسيد القائد
  • ما بعد الإسلام السياسي بين مآلات الربيع العربي وتداعيات طوفان الأقصى؟