غزة.. ركام وشوارع خالية وموت قريب
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
أمضى مازن محمد ليلته في مدخل المبنى الذي يسكن فيه، مع عائلته وعدد من الجيران، للاحتماء من القصف الإسرائيلي. عندما خرجوا صباحا، لم يصدقوا ما رأوه: مبان مدمرة وركام في شوارع خالية في غزة.
ويروي محمد، 38 عاماً، وهو أب لثلاثة أطفال "ما إن شاهدنا الحي، تساءلت أنا وزوجتي معاً: هل هذا حقيقي؟. شعرنا أننا في مدينة أشباح وكأننا الناجون الوحيدون".
وتقطن العائلة في حي الرمال في غرب غزة الذي تعرّض لمئات الغارات الجوية الإسرائيلية الليلة الماضية. ويقول محمد "لم نستطع المغادرة أو البقاء في الشقة لأنها في الطابق العاشر، وقد تحطم زجاج النوافذ وتناثرت الشظايا".
ويقول سكان إن الغارات ترافقت خلال الليلة الساخنة مع قصف متواصل من زوارق بحرية، وسط انقطاع كامل للتيار الكهربائي ولخطوط الانترنت والمياه.
مع طلوع الصباح، خرجت مئات العائلات الى الشوارع. كان كثيرون يحملون حقائب وأكياساً وضعوا فيها ملابس وأغراضاً شخصية، وكانوا يسيرون بمعظمهم على الأقدام لندرة سيارات الأجرة. بينما ركب آخرون سياراتهم التي سلمت من القصف، وقد وضعوا على أسطحها فرشات اسفنجية يمكن استخدامها للنوم حيث سيجدون مكاناً لاستقبالهم.
ويقول مازن محمد الذي كان يقود سيارة: "صُدمت عندما شاهدت أحياء كاملة مدمرة والركام يغلق العديد من الشوارع الرئيسية"، ما اضطره لأخذ شوارع التفافية للوصول الى وجهته في حي النصر في وسط مدينة غزة حيث ستقيم العائلة لدى أصدقاء موقتاً.
وقتل في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السبت 840 شخصاً، وفق سلطات قطاع غزة. بينما بلغ عدد القتلى في إسرائيل نتيجة العملية العسكرية التي شنتها حركة حماس أكثر من ألف.
"لم أعد إنسانة"
ويعيش كثيرون في غزة في هاجس الموت.
خارج مستشفى الشفاء في غرب غزة، يجهش رجال بالبكاء بعد أن نقلوا أحباء أو أصدقاء لهم إلى المستشفى وما لبثوا أن فارقوا الحياة.
وخلفت الغارات الإسرائيلية دماراً واسعاً في محيط مستشفى الشفاء، المستشفى الرئيسي في القطاع، بعد أن دُمّرت عمارة سكنية من ستة طوابق قربه.
وتقول مي يوسف 34 عاماً: "أشعر أنني قريبة من الموت، إن لم أكن أنا، فموت آخرين أهتم لأمرهم".
وتتابع السيدة، وهي أم لطفلين، "أشعر أنني لم أعد إنسانة، أنني عاجزة. لم أستطع تهدئة أطفالي، ابنتي الصغيرة أصابتها حمى من شدة الخوف. وجدنا صعوبة كبيرة لإيجاد صيدلية لشراء مسكّن وخافض للحرارة".
وأغلقت أيضاً جميع المحال التجارية، باستثناء عدد قليل منها التزم أصحابها بفتحها لساعات قليلة لإعطاء المواطنين فرصة لشراء مواد تموينية.
وحاولت وزارة الاقتصاد في غزة طمأنة المواطنين عبر بيانات صحافية قالت في أحدها "إن السلع الأساسية في السوق تكفي لمدة ثمانية شهور، بينما تكفي كميات الطحين لثلاثة شهور".
ويشغل التزوّد بالغذاء بال المواطنين، خصوصاً مع قرار السلطات الإسرائيلية إغلاق معبر كرم أبو سالم (إيريز) التجاري الذي تمر عبره البضائع حتى إشعار آخر، وتشديدها الحصار على قطاع غزة.
وتبدو المخابز الأمكنة الوحيدة التي يخاطر سكان بالتواجد أمامها، ويقف العشرات في طوابير لشراء الخبز.
في أحد الأفران، يطلب رجل خمس ربطات من الخبز، إلا أن العامل يخبره بأنه لا يحق له بأكثر من ربطتين لتلبية حاجات الجميع.
ويتواصل انطلاق صافرات سيارات الإسعاف وسيارات الدفاع المدني ليلاً نهاراً في جميع مناطق القطاع. وتقول وزارة الصحة في غزة إن 15 سيارة إسعاف تعرضت للاستهداف.
ويرغب كثيرون من سكان قطاع غزة بمغادرة القطاع المحاصر، والذي في ظل إغلاق كل المعابر منه الى إسرائيل، لا يربطه بالخارج إلا معبر رفح مع مصر الذي تعرّض للقصف ثلاث مرات منذ بدء التصعيد.
ويقول عدد من الغزيين إنهم دفعوا مئات الدولارات لتسجيل أسمائهم عبر شركة "يا هلا " التي تنظم رحلات الخروج عبر رفح. والمعبر مفتوح إجمالاً فقط للحالات الإنسانية ومقابل أذونات.
وقال أحد العاملين في الشركة لفرانس برس إن "الإقبال شديد والحجز مكتمل لأسبوع كامل على الأقل".
ودفع القلق أبو أحمد الشنطي، 47 عاماً، للتوجه الى حي الرمال لتفقّد محله لبيع الملابس. ويقول "لم أتمكّن من العبور بسيارتي الى الشارع الذي يتواجد فيه محلي. مشيت حتى المكان لأرى محلي مدمراً ومحلات كثيرة مدمرة قربه وقد سوّيت بالأرض".
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
«الخارجية المصرية» تدين استمرار المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة
أدانت جمهورية مصر العربية بأشد العبارات استمرار المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، وآخرها استهداف مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بمخيم الشاطئ في القطاع، وهو ما أسفر عن العشرات من الشهداء والجرحى، بحسب ما جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية.
تفاصيل بيان الخارجيةوشددت مصر على أن استمرار استهداف المنشآت الأممية التابعة لوكالة الأونروا بالأراضي الفلسطينية المحتلة يعد خرقا صارخا للقانون الدولي واستخفافه بالمجتمع الدولي، والذي أضحى عاجزا عن الدفاع عن أبسط قيمه ومبادئه الإنسانية نتيجة لازدواجية معايير فاضحة.
كما أدانت مصر الغارات الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، محذرة من التمادي في انتهاك السيادة اللبنانية، بما يزيد من تعقيد الوضع الإقليمي.
وتعيد مصر التأكيد على ضرورة تفعيل آليات المحاسبة الدولية، مطالبة الأطراف الفاعلة بالمجتمع الدولي بتبنى موقف حازم تجاه العدوان الاسرائيلي وجرائمه المشينة، مشددة على ضرورة إلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ووقف حربها غير العادلة وغير المبررة على قطاع غزة ولبنان.