دعمهم شيوخ الدروز.. لماذا رفض ضباط متقاعدون التحقيقات في فرع فلسطين؟
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
السويداء – يصر ضباط دروز متقاعدون ومستقيلون على مواصلة حضورهم إلى ساحة الكرامة وسط محافظة السويداء، للمشاركة بالحراك السلمي المناهض للنظام السوري، الذي بدأ في 20 أغسطس/آب الماضي، بالرغم من تلقيهم مذكرات استدعاء شفهية، تُفيد بضرورة مراجعة فرع فلسطين بالعاصمة السورية دمشق بهدف التحقيق معهم، وهو ما أبلغهم به أحد ضباط فرع المخابرات العسكرية بالسويداء.
وحسب أحد الضباط الدروز المشاركين بحراك السويداء، من الذين أُبلغوا بضرورة مراجعة ذاك الفرع، فإن النظام اختار فرع فلسطين فقط للتحقيق معهم، ليجبرهم على الوصول إلى دمشق، كون الفرع المذكور، وخلافا لباقي الأجهزة الأمنية والمخابراتية، لا يمتلك فروعا في باقي المحافظات السورية.
ويثير فرع فلسطين، أو الفرع 235 الرعب والهلع لدى السوريين لمجرد ذكر اسمه، نظرا للسمعة السيئة التي لازمته منذ أن تأسس في 1969، واتسعت مهامه تدريجيا من مراقبة الفلسطينيين المقيمين في سوريا وعلاقتهم بالتنظيمات الفلسطينية، إلى التحقيق مع السوريين المعارضين للنظام، في ظروف احتجاز تصفها منظمات حقوقية بأنها غير إنسانية.
5 ضباط معارضون
وكان 5 ضباط دروز من المتقاعدين والمستقيلين ومن رتب واختصاصات عسكرية مختلفة، قد تم استدعاؤهم مؤخرا لمراجعة فرع فلسطين في العاصمة دمشق، على خلفية مشاركتهم بالاحتجاجات المستمرة ضد النظام السوري.
وقال المقدم المستقيل من جيش النظام السوري طارق الشوفي، إنهم يمثّلون مجموعة من الضباط المتقاعدين والمستقيلين، الذين وقفوا إلى جانب أهلهم منذ بدء الانتفاضة السلمية في الجنوب السوري، وعلى حد وصفه، فقد كانوا جزءا من الحراك المطالب بالحقوق العامة من الحرية والكرامة وبناء الدولة الديموقراطية، وتنفيذ القرار الأممي 2254، وعدم التفرد بالسلطة من النظام الحاكم.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الشوفي -وهو أحد الضباط الخمسة المطلوبين لفرع فلسطين-، "لكن أجهزة النظام الأمنية أخذت تضيّق علينا الخناق، ثم تم استدعاؤنا مؤخرا لمراجعة فرع فلسطين في العاصمة دمشق، من أجل إجراء تحقيق معنا".
ويعدّ العميد المتقاعد زياد العبد الله، وهو ضابط مطلوب لفرع فلسطين، أن مذكرة الاستدعاء الموجّهة إليهم تمنعهم من مغادرة السويداء، ومن ثم مغادرة البلاد، كما تحول دون إكمال أي معاملات قانونية تستلزم مراجعة الدوائر الرسمية في الدولة.
وفي حديثه للجزيرة نت، نفى زياد أن يكون أي من الضباط المطلوبين قد راجع الفرع المذكور، وأنهم قرروا الامتناع عن تلك المراجعة، بصرف النظر عن النتائج المتأتية من وراء ذلك.
في سياق متصل، يُجمع الضباط الخمسة المطلوبون للتحقيق في فرع فلسطين أن "رابطة المحاربين القدماء"، هي وعاء تنظيمي ينتسبون إليه فقط، لكنه لا يمثلهم ولا يدافع عنهم، ورأوه أحد أذرع السلطة الأمنية داخل المجتمع، أسوة باتحاد العمال والفلاحين، وباقي المنظمات المهنية والنقابية في سوريا.
وكانت "رابطة المحاربين القدماء" قد تأسست في فبراير/شباط 1955 ثم صار لها فروع في معظم المحافظات السورية، وانتقلت الوصاية عليها في أكتوبر/تشرين الأول 2000 من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، إلى وزارة الدفاع.
توصيةبعدم المراجعة
وفي إطار البحث عن حل لأزمتهم، قصد الضباط الخمسة -الجمعة الماضية- مَضَافة الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين "الدروز" وطلبوا مشورته، التي جاءت واضحة بعدم مراجعتهم لفرع فلسطين، كما أوصاهم بإصدار بيان يوضح حقيقة ما حدث معهم.
هذا ما دعاهم إليه -أيضا- الشيخ حمود الحناوي، شيخ عقل الموحدين الدروز، حيث قال للضباط، إن النظام لم يتعلّم من أخطائه ليس خلال حكمه للبلاد منذ ما يقارب نصف قرن فقط، وإنما منذ بداية أزمة حكمه الأخيرة قبل 12 سنة، مؤكدا أن "المسؤولين السوريين هم المعنيون بالتعلّم من أخطائهم في إدارة الشأن العام قبل غيرهم، لأجل منع تكرارها".
وأضاف الحناوي لزوّاره، "نحن الدروز لم نكن سببا في الأزمة التي تعيشها البلاد، ولا نرضى أن يظل هذا المنطق الأعوج في إدارة الشأن الأمني كما هو، دون أي مراجعة أو تغيير، إذ من غير المعقول أن تبقى الجهات الأمنية تطلب من كل من يفتح فمه بالانتقاد أو الاحتجاج أن يراجعها، والناس حينما ثارت مؤخرا إنما فعلت ذلك نتيجة لبقاء تلك الممارسات الأمنية المتشددة ضدها، وليس كل الاحتجاج من أجل تلبية المطالب المعيشية"
ولا تزال محافظة السويداء جنوب سوريا، في حالة حراك سياسي متواصل للأسبوع الثامن على التوالي، في أوسع احتجاجات شعبية تعيشها المدينة وريفها الواسع، للمرة الأولى ضد نظام بشار الأسد.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
خبراء: قرار محكمة العدل الدولية المرتقب بشأن فلسطين سيختبر النظام العالمي
في حين يترقب العالم قرار محكمة العدل الدولية بشأن الحرب على قطاع غزة، يقول خبراء إن إسرائيل لم تعد تبالي بالقانون الدولي ولا بالقرارات الصادرة عن هذه المؤسسات، في حين يقول آخرون إن هذه القرارات ستؤثر على السردية الإسرائيلية، مؤكدين أنها ستكون أكثر تأثيرا لو تحرك العالم لتطبيقها.
واستجابة لطلب قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر العام الماضي، بدأت محكمة العدل في لاهاي اليوم الاثنين جلسات علنية للنظر في التزامات تل أبيب القانونية تجاه الفلسطينيين بعد أكثر من 50 يوما على فرضها حصارا شاملا على دخول المساعدات إلى غزة.
ومن المقرر أن تستعرض المحكمة على مدى أسبوع مرافعات خطية وشفوية، تقدمت بها عدة دول ومنظمات دولية، بشأن مدى احترام إسرائيل للمعاهدات الدولية.
تطبيق القرارات
ورغم أهمية القرار المرتقب من أهم محكمة في العالم، فإن الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي يرى أن تطبيق الدول لقرار المحكمة هو المهم وليس مجرد صدوره.
وخلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث"، لفت البرغوثي إلى أن محكمة العدل أدلت برأي استشاري سابق قالت فيه إن الاحتلال القائم لفلسطين لا بد أن ينتهي، ودعت لإنهاء ما يتعرض له الفلسطينيون على يد إسرائيل، غير أن الدول لم تطبق هذا الرأي.
إعلانكما أن الموقف الدولي الحالي لا يعكس استعدادا من الدول الغربية تحديدا لتطبيق أي قرارات جديدة تصدر عن المؤسسات الدولية، برأي البرغوثي، الذي أكد أن كل القرارات "لن تحدث أثرا دون تطبيق الدول لها".
واتفق المدعي العام السابق بالمحكمة الجنائية الدولية جيفري نايس، مع رأي البرغوثي، بقوله إن قرار المحكمة سيكون مهما من الناحية الأخلاقية لكن الدول هي المخولة بتنفيذه وليست المحكمة.
ويعتقد نايس أن القانون الدولي "يخضع لاختبار حقيقي لأنه مطالب بإصدار قرار يدين إسرائيل بقوة لإجبار الدول على تطبيقه، وإلا فلن يكون هناك قانون وستفعل الدول ما تريده بطريقة إجرامية".
لذلك، يقول نايس إن العدالة البطيئة محبطة وإن العالم ينتظر قرارات ستنقسم الدول بشأنها لأن الولايات المتحدة والمجر مثلا تريدان عالما بلا قانون.
ومع ذلك، فإن سلوك الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال الـ100 يوم الأولى من حكمه، "كان منفرا بشكل كبير بحيث أدرك العالم أن عليه التحرك بعيدا عنه"، كما يقول نايس.
ومن هذا المنطلق، فإن الأمل حاليا -برأي نايس- يكمن في قدرة الدول على مواجهة الولايات المتحدة بحقيقة أنها مخطئة في موقفها من قرارات المؤسسات الدولية المتعلقة بحقوق الفلسطينيين، لكن السؤال المهم حاليا، كما يقول المتحدث، هو: "هل بلد مثل بريطانيا التي عرفت تاريخيا بتبعيتها السياسية لأميركا تمتلك شجاعة القيام بهذا الأمر؟".
وخلص المدعي العام السابق بالمحكمة الجنائية الدولية، إلى أن هناك بارقة أمل في أن القوة المنحدرة لأميركا "ستدفع الدول الأخرى لاتخاذ مواقف أفضل لعزل الموقف الأميركي المجري".
وربما يعطي إطلاق سراح بقية الأسرى الإسرائيليين -برأي نايس- مبررا لبعض الدول كي تحاسب إسرائيل على أي فعل تقوم به بعد استعادة أسراها، وقد يصل الأمر لطردها من الأمم المتحدة.
إعلان
قلق وغطرسة إسرائيلية
في المقابل، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى أن إسرائيل تقلق من تداعيات ما يجري في المؤسسات القانونية الدولية لأنه ينال من سمعتها وقد ينهي سردية الضحية التي استفادت منها على مدار عقود، لكنها في الوقت نفسه تعيش حالة غير مسبوقة من الغطرسة واحتقار القوانين الدولية.
والدليل على ذلك برأي مصطفى أنها حضرت أمام الجنائية الدولية قبل عام ولم تحضر اليوم أمام محكمة العدل، مما يعني أنها لا تتعامل مع أي قرار سيصدر عنها بجدية.
والأخطر من هذا برأي المتحدث، أن المحكمة العليا الإسرائيلية التي تعتبر حامية لليبرالية أصدت قرارا في مارس/آذار الماضي، يقر عدم إدخال المساعدات لقطاع غزة، مما يعني أننا إزاء دولة تعاند القانون الدولي بكل مؤسساتها العسكرية والسياسية والقضائية.
وإلى جانب ذلك، فإن إسرائيل بشكل عام تقف صفا واحدا عندما تكون في مواجهة مؤسسة دولية وهو ما حدث عندما أصدرت الجنائية الدولية قرارات اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، كما يقول مصطفى.
وليس أدل على هذا من أن التحريض على إبادة سكان القطاع أصبح أكبر مما كان عليه قبل عام من الآن عندما طالبت الجنائية الدولية حكومة إسرائيل بمنع كل هذه الدعوات، حسب مصطفى.
فقد أكد المتحدث أن عضو الكنيست عن حزب الليكود موشي سعدة قال مؤخرا إن تجويع أهل غزة أمر أخلاقي، كما طالب كوبي بيرتس -وهو أحد أشهر المغنين في إسرائيل- بقتل كل سكان غزة من الطفل إلى العجوز، وتم وضع هذا التصريح في واجهة يديعوت أحرونوت كخبر عادي، كما يقول مصطفى.
ومع ذلك، يعتقد البرغوثي أن صدور قرار من العدل الدولية باعتبار ما يحدث في غزة إبادة جماعية سيؤثر بشكل ما على هذه الغطرسة الإسرائيلية، خصوصا وأن آخر الاستطلاعات "تظهر تأييد غالبية الأميركيين للفلسطينيين لأول مرة في التاريخ".
إعلانوخلص المتحدث إلى أن الأمم المتحدة هي التي طلبت رأي "العدل الدولية"، مما يعني أنه سيكون رأيا له قوة القانون، ويجب على الأمم المتحدة ومجلس الأمن تنفيذه، وإلا فسيتم تدمير المنظومة الدولية التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية بشكل كامل.
وتأتي جلسات محكمة العدل الدولية في وقت يشرف فيه نظام المساعدات الإنسانية في غزة على الانهيار، بعد أن حظرت إسرائيل دخول الغذاء والوقود والدواء وسائر الإمدادات الإنسانية منذ مطلع مارس/آذار الماضي.