إشادات بالمملكة وبحث الوضع بفلسطين.. أبرز ما جاء في الاجتماع "الخليجي - الأوروبي"
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
صدر عن الاجتماع الوزاري المشترك بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي للدورة الـ 27 التي تعقد في مسقط، بسلطنة عمان، بيان فيما يلي نصه:
عقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي في مسقط، سلطنة عمان، يومي 9 و10 أكتوبر 2023، الاجتماع الـ 27 للمجلس المشترك بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي وذلك لتعزيز الشراكة الإستراتيجية بين المنظمتين.
وترأس وفد مجلس التعاون معالي وزير الخارجية بسلطنة عمان السيد بدر بن حمد البوسعيدي، رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، في حين ترأس وفد الاتحاد الأوروبي معالي الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية/نائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل.
وحضر الاجتماع معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي، وكبار المسؤولين من الجانبين.
الشراكة الإستراتيجيةورحب المجلس المشترك بالتقدم الكبير الذي تم إحرازه في تنفيذ الشراكة الإستراتيجية بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، والتي تم الإعلان عنها في اجتماعه السادس والعشرين في بروكسل في فبراير 2022، لتعزيز وتحديث مشاركتهم طويلة الأمد التي أرستها اتفاقية التعاون لعام 1988.
وشدد الوزراء على الأهمية الخاصة لهذه الشراكة في ظل تزايد التهديدات الخطيرة للسلام والأمن والاستقرار الإقليمي والدولي والتحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي.
واستعرض المجلس المشترك تنفيذ برنامج العمل المشترك (2022-2027)، الذي يرسم حقبة جديدة من التعاون الوثيق بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي في مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك الحوار السياسي والأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب والأمن السيبراني والتجارة والاستثمار والطاقة وتغير المناخ والتعليم والبحث والابتكار والصحة والتنمية والتعاون الإنساني والتبادل بين الشعوب.
وحث المجلس المشترك على تسريع تنفيذه بالكامل وتخصيص الموارد الكافية لهذا الغرض.
جانب من اجتماع الدورة الـ(27) للمجلس الوزاري المشترك بين #مجلس_التعاون و #الاتحاد_الأوروبي ، اليوم الثلاثاء الموافق 10 أكتوبر 2023م، في مدينة مسقط.#مجلس_التعاون#الاتحاد_الأوروبي#الاجتماع_الخليجي_الأوروبي#خليجنا_خير_وسلام pic.twitter.com/pwZ6bpH1g8— مجلس التعاون (@GCCSG) October 10, 2023القضايا الإقليمية والعالمية
واتفق المجلس المشترك على عقد حوار منتظم ومنظم بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي في مجال الأمن الإقليمي، على مستوى كبار المسؤولين، وتشكيل فرق عمل مشتركة عند الحاجة، في إطار هذا الحوار الأمني، لتنسيق الجهود بشأن القضايا الإقليمية والعالمية.
ورحب المجلس المشترك بنتائج حوار التجارة والاستثمار الخامس الذي عقد في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون بالرياض في مارس 2023، وأكد من جديد الاهتمام باستمرار علاقة تجارية واستثمارية متميزة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لزيادة تحفيز التعاون التجاري، وتعزيز الوصول إلى الأسواق، ودعم السياسات المحفزة للاستثمار.
الحوار التجاري والاستثماريوشدد وزراء الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون على أهمية مواصلة تعزيز الحوار التجاري والاستثماري الحالي في المجالات التي تساهم في تحقيق هدف التكامل الاقتصادي والتحديث ودعم الطاقة المتجددة، وكفاءة الموارد، والتجارة الرقمية، وتعزيز سلاسل القيمة العالمية المستدامة، بما في ذلك سلاسل التوريد.
ووجّه بأن يستمر الحوار المستقبلي في مناقشة التعاون في المجال التنظيمي، وتحسين تنفيذ وفعالية الأحكام المتعلقة بالتنمية المستدامة، فضلاً عن مواصلة تعزيز التعاون في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية والجمارك وإجراءات مكافحة الاحتيال والتزوير والتهريب.
وشجع وزراء الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون التنسيق والعمل معاً لتعزيز النظام التجاري المتعدد الأطراف، ولا سيما منظمة التجارة العالمية.
جانب من كلمة معالي الأمين العام لـ #مجلس_التعاون خلال الدورة الـ(27) للمجلس الوزاري المشترك بين #مجلس_التعاون و #الاتحاد_الأوروبي ، اليوم الثلاثاء الموافق 10 أكتوبر 2023م، في مدينة مسقط.#مجلس_التعاون#الاتحاد_الأوروبي#الاجتماع_الخليجي_الأوروبي#خليجنا_خير_وسلام pic.twitter.com/YlsFk2UWAb— مجلس التعاون (@GCCSG) October 10, 2023إنشاء الممر الاقتصادي
ورحب الوزراء بمناقشة إنشاء الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
ودعا المجلس المشترك إلى بذل جهود عالمية منسقة، بما في ذلك من خلال الشراكة الإستراتيجية بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
واتفق المجلس المشترك على أن التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي في مجال البحث العلمي والابتكار يمثل فرصة مهمة لتقديم حلول مبتكرة، وخلق فرص عمل جديدة، ومعالجة تحديات التحول الأخضر والرقمي، ويمكن تعزيزه من خلال تعزيز مشاركة دول مجلس التعاون في الاتحاد الأوروبي، برنامج إطار البحث والتطوير هورايزون أوروبا, بالإضافة إلى ذلك.
دول مجلس التعاونوعلى غرار المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، دعا الاتحاد الأوروبي دول مجلس التعاون الأخرى لتصبح أعضاء في بعثة الابتكار، أو الانضمام إلى واحدة أو أكثر من البعثات المنفصلة في إطار هذه المبادرة لتحفيز العمل والاستثمار في البحوث، التطوير لتسريع الابتكار لمكافحة تغير المناخ.
وينطبق هذا أيضاً على استغلال الخدمات التي تقدمها الأنظمة الفضائية مثل بيانات مرصد (أرض كوبرنيكوس) التي تدعم اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسة البيئية، أو (خدمة غاليليو عالية الدقة) المطبقة على التخطيط الحضري أو تطبيقات السيارات، بالإضافة إلى التعاون في مجال الفضاء، مع كون EGNOS أحد السبل الممكنة لمزيد من التعاون.
وناقش المجلس المشترك الأزمات الإنسانية الأكثر حدة في العالم، وأهمية ضمان إيصال المساعدات الإنسانية، وتعزيز احترام القانون الإنساني الدولي، فضلاً عن الآثار الإنسانية لتغير المناخ.
معالي الأمين العام: الدورة الـ(27) للمجلس الوزاري المشترك بين #مجلس_التعاون و #الاتحاد_الأوروبي ناقش العديد من القضايا، ومن أهمها الأحداث الجارية في الأراضي #الفلسطينية .https://t.co/syn8iUQC1R#مجلس_التعاون#الاتحاد_الأوروبي#الاجتماع_الخليجي_الأوروبي#خليجنا_خير_وسلام pic.twitter.com/MJue4PoJtF— مجلس التعاون (@GCCSG) October 10, 2023إشادات بالمملكة
وأشاد المجلس المشترك بمبادرة المملكة العربية السعودية للشرق الأوسط الأخضر وإعلانها إنشاء واستضافة أمانة لهذه المبادرة وتخصيص مبلغ 2.5 مليار دولار لدعم حوكمتها ومشاريعها، وأخذ المجلس المشترك علماً بإعلان المملكة العربية السعودية عن إنشاء منظمة دولية للمياه مقرها الرياض.
وأعرب المجلس المشترك عن قلقه العميق إزاء الحرب ضد أوكرانيا، التي لا تزال تسبب معاناة إنسانية هائلة، وأكد المجلس المشترك من جديد احترامه لسيادة الدول وسلامتها الإقليمية، والالتزام بمبادئ القانون الدولي ذات الصلة، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وأشاد المجلس المشترك باستضافة المملكة العربية السعودية لاجتماع مستشاري الأمن الوطني في 5 أغسطس 2023، والجهود التي بذلتها دول مجلس التعاون ودول الاتحاد الأوروبي للتخفيف من الآثار والتداعيات الإنسانية للحرب ضد أوكرانيا.
وشدد المجلس المشترك على أهمية دعم كافة الجهود لتسهيل تصدير الحبوب وكافة المستلزمات الغذائية والإنسانية للإسهام في تحقيق الأمن الغذائي للدول المتضررة.
الوضع في فلسطينوأعرب المجلس المشترك عن قلقه العميق إزاء التطورات الخطيرة في إسرائيل وغزة وأدان جميع الهجمات ضد المدنيين، ودعا إلى حماية المدنيين، مذكّراً الأطراف بالتزاماتها بموجب المبادئ العالمية للقانون الإنساني الدولي.
كما دعا إلى ضبط النفس وإطلاق سراح الرهائن والسماح بالحصول على الغذاء والماء والأدوية وفقاً للقانون الإنساني الدولي، مشدداً على الحاجة الملحة إلى حل سياسي للأزمة لتجنب تكرار هذه الحلقة المفرغة من العنف.
وأعلن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون تأكيدهم على استنكار العنف، وحث جميع الأطراف على ضبط النفس والهدوء، واتفقوا على مواصلة المشاورات والتواصل بهذا الشأن.
ودعا المجلس المشترك إلى وقف كافة أعمال العنف وأي إجراءات أحادية، ودعم جهود المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط بالتعاون مع مصر والأردن، للمساعدة في وضع حد للعنف وبدء الطريق نحو السلام والأمن.
وأكد وزراء الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي التزامهم بحل الدولتين، يعيشان بأمان جنباً إلى جنب، على أساس حدود عام 1967، وفقاً لمبادرة السلام العربية وجميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والحفاظ على الوضع الراهن التاريخي والديني للأماكن المقدسة في القدس، والتسوية العادلة للاجئين.
وشددوا على أهمية الدعم المالي المستمر للأونروا، وللسلطة الفلسطينية، ولتلبية الاحتياجات الإنسانية والإنمائية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
سيشارك وزير الخارجية في الاجتماع الذي سيناقش التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون، بالإضافة إلى الأمن الإقليمي والدولي، وقضايا تغير المناخ العالمي
للمزيد: https://t.co/3WZuThEKwK pic.twitter.com/EsmTiJMIQc— صحيفة اليوم (@alyaum) October 10, 2023الأسلحة النووية
ورحب المجلس المشترك بالتواصل الدبلوماسي للمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الأخرى مع إيران للسعي إلى تخفيف التصعيد الإقليمي، وشدد على أهمية التزام دول المنطقة بالقانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، على أساس احترام سيادة وسلامة أراضي الدول واستقلالها السياسي، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها.
وأكد وزراء الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون التزامهم بضمان حرية الملاحة والأمن البحري في المنطقة، وتصميمهم على ردع الأعمال غير القانونية في البحر أو في أي مكان آخر والتي قد تهدد الممرات الملاحية والتجارة الدولية والمنشآت النفطية.
وشدد وزراء الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون على دعمهم لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وجددوا دعوتهم لإيران للوفاء الفوري بالتزاماتها وتعهداتها النووية، ووقف تصعيدها النووي، والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتمكينها من حل جميع القضايا العالقة في هذا الشأن وتقديم الضمانات بأن برنامج إيران النووي سلمي حصرا.
وقف انتشار الصواريخ الباليستيةوأكد وزراء الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون مجدداً دعمهم للحل الدبلوماسي للقضية النووية الإيرانية والتزامهم الدائم بضمان بقاء منطقة الخليج خالية بشكل دائم من الأسلحة النووية.
وأكدوا على أهمية قرار مجلس الأمن رقم 2231، ودعوا إيران إلى وقف انتشار الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار وغيرها من الأسلحة التي تشكل تهديداً أمنياً خطيراً للمنطقة وخارجها، وجدد الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون التزامهما بالعمل معاً لمعالجة التهديدات التي تهدد السيادة والسلامة الإقليمية وغيرها من الأنشطة المزعزعة للاستقرار.
وشدد المجلس المشترك على الحاجة الملحة لتحسين الأوضاع الإنسانية في اليمن، مجدداً التزامه بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، والتأكيد على أن الحوثيين لازالوا يشكلون تهديداً لاستقرار البلاد وأمنها.
عملية السلام في اليمنوأكد وزراء الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون دعمهم الكامل لعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، وجهود الوساطة التي يبذلها المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانز جروندبرج. وشددوا على الأهمية القصوى لإعادة الالتزام الهدنة وتوسيع نطاقها.
وأعرب وزراء الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون عن تقديرهم الكبير للجهود الإقليمية التي تسهم في إحلال السلام، ولا سيما جهود المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان من خلال المحادثات الجارية.
وأدانوا الهجوم الحوثي بطائرة بدون طيار على المملكة العربية السعودية في 25 سبتمبر، مما أسفر عن مقتل أربعة من القوات البحرينية وإصابة آخرين، باعتبار الهجوم تهديداً خطيراً لعملية السلام وللاستقرار الإقليمي، ودعوا الحوثيين إلى إنهاء جميع الهجمات الإرهابية.
وأكد المجلس المشترك دعمه لعملية سياسية يمنية-يمنية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة، لإنهاء الصراع، على أساس مبادرة مجلس التعاون وآليتها التنفيذية، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216.
جهود السعوديةورحب وزراء الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون بجهود (مجلس القيادة الرئاسي) لتعزيز السلام وتخفيف معاناة اليمنيين، مشددين على ضرورة اغتنام الحوثيين هذه الفرصة والانخراط بشكل إيجابي مع الجهود الدولية ومبادرات السلام الهادفة إلى إحلال السلام الدائم في اليمن، ووضع البلاد على طريق التعافي.
وأشاد وزراء الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون بالجهود المتواصلة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لتشجيع الحوار اليمني اليمني وتقديم المساعدة الاقتصادية والمساعدات لليمن، بما في ذلك إعلانها في أغسطس عن تقديم 1.2 مليار دولار لدعم الميزانية الحكومية والأمن الغذائي.
وأكد المجلس المشترك من جديد الالتزام بالتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة السورية بطريقة تحافظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، وتلبي تطلعات شعبها، وتتوافق مع القانون الإنساني الدولي، ومع قرار مجلس الأمن رقم 2254 (2015).
الأزمة في السودانأشاد المجلس الوزاري المشترك بالجهود الدبلوماسية المستمرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة نحو وقف دائم لإطلاق النار والحوار بين الأطراف السودانية.
كما أكد المجلس الوزاري على الدور الهام للاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة (إيجاد) وجهودها نحو المسار السياسي.
واتفق وزراء مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي على عقد الاجتماع الوزاري المشترك الــ28 في عام 2024 في منطقة الاتحاد الأوروبي.
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: واس مسقط مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي مجلس التعاون الخليجي الاتحاد الأوروبي الاجتماع الخليجي الأوروبي السعودية بین مجلس التعاون والاتحاد الأوروبی المملکة العربیة السعودیة والاتحاد الأوروبی فی الوزاری المشترک بین المجلس المشترک على دول مجلس التعاون الإنسانی الدولی للمجلس الوزاری الأمم المتحدة التعاون فی بما فی ذلک على أهمیة pic twitter com فی مجال
إقرأ أيضاً:
سوريا وتركيا نواة لسوق مشتركة على غرار بدايات تأسيس الاتحاد الأوروبي
في عالم تتسارع فيه المتغيرات السياسية والاقتصادية، يصبح من الضروري أن تبحث الدول عن سبل التعاون والتكامل لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار الإقليمي. واحدة من أبرز الأفكار التي يمكن أن تساهم في تحقيق هذه الأهداف هي فكرة إنشاء سوق مشتركة شرق أوسطية شبيهة بالنموذج الأوروبي، حيث يمكن للدول الممتدة من كازاخستان شمالاً إلى السودان جنوبًا، ومن باكستان غربًا إلى موريتانيا شرقًا، التي تمتلك موارد اقتصادية هائلة وقوة بشرية تقارب المليار نسمة، أن تشكل بنية اقتصادية وإقليمية قادرة على مواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التكامل الاقتصادي. وفي هذا السياق، يمكن أن تكون تركيا وسوريا النواة الأولى لهذا المشروع الطموح.
الجغرافيا السياسية.. الشرق الأوسط كجسر للتكامل
يمتد الشرق الأوسط من غرب آسيا إلى شمال إفريقيا، ويضم مجموعة واسعة من الدول التي تتنوع ثقافاتها وسياساتها واقتصاداتها. ورغم هذا التنوع، إلا أن هناك نقاط التقاء عديدة بين هذه الدول تجعل من المنطقة بيئة خصبة للتعاون والتكامل.
سوريا تتميز بتنوعها الإثني والقومي، وبعد انتصار ثورتها على نظام الأسد، سيكون لها دور هام في تغيير وجه المنطقة. وهي تشكل بوابة للعالم العربي، حيث وصفها نابليون بـ"قلب العالم"، فيما اعتبرها تشرشل "مفتاح الشرق الأوسط". وعلى الرغم من الأزمة الطويلة التي عانت منها، تبقى سوريا واحدة من المكونات الحيوية للمنطقة بفضل موقعها الجغرافي وتاريخها المشترك مع دول الجوار وثرواتها الباطنية والبشرية الهائلة. كما أن هذه التحديات يمكن أن تشكل حافزًا لإعادة النظر في أساليب التعاون بين دول المنطقة، حيث يمكن تحويل تسوية الأزمات إلى فرصة لتحقيق تقدم اقتصادي وسياسي مستدام.
إن فكرة تأسيس سوق مشتركة شرق أوسطية تمتد من كازاخستان شمالًا إلى السودان جنوبًا، ومن باكستان شرقًا إلى موريتانيا غربًا، تمثل خطوة طموحة نحو تحقيق التكامل الإقليمي وتعزيز التعاون بين دول المنطقة. ومن خلال تبني نموذج شبيه بالاتحاد الأوروبي، يمكن مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية بشكل جماعي والمساهمة في تحقيق الاستقرار والازدهار.أما تركيا فبحكم موقعها الجغرافي الذي يصل بين الشرق والغرب، رابطًا جغرافيًا وثقافيًا مهمًا بين القارتين الأوروبية والآسيوية، مما يجعلها نقطة انطلاق مثالية لأي مشروع تكامل إقليمي. وهي بوابة للجمهوريات التركية التي كانت جزءًا من الاتحاد السوفياتي. ولا شك أن التقدم التكنولوجي الكبير الذي حققته تركيا في العقدين الماضيين يعزز من أهميتها في هذا السياق، كما أن انضمامها المستقبلي المحتمل إلى الاتحاد الأوروبي سيزيد من تأثيرها الإقليمي.
نموذج الاتحاد الأوروبي.. درس مهم
عند النظر إلى الاتحاد الأوروبي الذي بدأ كاتحاد اقتصادي محدود في خمسينيات القرن الماضي، نجد أن تأسيسه اعتمد على عدة عوامل أساسية: الحاجة إلى تعزيز التعاون بين دول عاشت صراعات تاريخية طويلة، وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في منطقة عانت من أزمات وحروب مدمرة.
في البداية، ضم الاتحاد الأوروبي عددًا محدودًا من الدول (ست دول مؤسسة)، لكنه سرعان ما توسع ليشمل دولًا أخرى، معتمدًا على مؤسسات مشتركة تقوم بحل الخلافات وتنسيق السياسات الاقتصادية.
بالنسبة للشرق الأوسط، يمكن تطبيق فكرة مشابهة من خلال إنشاء "سوق شرق أوسطي مشترك". بدلاً من التركيز على النزاعات والحروب، يمكن للدول أن تركز على التحديات الاقتصادية المشتركة مثل تحسين التجارة البينية، وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والمياه والموارد الطبيعية والبشرية والتكنولوجيا والتنمية المستدامة.
الاقتصاد والتكامل بين دول المنطقة
إن تأسيس سوق مشتركة شرق أوسطية يمكن أن يكون له أثر إيجابي كبير على النمو الاقتصادي للدول المشاركة، كما حدث مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ويشمل هذا التكامل الجوانب التالية:
1 ـ تعزيز التجارة البينية: من خلال إزالة الحواجز الجمركية والقيود التجارية بين دول المنطقة، مما يسهل تدفق السلع والخدمات ويشجع الإنتاجية والاستثمار.
2 ـ تطوير البنية التحتية المشتركة: التعاون لتحسين شبكات النقل والطاقة، بما في ذلك بناء شبكات طرق وموانئ مشتركة وتطوير مشروعات الطاقة، ومنها المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
3 ـ استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي: العمل على معالجة التضخم، وتحقيق استقرار أسعار العملات، وتقليل البطالة، بالإضافة إلى تنسيق السياسات النقدية.
4 ـ تشجيع تدفقات الاستثمارات: توفير بيئة أكثر استقرارًا وتعاونًا لجذب المستثمرين المحليين والدوليين.
5 ـ حل مشكلات الأقليات: على غرار ما حدث في الاتحاد الأوروبي، حيث ساهم التكامل الاقتصادي في معالجة قضايا الأقليات وتعزيز التعايش السلمي.
تأسيس منظمة لحل الأزمات والمشكلات
أحد الدروس المهمة التي يمكن تعلمها من تجربة الاتحاد الأوروبي هو ضرورة وجود آليات لحل الأزمات والصراعات بين الدول الأعضاء. في هذا الإطار، يمكن لدول السوق المشتركة في الشرق الأوسط إنشاء منظمة مشابهة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OECO)، وكذلك مفوضية ومحكمة عدل لها، بحيث تكون منصات لحل النزاعات وتعزيز التعاون.
إن التاريخ يُظهر أن التعاون بين الدول هو السبيل الأنجع لبناء مستقبل أفضل لشعوب المنطقة. وستكون سوريا وتركيا النواة الصلبة لمشروع قرن الواحد والعشرين الواعد، وبدايته ستكون بخطوة مشابهة لتلك التي بدأ بها الاتحاد الأوروبي: خطوة مثل مسافة الألف ميل التي تبدأ بخطوة.1 ـ آلية تحكيم للنزاعات: إنشاء محكمة إقليمية أو لجنة دائمة لحل النزاعات بين الدول الأعضاء من خلال الحوار والمفاوضات، مما يساهم في تقليل التوترات السياسية.
2 ـ إدارة الأزمات: تطوير آليات لإدارة الأزمات الإنسانية والسياسية التي تهدد استقرار المنطقة، بهدف منع تفاقم الأزمات.
3 ـ التعاون الأمني: تعزيز التعاون في مجال الأمن، بما يشمل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، مما يعزز من استقرار المنطقة.
التحديات والصعوبات
رغم الفوائد المحتملة، يواجه مشروع إنشاء سوق مشتركة شرق أوسطية تحديات كبيرة، منها:
1 ـ الاختلافات السياسية: التنوع الكبير في الأنظمة السياسية بين دول المنطقة، مما قد يجعل الاتفاق على قضايا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان صعبًا. ومع ذلك، يمكن للمشروع أن يبدأ بالتعاون الاقتصادي كخطوة أولى.
2 ـ الأزمات الأمنية: الصراعات المستمرة في بعض الدول مثل السودان واليمن، مما قد يشكل عقبة أمام تحقيق الاستقرار.
3 ـ التنمية غير المتوازنة: التفاوت في مستويات التنمية بين الدول يمثل تحديًا كبيرًا، لكنه يتيح أيضًا فرصة لتبادل الخبرات ودعم الدول الأقل نموًا.
إن فكرة تأسيس سوق مشتركة شرق أوسطية تمتد من كازاخستان شمالًا إلى السودان جنوبًا، ومن باكستان شرقًا إلى موريتانيا غربًا، تمثل خطوة طموحة نحو تحقيق التكامل الإقليمي وتعزيز التعاون بين دول المنطقة. ومن خلال تبني نموذج شبيه بالاتحاد الأوروبي، يمكن مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية بشكل جماعي والمساهمة في تحقيق الاستقرار والازدهار.
رغم التحديات وضخامة هذا المشروع الكبير، فإن التاريخ يُظهر أن التعاون بين الدول هو السبيل الأنجع لبناء مستقبل أفضل لشعوب المنطقة. وستكون سوريا وتركيا النواة الصلبة لمشروع قرن الواحد والعشرين الواعد، وبدايته ستكون بخطوة مشابهة لتلك التي بدأ بها الاتحاد الأوروبي: خطوة مثل مسافة الألف ميل التي تبدأ بخطوة.
*نائب ألماني سابق