الإعلام الغربي أبعد ما يكون عن الحياد والموضوعية. يمكن الكشف عن هذا، بل هو يكشف عن نفسه، في أيام الأزمات، مثل الحرب الدائرة الآن بين إخواننا الفلسطينيين والعدو الصهيوني. ويمكن استعارة الصورة المجازية من مباريات المصارعة الحرة القديمة التي كان يعلّق عليها الأستاذ إبراهيم الراشد وتعيد بثّها قناة “ذكريات” السعودية الجميلة التي تبثّ البرامج القديمة.
بالمناسبة فكرة هذه القناة جميلة ومفيدة في الوقت نفسه إذ تتيح للمشاهد التأمل وعقد المقارنات المثيرة التي لا تنتهي بين الماضي والحاضر، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى الوعي بما يمكن أن يعنيه التاريخ وبالتالي الحقيقة؛ أو في أضعف الإيمان -على الأقل – الخروج بالصورة المجازية هذه التي أتحدث عنها.
الإعلام الغربي مثل حكم المصارعة في المباريات الرباعية ،فعندما يشتدّ الصراع بين المتصارعيْن الاثنيْن داخل الحلبة ، يتدخّل أحد المصارعين الموجودين خارج الحلبة لنجدة زميله المغلوب على أمره ، فتلقائياً يأتي المتصارع الآخر المنافس ويدخل الحلبة لنجدة زميله الذي يتعرّض للضرب من متصارعيْن اثنيْن، لكن الحَكَم هنا يحجز المتصارع الأخير هذا ويمنعه من الدخول للحلبة ويدير ظهره عن الطرف الآخر في وسط الحلبة حيث يتعرّض ذلك المسكين لكل أنواع الضرب من لاعبيْن اثنيْن. لا يوضّح إبراهيم الراشد، الذي يعلّق بلغة عربية حماسية رصينة، ما إذا كان الحكم يتظاهر بالتغافل عن المخالفة الظالمة التي يراها المشاهد خلف ظهره أم أن الحكم فعلاً لا يعرف ما يحدث. وتستمر اللكمات على المصارع الواحد المسكين الذي ينتظر النجدة التي لا تجيء.
المتابع للإعلام الغربي يشعر بنفس المرارة والظلم الذي يشعر به المشاهد للمصارعة الحرة هذه ،لأن هذا الإعلام الغربي المنحاز للظلم ، يتعامل مع هذه الحرب وكأن الصهاينة هم المغلوبون على أمرهم ،
والفلسطينيين هم المحتلّون للأرض ، فيركّز فقط على ما يفعله الفلسطينيون بأسلحتهم التقليدية التي استخدموا فيها الطيران الشراعي والمشي على الأقدام وتمكّنوا فيها من إهانة -غير مسبوقة- لم يعرفها العدو الصهيوني في تاريخه، وفي الوقت نفسه يغفل فيها عن الطائرات الاسرائيلية ذات التقنية العالية التي تدكّ المنطقة الأكثر ازدحاما في العالم ويتناسى أجهزة الرصد الحسّاسة والدقيقة التي تصدر الإنذار السريع بمجرد اقتراب قطّة من السور العازل بين غزّة والكيان الصهيوني.
لا يهتم هذا الإعلام بالدعم العسكري الذي تقدمه أمريكا وبريطانيا وأوروبا كلّها، بل وحتى أوكرانيا، ولا يهتم بالسياق الذي حدثت فيه هذه الأزمة والحصار الظالم للمدن الفلسطينية وتجاوزات المستوطنين العنصرية وخاصة في الأيام التي سبقت اندلاع هذه الحرب ، والمضايقات المستمرة للمصلين في المسجد الأقصى وكل أنواع الظلم والعربدة التي يمارسها الجيش الصهيوني طوال هذه السنوات. يركّز فقط على أي تصرّف يقوم به الفلسطيني للدفاع عن أرضه وعرضه وكرامته، فيعزله عن السياق التاريخي للصراع ،ويضخّمه في آلته الإعلامية المسيّطرة على الأخبار والتقارير ، فتبدو للمتابع وكأن الفلسطيني هو المحتلّ الظالم والإرهابي الذي يجب مواجهته، وفي نهاية الأمر تبرير القضاء عليه بدعوى أن ما يفعله جيش الاحتلال هو مجرد دفاع عن النفس. لذا على العالم ألا يهتم بما يحدث لغزة في الأيام القادمة.
khaledalawadh@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
اتفاقية التجارة الحرة تفتح آفاقا جديدة للتعاون بين سلطنة عُمان وأمريكا
عززت اتفاقية التجارة الحرة بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية التي دخلت حيز التنفيذ منذ عام 2009م، من التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين الصديقين، كما ساهمت في فتح المجال لدخول المنتجات العُمانية إلى السوق الأمريكي.
وبالرغم من مرور 15 عامًا على توقيع الاتفاقية إلا أن هناك العديد من المزايا والتسهيلات التي لم يتم استغلالها من قبل القطاع الخاص العُماني لتعظيم الاستفادة من الاتفاقية بما يسهم في تعزيز الشراكات القائمة بين رجال الأعمال في البلدين وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية.
وقال خالد بن سعيد الشعيبي رئيس البرنامج الوطني للاستثمار وتنمية الصادرات "نزدهر": إن اتفاقية التجارة الحرة تتطلب وجود برنامج وخطة واضحة لتفعيلها وتوجيهها نحو قطاعات مستهدفة من أجل زيادة تدفق المنتجات العُمانية إلى الأسواق الأمريكية بما يحقق الطموحات المنشودة، موضحًا أن هناك تطورا في حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى أن هناك العديد من المنتجات العُمانية التي بدأت في دخول الأسواق الأمريكية.
وأضاف أن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار توفر المعلومات المتعلقة بمزايا الاتفاقية كما أن لدى السفارة الأمريكية دليل استرشادي، أعدته الوزارة، خاص للمستثمرين ورجال الأعمال، مشيرًا إلى أن تفعيل الاتفاقية منوط برجال الأعمال في البحث عن الفرص التي يمكن الاستفادة منها خاصة وأن السوق الأمريكي كبير وواعد ومتنوع.
وأوضح خالد الشعيبي أنه يجب تحديد المنتجات المستهدفة لدخول السوق الأمريكي مع خطة واضحة قد تكون أفضل وسيلة لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، داعيًا رجال الأعمال والمستثمرين في سلطنة عُمان إلى الاستفادة من المزايا والفرص التي تتيحها اتفاقية التجارة الحرة.
من جانبه استعرض السيد أيمن بن حمد البوسعيدي رئيس مجلس إدارة شركة فولتامب للطاقة استفادة الشركة من اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين والتي أسهمت في دخول المنتجات العُمانية إلى الأسواق الأمريكية، مشيرًا إلى أن الشركة بادرت في الوصول لهذه الأسواق للتعرف عليها عن قرب وبناء شراكات وتوقيع اتفاقيات مع الموردين للتوسع في السوق الأمريكي.
وأوضح أن هناك مزايا عديدة تقدمها اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية للشركات العُمانية والأمريكية فيما يخص تأسيس عمل تجاري وسهولة إبرام شراكات ضمن المزايا المقدمة من حكومتي البلدين الصديقين، مشيرًا إلى أن هناك العديد من الأمور القانونية للتعامل مع مثل هذه الأسواق عن طريق الاستعانة بمكاتب قانونية لتسهيل ذلك.
من جهته تحدث منتصر بن زكريا العميري أحد رجال الأعمال العُمانيين عن تجربته كمستثمر في قطاع الصحة بالشراكة مع مستثمر أمريكي بفضل هذه الاتفاقية، مشيرًا إلى أن هذه الشراكة تركز على الأدوية وتوريد الأجهزة الطبية.
وبين أهمية الاطلاع على المزايا والإمكانات التي توفرها الاتفاقية والاستفادة من العلاقات الثنائية المميزة التي تربط بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية.
ودعا منتصر العميري رجال الأعمال العُمانيين إلى اكتشاف المزايا والتسهيلات التي توفرها الاتفاقية بهدف الدخول في شراكات تجارية مع الشركات الأمريكية في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية.
وأكدت ريبيكا أولسون الرئيسة التنفيذية لمجلس الأعمال العُماني الأمريكي أن الهدف الرئيس من اتفاقية التجارة الحرة هو تسهيل التجارة، إذ يجب على الأفراد والمؤسسات التجارية أن يستثمروا مزايا الاتفاقية، مشيرةً إلى أن مجلس الأعمال العُماني الأمريكي يعمل على مساعدة الشركات العُمانية في الحصول على مشترين في الولايات المتحدة الأمريكية.
وشددت الرئيسة التنفيذية لمجلس الأعمال العُماني الأمريكي على أهمية وجود مكتب لاتفاقية التجارة الحرة في البلدين، لافتة إلى ضرورة تعريف الشركات الأمريكية بالفرص الاستثمارية المتاحة في سلطنة عُمان في ظل وجود اتفاقية تجارة حرة بين البلدين، وفي نفس الوقت تشجيع الشركات العُمانية على التوسع والدخول في السوق الأمريكية.
وتطرقت إلى تجارب بعض الدول التي لديها اتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة، مؤكدةً على ضرورة التعاون والعمل بين جميع القطاعات المعنية في سبيل ضمان الاستفادة من مزايا الاتفاقية.