أقول للشعب الفلسطيني ومقاومته: لستم وحدكم..شعبنا وأحرار الأمة إلى جانبكم..لا تأبهوا للأراجيف والدعايات كنا نتمنى أننا بجوار فلسطين ولو تهيأ لنا ذلك لبادر شعبنا بمئات آلاف المقاتلين لكن أمامنا الجغرافيا وبعض الدول نحن في تنسيق تام مع محور الجهاد والمقاومة وسنشارك بخيارات مساعدة وفعل ما يساعد المقاومة التنسيق فيه مستويات معينة للأحداث وخطوط حمراء من ضمنها:  إذا تدخّل الأمريكي بشكل مباشر نحن مستعدون للمشاركة بالقصف الصاروخي والمسيّرات والخيارات العسكرية هناك خطوط حمراء في الوضع المتعلق بغزة ونحن على تنسيق تام مع إخوتنا في محور الجهاد وحاضرون للتدخل  مهما كانت العوائق لن نتردد في فعل كل ما نستطيع وكل ما بأيدينا وسنحرص لأن تكون لنا خيارات مساعدة   شعبنا حاضر لأداء واجبه المقدس دعماً للشعب الفلسطيني وخروجه في المظاهرات عبّر عن هذا الموقف منذ بدء عملية طوفان الأقصى صاح وبادر الأمريكي كأنه المعني بالدرجة الأولى ما يؤكد شراكته والعدو الصهيوني الأمريكي تبنّى موقفه بعد أن رأى حال العدو الصهيوني وحجم الصدمة والذهول والإرباك التي أصيب بها الأمريكي يقدم كل وسائل القتل والتدمير من قنابل وصواريخ  لقتل المدنيين وأبناء الشعب الفلسطيني في غزة الأمريكي شريك في كل جرائم العدو الصهيوني وكل ممارساته الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني والأمة بشكل عام إسرائيل ربيبة أمريكا، وهذه النظرة الصحيحة يجب أن تبقى لمعرفة من هو العدو الذي يستهدف الأمة والشعب الفلسطيني أمريكا والغرب يحاولون فرض معادلة أن يفعل العدو الصهيوني ما يشاء وتجريد الشعب الفلسطيني من حقه  يريدون من الشعوب تقبل العدو الصهيوني ككيان طبيعي وصاحب حق فيما يفعل بالشعب الفلسطيني   مظلومية الشعب الفلسطيني من أوضح القضايا والحقوق ومع ذلك يحاولون تصفيتها وتضييعها  يحاربون الشعب الفلسطيني بالتطبيع مع العملاء من أجل عزله في ساحة المواجهة وأن يكون بدون ظهر    لا خيار للشعب الفلسطيني إلا التحرك الجهادي لدفع الظلم عن نفسه وطرد المحتل واستعادة حقه المشروع الشعوب لا بد أن يكون لها صوت مسموع وشعبنا كان له صوت مسموع وواضح من أول يوم للعملية وسيبقى مستمراً الواجب الديني والوطني والأخلاقي للأمة الإسلامية والعرب مساندة الشعب الفلسطيني سياسياً وإعلامياً ومادياً وعسكرياً   لا يجوز ولا يليق بالأمة أن تتفرج على الشعب الفلسطيني ومجاهديه بينما تتقدم الدول الغربية لمساندة العدو    عملية طوفان الأقصى أتت في ظرف واضح بلغت فيه مستويات الاستهداف للأقصى شكلاً غير مسبوق طوفان الأقصى يجب أن يحظى بالمساندة ولا بد من موقف واضح للمسلمين  أين منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية لماذا لا تجتمعان لاتخاذ مواقف جادة! هناك ضعف وتفريط وتراجع كبير حتى على مستوى المواقف الروتينية البيانات والإدانات من أكثر الدول العربية

 

 

الثورة/ سبأ

نص كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول آخر التطورات في الساحة الفلسطينية.

25-03-1445 هـ 10-10-2023 م : أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين. أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات: السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛ بدايةً نتوجه بالتهاني والتبريكات للشعب الفلسطيني العزيز، ومجاهديه الأبطال، من كتائب القسام، وسرايا القدس، وسائر الفصائل المجاهدة، فيما منَّ الله به عليهم، وعلى أمتنا الإسلامية، من نصرٍ عظيم، نصرٍ تاريخيٍ كبير، في العملية الكبرى، العملية المباركة (طوفان الأقصى)، هذه العملية التي حقق الله بها على أيدي أولئك المجاهدين الأبطال نصراً تاريخياً عظيماً ربما لا سابقة له في المسيرة الجهادية للمجاهدين الأبطال من شعب فلسطين، الشعب العزيز المظلوم. هذه العملية التي كانت لها نتائج كبيرة في كسر المعادلات، وفي إلحاق الخسائر الفادحة بالعدو الصهيوني المجرم، المتكبر، المتغطرس، الظالم، المعتدي، المغتصب، كما أنَّ لها آثاراً كبيرةً جداً في الانتقال بمستوى الأداء الجهادي للمجاهدين الأبطال الأعزاء في الشعب الفلسطيني العزيز، ولها أهميتها الكبيرة في التوقيت، بحسب الظروف، بحسب الواقع، بحسب السياق الذي أتت فيه على مستوى واقع المنطقة بشكلٍ عام. الشعب الفلسطيني هو مظلوم منذ بداية نشأة الكيان الغاصب الإجرامي، الذي لا حق له، ولا مشروعية له في اغتصاب فلسطين، وممارسة كل أشكال الظلم والطغيان بحق الشعب الفلسطيني المظلوم، والسيطرة على الأرض، والظلم المستمر لذلك الشعب العزيز المسلم. منذ نشأة الكيان الغاصب، كانت نشأته نشأةً قائمةً على الإجرام، على القتل اليومي، على الاعتداءات بكل أشكالها، على الاغتصاب للأرض، على المصادرة للحقوق، على ممارسة الاختطاف والقتل والتعذيب ضد الشعب الفلسطيني، ومنذ يومه الأول كان الكيان الإسرائيلي ربيباً للدول المستكبرة الاستعمارية، بدءاً ببريطانيا، وانتهاءً بأمريكا، وحظي في كل مراحله وإلى الآن- ولا زال يحظى- بدعمٍ مفتوح، وتبنٍّ كامل، من قِبَل الأمريكيين، من قِبَل الدول الغربية، كما هو واضحٌ في الموقف البريطاني بالدرجة الأولى، ويتلوه الموقف الفرنسي، والموقف الألماني والإيطالي… وهكذا بقية الدول الغربية في الأعم الأغلب. الكل يساندون، ويؤيِّدون، ويدعمون الكيان الإسرائيلي في كل جرائمه؛ لكي يبقى مسيطراً محتلاً، لكي يبقى في ممارساته الإجرامية الظالمة، التي هي نكبةٌ لشعبٍ كامل، شعب فلسطين الشعب المظلوم، الشعب العزيز، وبالرغم من كل العناوين التي يتشدَّق بها الغرب الكافر، وعلى رأسه أمريكا، عناوين الحقوق بكل أنواعها: حقوق الإنسان، حقوق المرأة، حقوق الطفل، حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، حقوق الشعب في الحرية والاستقلال، حق الإنسان في الحياة، كل أنواع الحقوق التي يتحدث عنها الغرب، أو تضمنتها مواثيق الأمم المتحدة، إلَّا أنَّ كل شيءٍ من هذا لا قيمة له، ولا اعتبار له عندما يكون الموضوع متعلقاً بالشعب الفلسطيني، فأمريكا، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، والدول الغربية بشكلٍ عام أباحت للعدو الصهيوني الإسرائيلي اليهودي كل شيءٍ في فلسطين، أباحت له أن يقتل الشعب الفلسطيني، أن يقتل الرجال والنساء، أن يقتل الكبار والصغار، أن يتفنن في قتلهم وإعدامهم بكل الوسائل، بدمٍ بارد، أو في السجون، بكل الوسائل، أراد أن يقتلهم بالغارات الجوية، فليفعل، أراد أن يقتلهم بإطلاق النار المباشر عليهم، فليفعل، أراد أن يقتل النساء، فليقتل، لا مشكلة، لا حقوق للمرأة في فلسطين، أراد أن يقتل الأطفال، فليفعل، أراد أن يقتل الناس وهم في منازلهم، في مساكنهم نائمين، فليفعل، أطلقوا يده ليرتكب كل أشكال وأنواع الجرائم، ليحتل الأرض، ليسيطر على الممتلكات الخاصة، ليهدم البيوت والمنازل، ليقلع أشجار الزيتون، ليصادر الأراضي على أصحابها بدون وجه حق، ليصادر استقلال شعب، وحرية شعب، وليحتل وطناً بأكمله، على شعبٍ كامل؛ لأنهم أرادوا للعدو الصهيوني أن يكون رأس الحربة لهم في المنطقة العربية والإسلامية، لاستهداف أمةٍ بأكملها، وليكون وكيلاً لهم، وذراعاً لهم في الاستهداف للأمة بكلها. منذ بداية نشأة الكيان الصهيوني وإلى اليوم، كل المشاهد، كل الممارسات، كل السياسات، كل الجرائم، تفضح الغرب الكافر، تفضح أمريكا، تفضح بريطانيا، تفضح المجتمعات الغربية فيما تتشدَّق به من عناوين، وتقدم نفسها كأمة حضارية، كل الممارسات، كل الجرائم التي ترتفع وتيرتها في كثيرٍ من الأحيان، لتصل إلى جرائم إبادة جماعية، وإلى جرائم حرب، وإلى جرائم ضد الإنسانية، ضد الوجود البشري، كل أشكال وأنواع الجرائم، كل أنواع التعدي، هي تقدِّم شاهداً واضحاً على أنَّ الأنظمة الغربية، وعلى رأسها: أمريكا وبريطانيا، هي أنظمة إجرامية، قادتها ومسؤولوها هم مجرمون بكل ما تعنيه الكلمة، ولذلك دعموا أولئك المجرمين من ذلك الكيان الصهيوني الغاصب، وهو كله كيانٌ إجرامي، دعموه؛ لأنهم مجرمون كذلك، مجرمون يدعمون مجرمين بكل ما تعنيه الكلمة، ويجب أن ننظر إليهم نحن كعالمٍ إسلامي، وكل أحرار العالم، كل الشعوب في كل أرجاء الدنيا، أن ينظر إليهم هذه النظرة الحقيقية: إلى أنهم بالفعل أناسٌ مجرمون، طغاةٌ معتدون، ليسوا مؤتمنين على شيء، وإذا تشدَّقوا بعناوين يعبّرون فيها عن حقوق، أو عن حريات، أو عن أي شيء، فهم يتصورون أنَّ الناس أغبياء، يتصورون أنَّ المجتمع البشري غبي إلى درجة أن يضحكوا عليه، وأن يتحدثوا أمامه- وهم بما هم عليه من إجرام وطغيان- بمثل تلك العناوين لمخادعته؛ لأنها عندهم مجرد أساليب للخداع، يوظّفونها سياسياً؛ لاختراق مجتمعاتنا، والتدخل في كل شؤوننا، وإثارة الفتن في بلداننا، وإلا فالحقائق اليوم واضحة في فلسطين. الشعب الفلسطيني على مدى كل هذه العقود من الزمن، على مدى أكثر من سبعين عاماً، وما قبل ذلك، منذ بدايات هجرة الجماعات اليهودية المنظمة في إطار خطة الاحتلال لفلسطين وإلى اليوم، لم يلق أبداً أي التفاتة جادة لإنصافه، لإنقاذه من مظلوميته، لا من المؤسسات الدولية المتعاقبة، التي تقدِّم نفسها على أنها معنية بحقوق الشعوب، بإحلال السلام والأمن للمجتمع البشري، ماذا فعلته الأمم المتحدة منذ بداية أحداث فلسطين، منذ بداية النكبة والمظلومية للشعب الفلسطيني وإلى اليوم؟! الأمم المتحدة ضمَّت العدو الإسرائيلي الصهيوني المجرم، الذي لا شرعية له على الإطلاق، كعضو فيها (في الأمم المتحدة)، واعترفت به، مع أنه لا مشروعية له، اعترفت به، واعترفت بسيطرته اغتصاباً وظلماً واضحاً على فلسطين، واعترفت به، واعتبرته عضواً فيها. مجلس الأمن، توجهاته، قراراته ماذا فعلت للشعب الفلسطيني؟ هل قامت بحماية أطفال فلسطين، نساء فلسطين، المرأة في فلسطين، الكبار والصغار في فلسطين، المدنيين في فلسطين؟! لم تحمِ أحداً أبداً، والدور الأساس للمجتمع الغربي: أنَّه حاول- الأنظمة الغربية والإدارات الأمريكية المتعاقبة، والأنظمة الأوروبية، وفي مقدمتها البريطانية- حاولوا أن يفرضوا معادلةً تكون قائمةً على أساس أن يفعل العدو الصهيوني الإسرائيلي ما يشاء وما يريد بالفلسطينيين، من قتلٍ يومي، من اختطافٍ وسجنٍ وتعذيب، من تدمير، من مصادرة للحرية والاستقلال، من الاحتلال لوطنٍ كامل، بكل ممارسات أشكال التعذيب، من قلع أشجار الزيتون، من هدم البيوت، كل أشكال التعدي، دون أي ردة فعل من جانب الفلسطينيين، وأن تبقى مسألة الخداع والأماني بالحق الفلسطيني، في جزءٍ من فلسطين، مجرد وسيلة لإلهاء الشعب الفلسطيني عن أن يسلك أي طريقٍ صحيح لاستعادة حقوقه المشروع، لاستعادة وطنه، بلده، لدفع الظلم عن نفسه، هذه المعادلة التي حرص عليها الأمريكي، وحرصت عليها الأنظمة الغربية: معادلة أن يفعل الإسرائيلي ما يشاء ويريد دون أي ردة فعل من جانب الشعب الفلسطيني، ثم تبقى مسألة المخادعة والأماني، التي لا حقيقة لها، ثم تأتي أيضاً العملية لتصفية هذه القضية في إطار عنوان التطبيع مع بقية الدول العربية والإسلامية؛ ليقبلوا بالعدو الإسرائيلي فيما هو عليه من اغتصاب لفلسطين، من ظلم للشعب الفلسطيني، يقبلوا به عضواً في المنطقة، يقبلون به باعتباره كيان طبيعي، يدخلون في علاقات طبيعية معه، يعترفون به وكأنه دولة طبيعية، وصاحب حق فيما هو عليه. مظلومية الشعب الفلسطيني هي من أوضح القضايا، إن لم تكن أوضح المظلوميات والقضايا، وأوضح الحقوق في هذا العصر، ومع ذلك مظلومية بهذا الحجم، مظلومية شعب بأكمله، وبهذا المستوى من الوضوح، يحاولون أن يقوموا بتصفيتها وتضييعها، وحاولوا أن يحاربوا الشعب الفلسطيني من خلال أسلوب التطبيع، والعلاقات مع عملائهم من العرب في العالم الإسلامي، من أجل ماذا؟ من أجل أن يُشعِروا الشعب الفلسطيني بأنه وحده في ساحة المواجهة، بدون ظهر ولا سند، وأنه لن يبقى في العالم الإسلامي ولا في الدول العربية من يكون إلى جانبه؛ حتى يجعلوا من ذلك وسيلة ضغط عليه في الأخير لتضييع قضيته، مظلومية كبيرة جداً. ولذلك يتضح جلياً أنَّ الشعب الفلسطيني لا خيار له إلَّا الخيار الإلهي، وهو: الجهاد في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والتحرك الجهادي؛ لدفع الظلم عن نفسه، لطرد المحتل عن أرضه، لاستعادة حقوقه المشروعة، لإنقاذ أسراه، لدفع الشر والظلم الذي يمارس يومياً ضده من العدو الصهيوني. وتحرَّك المجاهدون في فلسطين على مدى كل الأعوام الماضية، وعلى مدى عقودٍ من الزمن، يطوِّرون أداءهم الجهادي، ويحققون الإنجازات الملموسة، حتى أصبحوا قوةً لها تأثير، ولها حضور فاعل، وهذا هو الحال القائم في قطاع غزة. هذه العملية: (عملية طوفان الأقصى) هي عملية عظيمة، عملية مهمة، أتت في إطار الحق المشروع للمجاهدين الفلسطينيين، وللشعب الفلسطيني، في التصدي لعدوهم، في مواجهة عدوهم الظالم، المجرم، المحتل، المغتصب، الذي يظلمهم بكل أشكال الظلم، يقتلهم كل يوم، يقتل الأطفال والنساء، والكبار والصغار، يصادر حقوقهم، يحتل أرضهم ووطنهم، يصادر استقلالهم، حقهم في الاستقلال والحرية؛ ولذلك لا لوم عليهم، هم يمتلكون الشرعية الإلهية، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قال في القرآن الكريم: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}[الحج: الآية39]، قال “جلَّ شأنه”: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ}[الشورى: الآية41]، الحجة واللوم يوجَّه ضد كيان العدو الإسرائيلي المغتصب، الكيان المحتل، وضد من يتبنونه ويقدمون له كل أشكال الدعم، في مقدِّمتهم الأمريكي، الأمريكي الذي يقدِّم القذائف، والصواريخ، والقنابل، التي تقتل الأطفال والنساء في قطاع غزة، يقدِّم الإمكانات ووسائل القتل والتدمير التي يستخدمها الإسرائيلي لقتل المدنيين، ولقتل أبناء الشعب الفلسطيني من كل الفئات، ومن الكبار والصغار، والرجال والنساء، وتدمير مساكنهم، وتدمير المنشآت المدنية، الأمريكي مجرم، يتبنى هذا الإجرام، شريكٌ في ذلك الإجرام بشكلٍ مباشر. منذ أتت هذه العملية صاح الأمريكي، وبادر وكأنه هو المعني بالدرجة الأولى، وهذا يبين لشعوبنا ولأمتنا الحقيقة الواضحة أصلاً، والتي شهدت بها كل الأحداث في السنوات الماضية، والمراحل الماضية، وهي: مستوى الدور الأمريكي الذي يصل إلى درجة الشراكة بكل ما تعنيه الكلمة مع العدو الصهيوني الإسرائيلي في كل الجرائم التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني، وضد أمتنا الإسلامية، وضد بلداننا العربية وشعوبنا العربية، وهذه حقيقة واضحة، الأمريكي شريكٌ في كل جرائم العدو الصهيوني الإسرائيلي، في كل ممارساته الإجرامية ضد الأطفال والنساء والمدنيين، ضد كل الناس في فلسطين، ضد أمتنا بشكلٍ عام، فالأمريكي شريكٌ في الإجرام، وإسرائيل هي ربيبة أمريكا كما هو شيءٌ معروف، وهذه مسألة مهمة؛ لتبقى النظرة الصحيحة لشعوبنا ولأمتنا، لمعرفة من هو العدو، الذي يستهدفنا كأمةٍ مسلمة، ويستهدف الشعب الفلسطيني المسلم، الذي هو جزءٌ منا، نتحمل مسؤوليةً تجاهه، وفي نفس الوقت الخطر الذي يهدد الشعب الفلسطيني، ويهدد الأمة بكلها، فالمسألة واضحة، عندما بادر الأمريكي ليتبنى الموقف بشكلٍ تام، بعد أن رأى ما هو الحال الذي وصل إليه العدو الصهيوني، حجم الصدمة والذهول، وحجم الإرباك الكبير جداً الذي سيطر على الصهاينة، وكانت الهزيمة الكبيرة قد وصلت بهم إلى درجة الذهول، وإلى درجة الإرباك التام، الذي وضح في واقعهم، حجم الصدمة كبيرٌ جداً تجاه هذه العملية، بادرت الدول الغربية الأخرى: بيانات، مواقف، تقديم الدعم والمساندة المالية… وغيرها. في المقابل الواجب الشرعي، والإنساني، والأخلاقي، والقومي، والديني، الواجب بكل الاعتبارات والحيثيات على أمتنا الإسلامية بشكلٍ عام، وفي المقدِّمة: العرب، الواجب على الجميع أن يساندوا الشعب الفلسطيني، أن يساندوا المجاهدين في فلسطين، أن يقفوا إلى جانبهم، ويقدموا لهم كل أشكال الدعم والمساندة، على المستوى السياسي، والإعلامي، والمادي، وحتى على المستوى العسكري. لا يجوز أبداً، ولا يليق بهذه الأمة أن تتفرج على الشعب الفلسطيني، على مجاهديه الأبطال، ثم تتقدم كل الدول الأخرى الغربية لمساندة العدو الصهيوني وهو الظالم، وهو المجرم، وهو المحتل، وهو الغاصب، وهو المدنس للمقدسات، وأتت العملية (عملية طوفان الأقصى) في ظرفٍ واضح، حتى على مستوى الاستهداف للأقصى، بلغت مستويات الاستهداف بشكلٍ غير مسبوق، له آثاره السلبية وعواقبه الخطيرة، إلى مستوى التهديد الفعلي للمسجد الأقصى، بما له من أهمية، بما له من قدسية لدى أمتنا الإسلامية. فهذه العملية يجب أن تحظى بالمساندة، ويجب أن يكون هناك موقفٌ واضح للمسلمين، أين هي منظمة التعاون الإسلامي؟! لماذا لا تجتمع وتتخذ مواقف جادة؟! أين هي الجامعة العربية؟! لماذا لا تجتمع وتتخذ مواقف جادة؟! هناك ضعف، وتراجع، وتقصير كبير، وتفريط عظيم حتى على مستوى المواقف الروتينية، حتى على مستوى البيانات والإدانات من أكثر الدول العربية، كثيرٌ منها لهم مواقف ضعيفة، مترددة، مجاملة. أمَّا موقف المطبِّعين فهو موقف مخزي، كشف مدى ولائهم لإسرائيل، للعدو الإسرائيلي، وإساءاتهم الكبيرة جداً للشعب الفلسطيني، ولمجاهديه الأبطال، يتحدثون عن كتائب القسام، عن حركة حماس، عن حركة الجهاد الإسلامي، عن الفصائل الفلسطينية، والحركات الفلسطينية المجاهدة، وكأنها لا تملك أي قضية، كأن فلسطين قطعة أرضٍ من إيران، وجاء أولئك العرب ليقاتلوا بالوكالة عن إيران؛ بينما أرض فلسطين هي في المقدِّمة أرض عربية، ولو أنَّ كل العالم الإسلامي معنيٌ بهذه القضية؛ لأن هناك شعب مسلم، وهناك قضية تهم المسلمين جميعاً، ومقدسات إسلامية، ولكن بالرغم من كل ما يعانيه الشعب الفلسطيني، يتحدثون عنه وكأنه ليس صاحب حق، ولا قضية، ولا مظلومية، وكأنه يفعل ما يفعله لمجرد الفضول، أو من أجل جهات أخرى، مع القطع والعلم اليقين أنَّ القرار في هذه العملية (عملية طوفان الأقصى) هو قرار فلسطيني، يمتلك الشرعية والحق الواضح، وتفاجأ به العدو، وتفاجأ به الصديق، وأتاك قرار فلسطيني خالص، ومن واقع مظلومية واضحة في كل الدنيا، وقضية حق واضح، ليس هناك أي التباس فيها على الإطلاق؛ ولذلك واجب المسلمين أن يكون لهم موقف واضح. ثم على كافة المستويات بالنسبة للشعوب، يجب أن يكون لها صوت مسموع، شعبنا اليمني العزيز كان له صوتٌ مسموع وواضح من اليوم الأول، منذ بداية هذه العملية، ثم ما تلاها، وسيبقى هذا الصوت مستمراً إن شاء الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”. شعبنا اليمني هو حاضرٌ لفعل كل ما يستطيع في أداء واجبه المقدَّس، في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، ومجاهديه الأبطال والأحرار، وخروج شعبنا في المظاهرات والمسيرات الكبرى عبَّر عن هذا الموقف. نحن كنا نتمنى أننا بالجوار من فلسطين، وكنا- لو تهيَّأ لنا ذلك- لبادر شعبنا بمئات الآلاف من المجاهدين للمشاركة المباشرة مع الشعب الفلسطيني، وهو حاضرٌ لأن يتحرك بمئات الآلاف من المجاهدين، وأن يذهب إلى فلسطين، ويلتحق بالشعب الفلسطيني؛ لخوض هذا الجهاد المقدَّس في مواجهة العدو الصهيوني، نحن بحاجة إلى طريق، شعبنا مستعد أن يفوِّج مئات الآلاف من المجاهدين للذهاب إلى فلسطين، عندنا مشكلة في الجغرافية، عندنا مشكلة في أن تتحرك أعداد كبيرة من أبناء شعبنا للوصول إلى هناك، ولكن مهما كانت العوائق، لن نتردد في فعل كل ما نستطيع، أن نفعل كل الممكن، كل ما بأيدينا أن نفعله. نحن في تنسيقٍ تام مع إخوتنا في محور الجهاد والمقاومة، لفعل كل ما نستطيع، وكل الذي يمكننا أن نفعله، وهذا التنسيق فيه خطوط حمر، فيه مستويات معينة للأحداث، من ضمنها: إذا تدخَّل الأمريكي بشكل مباشر، بشكلٍ عسكري من جانبه، هو الآن يقدم الدعم للعدو الإسرائيلي، إذا تدخَّل بشكلٍ مباشر، نحن مستعدون للمشاركة، حتى على مستوى القصف الصاروخي، والمسيَّرات، والخيارات العسكرية بكل ما نستطيع. هناك أيضاً خطوطٌ حمرٌ أيضاً فيما يتعلق بالوضع المتعلق بقطاع غزة، نحن في هذا على تنسيقٍ تام مع إخوتنا في محور الجهاد والمقاومة، وحاضرون وفقاً لذلك للتدخل بكل ما نستطيع، وسنحرص- إن شاء الله- أن يكون لدينا الخيارات المساعدة على فعل ما يكون له الأثر الكبير، في إطار تنسيقنا مع إخوتنا في محور الجهاد والمقاومة إن شاء الله. فيما يتعلق بالإخوة المجاهدين في قطاع غزة، وفي شعب فلسطين بشكلٍ عام، نقول لهم: أنتم لستم وحدكم، شعبنا إلى جانبكم، أحرار هذه الأمة إلى جانبكم، لا تكترثوا لكل الحملات الإعلامية، لكل الإرجاف والتهويل، هذه العملية الكبرى وفَّقكم الله لها، وهي- إن شاء الله- إيذانٌ من الله تعالى ببدء مرحلةٍ جديدة، يمنحكم الله فيها المزيد من تأييده، ومعونته، ونصره، وهي- إن شاء الله تعالى- مؤشرٌ من مؤشرات اقتراب الفرج الإلهي إن شاء الله تعالى. نحن- إن شاء الله- سنكون في حالة متابعة مستمرة، وتنسيق مستمر مع إخوتنا في المحور، مع إخوتنا المجاهدين في فلسطين، وسنكون- إن شاء الله تعالى- جاهزين للمشاركة في إطار هذا التنسيق بحسب المستويات المخطط لها، في إطار هذه المعركة إن شاء الله تعالى. نؤكد موقفنا هذا، ونتوجه أيضاً بالإدانة والشجب لكل ما يقوم به المطبِّعون، من إساءات تجاه الشعب الفلسطيني وأحراره، ومجاهديه الأبطال، على المستوى الإعلامي، من تخذيل وتثبيط، وسعي لتفكيك الموقف العربي بشكلٍ عام عن تبني مواقف جادة، أو على المستوى الإسلامي بشكلٍ عام، عن تبني مواقف بشكلٍ جاد. أيضاً على المستوى الإنساني، هناك تخاذل واضح، حتى على مستوى الدعم الإنساني، من الدول التي تمتلك الإمكانات الضخمة، والتي تبعثر بأموالها في خدمة الأمريكيين والإسرائيليين والمجتمعات الغربية، وتبخل حتى على المستوى الإنساني في مساندة الشعب الفلسطيني المظلوم. نسأل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أن ينصر الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأبطال، وأن يؤيَّدهم، ويعينهم، ويوفِّقهم، ويسددهم، وأن يوفِّقنا لنؤدي واجبنا كما ينبغي تجاه هذه المظلومية والقضية الكبرى، التي هي قضية كل الأمة، إنه سميع الدعاء. وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

نص كلمة قائد الثورة بالذكرى السنوية للشهيد الرئيس صالح الصماد 1446هـ

نص كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بالذكرى السنوية للشهيد الرئيس صالح الصماد 3 شعبان 1446هـ 2 فبراير 2025م:

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

قال الله تعالى في القرآن الكريم: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة:111]، صَدَقَ اللهُ العَلِيُّ العَظِيم.

في الذكرى السنوية للشهيد المجاهد، أخينا العزيز الرئيس/ صالح علي الصَّمَّاد “رَحْمَةُ اللهِ تَغْشَاه”، نستذكره كأخٍ عزيزٍ مجاهد، وكشهيدٍ من القادة الشهداء، بإسهامه الكبير، وجهده وجهاده، وتقدمته وعطائه في نصرة الحق والمظلومين، وفي الدفاع عن المستضعفين، وفي دوره المتميز في مسيرة جهاده، وفي المرحلة التي تبوأ فيها مسؤوليته الكبيرة كرئيس، فكانت امتداداً لجهاده الكبير، الذي ختمه الله له بالشهادة، فنال الفوز العظيم.

وقبل أن ندخل في التفاصيل فيما يتعلق بشهيدنا العزيز، نتقدم أولاً إلى إخوتنا المجاهدين: كتائب الشهيد القسام، وحركة المقاومة الإسلامية حماس، والشعب الفلسطيني بكل فصائله ومكوناته، بأحرِّ التعازي، وخالص المواساة، باستشهاد المجاهد القائد الكبير/ محمد الضيف (أبو خالد)، ورفاقه القادة المجاهدين الشهداء، الذين ارتقوا شهداء في معركة (طوفان الأقصى)، متوِّجين بذلك مسيرة جهادهم الحافلة بالعطاء، نَسْألُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَهُم بِوَاسِعِ رَحْمَتِه، وَأَنْ يَرْفَعَ دَرَجَاتِهِم، وَأَنْ يُعَظِّمَ أَجْرَ ذَوِيهِم، وَكُلَّ المُجَاهِدِين وَالمُؤْمِنِين.

لقد كان الشهيد الكبير، قائد كتائب القسام/ محمد الضيف (أبو خالد) رَحِمَهُ الله، من القادة النموذجيين الكبار، بما حمله من قيمٍ إيمانية، وقوة إرادة، وعزمٍ وتصميم، وروحٍ جهاديةٍ عالية، ورشدٍ، وبصيرةٍ، وحكمة، ترجم كل ذلك في الدور الكبير، والإسهام العظيم، في البنية الجهادية الصُلبة الفولاذية، المتمثلة بـ (كتائب الشهيد عز الدين القسام)، وبالنقلات الكبيرة في الأداء الجهادي، وصولاً إلى عملية (طوفان الأقصى)، ثم الصمود الأسطوري العظيم في مواجهة العدو الإسرائيلي في معركة (طوفان الأقصى)، في أشرس جولةٍ في المواجهة للعدو، منذ بداية الصراع معه وإلى هذه المعركة.

إنَّ عظمة هذا الدور تتجلى من خلال التأمل في الظروف الصعبة، التي عمل فيها هذا الشهيد الكبير، والمجاهد القائد، في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وما يمتلكه العدو من قدراتٍ وإمكانات، وسيطرةٍ تامةٍ على فلسطين، في مقابل الظروف الصعبة جداً للمجاهدين، من حيث انعدم الإمكانات، وبداية العمل من نقطة الصفر، ومع كل ذلك كان المسار الجهادي للشهيد القائد/ محمد الضيف مساراً تصاعدياً، من حيث البناء لكتائب القسام، كقوةٍ مجاهدةٍ فعَّالة، تتصدر الساحة الفلسطينية في فاعليتها، وفي حضورها، وفي حجم إنجازها ومستوى دورها، وفي الأداء العملياتي الناجح والهادف، الذي نَكَّل بالعدو الإسرائيلي، وألحق به الهزائم، وفرض المعادلات، وصنع الله به المتغيرات:

– منها: تحرير غزَّة.

– ومنها: إلحاق الهزائم الكبيرة بالعدو الإسرائيلي في عدَّة جولاتٍ من عدوانه الشامل.

– ومنها: إرغامه على تبادل الأسرى؛ نتيجةً لعمليات الأسر من جنوده في مراحل متعددة.

– وصولاً إلى الإنجاز العظيم في عملية (طوفان الأقصى)، التي كانت نقلةً أسست لتحولٍ كبير في مسار المواجهة والصراع مع العدو الإسرائيلي، وكانت ضربةً قوية، لم يستطع العدو الإسرائيلي التخلص من آثارها، وتأثيرها الذي كسر عظم كيان العدو، في بنيته وكيانه، كُسراً لن ينجبر بإذن الله تعالى.

– ثم تلى ذلك تماسك كتائب القسام، وصمودها العظيم في معركة (طوفان الأقصى)، الذي حافظ على هذا الإنجاز بتوفيق الله تعالى ونصره.

وإنَّ التماسك والثبات العظيم لكتائب القسام، بالرغم من استشهاد هذا القائد الكبير، ورفاقه القادة، وبالرغم من العدوان الإسرائيلي الأمريكي غير المسبوق، بكل وحشيته وجبروته، لثمرةٌ عظيمةٌ لجهده وجهاده، ونجاحٌ كبيرٌ لسعيه وعمله، هو ورفاقه الشهداء، في بناء بنيةٍ تبقى وتتنامى، وبنيانٍ مرصوصٍ متماسك، ففاز بالحسنيين: (النصر، ثم الشهادة)، فرحمه الله برحمته هو وكل رفاقه، وكل شهداء الأُمَّة، في فلسطين، وفي كل جبهات الجهاد.

وبالعودة إلى الذكرى السنوية لشهيدنا العزيز الرئيس/ صالح الصَّمَّاد “رَحِمَهُ الله”، فهي من مناسباتنا التي هي محطةٌ مهمةٌ للاستلهام والاستذكار، نستفيد منها الدروس في القيم الإيمانية، والروح الجهادية، والعطاء في سبيل الله تعالى، والثبات في مواجهة التحديات، مع الإجلال والتقدير لعطاء الشهداء، الذي هو عطاءٌ مُقدَّس؛ ولـذلك مهما قلنا، أو فعلنا، فلن نفي بحقهم؛ وإنما جزاؤهم العظيم هو: ما تَكَفَّل الله لهم به من عظيم الجزاء والتكريم:

– فيما منحهم به من حياةٍ سعيدة، وفوزٍ عظيم، كما قال “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران:169-171].

– ثم الجنة في عالم الآخرة، كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}[التوبة:111].

– وأيضاً فيما بارك الله به جهودهم، وجهادهم، وتضحياتهم، وعطاءهم، في خدمة قضيتهم، والنتائج التي تتحقق بذلك في عاجل الدنيا.

فحديثنا عن الشهداء والشهادة، هو حديثٌ عن قُدسية عطائهم، ورفيع منزلتهم عند الله، وهذا مُحَفِّزٌ كبير للسير في دربهم، ومواصلة المشوار في طريقهم، بما لذلك من قدسيةٍ ومقامٍ عظيمٍ رفيع، وبما له أيضاً من نتيجة مهمة، لسعادة الإنسان نفسه، وفوزه بما لا يماثله فوزٌ، في أي مكاسب تتحقق لأي بشر؛ ولــذلك سمَّاه الله في (سورة التوبة) وفي (سورة الصف) بالفوز العظيم.

ثم مثل هذه المناسبات نستذكر فيها أيضاً مسؤوليتنا نحن، في الوفاء للشهداء، بالثبات على المبادئ والقيم، التي ضحّوا في سبيل الله من أجلها، فهم أصحاب قضيةٍ مقدَّسة، مسؤوليتنا هي الحفاظ عليها، وهي مسؤوليةٌ إيمانية.

فحينما نستذكر الشهيد الرئيس/ الصَّمَّاد “رحَمِهُ اللهُ”، نستذكر في شخصيته الفذَّة مميزاتٍ مهمة وملهمة:

– منها وفي مقدمتها- وهو العنوان الشامل، الذي تتفرع عنه بقية العناوين- التَّوجُّه الإيماني، والانطلاقة الإيمانية، والالتزام الديني:

وهذا مهمٌ جداً لكل إنسان، في أي موقعٍ من مواقع المسؤولية كان، وفي أي دورٍ يتحرك به في هذه الحياة، أن يكون ذلك مستنداً إلى انطلاقةٍ إيمانية، يؤمن بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويؤمن بهدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويتحرك وفق المواصفات الإيمانية، والمبادئ الإيمانية.

– ثم الوعي القرآني، واهتمامه بالقرآن الكريم، وبالثقافة القرآنية:

ولـذلك كان ظاهراً في روحيته، وفي توجهه، وفي التزامه، وفي اهتماماته، هذا التَّوجُّه الإيماني، وأيضاً الاهتمام الكبير بالقرآن الكريم، في العناية بتلاوته، في الاهتمام أيضاً بالارتباط الوثيق به، وحمل روحيته، ثم أيضاً العناية القصوى بالثقافة القرآنية، فكان عاكفاً على الثقافة القرآنية، مهتماً بالثقافة القرآنية، متثقفاً بالثقافة القرآنية.

– وكذلك حمل الروح الجهادية والعملية، والشعور بالمسؤولية، والنشاط الكبير في ذلك، والاهتمام الكبير بذلك:

وهذا كان بارزاً في مسيرته الجهادية والعملية، هو إنسانٌ يتحرك وهو يحمل الروحية الجهادية، وأيضاً الروح العملية، كان نشطاً، ومهتماً، وعملياً، ودؤوباً في عمله في الليل والنهار.

– وكذلك سعة الصدر، وقوة التحمُّل، والحلم، والروح الاجتماعية:

وهذا كان بارزاً في علاقاته الواسعة، وتأثيره الواسع، واهتمامه بالشأن العام، واهتمامه بالناس، وفي علاقته الطيبة بالناس وبالمجتمع.

– وكذلك في التقدير للمسؤولية في أي ميدان من ميادين العمل، والخلاص من النظرة المزاجية:

وهذه مسألة مهمة جداً، الإنسان الذي ينطلق في سبيل الله تعالى من منطلقٍ إيماني، مخلصاً لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هو ينطلق وهو ذائبٌ في الله “جَلَّ شَأنُهُ”، يهمه العمل الذي فيه مرضاة الله تعالى؛ ولـذلك لديه الجهوزية أن يتحرك في أي مجال من المجالات، ليبذل فيه وسعه وطاقته، وما يمتلكه من طاقات وقدرات، في سبيل العمل في ذلك المجال بما يرضي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

بينما البعض من الناس توجهاته مزاجية، حتى وهو يتحرك في إطار العنوان الجهادي والإيماني، هو يريد عملاً مُعيَّناً، يُعبِّر عن مكانة اجتماعية مُعيَّنة، أو مكانة مرموقة، أو له اعتبارات سياسية… أو غير ذلك.

لكنَّ المعيار المهم لدى الإنسان الذي ينطلق انطلاقةً إيمانيةً صادقة هو: ما الذي يحقق به مرضاة الله تعالى، ويصل به إلى رضوان الله عنه، هذا هو المهم؛ ولـذلك لديه الجهوزية أن ينطلق في أي عملٍ متاح، في أي مسؤوليةٍ تفترضها الظروف والواقع العملي، لديه استعداد أن يتحرك في أي مجال، بقناعة، برحابة صدر، وباهتمامٍ كبير؛ لأنه لا مجال للمزاجية في مسألة العمل في سبيل الله تعالى، وفي إطار المسؤوليات الإيمانية والجهادية.

وعندما تبوأ مسؤوليته كرئيس، وذلك في مرحلة حساسة جداً، في ذروة العدوان الأمريكي السعودي على بلدنا، لم يتعامل مع موقعه كمنصب، بل كمسؤولية؛ ولـذلك واصل تحركه الجهادي، وتحرَّك بالروح الجهادية، وبالقيم الإيمانية، مكثفاً من جهوده واهتمامه، ومستشعراً بحجم مسؤوليته، وكانت الأولوية له، ولكل أبناء شعبنا الأعزاء والأحرار، هي: في التصدي للعدوان؛ ولـذلك هو ركَّز على هذه الأولوية:

– من خلال اهتمامه الكبير بالمجاهدين والجبهات.

– ومن خلال اهتمامه الكبير أيضاً بالحفاظ على الجبهة الداخلية وتماسكها، في مرحلة هي أخطر مرحلة من مراحل الاستهداف للجبهة الداخلية، حتى تم تجاوز أكبر استهداف لها، وهو: فتنة ديسمبر.

– وكذلك من خلال اهتمامه الكبير بخدمة الشعب، والقرب من الشعب، وكان قربه هذا ملموساً لدى الناس.

العدوان الأمريكي، الذي نَفَّذه النظام السعودي وقوى إقليمية معه، كان لسببين:

الأول: هو النهج التحرري الإيماني الجهادي لثورة شعبنا اليمني في الحادي والعشرين من سبتمبر:

فالأعداء لا يقبلون ولا يطيقون بأن يكون شعبنا حُرّاً عزيزاً مستقلاً، على أساسٍ من انتمائه الإيماني وهويته الإيمانية؛ لأن معنى ذلك: أن يفقدوا سيطرتهم عليه، وعلى موقعه الجغرافي المهم، وعلى ثرواته النفطية والغازية، وغيرها من الثروات التي يطمعون بها.

السبب الثاني: هو موقف شعبنا المنسجم مع هويته الإيمانية تجاه قضايا أمته الكبرى، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وموقفه القرآني المعادي للعدو الإسرائيلي، والمناهض للهيمنة الأمريكية:

ولـذلك كان العدوان بتحريض إسرائيلي، وكان هذا واضحاً قبل أن يبدأ العدوان، في تصريحات للمجرم [نتنياهو]، وأيضاً لمسؤولين آخرين من كبار المجرمين الصهاينة، وفي وسائل الإعلام الصهيونية، فكان العدوان بتحريض إسرائيلي، ودفع إسرائيلي وصهيوني، وإسهام إسرائيلي في العدوان، وبإشرافٍ أمريكيٍ تام، وهذه مسألة واضحة، ويعترف بها الأمريكيون.

وكان الدور للسعودي هو: التنفيذ والتمويل، أن يدفع الأموال، أن يُقدِّم مئات المليارات من الدولارات للخزانة الأمريكية، وإلى بنوك الأمريكيين وجيوب الأمريكيين والصهاينة، هو ومن تحالف معه من القوى الإقليمية.

أمَّا دور خونة البلد، فكان هو: القتال ضد شعبهم؛ لتمكين أعدائه من احتلاله، والسيطرة عليه، وإخضاع هذا الشعب للأمريكي ولأدواته الإقليمية.

الأمريكي أشرف على العدوان بشكلٍ كامل؛ ولـذلك هو المتحمل الأول لوزر العدوان، وما كان فيه من جرائم القتل والإبادة، والتدمير الشامل لبلدنا، وهذا لا يُعفي أدواته عن المسؤولية في ذلك، هي مسؤولةٌ بكل المسؤولية معه وإلى جانبه.

نحن في هذا السياق نعتبر الأمريكي هو المسؤول الأول، ويشترك معه في المسؤولية أدواته الإقليمية، في الاستهداف للشهيد الرئيس/ صالح علي الصَّمَّاد “رَحْمَةُ اللهِ تَغْشَاه”؛ لأن الأمريكي:

– لا يطيق ولا يتحمل هذا النوع من الأشخاص أن يكون في هذا الموقع من مواقع المسؤولية:

لا يقبل الأمريكي ولا يتحمل أن يكون هناك رئيس، أو زعيم، في أي بلدٍ من بلداننا العربية والإسلامية، هو حرٌّ، لا يقبل بالخنوع لأمريكا، ولا يستسلم لأمريكا، للأمريكي تفصيل معيَّن، ومقاس معيَّن، يريد أن يكون عليه كل الزعماء في العالم العربي والإسلامي: يريد أن يكونون خانعين له، مطيعين له، موالين له، مستسلمين له، يقبلون بكل إملاءاته، يُقدِّمون ثروات شعوبهم له، وفي نفس الوقت يفتحون له كل شيء: المجال لانتهاك السيادة، لاحتلال الأرض، لأن يكون له قواعد عسكرية أينما يشاء ويريد، وأن يخترق كل المجالات في بلدانهم، بإملاءاته في كل المجالات: في المجال السياسي، في المجال التعليمي والتثقيفي والخطاب الديني، وفي الجانب الاقتصادي، أن يتدخل في كل شيء، دون أي ممانعة أو اعتراض.

هذه النوعية من الرؤساء، والزعماء، والأمراء، والملوك، والقادة، الذين يكونون عبارةً عن مسؤولي أقسام شرطة للأمريكي، في الاهتمام بما يريده عسكرياً، أو أمنيا، وأن يكونوا مُنفِّذين له في أي أجندة يريد تنفيذها في المنطقة: يثيرون الحروب، يشتغلون على الأزمات، يثيرون الفتن، يعملون على بعثرة أبناء الأُمَّة… يشتغلون لتنفيذ أي أجندة عدائية لتدمير الأُمَّة، ويهمهم مصالحه قبل مصالح شعوبهم وأوطانهم، لها الاعتبار الأول قبل كل شيء، هذا النوع من الزعماء يعجبه، ويريد أن يكونوا هكذا، فعندما يرى حالةً مختلفة في هذا البلد أو ذاك، هو لا يطيق ذلك، يصبح من أجندته ومن خططه كيف يتخلص من أي زعيمٍ، أو قائدٍ، أو رئيسٍ أو ملكٍ… أو بأي صفةٍ كان، هو حُرٌّ، لا يريد أحرار، يريد خانعين؛ ولـذلك سعى الأمريكي إلى استهداف الشهيد الصَّمَّاد.

– وأيضاً أراد أن يتخلص من الدور الفاعل الذي كان عليه الشهيد الصَّمَّاد “رَحْمَةُ اللهِ تَغْشَاه”:

دوره الفاعل من موقعه كرئيس، بما يمتلكه من روحية وقيم، ومبادئ ومؤهلات، سخَّر فيها كل طاقات للتصدي للعدوان، واستنهاض الشعب، وتوجيه الإمكانات الرسمية والشعبية في أطار التصدي للعدوان.

– وأراد أيضاً أن يكسر إرادة ومعنويات شعبنا اليمني العزيز.

هذه الأسباب الثلاثة في مقدمة الأسباب، التي جعلت الأمريكي حريصاً على استهداف الشهيد الصَّمَّاد مع أدواته الإقليمية.

مع ذلك فشل، فشل العدو في تحقيق أهدافه، وكان استشهاد الشهيد الصَّمَّاد “رَحْمَةُ اللهِ تَغْشَاه” من أكبر الحوافز لشعبنا العزيز في التضحية والثبات، وزادت من ثبات شعبنا، من استبساله، من صموده.

كما هو الحال لشهادة كل الشهداء من أبناء شعبنا العزيز، من الشخصيات البارزة في البلد، من مختلف الفئات؛ لأنَّ شعبنا قَدَّم الشهداء بعشرات الآلاف، من مختلف فئات أبناء الشعب من: علماء دين، وقادة عسكريين وأمنيين، وشخصيات أكاديمية، وشخصيات اجتماعية، وكبار، وشباب… كل أحرار وأبطال البلد، الذين ارتقوا شهداء وهم يؤدُّون مسؤوليتهم الإيمانية والجهادية، في مواجهة العدو والتصدي لعدوانه، وكان منهم من قدَّموا أنفسهم في سبيل الله تعالى، وقَدَّموا جهداً كبيراً ما قبل ذلك في التصدي للعدوان في مرحلة العدوان، وهناك أيضاً من الشهداء من استشهدوا باستهدافٍ من العدو أيضاً، ما قبل إعلان العدوان على بلدنا، في إطار عمليات الاستهداف: عمليات اغتيالات، عمليات تفجيرات، نفَّذها الأعداء، وكانت إرهاصاً للعدوان على بلدنا.

قوافل الشهداء من أبناء شعبنا العزيز، بإسهامهم، وبركة تضحياتهم، وبجهود الجرحى والأسرى، ومعاناتهم، وصبرهم، وبجهود المرابطين الصادقين، ومن خلفهم من أبناء شعبنا، الذين أسهموا بكل الجهود في التصدي للعدوان، وفي العمل على تحقيق الهدف المنشود، في حُرِّيَّة شعبنا وبلدنا واستقلاله، كتب الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بفضله النصر.

وأيضاً بالاستلهام للدروس من جهاد قوافل الشهداء، ومن أخلاقهم، ومن تضحياتهم، هم مدرسةٌ معطاءة، نتزود منها العزم والبصيرة، وتحيي فينا الروحية الجهادية باستبسالٍ وتفانٍ؛ ولـذلك من المهم:

– الاستمرار في كل الأنشطة المتعلقة بالشهداء، من القادة ومن غيرهم، كل الشهداء لهم إسهامهم العظيم، ودورهم الكبير، وهم بكلهم مدرسةٌ عظيمة.

– الاهتمام المستمر بإنتاج الوثائقيات، عن سيرتهم، وذكراهم، وتضحياتهم، ومن المهم التنوع في الإنتاج فيما يتعلق بذلك: وثائقيات، وكذلك كتابات، برامج… كل الأشكال والقوالب الفنية التي يستفاد منها في هذا الجانب.

– العناية المستمرة بروضات الشهداء، وبالزيارة لها، وهذا له أثره الكبير على المستوى الوجداني، فنحن مثلما نتأثر عندما نتابع فيما يتعلق بالمنتجات من الوثائقيات وغيرها، التي تحكي لنا عنهم، وعن سيَّرهم، وعن أخلاقهم، وعن صبرهم، وعن ما كانوا عليه روحية إيمانية، وعن عطائهم… وغير ذلك، أيضاً نتأثر عندما نزور روضات الشهداء.

– أيضاً الاستمرار فيما يتعلق بإبراز دورهم، من خلال تسمية شوارع مهمة، أحياء مهمة، مؤسسات، مراكز… وغير ذلك، بأسمائهم، هذا له أهمية أيضاً في لفت النظر والتذكير بهم؛ وبالتالي بما يحملونه من قيم وروحية، وما قدَّموه من إسهامٍ عظيم فيما يتعلق بحرِّيَّة هذا الشعب وكرامته، ودفع الأعداء عنه.

شعبنا العزيز بما قدَّمه من شهداء ينعم الآن بالحُرِّيَّة الحقيقية، في مقابل ما خسره الآخرون، شعبنا قدَّم عشرات الآلاف من الشهداء، والآخرون خسروا عشرات الآلاف ممن قدموهم قرباناً للأمريكي والإسرائيلي، واسترضاءً لأمريكا وإسرائيل؛ أمَّا نحن فشعبنا قدَّم شهداءه في سبيل الله تعالى، قرباناً إلى الله “جَلَّ شَأنُهُ”؛ ولـذلك شعبنا ينعم بالحُرِّيَّة، الحُرِّيَّة الحقيقية، وعلى أساسٍ من هويته الإيمانية، وهذه نعمة عظيمة جداً، نعمةٌ كبيرة، من أعظم نعم الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أن نكون أحراراً، لا نخضع إلا لله “جَلَّ شَأنُهُ”، أحراراً لا نُعَبِّد أنفسنا للطاغوت؛ ولـذلك في إطار هذه الحُرِّيَّة الحقيقية تمكَّن شعبنا العزيز من أن يتحرك في إسناد الشعب الفلسطيني ومجاهديه، في معركة (الفتح الموعود والجهاد المقدس)، في إسناد الشعب الفلسطيني ومجاهديه في معركة (طوفان الأقصى)، إسناداً تميَّز به عن كل البلدان، تحرَّك رسمياً وشعبياً بفاعليةٍ عالية، وسقفٍ عالٍ، وزخمٍ هائل، واستمرارٍ وثبات، بالرغم من كل الضغوط، والحملات، والعدوان، والحصار.

وهذا ما تحتاج إليه أُمَّتنا بكلها: تحتاج إلى الحُرِّيَّة، هذا شيءٌ أساسيٌ، بالنظر إلى هويتها، وانتمائها، ومسؤوليتها، نحن أُمَّةٌ ننتمي للإسلام، المبدأ الذي يقوم عليه الإسلام بكله هو: مبدأ تُعبِّر عنه الشهادة بأنه (لا إله إلا الله)، وألَّا نُعبِّد أنفسنا إلا لله، وأن نتحرر من العبودية لكل الطواغيت؛ ولـذلك هذه المسألة ذات أهمية كبيرة فيما يتعلَّق بانتمائنا الديني، وكل حالة خضوع للأعداء، للطاغوت والاستكبار، هي انتقاص وارتداد وتراجع في هذا المبدأ الأول من المبادئ الإسلامية والدينية، وهي على حسابه، حالة الخضوع لأمريكا، والطاعة لأمريكا ولإسرائيل، هي تعبيدٌ للنفس لهم، وانتقاصٌ على حساب هذا الانتماء؛ ولـذلك المسألة خطيرة جداً، تمسّ بالمبادئ، وبالثوابت الدينية، والأسس الدينية.

وأُمَّتنا أيضاً بحاجةٍ إلى الحُرِّيَّة، وإلى الخلاص من هيمنة أعدائها، بالنظر إلى مستوى التحديات والمخاطر التي تهددها من جانبهم؛ لأن الخنوع لهم لا يمثِّل حلاً لأُمَّتنا، ولا يدرأ المخاطر عنها، بل يساعد الأعداء إلى أن يتمكَّنوا أكثر وأكثر من نجاح مؤامراتهم، ومخططاتهم، ومشاريعهم، وأجندتهم التي هي تدميرية وعدوانية ضد أُمَّتنا، فأُمَّتنا بحاجة إلى أن تتحرر، وأن تستشعر مسؤوليتها، وأن تخرج من حالة الجمود.

أعداؤنا حاقدون، أعداؤنا كأُمَّة مسلمة (أمريكا، وإسرائيل، والصهيونية، واليهود) حاقدون، يحملون الحقد الشديد جداً ضد أُمَّتنا، وعبَّرت جرائمهم الرهيبة جداً في غزَّة على مدى حقدهم، كيف كانوا يتعاملون مع الشعب الفلسطيني في غزَّة؟ عدوانية شديدة جداً تُعبِّر عن منتهى الحقد، وطامعون أيضاً، هم طامعون في هذه الأوطان، وفي ثرواتها، وفي موقعها الجغرافي، ومتوحشون ومجرمون، فعلاً لا يعطون أي اعتبار لا لحقوق إنسان، ولا لقيم، ولا لأخلاق، ولا لقوانين… ولا لأي شيء، يرتكبون أبشع، وأفظع، وأسوأ، وأقسى الجرائم، حتى بحق الأطفال، وبحق النساء، وبحق الطاعنين في السن، والتفاصيل كثيرة عن أنواع الجرائم التي ارتكبوها في قطاع غزَّة:

– يرسلون الكلاب البوليسية على العجائز (الطاعنات في السن)، وَهُنَّ في حالة المرض؛ لينهشوا لحمهن وَهُنَّ على قيد الحياة، وعلى الرجال أيضاً الطاعنين في السن من المرضى والمقعدين أيضاً؛ ليفعلوا ذلك.

– يغتصبون، يرتكبون جرائم الاغتصاب، دون أي حياء، ودون أي وازع أخلاقي، أو إنساني، أو قانوني… أو غير ذلك.

– يرتكبون جرائم القتل بدمٍ بارد، يقتلون الأطفال، كانوا يقتلون بعض الأطفال بالرصاص الحي، ويتعمدونهم بالقتل بدمٍ بارد؛ أمَّا ما أبادوه بالقنابل الفتَّاكة، التي هي لتدمير المنشآت الخرسانية، واستخدموها على النازحين في خيمهم القماشية، والقنابل الحارقة… وغير ذلك.

– جرائم التجويع…

كل أصناف الجرائم، العالم سمع على مدى خمسة عشر شهراً بأنواع كثيرة من أبشع، وأفظع، وأقسى، وأسوأ الجرائم، فهم مجرمون.

ولـذلك ما يمكن أن يتوقفوا عنه في مؤامراتهم على أُمَّتنا، وفي حقدهم عليها، هو فقط ما يعجزون عن فعله؛ أمَّا ما يمكنهم أن يفعلوه، فلن يترددوا من فعله، ليس هناك لا جانب إنساني، ولا أخلاقي، ولا قيمي، ولا قانوني، ولا لاعتبار لمنظمات أو غيرها يمكن أن يتورَّعوا عن فعل شيءٍ يقدرون على فعله من مؤامراتهم ضد أُمَّتنا، لكن عندما يكون هناك عائق، عندما يكون هناك ما يصل بهم إلى العجز عن تنفيذه؛ فهم يتركون ما يتركونه لعجزهم عن ذلك.

الإسرائيلي والأمريكي معاً، أرادا بعدوانهم الوحشي الإجرامي على قطاع غزَّة:

– إنهاء المقاومة.

– والقضاء على المجاهدين.

– وتهجير أهل غزَّة.

وكان هذا شيء واضح، وفي مقدِّمة مشروعهم، المشروع القديم الذي ليس بجديد؛ وإنما يتحرَّكون فيه وفق مراحل؛ ولـذلك لا يزال [ترامب] حتى الآن يردد ويكرر الكلام عن تهجير أهالي غزَّة إلى الأردن وإلى مصر، هذا هدفهم، هدفهم: الإبادة، والسيطرة التامة، والتهجير الكامل للشعب الفلسطيني من قطاع غزَّة؛ وإنما أعاق ذلك ويعيق ذلك صمود الشعب الفلسطيني، الصمود العظيم الأسطوري للشعب الفلسطيني، ولمجاهديه، ولشهدائه؛ ولذلك لو أتيح لهم أن يتحقق هذا الهدف، ولم يصمد الشعب الفلسطيني هذا الصمود العظيم؛ لكانوا فعلوا ذلك، وانتقلوا إلى الخطوات التالية، لديهم أهداف واضحة كأعداء، وهم يسعون بجدٍّ لتنفيذها:

– على مستوى فلسطين، ومعروف ما يريدونه في فلسطين:

– في مقدِّمة ما يستهدفونه في فلسطين: المسجد الأقصى والقدس، وهذه مسألة واضحة، موقفهم في هذه المسألة موقف عقائدي، وهو أيضاً بالنسبة لهم هدفاً أساسي، يتمسَّكون به، ويسعون إلى تحقيقه.

– هدفهم أيضاً استقطاع الضفة الغربية بشكل نهائي، وما يفعلونه في هذه المرحلة في الضفة الغربية من عدوان، يحاولون أن يعوِّضوا به ما خسروه في غزَّة، وما سقط عليهم في غزَّة من: الغرور، والطغيان، والكبر، فيحاولون أن يعوِّضوا ذلك بالاستعراض الإجرامي، الذي ينفِّذونه في الضفة، لكن لهم أيضاً هدف: استقطاع الضفة بشكلٍ كامل.

– واستقطاع غزَّة بشكلٍ كامل.

– وتهجير الشعب الفلسطيني.

– والمصادرة لكل فلسطين، وتصفية القضية الفلسطينية بكلها: على مستوى المقدَّسات، على مستوى الشعب الفلسطيني، والتهجير للشعب الفلسطيني، وأيضاً المنع لعودة اللاجئين الفلسطينيين من خارج فلسطين، وتوطينهم حيث هم، في البلدان التي هم لاجئون فيها.

– ثم على مستوى المشروع الصهيوني الذي يحمل عنوان [إسرائيل الكبرى]:

ولـذلك لا يزال العدو يماطل في تنفيذ الاتِّفاق في لبنان، وهو مستمرٌ في ممارساته العدوانية هناك:

– التدمير المستمر للمنازل، والنسف لها.

– وتجريف الأراضي الزراعية، وقلع أشجار الزيتون المعمِّرة.

– وكذلك الاستهداف للأهالي، وتنفيذ غارات عدوانية.

ثم أيضاً هو يؤكِّد على أنَّه سيستمر في احتلاله لما احتله في سوريا، ويسعى باستمرار إلى تثبيت تواجده هناك.

وأطماع العدو واضحة، كلما تهيَّأت لها الظروف، أو رأى المجال مفتوحاً أمامه؛ لن يتردد في الإقدام على أيِّ خطوة عدوانية، من احتلال ومصادرة للأرض والأوطان، من قتل لأبناء هذه الأُمَّة، من ارتكاب أبشع الجرائم، وتنفيذ مختلف المؤامرات المتنوعة التي يستهدف بها أُمَّتنا؛ ولذلك العائق الحقيقي للعدو تجاه كل مؤامراته بأنواعها، ومساراته العدوانية المتعددة، العائق هو: التصدي له، بالجهاد في سبيل الله تعالى، وبالمقاومة.

دور المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها، وفي مقدِّمتها: كتائب القسَّام، وحركة المقاومة الإسلامية حماس، ومعها سرايا القدس، ومعها الجهاد الإسلامي… وبقية الفصائل في أذرعها العسكرية، وعلى المستوى السياسي والعام، دورها الآن أنها في الخندق الأول، تحمي هذه الأُمَّة، معركتها هي معركة كل الأُمَّة.

العدو الإسرائيلي لو نجح خلال معركة (طوفان الأقصى) في التخلُّص من المقاومة الفلسطينية، وما قبل ذلك في المراحل الماضية؛ لكان قد اتَّجه إلى البلدان المجاورة بدون تردد، هل كان سيحترم الاتِّفاقيات السابقة مع الأردن، أو مع مصر، أو مع لبنان؟! لم يكن ليحترم أي شيءٍ من ذلك، وواضحٌ ما يفعله في سوريا، لا يحترم أي اتِّفاقيات، هو يعمل على صناعة فرص، ويستثمر الفرص عندما تتوفر لتحقيق أهدافه، وهي كما قلنا: أهداف عدوانية، يسعى لتنفيذ مشروعه الصهيوني، فالمقاومة الفلسطينية والإخوة المجاهدون في فلسطين لهم الدور الأول، وكذلك حزب الله في لبنان، والمقاومة في لبنان، الدور الأول في حماية الأُمَّة كل الأُمَّة، من خطرٍ يستهدفها، ما يستهدفها بالاحتلال المباشر لرقعة جغرافية واسعة، في إطار المشروع الصهيوني [إسرائيل الكبرى]، وما يستهدف بقيتها بالإخضاع والسيطرة عليها، فهو عدوٌ يتَّجه- كما قلنا- يتَّجه بمشروع عدواني ضد هذه الأُمَّة، والعائق أمامه هي المقاومة.

المقاومة ليست فقط عائقاً للعدو الإسرائيلي، وعاملاً أساسياً في أنَّه لم يصل بكل شرِّه في البلدان؛ لأنه انشغل بهذه المقاومة، انشغل بهؤلاء المجاهدين؛ وإنما أيضاً أثبتت فيما كانت عليه من ثبات، وما أمدَّها الله به من عونٍ ونصر، أنَّها في مستوى أن تلحق به الهزيمة، وتحقق الانتصار للأمة، لو قامت الأُمَّة بما عليها من مسؤوليةٍ أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في الوقوف مع هذه المقاومة، ودعمها، واحتضانها، ونصرتها.

المقاومة، بالرغم من الإمكانات الصعبة، والخذلان من معظم الأنظمة، وكان الموقف الرسمي الداعم لها بحقٍّ وجدّ، هو حالات استثنائية في الأنظمة العربية والإسلامية: الجمهورية الإسلامية في إيران لها دورٌ بارز وواضح، يعترف به العدو والصديق، في إسناد المجاهدين في فلسطين والمجاهدين في لبنان، دعمهم، إعانتهم بكل أنواع الدعم، وبقية الأنظمة حالات نادرة، بلدنا برز رسمياً وشعبياً بكل ما يستطيع في هذا السياق.

التعاطف الشعبي معلوم في كل العالم العربي والإسلامي، لكن هذا التعاطف لا يكفي لوحده، عندما لا يترجم إلى مواقف عملية، وإلى دعمٍ حقيقيٍ، وإسنادٍ حقيقي، وهذا هو الشيء الغائب في واقع الأُمَّة: أنَّ الكثير من الأنظمة الرسمية لم يتحرك بِجِدِّيَّة لتقديم الدعم الحقيقي، لا على المستوى السياسي، ولا على المستوى المادي، ولا على المستوى العسكري… ولا بأي مستوى، مواقف شكلية في أغلبها، عبارة عن قمم تُصدر بيانات لا أكثر، دون أي جهد عملي، أو دعم حقيقي.

فالمقاومة والمجاهدون في فلسطين ولبنان، هم بالمستوى الذي يمكن أن يحقق للأمة كل الأُمَّة الانتصار الكامل والتاريخي على العدو الإسرائيلي، لو وقفت هذه الأُمَّة معهم الوقفة الصادقة، العملية، الجادَّة، وقدَّمت لهم الدعم، بمثل ما تقدِّمه أمريكا والغرب للعدو الإسرائيلي: الدعم بالسلاح، الدعم بالمال، الدعم بالموقف السياسي، والموقف الاقتصادي… الدعم بكل أشكاله وأنواعه؛ ولـذلك هناك مسؤولية حقيقية على هذه الأُمَّة، وتبقى هذه المسؤولية قائمة، تنصُّل الأنظمة الرسمية عنها؛ يُحَمِّلها الوزر والذنب الكبير أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ أمَّا وزر المتواطئين مع العدو الإسرائيلي، والداعمين له، والداعمين للأمريكي؛ لأن الدعم للأمريكي هو دعمٌ للإسرائيلي بالواسطة، كل دعمٍ لأمريكا؛ تستفيد منه إسرائيل، عندما تقدَّم مئات المليارات من ثروات هذه الشعوب للأمريكي، هو يقدِّم منها أيضاً مئات المليارات، يقدِّم من خلالها السلاح، القنابل التي تقتل الشعب الفلسطيني، يتحرَّك من خلالها لاستهداف الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني، والمجاهدين في فلسطين وفي لبنان، فالمسؤولية كبيرةٌ على هذه الأُمَّة.

النجاح الذي تحقق لإخوتنا المجاهدين في فلسطين، ويقابله الفشل المطلق للإسرائيلي، والإسرائيليون يعترفون بأنهم فشلوا فشلاً كبيراً في قطاع غزَّة، وما تحقق من نجاح هو بالرغم من حجم الخذلان من معظم الأُمَّة، وتواطؤ البعض من الأنظمة والقوى؛ ولـذلك فالمشهد ولا يزال في مسار تنفيذ الاتِّفاق، وظهور المجاهدين، وإدارة عمليات التبادل للأسرى، وخروج الأسرى الفلسطينيين معززين مكرَّمين، رافعين لرؤوسهم، هو مشهد للفشل التام للعدو الإسرائيلي، ومعه الأمريكي، فشلٌ مشترك، كلاهما تعاونا في العدوان على غزَّة، وهو شاهد على جدارة هذه المقاومة، بالوقوف معها، والتأييد لها، والمساندة لها؛ لأنها جديرة بأن يحقق الله على يديها الانتصار الكبير للأمة؛ إنما التقصير من الأُمَّة، من معظم الأنظمة ومن معظم الشعوب، في أن يقفوا الوقفة الجادَّة معها.

مشهدٌ واضح في قطاع غزَّة، يسوء العدو الإسرائيلي، وفعلاً كل هذه الأيام، كلما ظهر المجرم [نتنياهو] في كلمات له، أو في أي مناسبات له، يظهر والاستياء بادٍ على وجهه، الإعلام الإسرائيلي يوبِّخه، السياسيون يوبِّخونه، الكل يوبِّخه في إسرائيل، الكل يشهد على فشله، وهو فشلٌ لهم جميعاً، لكيانهم المجرم، فشلٌ لهم جميعاً، وفشلٌ واضح، وأصبح يسمونه هم بـ [الفشل المطلق]، مقابل ما كان يقول عنه المجرم [نتنياهو] بـ [النصر المطلق]، وما كان يردده المجرم [نتنياهو] عن تغيير ملامح الشرق الأوسط، وفعلاً كان يطمح إلى ذلك، ولكن أين كان المصدُّ الأول، والعائق الأول، والمترس الأول للأمة الإسلامية بكلها؟! كان هم المجاهدون في قطاع غزَّة، ومعهم المجاهدون في لبنان.

العدو الإسرائيلي لو تخلص من المجاهدين في قطاع غزَّة، وتمكَّن من تحقيق أهدافه في تهجير الشعب الفلسطيني من غزَّة؛ لتَّجه فعلاً إلى تغييرات كبيرة، لكن في مقابل ما كان يقول عنه المجرم [نتنياهو]: [تغيير ملامح الشرق الأوسط]، يرى ما يجري في قطاع غزَّة في داخل فلسطين، وهي ملامح أخرى، مشاهد أخرى، مشاهد انتصار للشعب الفلسطيني ومجاهديه، ومشاهد فشل مطلق وتام له، يخزيه، ويُبيِّن أنَّه لم يستفد من كل ذلك الإجرام الفظيع، الذي صفَّق له عليه الكونغرس الأمريكي عشرات المرات من وقوف، لم ينفعه بشيء، كل ذلك الإجرام الفظيع جداً لم يحقق له النتائج؛ ولـذلك هو يحاول أن يعوِّض ذلك بالاعتداءات والجرائم في الضفة الغربية، وهناك مسؤولية على الأُمَّة، لمناصرة الشعب الفلسطيني تجاه ما يقوم به العدو الإسرائيلي من اعتداءات في الضفة، ومسؤولية على السلطة الفلسطينية؛ لأنها بدأت هي في الضفة الغربية، وبالذات تجاه مخيم جنين ومدينة جنين، بالاعتداءات التي مهَّدت للعدو الإسرائيلي الكثير من الجرائم.

نحن من جانبنا نأمل أن يتم استكمال تنفيذ الاتِّفاق في غزَّة وفي لبنان أيضاً، في لبنان يحاول العدو الإسرائيلي أن يماطل، ونحن في هذا المقام نُشِيد بإعزازٍ وإكبارٍ وإجلال ما قام به أبناء الشعب اللبناني في جنوب لبنان، من تحرّكٍ عظيمٍ ومقاوم لاستعادة قراهم، واستعادوا عدداً مهماً من القرى والبلدات، وقدَّموا التضحيات الكبيرة، تحرَّكوا رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، بروحيةٍ جهاديةٍ متفانية ضد العدو الإسرائيلي، قدَّموا أنفسهم، وقدَّموا التضحيات وهم يطردونه من تلك القرى والبلدات، في تمسكهم بالحقِّ الواضح، بالقضية المُحِقَّة والعادلة؛ ولـذلك يجب على الأُمَّة أيضاً أن تقف معهم، ونحن على استعدادٍ وجهوزية في حال نكث العدو بالاتِّفاق، وعاد إلى التصعيد (في غزَّة، أو في لبنان)، نحن مستعدون أيضاً أن نعود إلى التصعيد ضد العدو الإسرائيلي، ومستعدون للتحرك الفوري في العمليات بإذن الله تعالى.

مسارنا، مع مراقبة تنفيذ الاتِّفاق والمتابعة، هو البناء، وهو الاستعداد، كما قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال:60]، مسارنا هو العمل الدؤوب، والبناء المستمر؛ لأن هذا هو المطلوب، وهو الذي يرتقي بالأُمَّة أساساً إلى أن تكون في مستوى التصدي للأعداء، ومواجهة التحديات والمخاطر، بل ويصل بها إلى المستوى المتقدِّم، في التصدي للأعداء بفاعلية، وأن يحقق الله لها الانتصارات؛ أمَّا مع التخاذل، أمَّا مع الانصراف عن المسؤولية في الإعداد والاستعداد؛ فـذلك له تأثيراته السلبية.

نحن رأينا ثمرة البناء المستمر والعمل الدؤوب في غزَّة، وفي لبنان من خلال المقاومة، ومن خلال حاضنتها الشعبية المضحية؛ ولـذلك ندرك أهمية هذا الأمر بالنسبة لنا، وبالنسبة لكل أُمَّتنا.

فِي خِتَامِ المَطَاف نَسْألُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

مقالات مشابهة

  • الحوثي يعلن خيارات “أنصار الله” في حال انهار اتفاق وقف إطلاق في غزة أو لبنان
  • الحوثي يعلن خيارات أنصار الله في حال انهار اتفاق وقف إطلاق في غزة أو لبنان
  • بوليفيا تدين العدوان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني
  • بوليفيا تدين العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني
  • مسؤول حزب الله في البقاع: انتصرنا في هذه المعركة
  • نص كلمة قائد الثورة بالذكرى السنوية للشهيد الرئيس صالح الصماد 1446هـ
  • قائد الثورة: المجاهدون في فلسطين ولبنان هم المترس الأول للأمة الإسلامية
  • السيد عبدالملك الحوثي: استشهاد الرئيس الصماد كان من أكبر الحوافز للشعب اليمني في التضحية والثبات  
  • قائد الثورة: استشهاد الرئيس الصماد كان من أكبر الحوافز للشعب اليمني في التضحية والثبات
  • السيد القائد يحذر العدو الصهيوني من العودة الى التصعيد