كيف تتأثر سوق النفط العالمية بالصراع بين إسرائيل وفلسطين؟
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
يهدد الهجوم المباغت الذي شنته قوات حماس، ورد الفعل الإسرائيلي عليه، بزعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط الأوسع نطاقاً، فيما تراقب سوق النفط العالمية ما يحدث عن كثب.
الآن، تُثار العديد من الأسئلة حول العواقب الجيوسياسية لهذا الصراع، الذي اندلع بعد 50 عاماً من حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر) التي أشعلت أزمة النفط في السبعينيات.
في سياق متصل، وقبل عطلة نهاية الأسبوع الماضي، كانت السعودية على وشك التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل من شأنه تحقيق مزيد من الاستقرار في المنطقة. كما انخرطت الولايات المتحدة وإيران في جهود واسعة النطاق -لكن غير معلن عنها إلى حد كبير- في سبيل التوصل إلى اتفاق يسمح لطهران بزيادة تدفقات النفط.
ستكون العديد من الاعتبارات الجيوسياسية أيضاً مرهونة بحجم الرد الإسرائيلي، خاصة فيما يتعلق بإيران. وفي الوقت الراهن، تُعد هذه هي الاعتبارات الأكثر إلحاحاً بالنسبة لمتداولي النفط:
1) إنفاذ العقوبات
يسود اعتقاد على نطاق واسع في سوق النفط بأن الولايات المتحدة غضت الطرف عن إنفاذ بعض العقوبات المفروضة على تدفقات النفط الإيرانية إلى حد ما مؤخراً، مما سمح للشحنات الإيرانية بالارتفاع.
من جانب، ساهم ذلك في ترويض أسعار النفط في السوق بعض الخفض الكبير للإمدادات من السعودية وروسيا وبقية أعضاء تحالف "أوبك+". لكن من الجانب الآخر، قد تستهدف الولايات المتحدة هذه التجارة.
تصدّر إيران حالياً نصيب الأسد من شحناتها النفطية إلى الصين، حيث أرسلت 1.5 مليون برميل يومياً في أغسطس الماضي، وهو أكبر معدل منذ عقد كامل، وفقاً لشركة "كبلر" (Kpler) للبيانات السوقية.
يصعب التأكد أيضاً من حجم السيطرة التي قد تفرضها الولايات المتحدة على هذه الصادرات. فمنذ إعادة فرض العقوبات الإيرانية في عام 2018، تمت المبيعات للعملاء الصينيين إلى حد كبير باليوان، أو عن طريق تجارة المقايضة، وهي وسائل تلجأ لها البنوك المحلية الإيرانية للالتفاف على القيود الغربية. كما يجري شحن النفط على متن ناقلات إيرانية، أو ما يُسمى بـ(أسطول الظل)، باستخدام سلسلة توريد لا تستطيع السلطات الأميركية بسط سيطرتها عليها بسهولة.
كما أن عواقب أي خطوة أميركية محتملة قد تؤدي إلى قطع تدفق النفط الإيراني، ما يعزز الطلب على النفط الروسي. وهي نتيجة لا ترغب فيها واشنطن أو دول مجموعة السبع الأخرى، بينما تحاول عرقلة وصول موسكو إلى عائدات النفط.
اقرأ أيضاً
"طوفان الأقصى" يقفز بأسعار النفط نحو 5% ومخاوف بشأن الإمدادات
علاوة على ذلك، فإن أي تحرك لتضييق الخناق على الإمدادات الإيرانية، من شأنه أن يؤدي إلى تشديد سوق النفط، وهو قرار صعب قبل انطلاق الانتخابات الرئاسية الأميركية العام المقبل.
2) اضطراب مضيق هرمز
يربط مضيق هرمز الدول المنتجة للنفط في الخليج العربي بمصافي التكرير في جميع أنحاء العالم. وهو نقطة عبور محورية لواحد من كل ستة براميل يستهلكها العالم، وكثيراً ما ادعت إيران خضوع هذا المسطح المائي لسيطرتها. وبالتالي، قد يشكل أهمية كبيرة لسوق الطاقة العالمية.
في الوقت الراهن، لا تظهر أي مؤشرات على تحرك طهران لتعطيل الشحن التجاري في المضيق، رغم قيامها بذلك بشكل متكرر في الآونة الأخيرة، وغالباً ما يكون هذا انتقاماً من أي خطوة ضدها.
لكن مع ذلك، لم يُغلق مضيق هرمز فعلياً أبداً، حتى في خضم حرب الناقلات عام 1984، التي هاجمت فيها إيران والعراق ناقلات النفط التابعة لبعضهما البعض بشكل متكرر، كما لم يحدث ذلك مؤخراً عندما كثفت طهران عمليات استيلاء ومضايقة سفن الشحن التجاري.
ورغم أن وقف مضيق هرمز يضر حلفاء إيران، إلا أن هذا لا يعني عدم قدرتها على تعطيله إلى حد كبير، أو حتى وقف شحنات النفط من خلاله، لكن مع ذلك يصعب بشدة وقف العمل فيه بالكامل.
وبعيداً عن المضيق، تم اعتراض وتعطيل بعض شحنات النفط الإيرانية في السنوات الأخيرة على يد الدول الغربية، وهو مصدر آخر محتمل لتصعيد التوترات.
3) ما مدى تأثير الاضطرابات على سوق النفط؟
يتوقف مدى تأثير الصراع بالنسبة لسوق النفط إلى حد كبير على ما ستفعله إسرائيل خلال الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة.
كتب محللو مؤسسة "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets)، بما في ذلك هيليما كروفت، في مذكرة، أن إيران "تشكل مصدر خطر كبير جداً" وسينصب التركيز على مدى قوة إلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باللوم على طهران في دعم الهجمات.
4) الإفراج عن المخزونات الاستراتيجية
إذا تصاعد الصراع سيؤثر على إمدادات النفط في نهاية المطاف، أو يرفع أسعار الخام لفترة طويلة، وقتها سيمنح ذلك مبرراً للحكومة الأميركية للإفراج عن مزيد من احتياطي البترول الاستراتيجي.
وقد يروض ذلك تقلبات أسعار النفط على المدى القصير، لكنه سيضطر الولايات المتحدة إلى تجديد مخزونها في مرحلة ما مستقبلاً.
5) ماذا يقول التاريخ؟
رغم كل هذه المخاطر المحدقة، ما يزال هناك احتمال ألا تؤثر هذه الحرب بقوة على سوق النفط، حيث لم تتسبب الاضطرابات التي شهدتها المنطقة مؤخراً في ارتفاعات مستدامة بأسعار النفط. ويريد المتداولون دليلاً ملموساً على أنها ستؤثر بشكل أساسي على الإمدادات، وعادةً لا يحدث ذلك في مثل هذه الاضطرابات.
اقرأ أيضاً
ورقة النفط مجددا.. و. س جورنال: السعودية عرضت على أمريكا زيادة الإنتاج مقابل طلباتها الدفاعية
المصدر | الأناضولالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: طوفان الأقصى سوق النفط العالمية إيران إسرائيل الولایات المتحدة سوق النفط مضیق هرمز
إقرأ أيضاً:
إيران تسعى لدرء قرار ضدها والوكالة الذرية تعلّق على ضربة إسرائيل
قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إنه ليس هناك ما يشير إلى أن جزءا من مجمع بارشين العسكري -الذي استهدفته إسرائيل خلال هجوم جوي الشهر الماضي- منشأة نووية أو به أي مواد نووية.
جاء ذلك ردا على سؤال من صحفي عن تصريح صدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -الاثنين الماضي- قال فيه إن إسرائيل ضربت "جزءا محددا من البرنامج النووي" الإيراني.
ونفذت مقاتلات إسرائيلية يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي موجات من الهجمات على أهداف عسكرية إيرانية بعد بضعة أسابيع من إطلاق إيران وابلا من الصواريخ شمل نحو 200 صاروخ باليستي صوب إسرائيل.
في غضون ذلك، تواصلت المحاولات الإيرانية لدرء مساع غربية لاستصدار قرار ضدها في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذرية، من خلال وضع حد أقصى لمخزونها من اليورانيوم يقل قليلا عن الدرجة اللازمة لصنع أسلحة.
وذكر أحد تقريرين سريين، قدمتهما الوكالة للدول الأعضاء، أن إيران عرضت عدم زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء تصل إلى 60%، وهي درجة قريبة من نسبة 90% المطلوبة لصنع سلاح نووي، واتخذت الاستعدادات اللازمة لذلك.
وقال دبلوماسيون إن العرض كان مشروطا بتخلي القوى الغربية عن مساعيها لإصدار قرار ضد إيران في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي يضم 35 دولة هذا الأسبوع بسبب عدم تعاونها مع الوكالة، وأضافوا أن المساعي مستمرة رغم ذلك.
"يعقد الأمور"وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قالت أمس الأربعاء إن الوزير عباس عراقجي أبلغ نظيره الفرنسي جان نويل بارو أن الضغط من جانب فرنسا وألمانيا وبريطانيا لتقديم قرار ضد طهران من شأنه أن "يعقد الأمور" ويتناقض مع "الأجواء الإيجابية التي نشأت بين إيران والوكالة الذرية".
ونص أحد التقريرين الفصليين على أنه خلال زيارة غروسي إلى إيران الأسبوع الماضي "تمت مناقشة إمكانية عدم قيام إيران بتوسيع مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%".
وأضاف التقرير أن الوكالة تأكدت من أن إيران "بدأت تنفيذ التدابير التحضيرية لذلك". وقال دبلوماسي كبير إن وتيرة التخصيب إلى هذا المستوى تباطأت، وهي خطوة ضرورية قبل التوقف.
ورفض دبلوماسيون غربيون مبادرة إيران باعتبارها محاولة جديدة في اللحظة الأخيرة لتجنب الانتقاد في اجتماع مجلس المحافظين، تماما مثلما فعلت عندما قطعت تعهدا غامضا بالتعاون بقدر أكبر مع الوكالة الذرية في مارس/آذار العام الماضي، ولم يتم إطلاقا الوفاء به بشكل كامل.