“ وين الملايين .. الشعب العربي وين .. “ أغنية صنعها طاغية ورددها الثوار ..!
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
بقلم: فالح حسون الدراجي ..
على الرغم من دكتاتورية وطغيان الرئيس معمر القدافي، وارتكابه الكثير من المساوئ والانتهاكات، بل والجرائم أيضاً، ومن بينها اختطاف واغتيال الامام موسى الصدر ورفيقيه، ومذبحة سجن سليم الرهيبة، وتفجير طائرة لوكربي الامريكية، وطائرة يوتا الفرنسية فوق النيجر، وتصفية المعارضين له في الخارج، واعدام الطلبة وتعليق جثثهم على بوابات الجامعات، وغيرها من الجرائم .
. وبقدر ما كانت كلمات الاغنية بسيطة ومؤثرة، ومزدحمة بالمشاعر القومية، ونداءات التحريض الثوري، كان اللحن مثلها بسيطاً وحماسياً أيضاً، متناغماً مع وجدان وعواطف الجماهير الشعبية العربية الغاضبة، وقد نجح الملحن في ترجمة شحنات النص العاطفية، ترجمة وجدانية باهرة، خاصة وأن مقام الحجاز كار كرد، الذي بني عليه اللحن، مقام مشبع بالحزن والشجن، حتى عدّ المقام الثاني بعد مقام الصبا في حزنه وشجنه وعاطفته..
فذهب الشاعر والملحن الى القدافي، وأسمعاه الاغنية في (خيمته)، فأعجب بها، وطلب منهما الاستعجال بتقديمها هدية لأبطال واطفال الحجارة الفلسطينية ..
وفي الحال قام الكيلاني الذي يملك (دار أجاويد للإنتاج الفني والثقافي)، بالاتصال بالفنانة التونسية سوسن حمامي، التي كانت في زيارة الى ليبيا آنذاك، واتفق معها على ان تشارك في هذه الأغنية بـ (كوبليه) واحد.. كما اتصل بصديقه الموسيقار سهيل عرفة في دمشق، طالباً إرسال ابنته المطربة والممثلة أمل للمشاركة بكوبليه في اغنية تدعم ثوار الحجارة الفلسطينية، وكان له ما اراد، خاصة وان مزاج الشعب السوري منسجم دائماً مع المزاج القومي العربي الغاضب..
وتنفيذاً لرغبة القذافي في أن تقدم الأغنية بأصوات نسائية معروفة بالتزامها العروبي، على أن تكون من سوريا وفلسطين وتونس ولبنان .. لم يكن العثور والحصول على موافقة المطربة اللبنانية (الثورية) جوليا بطرس أمراً صعباً، لاسيما وأنها معروفة جداً بمواقفها القومية واغانيها الداعمة لقضية فلسطين.
وهكذا حضر الثلاثي جوليا بطرس و سوسن حمامي و امل عرفة الى الاستوديو لتسجيل وتصوير أغنية (وين الملايين..)، ولتبث في الحال من خلال شاشة التلفزيون الليبي، ويتلقفها الشارع العربي بسرعة، بل ويتعاطف معها بشكل مثير ولافت، إذ سرعان ما بثتها شاشات التلفزيون الفلسطيني والسوري والعراقي، ولتنتشر في مدن الدول العربية كما تنتشر النار في الهشيم..
كما تألقت هذه الأغنية في الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، بعد دخول وزير الدفاع شارون للمسجد الاقصى بشكل مستفز للمشاعر العربية .. وهكذا صارت هذه الأغنية سلاحاً فاعلاً بيد ابطال الانتفاضة الفلسطينية العزل، وهم يواجهون دبابات الكيان الصهيوني، كما صارت أيقونة للثورة، ونشيداً يردده الثوار في كل بقاع الوطن العربي، مثلما بات الصغار والكبار يرددونها في المخيمات الفلسطينية المنتشرة في الاردن ولبنان، وكل الدول العربية، رغم ان الكلمات ( ليبية )، واللحن أيضاً ..!
إن أغنية ( وين الملايين ) التي ظهرت اول مرة عام ١٩٨٨، ظلت متوهجة بجمالها وثوريتها وبهائها الرافض للظلم والاحتلال والخنوع حتى هذه اللحظة.. وهي لعمري واحدة من فضائل معمر القذافي رغم مساوئه العديدة..
وهنا أود أن أشير الى ان الثلاثي الذي أدى هذه الاغنية قد تفرق شمله بعد ذلك.. إذ اعتزلت امل عرفة الغناء وتفرغت للتمثيل، بينما تعرضت التونسية سوسن حمامي الى الاعتقال والسجن ومن ثم الاقامة الجبرية، والاعتزال النهائي للغناء، بأمر شخصي من رئيس تونس المخلوع زين العابدين بن علي-ويقال إن ذلك حصل بتحريض من الكيان الصهيوني- ولم يبق من ذلك الثلاثي الجميل سوى الفنانة اللبنانية العنيدة جوليا بطرس، التي تجوب البقاع والميادين الثورية صادحة بصوتها واغنياتها الداعمة للمقاومة الوطنية في لبنان وفلسطين وغيرهما.
بينما يقيم شاعر الاغنية علي الكيلاني في القاهرة لاجئاً منكسراً بعد سقوط ( جماهيرية) القذافي.
ختاماً اود أن أذكر هنا، أن الصحفية والاعلامية القديرة ابتسام عبد الله – مسؤولة الصفحة الأخيرة في جريدة الجمهورية- كلفتني عام ١٩٩١- باعتباري محرراً في الصفحة آنذاك، باجراء مقابلة صحفية مع الفنانة التونسية سوسن حمامي، التي كانت تزور العراق وقتها للمشاركة في المهرجان الغنائي العربي الذي أقيم تضامناً مع الشعب العراقي، وهو يواجه الهجمات الجوية والصواريخ الأمريكية والقوات المتحالفة معها. وقد تألقت سوسن في ذلك المهرجان بأغنية وين الملايين – طبعاً لم تشارك امل عرفة وجوليا بطرس في هذا المهرجان لأسباب (سورية) – !!
وللحق فقد ساعدني الفنان الكبير فاروق هلال الذي كان مشرفاً فنياً وادارياً على المهرجان – في توفير الفرصة لاجراء هذه المقابلة الصحفية، وحين سالت سوسن عن شعورها وهي تؤدي هذه الأغنية الثورية على خشبة المسرح الوطني في بغداد وأمام الجمهور العراقي، قالت : صدقاً لا أعرف لماذا وكيف ينتابني شعور عاطفي عارم، عندما أقف امام الجمهور العراقي تحديداً.. وأشعر بطاقة ثورية هائلة، فأتمنى أن تكون بيدي وقتها بندقية لأقاتل بها أعداء الحياة والحب والإنسانية، أقصد أعداء الشعب العراقي ..!
واليوم،وبعد اثنين وثلاثين عاماً على تلك المقابلة، وحيث يتعرض الشعب الفلسطيني في غزة للإبادة على يد الاحتلال الفاشي الصهيوني، صرت أعيد كلمات تلك الأغنية الرائعة وأرددها مع ذلك الثلاثي الغنائي العربي الجميل، وأقول والحزن والغضب يملؤني، صارخاً بصدق تام:
وين الملايين.. الشعب العربي وين.. الغضب العربي وين .. الدم العربي وين .الشرف العربي وين؟
صدگ ياجماعة، (الشرف) العربي وين -بكسر الواو -؟!
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات هذه الأغنیة
إقرأ أيضاً:
شاهد بالفيديو.. قصة الأغنية السودانية التي حققت أكثر من 2 مليون زيارة على يوتيوب والجمهور يسأل أين هذه المبدعة؟
لو عارف عيونك توهت العيون .. رقصت المشاعر وغنى معاها كون .. رائعة الفنان السوداني الراحل حمد الريح، والتي أدتها الطفلة آنذاك شروق في برنامج نجوم الغد قبل أكثر من 10 سنوات.
مازالت الأغنية تحظى بأعلى المشاهدات في يوتيوب وقد تجاوز العدد الـ2 مليون مشاهد بعد مضي هذه السنوات، وتنهال تعليقات الإعجاب التي تخطت حدود السودان ليكتب معجبون من دول الخليج وتشاد والصومال والجزائر وغيرها من الدول.
شفنا الدنيا حلوة .. فى رموشها وسرحنا .. وصابحنا الامانى .. واتمدد فرحنا .. والحنية هلت .. فى دنيانا طلت بامر العيون. وكتب بعض المعلقين بإن الأغنية تثير فيهم شجوناً وتحمل براءة من المؤدية التي أبدعت في تقديمها، وسأل آخرون عن أين هي تلك المبدعة الصغيرة؟
شاهد الفيديو:
رصد وتحرير – “النيلين”
إنضم لقناة النيلين على واتساب