خرج علينا مصطلح المواطن الصحفي منذ حوالي العشر سنوات بتأثير النشاط الكبير للمستخدمين على شبكات التواصل الاجتماعي. أصبح المستخدمون العاديون يعملون على نقل الأخبار التي يمرون بها بكتابة التفاصيل التي تجعل منها أخبارًا بالمفهوم الصحفي، بل إنهم يعملون على توثيق هذه الأخبار بالصور ومقاطع الفيديو التي يمكن أن تجعل منها في بعض الأحيان جزءًا من نشرة إخبارية تليفزيونية.
لا يعني ذلك أن المواطن لم يكن صحفيًا بطبعه منذ بدأ نقل الأخبار بشكل مهني. الحق أن الصحافة بدأت فردية لا مهنية، وهذه الفردية هي التي جعلت العالم يعاني من بعض الصعوبات في تقبل هذه المهنة كمهنة يمكنهم الثقة بمن يعمل بها. إذ ظل العالم فترة طويلة ينظر للصحفي على أنه "نمام بينقل أخبار الناس ويتخاف منه عشان كده" وليس أدل على ذلك من حكم القاضي المصري أبوخطوة عام 1904م بطلاق السيدة صفية السادات من الشيخ علي يوسف رئيس تحرير جريدة المؤيد، وقال في حيثيات الحكم إنه ثبت من أقوال الشهود أن نسب السادات ينتمى إلى سلالة الحسين وأن على يوسف ثبت أن جده الرابع كان من أهل الكتاب وهو يمتهن مهنة منهي عنها شرعًا كما قال محامى السادات.. مع ذلك ظلت الصحافة جاذبة للأفراد الذين حولوها لمؤسسات على الرغم من أنها بدأت كمهنة سيئة السمعة.
إن الأشكال الأولى من الصحافة الحديثة بدأت فرديًا كغيرها من كل المهن الإنسانية، ومن هنا كان المواطن الصحفي موجودًا منذ البداية ويستخدم كل التقنيات المتاحة للصحفي المحترف في كل العصور، إذ تميزت الصحافة، على غير عادة بعض المهن الأخرى، بتوافر تقنياتها المختلفة مع العامة، حتى أن المطبعة بدأت ومازالت متاحة للطباعة طالما أنت ستدفع تلقاء ما يتم طباعته في معظم الأحوال وبأشكال مختلفة للاتفاق على ذلك. إن إتاحة تقنيات الصحافة للجميع، وهو حق أصيل لا يمكن إنكاره للجميع، إلا أن سوء استخدامه قد يزيد من خطورة ممارسة الصحافة لدى غير المحترفين، لا سيما وأن هذه الممارسة قد يدافع عنها البعض تحت مسمى حرية الرأي وقد تكون بعيدة عنها جدًا.
بدأت الجازيتات فرديًا، وهي أشكال بدائية من الصحيفة أحادية الورقة تمثل مناديل تدون عليها الأخبار كان يعدها بعض الأفراد وتوزع مع الحمالين في رصيف نابولي وبعض الموانيء الإيطالية لتخبر السفن المسافرة لفترات طويلة عما فاتهم في العالم حول هذا الميناء. ممثلة شكلًا بدائيًا من صحافة المواطن، وكذلك مثلت تلك الأخبار التي كانت تذاع على المحطات الإذاعية الأهلية في حي صغير، يجهزها مواطنون من سكان الحي مع الموسيقى، صحافة للمواطن، لكن بشكل بدائي.
إذا كانت صحافة المواطن تمثل تيارًا بديلًا للصحافة الاحترافية يعمل فيها المواطن على استخدام تكنولوجيا الاتصال من أجل المساهمة في صناعة المضمون الصحفي ونشره في العالم الافتراضي، فيمكننا النظر بعمق أكثر لهذا المصطلح "صحافة المواطن" وعندها سنجد أن المواطن في معظم العصور تمكن من إنتاج شكل صحفي خاص به باستخدام تكنولوجيا الاتصال المتاحة له وقتها. إن الصحافة أداة تعبير عن الرأي لا يفوض فيها الأفراد الصحفي ليقوم بذلك. وتلك هي المسألة. ففي الوقت الذي يملك فيه الصحفي الكثير من التسهيلات حتى يمارس عمله، لا يمكن أن نمنع المواطن من أن يستخدم الكثير من هذه الأدوات للتعبير عن رأيه طالما لم يعتدِ على حقوق آخر، أو يتجاوز القانون في مجال ممارساته. هذا ما يجعل الصحفي والمواطن مصدرين لمعلومات بعضهما. لكن تطور التكنولوجيا الحديثة خلال العقد الأخير من عمر العالم جعلت القرب الجغرافي والاجتماعي يخدم المواطن في سرعة ودقة نقل الخبر أحيانًا، ليقف الصحفي مطالبًا بالمزيد من المهنية المميزة. صحافة المواطن لا تعني أن يأخذ الصحفي الخبر من المواطن كمصدر موثوق به. إذ أن هذا المواطن لا يعمل برخصة يمكن مساءلته في إطارها عما ينشر، علينا أن نتذكر ذلك دائمًا. على كل من يقرأ أن يعرف لمن يقرأ قبل أن يعرف ماذا يقرأ، لا سيما وأن المواطن صحفي بطبعه أحيانًا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المواطن الصحفي شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع الفيديو
إقرأ أيضاً:
صحافة عالمية: إدارة سوريا الجديدة حققت نجاحا مبكرا وكسبت الدعم الدولي
حظيت التطورات السياسية المتسارعة في سوريا في ظل تهاطل وفود عربية وإقليمية وغربية على العاصمة دمشق باهتمام صحف عالمية، إضافة إلى التطورات الميدانية في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة وتحركات إسرائيل في المنطقة.
ورأت صحيفة الغارديان البريطانية في افتتاحيتها أن الإدارة الجديدة في سوريا التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد حققت نجاحا مبكرا بعد أن أعادت ترتيب أوراقها لكسب الدعم الدولي.
وتشير زيارات الوفود الخارجية الأخيرة وبينها الوفد الأميركي لدمشق -وفق الصحيفة- إلى رغبة المجتمع الدولي في استقرار الأوضاع في سوريا لأن منافع ذلك تنعكس على المنطقة برمتها.
وتحدثت صحيفة إندبندنت البريطانية عن احتفالات المسيحيين في مدينة حلب السورية بعيد الميلاد رغم مخاوفهم بشأن مستقبلهم في البلاد.
ووفق الصحيفة، فإن الجميع سعداء برحيل الأسد عن السلطة، مشيرة إلى أن المسيحيين تضرروا بشدة بسبب الهجرة خلال الحرب، إذ يعيش في حلب حاليا 20 ألفا فقط من أصل 250 ألف مسيحي عاشوا فيها قبل عام 2011.
وفي الشأن الإسرائيلي، كشفت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يفضل الأخذ بوجهة نظر الجيش الإسرائيلي بدلا من جهاز "الموساد"، إذ يفضل الجيش قصف مواقع جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) ردا على هجماتهم الصاروخية.
إعلانوتلفت الصحيفة إلى أن رئيس الموساد ديفيد برنيع كان أوصى بشن هجوم مباشر ضد إيران، لافتة إلى أنه على الدوام من بين الصقور البارزين في إسرائيل بشأن مواجهة إيران.
في السياق ذاته، خلص تحليل في صحيفة هآرتس الإسرائيلية إلى إن الصراع مع إسرائيل يعزز مكانة جماعة "أنصار الله" في الداخل اليمني.
"ولا تبدو هناك مؤشرات على قرب نهاية الحرب في غزة"، وعليه -وفق التحليل- فإن جماعة "أنصار الله" لن توقف إطلاق النار في البحر الأحمر أو ضد إسرائيل حتى لو صدرت أوامر بهذا الخصوص من إيران.
من جانبها، سلطت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية الضوء على أعمال النهب في قطاع غزة لاسيما في جنوبه، وأشارت إلى أن هذه الأعمال تدفع الوضع نحو مزيد من الفوضى.
وحسب الصحيفة، فإن سائقي الشاحنات والعاملين في مجال الإغاثة اتهموا الجيش الإسرائيلي بأنه يغض الطرف عن تفشي أعمال النهب في المناطق الخاضعة لسيطرته في القطاع.
وتطرقت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى حملة السلطة الفلسطينية في جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، وقالت إنها أكبر عملية مسلحة لها منذ 3 عقود بهدف ما سمته لجم النفوذ المتنامي للمجموعات المسلحة في الضفة الغربية.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول فلسطيني مقرب من الرئيس محمود عباس قوله إن عباس قرر أن السلطة ستفرض سيطرتها ولن تتراجع، لكن الصحيفة تلفت إلى أن المسلحين ما زالوا يتجولون بحرية في مخيم جنين بعد مرور أسبوعين على الحملة.