قال أ.د. محمد بن هويدن أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات العربية المتحدة، إن التنافس الكبير بين الصين وأمريكا يصب في مصلحة دول الخليج العربي، مؤكدًا على وجوب استغلال هذا التنافس بين الدولتين لصالحها من خلال الاستفادة بأكبر قدر ممكن من الاتفاقيات الأمنية والعسكرية والاقتصادية من الدولتين. جاء ذلك خلال مشاركته بندوة تحت عنوان «المنافسة الأمريكية الصينية وتداعياتها على منطقة الخليج العربي» بقاعة عيسى بن سلمان الثقافية في نادي الخريجين برعاية مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام نبيل بن يعقوب الحمر.

وأكد د. محمد بن هويدن أن 44% من الناتج القومي العالمي بيد كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية، مشيرًا إلى أن الصين هي الأقوى في التجارة على المستوى العالمي تليها الولايات المتحدة، أما الدولة الثالثة وهي تعتبر بعيدة نسبيًا عن المنافسة الاقتصادية الكبيرة بين هاتين الدولتين هي اليابان، وأضاف أن الصين هي الشريك التجاري الأول لأكثر من 120 دولة في العالم. وأوضح أن أمريكا كانت المهيمنة فيما سبق بالبعثات الدبلوماسية، إلا أنه في عام 2019 ظهرت المنافسة الشديدة مع الصين، حيث رفعت الصين عدد بعثاتها لـ276 بعثة في 193 دولةً بالعالم، مشيرًا إلى أن هذا التنافس ما هو إلا إشارة لمشروع الهيمنة. وأشار هويدن إلى أن المنافسة العسكرية بين البلدين أيضًا تعتبر كبيرة إلا أنه على مستوى القواعد حول العالم فأمريكا تمتلك رصيدًا بـأكثر من 500 دولة حول العالم في مقابل قاعدة واحدة للصين فقط في «جيبوتي»، منوهًا أن المسافة بين القاعدتين 6 أميال فقط، مضيفًا أن أوروبا ربما لا تعترف «كتابيًا» بأهمية القاعدة الصينية وخطورتها رغم صغر حجمها، إلا أنها تعلم مدى خطورتها الفعلية فهي قاعدة مكوّنة من عشرة طوابق تحت الأرض وتتسع لـ10 آلاف جندي في نفس الوقت. كما أن 96% من الموانئ في العالم تسيطر عليها الصين بما فيها الموانئ في أمريكا. وأكد هويدن أن هذه المنافسة الشرسة والمخيفة بين البلدين لا بد لها أن تنعكس على الشرق الأوسط ولكن المنافسة بين الصين وأمريكا في الخليج العربي لم تصل للمنافسة «الخشنة» ويُطلق عليها «التنافس اللين»، حيث إن لأمريكا قواعد عسكرية وفي المقابل هناك قواعد اقتصادية للصين ولكن الوجود الاقتصادي للصين وتأثيرها الدبلوماسي في الخليج يحرك المخاوف الامريكية خاصة وان للصين علاقة قوية مع إيران. وذكر هويدن ان حجم التبادل التجاري كما هو واضح يصب في مصلحة دول الخليج، حيث ارتفع التبادل التجاري لـ23 مرة بين دول الخليج والصين منذ عام 2000 حتى 2022، في مقابل ارتفاع بسيط للتبادل التجاري مع أمريكا يقدّر 2.5% فقط. مؤكدًا أن رغبة دول الخليج في التطور والنمو جعلها أن تستفيد من المنافسة بين الصين وأمريكا. وأكد هويدن أن النظام العالمي العالمي والذي تحكمه دولتان يصب بمصلحة دول الخليج العربي بشكل إيجابي، حيث تستطيع دول الخليج أن تستغل المنافسة بين البلدين لمصلحتها وعليه سيتنافس كلا البلدين على إرضاء دول المنطقة لصالحه، وذلك يظهر بوضوح من خلال طلبات للتعاون العسكري مع المنطقة وضم كلاً من السعودية والإمارات لمجموعة «بريكس» إضافة للممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا. وأشار هويدن إلا أنه لا بد وأن تكون هناك آثار سلبية أيضًا جراء هذا التنافس الشديد بين الدوليتن الكبريين مثل ما يحدث من ضغط أمريكي على استخدام تكنلوجيا الاتصالات الصينية «5G»، وزيادة حدة التنافس بين البلدين قد يؤدي إلى التخلي الأمريكي عن الالتزام بأمن المنطقة بهدف التوجه للشرق، إضافة إلى أن زيادة التنافس قد تؤدي أيضًا الى مزيد من التقارب الصيني مع ايران. وقال هويدن إن على المنطقة أن تستثمر في حالة التنافس الأمريكي الصيني بطريقة حذرة واعتماد دبلوماسية الحيطة من خلال عدم التوجه مع المسعى الأمريكي لاحتواء الصين، وعدم مسايرة الصين بشكل مباشر في اضعاف النفوذ الأمريكي في المنطقة، والسير بدفع مصالح المنطقة العسكرية والأمنية مع الولايات المتحدة ومصالحها الاقتصادية مع الصين. كما أن على الدول استثمار هذا التنافس من خلال محاولة تحييد الصين عن الميل الكامل نحو ايران و محاولة الضغط على الولايات المتحدة للالتزام الأكبر بالمنطقة أمنيًا واقتصاديًا، إضافة لبناء شراكات دولية تتيح التعامل المرن في ظل نظام دولي يتسم بعدم اليقين.

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا الخلیج العربی بین البلدین دول الخلیج من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

عن شرعية المقاومة وإرهاب أمريكا ..!!

 

 

وسط هذا الخضم من الأزمات والتحديات الوطنية، والإقليمية والدولية، وتزامنا مع منظومة السلوكيات والمواقف الثقافية والسياسية النخبوية العربية والإسلامية والدولية ورؤية متبنيها لما يعتمل من أزمات وأحداث على الصعيدين الوطني والقومي، ورد الفعل الدولي لهذه الأحداث، يمكن القول إن فلسطين تبقى وحدها مصدر الإشعاع والتنوير وأيقونة الوعي المعرفي وهي من تحدد لنا وضوح الرؤية وسلامتها، إن فلسطين – وفي هذه المرحلة الحرجة من تاريح أمتنا – عادت لتكون (البوصلة) التي تدلنا على سلامة المسار وترشدنا نحو الوجهة السليمة التي تبعدنا عن المسارات الزائفة..
إذ نعيش في مرحلة حضارية تجرد غالبية المؤثرين فيها عن الكثير من القيم والأخلاقيات حتى يخيل للمراقب أننا نعيش في مرحلة انحطاط حضاري، مرحلة يحاول المؤثرون فيها ( أركسة) المفاهيم والقضايا وأبرز أهدافهم  تجريد شعوب الأمة على الصعيدين الوطني والقومي من كل قيم الحرية والكرامة وحق الدفاع عن سيادتهم وسيادة  أوطانهم والدفاع عن حقوقهم الوطنية والقومية والدينية..
خلال عقود من الصراع العربي _الصهيوني، ورغم الاختراق الأمريكي الصهيوني لمنظومة النظام العربي الرسمي بعد رحيل الزعيم العربي جمال عبد الناصر وتسلم السادات السلطة في أكبر دول المواجهة العربية، هذا الرجل الذي ضرب الهوية القومية لمصر وشعبها وبجرة قلم عمل على تغيير اسم الدولة في مصر واستبدل علمها وحول مسارها الحضاري متخليا عن دور مصر التاريخي والطبيعي، وهذا ما خططت له أمريكا بعد أن تعذر عليها وعلى حلفائها تطويع نظام ناصر رغم المؤامرة التي حاكتها ضده في يونيو 1967م لضرب مشروعه القومي وتوجهاته القومية في مناهضة قوي الاستعمار الصهيوني الإمبريالي، غير أن هذا لم يمكنها من طمس ثقافة المقاومة، فعملت بعد جر مصر السادات الي حضيرتها عبر اتفاق كمب ديفيد الذي تحول إلى مشروع استعماري ونظام سعت واشنطن الي تعميمه ليشمل المنظومة العربية _الإسلامية، غير أن المشروع لم يحقق لواشنطن غايتها فابتكرت فكرة تجريم “مقاومة الاستعمار” من قبل الشعوب المحتلة فعملت ومن خلال أجهزتها الاستخبارية بالتعاون مع أجهزة حلفائها في الغرب وخاصة بريطانيا، على تبني وتنشئة (الجماعات الإسلامية) بمساعدة أنظمة حليفة لها في المنطقة أبرزها مصر والسعودية والأردن والمغرب والسودان وحتى اليمن، وكانت هذه الدول العربية من أكثر الدول الداعمة للجماعات الإسلامية خلال فترة، الحرب الأفغانية، التي كانت بالأساس لا تختلف عن حرب أوكرانيا اليوم من حيث الأهداف والغايات..
بعد انتهاء حرب أفغانستان بتفكك الاتحاد السوفيتي، وجدت أمريكا نفسها مستغنية عن هذه الجماعات وكان لا بد من التخلص منها خاصة بعد أن تنامت قدرات الجماعة وأخذت تشكل بنشاطها ما يمكن اعتباره إزعاجا امنيا لواشنطن وحلفائها، ومع ذلك لم تقطع تواصلها معهم وتوجيههم في خدمتها فوظفتهم للتخلص من حليفها الذي حقق لها أعظم أهدافها في المنطقة وهو (السادات) ثم دفعتهم ليكونوا لها كبش فداء في أحداث 11 سبتمبر، وهي الحادثة التي منحت أمريكا شرعية استباحة سيادة الشعوب العربية والإسلامية بذريعة مكافحة الإرهاب ومنها قررت تشريع العمل المقاوم كعمل إرهابي، والغاية تجريم أي شكل من أشكال المقاومة ضد الكيان الصهيوني القاعدة العسكرية المتقدمة في المنطقة التي تعمل في خدمة هيمنة أمريكا وديمومة نفوذها الجيوسياسي والإبقاء على هيمنتها الدولية باعتبار الوطن العربي هو المصدر الرئيسي للطاقة وبه لا بدونه تبقى أمريكا هيمنتها على العالم.
ما يجري اليوم في المنطقة من حرب إبادة متوحشة في فلسطين، واعتداءات صهيونية تطال كل دول المنطقة الرافضة للهيمنة الأمريكية والداعمة للمقاومة في فلسطين ولبنان، هذه الجرائم التي لم يسبق لها مثيل والتي يخجل منها (المغول، والتتر، والنازيون) وحتى آكلو لحوم البشر، يرتكبها الصهاينة بمشاركة أمريكية ودعم وإسناد ورعاية أمريكية بريطانية غربية وبالتواطؤ مع بعض الأنظمة العربية _الإسلامية الدائرة في فلك أمريكا وبريطانيا والغرب، والهدف من كل ما يجري هو ضرب المقاومة ماديا ومعنويا وطمس حضورها من ثقافة شعوب المنطقة بما في ذلك الشعب الفلسطيني المطلوب منه نسيان وطنه وأرضه وقضيته والقبول بحياة الاستكانة والعبودية للصهاينة الذين بالمناسبة لا علاقة لهم ببني إسرائيل ولا ينتمون لبنى إسرائيل بل هم مجرد رعاع من رعاع أوروبا وعلى أجل أن تتخلص منهم المجتمعات الأوروبية لكي تبقى على نقائها المجتمعي عملت على تجنيدهم وتبني فكرة انتمائهم الكاذب لبني إسرائيل لتجعل منهم قوة عسكرية لحماية المصالح الاستعمارية وهذا ما تؤكده معركة طوفان الأقصى..؟!
إن فكرة المقاومة ماديا ومعنويا وعمليا فكرة مقلقة لأمريكا ولهيمنتها الاستعمارية، لهذا عملت على تطويع أنظمة المنطقة والعالم وأجبرتهم على التسليم على أن المقاومة ظاهرة إرهابية يجب محاربتها ومن لم يفعل بما تريده أمريكا من الأنظمة تصنفه تلقائيا في قائمة دول محور الشر، وتبدأ باتخاذ سلسلة من العقوبات ضده والحصار وشيطنته عبر ماكينة إعلامية جبارة، والمؤسف أن هذا السلوك الأمريكي القبيح استطاع أن يسلب الوعي العربي وانجرت الكثير من النخب العربية الإسلامية خلف هذا المفهوم الاستعماري الكاذب وغير الشرعي وغير القانوني.

مقالات مشابهة

  • عن شرعية المقاومة وإرهاب أمريكا ..!!
  • الشرق الأوسط يقترب من الانفجار الكبير.. دعوات داخل إيران لتغيير العقيدة النووية
  • خبير: بعض اتهامات القرصنة بين أمريكا والصين غرضها «الدفاع»
  • خبير: أمريكا تخشى اختراق قراصنة الصين لشركات الاتصالات وسرقة معلومات حساسة
  • دول الخليج تسعى لطمأنة إيران لضمان أمن منشآت النفط الحيوية
  • وسط ترقب رد إسرائيل.. دول الخليج بعثت برسالة لإيران
  • دول الخليج بعثت برسالة لإيران اجتماع الدوحة
  • اجتماع الدوحة.. دول الخليج سعت لطمأنة إيران
  • ماكرون: الاتحاد الأوروبي قد يموت إذا لم يعزز قدرته التنافسية مع الصين وأمريكا
  • الصين : حرب غزة "السبب الأساسي" لعدم الاستقرار