هل بالقمع يُحتفى بالمدرس المغربي؟!
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
بقلم: إسماعيل الحلوتي
من المؤسف جدا أن يتحول اليوم العالمي للمدرس في بلادنا إلى يوم لقمعه وإهانته، بدل الاحتفاء به وتكريمه، كما يجري في سائر بلدان العالم الديمقراطية. ففي هذا اليوم الذي يصادف الخامس أكتوبر من كل سنة، يفترض أن تنظم فيه احتفالات لفائدة المدرس داخل أسوار المؤسسات التعليمية، تلقى رسائل وقصائد الإشادة بما يقوم به من جليل الأعمال في تربية الأجيال، وتقدم له الورود وبطاقات الشكر والتقدير، عرفانا بما يقدمه من تضحيات ونكران الذات، ويبذله من جهود جبارة في تنوير العقول وتطوير مستويات التلاميذ التعليمية.
بيد أنه خلافا للسنوات الماضية التي كان يمر فيها اليوم العالمي للمدرس باردا وهادئا، عرف الخامس من أكتوبر لهذه السنة 2023 أجواء حارة، عندما لبى آلاف الأساتذة دعوة ما لا يقل عن 11 تنسيقية تعليمية وحجوا جميعا من مختلف جهات المملكة إلى عاصمة المغرب الإدارية الرباط، لخوض إضراب وطني مع وقفة احتجاجية مركزية أمام مقر وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، تليها مسيرة سلمية في اتجاه مقر البرلمان، وذلك قصد التعبير عن رفضهم المطلق لمشروع النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية، الذي صادقت عليه الحكومة يوم الأربعاء 27 شتنبر2023. بينما دعت هيئات التدريس بالمدن البعيدة كما هو الشأن بالنسبة لجهة العيون الساقية الحمراء إلى الاكتفاء فقط بحمل الشارة السوداء ومقاطعة مهامهم طيلة اليوم الموالي الجمعة 6 أكتوبر لصعوبة التنقل للالتحاق بزملائهم في مدينة الأنوار، في انتظار توحيد الخطوات النضالية القادمة على الصعيد الوطني.
إذ على عكس ما يدعي الوزير الوصي على قطاع التعليم شكيب بنموسى من أن المرسوم رقم: 819.23.2 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، تم وفق مقاربة تشاركية مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، على أن يدخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح شتنبر 2023، وأنه يندرج في إطار تنفيذ أحكام القانون الإطار 17.15 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وفي سياق تفعيل التوجهات الواردة في النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إلى تحقيق نهضة تربوية حقيقية عبر الاستثمار في تكوين وتحفيز المدرس، جاعلا منه الضامن الأول لنجاح تعلمات التلميذات والتلاميذ، فضلا عن كونه يأتي كذلك انسجاما مع البرنامج الحكومي 2021-2026 الذي يولي أهمية كبرى للتعليم، باعتباره ركيزة أساسية من بين ركائز الدولة الاجتماعية، حيث تسعى الحكومة إلى رد الاعتبار لمهنة التدريس إلى جانب تنزيل الالتزامات الواردة في خارطة طريق الإصلاح التربوي (2022/2026)...
فإن الشغيلة التعليمية ترى بأن نظام بنموسى جاء محبطا لتطلعاتها ومخيبا لآمالها، من حيث عدم استجابته لأي مطلب من المطالب المشروعة لكافة الفئات التعليمية المزاولة والمتقاعدة على حد سواء، رافضة التعاطي مع القطاع بمنطق المقاربة المالية، معتبرة أنه نظام تراجعي وإقصائي ومجحف، من خلال حرمانها من حقوقها وخاصة فيما يتعلق بالترقية والتعويضات عن المهام، والتمييز بين الفئات وخلق مهام جديدة غريبة وأخرى غامضة وفضفاضة وغير ذلك. في الوقت الذي تطمح فيه إلى الإتيان بإصلاحات حقيقية تساهم في إعادة بناء التعليم العمومي، والنهوض بأوضاع نساء ورجال التعليم المادية والمهنية والمعنوية والاجتماعية، بعيدا عن إملاءات البنك الدولي والمؤسسات الدولية الدائنة. لذلك وجهت بهذه المناسبة انتقادات لاذعة ليس فقط لمهندس النظام الأساسي الجديد بنموسى ومطالبته بالرحيل، بل حتى للنقابات التعليمية الموقعة على اتفاق 14 يناير 2023، الذي تمخض عنه هذا النظام "المشؤوم"، واصفة إياها بالخيانة والمشاركة في الفضيحة، حيث رفعت شعارات مناهضة لها...
وسيرا على ما تعودت عليه السلطات العمومية، باعتمادها المقاربة الأمنية في مثل هذه المحطات النضالية السلمية، فقد أبت إلا أن ترسل جحافل كبيرة من القوات العمومية التي قابلت الوقفات الاحتجاجية، سواء منها تلك التي نفذها نساء ورجال التعليم أمام مقر الوزارة بالرباط، أو أمام مقر الأكاديمية الجهوية بالعيون، بالتدخل العنيف لفض التجمعات والحيلولة دون توجه المسيرة نحو مبنى البرلمان. وهو ما أدى إلى حالة من الهلع وعديد الإغماءات والإصابات المتفاوتة الخطورة والتوقيفات في صفوف الأستاذات والأساتذة المتوافدين من مختلف المدن المغربية لإسماع صوتهم إلى من يهمهم الأمر، الذين كانوا يحاولون فقط وبشكل حضاري فك الطوق الأمني المضروب عليهم.
والأدهى والأمر من ذلك أن احتجاجات نساء ورجال التعليم على النظام الأساسي الجديد الذي أثبط عزائمهم بعد أن ظلوا يترقبون ظهوره لمدة شهور طويلة، لم يبق منحصرا فقط في الشارع العام، بل امتد إلى منصات التواصل الاجتماعي، التي تناقل عبرها عدد من النشطاء صور ومقاطع فيديو توثق لما تعرض إليه مربو الأجيال من تعنيف، مستنكرين مثل هذا التعامل الأرعن مع هذه الفئة المتنورة في يومها العالمي، ومنددين بما جوبهت به مسيرتهم السلمية من قمع وإهانة غير لائقين بمن "كاد أن يكون رسولا".
إن مغرب اليوم الذي أصبح يحظى بمكانة متميزة بين الأمم الكبرى، بعد أن قطع خطوات مهمة في عديد المجالات، الحقوقية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها، لم يعد مسموحا له البتة بالتراجع إلى الخلف في ظل الأضواء المسلطة عليه من كل الجهات. وهو ما يدعونا إلى التنديد باستعمال قوات الأمن العنف المفرط، منتهكة بذلك حق المدرس في الاحتجاج السلمي ومستبيحة جسده بالركل والرفس أمام أنظار العالم في اليوم العالمي للمدرس.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: النظام الأساسی
إقرأ أيضاً:
بمناسبة اليوم العالمي لذوي الإعاقة.. الأولمبياد الخاص تشارك باحتفالية الأكاديمية العربية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهدت اليوم، الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بفرعها بالقرية الذكية بمدينة السادس من أكتوبر، مشاركة متميزة للأولمبياد الخاص المصري احتفالية الأكاديمية بمناسبة اليوم العالمي لذوي الإعاقة.
حضر فعاليات اليوم عددا من الشخصيات الهامة في مقدمتهم الدكتور اسماعيل عبدالغفار رئيس الاكاديمية والدكتور باسم تهامي المدير الوطني للاولمبياد الخاص المصري ونائبه عمرو محي الدين الطحاوي وطارق النجار مدير المبادرات ونهي مرسي رئيس الادارة المركزية للفروع واللجان بالمجلس القومي للمرأة وبمشاركة ٢٠ لاعب ولاعبة من الاولمبياد الخاص وعددا من طلاب وطالبات الاكاديمية .
وتهدف الاحتفالية إلى تسليط الضوء على أهمية دمج ذوي الإعاقة في المجتمع، وتعزيز الوعي بحقوقهم، بالإضافة إلى توفير منصة لعرض قدراتهم في مختلف المجالات. وقد لاقت مشاركة الأولمبياد الخاص المصري في هذه الفعالية إشادة كبيرة من الحضور، مع التأكيد على الدور المهم الذي يلعبه في دعم وتمكين الأفراد ذوي الإعاقة.
عبر الدكتور إسماعيل عبد الغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري عن سعادته قائلا "نحن فخورون باستقبال ابطال الاولمبياد الخاص المصري اليوم وسعداء بتنظيم هذه الفعالية التي تبرز قدرتهم على التفوق في مختلف المجالات ، مشيرا الي ان الأكاديمية تسعى دائمًا إلى دعم جميع فئات المجتمع وتعزيز فرص الدمج الاجتماعي، كما نؤمن بأهمية الرياضة والتعليم معا كأداة للتنمية الشخصية وتعزيز الثقة بالنفس".
من جانبه أعرب الدكتور باسم تهامي المدير الوطني للأولمبياد الخاص المصري، عن فخره بمشاركة الأولمبياد الخاص المصري في احتفالية الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بمناسبة اليوم العالمي لذوي الإعاقة، قائلاً "نحن ممتنون للأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري على تنظيم هذه الفعالية التي تساهم في نشر الوعي وتغيير الصورة النمطية عن ذوي الإعاقة، ونتمنى أن نواصل التعاون من أجل تعزيز هذه الرسالة الإنسانية الهامة."
واشار " تهامي" أن الأولمبياد الخاص المصري يسعى دائمًا إلى نشر الوعي المجتمعي حول أهمية دمج ذوي الإعاقة في الحياة الاجتماعية والرياضية والتعليمية ، بما يعزز مبدأ المساواة ويحفز على المزيد من الفرص لهم لتحقيق إمكاناتهم.
وقد اشتملت الاحتفالية علي مشاركة أبطال الاولمبياد الخاص في ماراثون داخل القرية الذكية بمشاركة طلاب الاكاديمية بعنوان “اختار حياتك” ضمن الحملة القومية لمكافحة المخدرات ، فضلا عن المشاركة في يوم الرياضات الموحدة "المدمجة" في رياضات البوتشي وتنس الطاولة وبعض الالعاب.
وتضمنت ايضا الاحتفالية عرضا مميزا من الطالبة فرح عماد واغنية قوتنا من الروح التي تدعو لدمج ابطال الاولمبياد الخاص في كل مناحي الحياة، كما تم تكريم اللاعبين المشاركين في الماراثون تقديراً لإرادتهم القوية وإنجازاتهم البارزة في المنافسات الإقليمية والدولية.