لماذا فشل السياج الحدودي في تأمين اسرائيل ؟ تعرف على الاسباب التي كشفتها المجله الالمانية
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
أرادت إسرائيل حماية نفسها من الهجمات من غزة بنظام حدودي كلف عدة ملايين من اليوروهات، لكن نظام التكنولوجيا الفائقة فشل.
مجلة “شبيغل” الإخبارية الألمانية، سلطت الضوء على قدرة إسرائيل على حماية نفسها عبر هذا الجدار ورصدت عبر خبراء ألمان أبرز ملامح هذا الفشل. اختراق الحدود والذي أثار انتباه العالم، سلط الضوء على فشل إسرائيل الاستخباراتي، وعدم قدرتها على رصد تحركات حركة حماس بالرغم من التفوق التقني الهائل الذي تحوزه، بيد أن القليل من وسائل الإعلام سلط الضوء على ماهية الجدار نفسه والذي أقامته إسرائيل بغرض التحكم في قطاع غزة ومنع محاولات الدخول منه إلى البلدات الإسرائيلية المجاورة.
حسب “شبيغل” فإن فشل الجدار، لا يعود إلى اختراق جدار حدودي عادي، إذ أن إسرائيل زرعت أنظمة استشعار واستطلاع تكنولوجي فائق عبر هذا الجدار، حيث تباهت مجموعة التكنولوجيا الإسرائيلية “أي وان بيت” مرارا بقدرات هذا الجدار والنظام الذكي المدمج به، حيث تتم مراقبة المنطقة ليلاً ونهاراً بالكاميرات والرادارات من أبراج المراقبة الثابتة. إضافة إلى ذلك، هناك أجهزة استشعار مزروعة على الجدار أو حتى على المركبات المحيطة، والتي ترتبط بها كذلك شبكة من طائرات الاستطلاع من دون طيار والتي تراقب الوضع من الجو وترصد حتى عمليات الاتصال المحيطة وتنقلها إلى طاقم متخصص من أجل فك تشفيرها أو حتى اعتراضها وحتى الاتصالات من الجانب الآخر يمكن اعتراضها.
في نهاية المطاف، يتم تجميع جميع المعلومات معاً في مركز القيادة، حيث يقدم البرنامج الأمني توقعات ونصائح للمسؤولين بشأن التهديدات المحتملة التي يجب معالجتها وبأي ترتيب، ليتم توجيه فرق الاستجابة على الأرض إلى موقع انتهاك الحدود المحتمل. وكانت هناك تقارير كذلك عن وجود مركبات روبوتية مستقلة جزئيًا على الحدود مع غزة.
ومع ذلك، فإن الهجوم الضخم الذي شنه مقاتلو حماس على إسرائيل منذ نهاية الأسبوع قد أظهر بوضوح شديد قدرات متواضعة لما يمكن أن تحققه التكنولوجيا المتقدمة في مثل هذه المواقف. إذ تم الاجتياح ولم تتمكن إسرائيل من إرسال قوات برية إلى المعركة، وهو ما يشير إلى فشل كبير لهذه التكنولوجيا باهظة الثمن والتي عجزت عن التعامل مع ما حصل على الأرض. فحتى التكنولوجيا باهظة الثمن والمتطورة للغاية لم تتمكن من عرقلة الهجوم.
ووفقاً للمعلومات الحالية، قُتل ما لا يقل عن 900 شخص في إسرائيل على أيدي حماس وتم اختطاف عدد غير معلوم من الإسرائيليين والعودة بهم عبر الحدود، أي تم عبور الجدار بالاتجاهين لأكثر من مرة، وهو ما يشير إلى فشل الأجهزة لعدد كبير من المرات وليس لمرة واحدة فقط، فماذا حدث؟ كان هناك حاجز يبلغ طوله 65 كيلومترا يحمي الأراضي الإسرائيلية من الهجمات الآتية من غزة.
ووصف وزير الدفاع آنذاك بيني غانتس المنشأة بأنها “جدار مصنوع من الحديد وأجهزة الاستشعار والخرسانة”، عند افتتاح مرحلة التوسعة الأخيرة قبل عامين تقريباً. وكانت الحكومة فخورة ببنائها الذي عمل فيه 1200 عامل، وتم نقل حمولة 330 ألف شاحنة من الرمال والحجارة والتراب، وتركيب مليوني متر مكعب من الخرسانة، واستخدام 140 ألف طن من المعدن. وقيل في ذلك الوقت إن هناك الكثير من حديد التسليح الذي يمكن استخدامه لتغطية الطريق من إسرائيل إلى أستراليا.
وحسب المجلة، فإن نظام الحدود المذكور هدف إلى تجنب المخاطر على الأرض. إذ لم يكن الجدار، المجهز بعدد لا يحصى من أجهزة الاستشعار عالية التقنية، فوق الأرض فحسب، بل كان أيضاً يحتوي على أجهزة تحت الأرض لمنع محاولات الاختراق وحفر الأنفاق فوق الأرض، وكثيراً ما كانت حماس تتحدى إسرائيل بالانفاق. قبل 17 عاماً اختُطف الجندي جلعاد شاليط تحت الأرض، ولكن بعد توسيع المرافق الحدودية، لم يعد هذا موجودا. المجلة الألمانية أجرت مقابلة مع خبير أمني متخصص يعمل في جامعة تتبع الجيش الألماني في ميونيخ.
وقال: “أمر صادم أن يتم ترك الكثير من الفجوات مفتوحة ضمن جدار أمني يتم التحكم به عبر التكنولوجيا ومجموعة أمنية بشرية مساندة”. الخبير الألماني حلل مقاطع الفيديوهات الخاصة بالهجوم والتي يتم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، ورصد قدرات متواضعة واختراقات تمت للتكنولوجيا الأمنية التي تدير الجدار.
وبين أن ما جرى هو أمر بسيط لكن مهم، العديد من الأمور تطورت، ومن الواضح أنه لم يتم تطوير أو إدخال بيانات جديدة للجدار. وزاد: “من المدهش أن بعض الأشياء التي كانت تقلق الخبراء لسنوات لم تكن متوقعة على ما يبدو.
على سبيل المثال، لم أكن أعتقد أنه من الممكن أن تتمكن طائرات من دون طيار بسيطة تحمل قنابل يدوية من تدمير صفوف من أبراج المراقبة وحتى دبابة”. طائرات بلا طيار وواصل: “كان ينبغي على الإسرائيليين أن يدركوا هذا الخطر، وأن يتفادوه إن أمكن”، موضحا أن “إرسال طائرات من دون طيار رخيصة الثمن محملة بالقنابل اليدوية إلى أهداف ثمينة هي استراتيجية معروفة أيضاً من حرب أوكرانيا.
هذه الطائرات أو الأجهزة البسيطة كان من الممكن أن يراها شخص يحمل منظاراً على الفور، ولكن يبدو أنه تم الاعتماد الكامل أو الأكبر على التكنولوجيا الأمنية التي أظهرت فشلها”.
ومنذ نهاية الأسبوع الماضي “أصبح من الواضح أنه لا يمكن الاعتماد على هذه التكنولوجيا، جاء المهاجمون من البحر والجو، ومن البر: استخدموا الزوارق البخارية، والطائرات الشراعية الآلية التي تحلق ببطء، وسووا السياج بالأرض بالجرافات، والشاحنات الصغيرة والدراجات النارية، ودمروا تكنولوجيا المراقبة بطائرات من دون طيار، لقد فشل النظام بأكمله”، تبعا للخبير.
في الأسابيع والأشهر المقبلة، “سيتعين على المسؤولين في إسرائيل أن يحللوا كيف حدثت الكارثة وسيتحدث الناس عن فشل أجهزة المخابرات التي كان من المفترض أن تراقب اتصالات المسلحين وتسعى لاختراق مجموعاتهم”، وفق الخبير، الذي أضاف: “سيكون هناك جدل حول الدور الذي لعبته الاعتبارات الاستراتيجية العسكرية، ويشمل ذلك نقل القوات من الجنوب إلى الضفة الغربية من أجل ضمان السلام هناك، بعد أن أدت سياسات حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية بشكل متزايد إلى احتجاجات الفلسطينيين”.
سبب فشل رئيسي واعتبر الخبير الألماني أن “الحلول الأمنية التي تعتمد فقط على التكنولوجيا غالباً ما تعتمد على افتراض أن العدو غير قادر على التفكير الموازي القادر على إبطال قدرة هذه الأجهزة، وهذا سبب فشل رئيسي”.
وزاد: “بطبيعة الحال، هناك جدل حول مدى فعالية نظام الحدود عالي التقنية. المشكلة واضحة، الحلول الأمنية التي تعتمد فقط على التكنولوجيا غالبا ما تعتمد على افتراض أن العدو لا يطور نفسه بسرعة، وقدرات تفكيره محدودة، ولا يفكر في المستقبل ولا يتكيف معها”.
وتابع: “يبدو أن المهاجمين الذين طاروا ببطء وعلى ارتفاع منخفض باستخدام الطائرات الشراعية كانوا قادرين على التفوق على أجهزة الاستشعار؛ وكان من الممكن أن يرصدها شخص يستخدم منظارًا على الفور”.
وختم : “عدم وجود أشخاص في أبراج المراقبة كان أيضاً قراراً سياسياً. أدت الأتمتة واسعة النطاق لمراقبة الحدود إلى تقليل خطر تحول المواقع إلى أهداف للقناصة من غزة. ومع ذلك يبقى السؤال: لماذا لم تتمكن التكنولوجيا من حماية الإسرائيليين؟”.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: الأمنیة التی من دون طیار
إقرأ أيضاً:
لماذا قصفت إسرائيل ضاحية بيروت الجنوبية؟ محللون يجيبون
أعاد القصف الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية إلى الأذهان مشاهد الحرب الأخيرة، التي انتهت باتفاق وقف إطلاق النار أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024، مما أثار التساؤلات بشأن أهداف حكومة بنيامين نتنياهو.
وجاء القصف بعد إعلان الجيش الإسرائيلي أنه رصد إطلاق صاروخين من لبنان باتجاه كريات شمونة ومحيطها، ثم أوضح لاحقا أنه "هاجم بنية تحتية لتخزين مسيرات تابعة لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت".
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي علي حيدر إن إسرائيل لديها برنامجا محددا ومدروسا في لبنان، ولا يهمها من يطلق هذه الصواريخ رغم تأكيد الرئيس اللبناني جوزيف عون بأن لا علاقة لحزب الله بها.
ونفى حزب الله، مسؤوليته عن إطلاق الصاروخين، مؤكدا التزامه باتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر/تشرين الثاني 2024. وقال الحزب إن هذه الحوادث تأتي في سياق "افتعال ذرائع مشبوهة لاستمرار العدوان على لبنان".
وأعرب حيدر عن قناعته بوجود مسار متصاعد للاعتداءات الجوية الإسرائيلية في لبنان وفق خطة مدروسة تتعلق بالساحة اللبنانية، بهدف استعادة ثقة سكان مستوطنات الشمال.
ويندرج هذا المسار المتصاعد في إطار التحولات التي استحدثت على العقلية العسكرية الإسرائيلية، وكذلك الضغط على الواقع اللبناني والمقاومة وحاضنتها الشعبية، وفق حيدر.
إعلانوأضاف المحلل السياسي أن المسار الإسرائيلي يريد أيضا الضغط على الدولة اللبنانية لاتخاذ خطوات تطبيعية والمزيد من الخطوات الداخلية.
كاميرا #الجزيرة ترصد على الهواء مباشرة لحظة شن الطيران الإسرائيلي غارة استهدفت مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت وتصاعد أعمدة الدخان#الأخبار pic.twitter.com/LamA3n88Lv
— قناة الجزيرة (@AJArabic) March 28, 2025
وقال حيدر إن حزب الله يعزز دولة الدولة ويقطع المجال أمام محاولات إحداث شرخ بين الجيش والمقاومة، في حين أن الدولة مطالبة بـ"استعادة ثقة شعبها وأن تمارس ما تعلنه بأنها تملك حصرية حق الدفاع عن لبنان وسيادته".
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس استبق الهجوم على الضاحية، وقال "إذا لم ينعم سكان كريات شمونة والجليل بالهدوء فلن يكون هناك هدوء في بيروت"، وحمل الحكومة اللبنانية المسؤولية المباشرة عن كل عملية إطلاق باتجاه الجليل.
"صواريخ مشبوهة"بدوره، يقول الكاتب الصحفي يوسف دياب إن إسرائيل تضع الدولة اللبنانية وحزب الله وبقية الفصائل في سلة واحدة، ولا تنتظر إجراء تحقيقات لمعرفة من خرق اتفاق وقف إطلاق النار وردت في عمق العاصمة بيروت.
وقال دياب إنه لا يعقل هكذا رد إسرائيلي على صاروخين بدائيين، مشيرا إلى أن القصف على كريات شمونة ومحيطها "عملية مشبوهة ومجهولة المصدر، وتستدرج استعداء إسرائيليا واسعا على لبنان".
ووفق دياب، فإن إسرائيل تبعث برسالة إلى الدولة اللبنانية، والمجتمع الدولي الذي يتعاطى مع بيروت ويحاول الضغط على تل أبيب لوقف الاعتداءات المتكررة على السيادة اللبنانية في الجنوب والبقاع وبيروت.
وأعرب عن قناعته بأن الدولة اللبنانية ليس بإمكانها فتح جبهة حرب مع إسرائيل، إذ لا تمتلك القدرات لذلك، ولا تريد عودة دوامة العنف وتدهور الأوضاع بالداخل اللبناني.
وأكد أن قدرة الدولة اللبنانية تتلخص في علاقاتها العربية والإقليمية والدولية، ووسائلها الدبلوماسية للجم العدوان الإسرائيلي على لبنان.
إعلان
ومنذ السبت الماضي، صعّدت إسرائيل هجماتها على لبنان بعد ادعاء تعرّض إحدى مستوطناتها في الشمال لهجوم صاروخي مصدره الجانب اللبناني، ونفى حزب الله أي علاقة له بذلك.
"استغلال فرصة"من جانبه، قال الخبير بالشأن الإسرائيلي محمود يزبك إن الجيش الإسرائيلي رد على الضاحية الجنوبية لبيروت وهي عنوان حزب الله، رغم أنه يتهم الدولة اللبنانية بالمسؤولية عن أي خرق لاتفاق وقف إطلاق النار.
وحسب يزبك، فإن هناك معطيات إسرائيلية تفيد بأن 10% فقط من سكان مستوطنات الشمال النازحين خلال الحرب الأخيرة عادوا إلى المنطقة، رغم حملات التشجيع التي تتبناها حكومة بنتنياهو.
الرئيس اللبناني في مؤتمر صحفي مع #ماكرون: ندين أي اعتداء على #لبنان وأي محاولة مشبوهة لإعادته إلى دوامة العنف#الأخبار pic.twitter.com/OLF6iVka1L
— قناة الجزيرة (@AJArabic) March 28, 2025
وشدد يزبك على أن حكومة نتنياهو تعتبر هذا الحدث "فرصة لاستغلاله للتأثير في السياسة الداخلية الإسرائيلية"، وكذلك لإرسال رسائل مفادها أن "إسرائيل لديها القوة لكي تدافع عن سكان الشمال".
وأعرب عن قناعته بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو الوحيد الذي يؤثر على الحكومة الإسرائيلية، مشيرا إلى أن نتنياهو لا يقيم وزنا لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن لبنان.