الجسد في القدس والقلب في غزة.. الجزيرة نت تنقل آلام مرضى السرطان الغزيين
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
القدس المحتلة– خلف أبواب غرف المرضى الموصدة قصص ألم يعجز أصحابها عن وصفها بالكلمات وتدور في خلدهم أسئلة كثيرة ذات إجابات مجهولة أو مأساوية.
إلى مستشفى أوغستا فكتوريا (المُطّلع)، اتجهت الجزيرة نت للقاء مرافقين ومرضى غزيين يتعالجون من مرض السرطان، ولن يغادروا المستشفى حتى تضع الحرب أوزارها.
من كافة الفئات العمرية، يرقد أطفال يتعالجون من أورام مختلفة، وبينهم من يدرك ما يجري في مسقط رأسه وآخرون رُضّع ترافقهم أمهاتهم وجداتهم اللواتي أنهكت الحروب المتتالية على غزة ملامح وجوههن وجففت دموع بعضهن.
حنان أبو كلوب (57 عاما) ترافق حفيدتها الرضيعة التي أكملت عامها الأول في مستشفيات القدس بعد تشخيصها مؤخرا بمرض سرطان الدم (اللوكيميا).
44 مريضا بالسرطان لم يتمكنوا هذا الأسبوع من الوصول إلى مستشفى المطلع بالقدس (الجزيرة) قصف دون تحذيرتعيش هذه المسنة مع عائلتها الممتدة في مخيم الشاطئ بغزة الذي ناله نصيب من القصف في العدوان الأخير، وتقول إن "أصعب ما في هذه الحرب هو القصف دون تحذير، الأمر الذي يضع السكان في خطر شديد".
وتضيف للجزيرة نت "بمجرد تحليق الطائرات في المكان تبدأ بعض العائلات بإخلاء منازلها خوفا من أن تكون الهدف المقبل للطائرات، وهكذا فعلت عائلتي التي تعيش الآن حالة من التشتت والرعب، وما يؤلمني هو صعوبة التواصل معهم في ظل الحرب".
تقطع الجدّة حنان حديثها مع الجزيرة نت كلّما بدأت حفيدتها سما بالبكاء، فتهدئها برفق في حضنها تارة وتمسح شعرها وتداعبها تارة أخرى.
"قلبي موجوع على سما وعلى أسرتي هناك"، تقول هذه الكلمات بينما تذرف دموعها وتشرح عن ساعات عصيبة قضتها يوم الاثنين وهي تنتظر معرفة مصير أحد أبنائها الذي فُقد بُعيد قصف أحد المساجد وانقطع الاتصال به لساعات قبل عودته سالما.
ليس بعيدا عن غرفة سما، يرقد الطفل علي جنينة (8 أعوام) وبجواره تجلس والدته مي تاركة خلفها زوجها و3 أطفال يتجرعون ويلات الحرب في حي الرمال وتتجرع هي مرارة البعد عنهم وحسرتها على عليّ في آن واحد.
مي جنينة مع طفلها علي وخلفها زوجها و3 أطفال في حي الرمال المدمر (الجزيرة) "قلبي مفطور""أعز الحبايب تركت في غزة، قلبي مفطور على طفلي ذي العامين الذي حمله والده وركض به من شارع إلى آخر هربا من الموت، لم أعد أصدق أن أحدا لم يمت منهم في هذه الحرب، أطلب رؤيتهم بمكالمة فيديو لأصدق أنهم أحياء من هول المشاهد"، تقول مي للجزيرة نت.
وعند سؤالها عمّا يعنيه أن تكون فلسطينية تنحدر من غزّة، أجابت "يعني أن أعيش الألم وأصبر، الأم الغزية هي جبل المحامل".
طمأنها زوجها أنهم جميعا بخير رغم تضرر المنزل بالشظايا المتطايرة من قصف المنازل المجاورة، لكنه أخبرها في الوقت ذاته أنها "لن تتعرف على الحي عند عودتها لأنه نُسف وتغيرت ملامحه، بل إن ملامحه اختفت كليّا".
يسمع عليّ حديث أمه ويقول إن "أمنيته الوحيدة احتضان والده الذي لم يحظ برؤيته منذ شهر في ظل منعه من الخروج من غزة لمرافقة طفله في رحلته العلاجية".
يهوى عليّ لعب كرة القدم وكان يمارس هوايته في ناد قريب من منزله، لكنه لا يعلم أن النادي قُصف ودُمّر حلمه بارتداء قميص "رونالدو" والتوجه إليه مجددا.
الطفلة أميرة العشي مع والدتها إيمان تتابعان أخبار العائلة عبر الهاتف (الجزيرة) محاربةغادرنا غرفة هذا الطفل الذي يعالج أيضا من مرض "اللوكيميا" بينما كان يردد على مسامع والدته سورة "النصر"، وتعززه الأخيرة وتشجعه على الاستمرار في محاربة المرض لأنه أقوى وأكبر منه.
في الغرفة المقابلة كانت ترقد أميرة (11 عاما) وبمجرد الوصول إلى سريرها انفجرت باكية وقالت لأمها "هيّو (ها هو) الحيط واقع"، بعدما استرقت النظر إلى هاتف أمها ووجدت أن منزل جدّها قد هُدم جزئيا بفعل القصف.
لم تهدأ أميرة منذ صباح السبت الماضي، وببكائها المستمر تعبر عن حاجتها للعودة إلى قطاع غزة لتكون مع والدها وأختها الصغيرة حتى وإن كانت تحت القصف.
تعيش والدتها إيمان العشي ساعات عصيبة بين محاولة تهدئة روع طفلتها المريضة بسرطان الدماغ، وبين بقية أسرتها الراضخة تحت القصف العشوائي.
"نعيش في حي الرمال الذي استهدفه القصف لساعات، قلبي هوى عندما سمعت أن القصف بدأ في هذا المكان، وما يعقّد الأمور أن أميرة لا تتقبل العلاج ولا تريد سوى العودة إلى غزة"، تقول الأم للجزيرة نت.
عبثا حاولنا تهدئة أميرة التي جلب صوت بكائها الممرضين في القسم ووعدوها بأن تغادر إلى غزة عندما تُفتح الطرق باتجاهها.
الأطرش: لدينا حاليا 47 مريضا من غزة يتلقون العلاج ونوفر المبيت لمن يحتاجونه (الجزيرة) إجراءات استثنائيةعلى أسرّة المرض يمكث الآن 47 مريضا غزيّا مع مرافقيهم في مستشفى المطّلع، وفقا للمدير التنفيذي للمستشفى الطبيب فادي الأطرش، الذي قال للجزيرة نت إن المستشفى اتخذت إجراءات استثنائية منذ اندلاع الحرب يوم السبت الماضي.
وشُكّلت غرفة طوارئ لضمان استمرار العمل في المستشفى عبر ضمان وصول الطواقم الطبية من الضفة الغربية في ظل حالة الإغلاق، ومحاولة تسهيل وصول مرضى الضفة بتوفير حافلات تقلهم باتجاه المستشفى، إضافة إلى متابعة المرضى الغزيين ممن يتعالجون في المستشفى وتقديم كافة ما يلزم لدعمهم نفسيا وتوفير احتياجاتهم ومرافقيهم على كافة الأصعدة، بما في ذلك المبيت في الفنادق.
ووفقا للأطرش، فإن المرضى الغزيين يشكلون ما نسبته 30% إلى 40% من المرضى في المستشفى على مدار العام، وإن 44 مريضا غزيّا كان يجب أن يصلوا لتلقي العلاج الكيميائي هذا الأسبوع لكن تعذر ذلك مع اندلاع الحرب، إلى جانب 64 مريضا للعلاج الكيميائي و28 للعلاج الإشعاعي الأسبوع القادم، وتشير المعطيات على الأرض أن أيّا من هؤلاء لن يتمكن من الوصول.
ويؤثر ذلك على استقرار حالة المريض ونتائج علاجه وفقا للمدير التنفيذي، كما ستؤثر عليه الكوارث البيئية التي قد تحل في القطاع مع استمرار قطع الماء والكهرباء عنه بأوامر احتلالية.
وأكد الأطرش "ما يجري في غزة سيؤدي إلى كارثة إنسانية، لذلك عقدت شبكة مستشفيات القدس الشرقية اجتماعا وضعت فيه خطة طوارئ تتكاتف فيها الجهود في حال وصل جرحى من الحرب إلى المستشفيات".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
لغة الجسد تكشف عن صراع القوة بين ترامب وماسك
أثارت العلاقة بين الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك اهتماما واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية، لدرجة أنها أصبحت موضوعا للعديد من التحليلات.
وبحسب صحيفة ديلي ميل، تحول ماسك الذي كان ينتقد شعارات ترامب الانتخابية، خاصة شعار "جعل أمريكا عظيمة مجددا"، إلى حليف قوي له، وقد تجسد هذا التحول عندما أصبح ماسك جزءًا من الدائرة المقربة لعائلة ترامب، حتى أن حفيدة ترامب، كاي، أطلقت عليه لقب "العم" وأصبح أحد الشخصيات المحورية في دعم الجمهوريين في الانتخابات.
ومنذ بداية الانتخابات، كان ماسك موجودًا بشكل شبه يومي في منتجع ترامب الفاخر "مار إيه لاغو" في فلوريدا، ورافقه في العديد من الأنشطة العامة والخاصة، وفقد تواجد إلى جانب ترامب في رحلاته الأخيرة إلى نيويورك وواشنطن العاصمة، وكان ضمن المشاركين في مكالمات هاتفية مع قادة العالم. ولم يكن دوره مقتصرا فقط على التواجد في هذه الاجتماعات، بل لعب أيضًا دورًا مؤثرًا في القرارات المتعلقة بتعيينات موظفين في إدارة ترامب الانتقالية.
ومع هذه العلاقة القوية التي تجمع بين الرجلين، حذرت خبيرة لغة الجسد جودي جيمس من أنه قد يكون هناك خطر لتصاعد "معركة قوة" في المستقبل، إذا شعر ترامب أن ماسك أصبح يتطلع إلى أخذ الأضواء منه. ورغم أن ماسك بدا حريصًا على تعزيز مكانته بجانب ترامب، فإن جيمس أشارت إلى أن ترامب ليس من الشخصيات التي تفضل تقاسم الأضواء مع الآخرين.
وحللت العلاقة بين ماسك وترامب قائلة: "اللغة الجسدية بينهما تبدو وكأنها محاولة للترسيخ في نوع من العلاقة بين الوالد والطفل، حيث يسعى ماسك للحصول على تأكيدات ورضا ترامب، في حين يبدو أن ترامب يواصل محاولة فرض هيمنته."
وتعززت هذه الديناميكية بشكل أكبر في الأيام الأخيرة، كما في حادثة إطلاق صاروخ "سبيس إكس" في تكساس. أثناء هذا الحدث، كان ترامب يرافق ماسك، وأظهرت لغة جسد ترامب مدى استعداده للسماح لماسك بأخذ الأضواء، رغم أنه غالبًا ما كان يتصرف وكأن ماسك يطلب موافقته. فقد لاحظت جيمس أن ترامب كان يتبنى سلوكًا مهيبًا من خلال رفع ذقنه واتخاذ وضعية تشير إلى القوة والسيطرة، بينما كان ماسك يظهر إشارات حماسية وإثارة، مثل الضغط على أصابعه بإحكام.
وفي أحداث أخرى، مثل لقائهما في حدث UFC بمدينة نيويورك، ظهر ماسك وهو يتصفح هاتفه بينما كان جالسا بجانب ترامب، ثم انفجر فجأة في الضحك بشكل درامي، ما أثار عدم تفاعل ترامب، الذي استمر في الإشارة إلى الحلبة كما لو كان يحاول تحويل انتباه ماسك إلى الحدث ذاته. هذه اللحظة كانت مثيرة للاهتمام، حيث بدت العلاقة بين ترامب وماسك وكأنها تقوم على ديناميكية غير متوازنة، مثل تلك التي تكون بين الأب والمراهق.
أما في حفل غنائي أُقيم في "مار إيه لاغو"، حيث انضم ماسك وترامب إلى مغني الأوبرا كريس ماتشيو في أداء أغنية "God Bless America"، فقد أظهرت لغة جسد ماسك توترًا واضحًا، حيث كان يراقب ترامب ويحاكي حركاته بشكل غير مريح، وهو ما اعتبرته جيمس بمثابة محاولة من ماسك لتأكيد مكانته إلى جانب ترامب من خلال تقليده لأفعاله.
في المجمل، تظل العلاقة بين ترامب وماسك مزيجًا من التعاون السياسي الملموس والنفوذ المتبادل، ولكن كما أظهرت تحليلات جودي جيمس، فإنها قد تكون محاطة بتحديات محتملة تتعلق بالسلطة والهيمنة.