راشد بن حميد الراشدي **
تجويع وحصار لبلد شعبه أعزل، وقتل للأبرياء بأحدث أسلحة الفتك التي صنعها الإنسان، وجريرتهم أنهم يجاهدون من أجل تحرير وطنهم والمطالبة بحقوقهم المشروعة وإعلاء كلمة الحق والدين، وهم يصطرخون العالم من حولهم أن يناصرهم وينقذهم من يد محتل غاشم، سلب حقوقهم واعتدى على أرضهم، وقتل أهلهم، يقاتلونه من أجل كلمة الحق والعدل التي أرادوا أن يعرفها العالم.
عار ثم ألف ألف عار علينا جميعًا اليوم ورقاب الأطفال والعجزة والشباب تُدَك تحت غارات الإسرائيليين، وعلى مسمع من الجميع، والصمت يُخيم على العالم، ولا تتحرك دواخل المجتمع الدولي نصرة لفلسطين.
هم المعتدون، وهم من لا يُريدون السلام، وهم من ينقضون العهود والمواثيق، وهم من قوّضوا فرص التطبيع الذهبية.. هكذا تُدار كلمات الغدر في آلتهم الإعلامية المدججة بكل وسائل الكذب والقبح الذي تمارسه دولة محتلة لأرض طاهرة مقدسة.
ستبقى فلسطين حرةً أبية وسيرحل الغريب يومًا عنها، وستعود عربية تُشرق بنور الإسلام الذي ستعود به إلى سابق عهدها بإذن الله مهما أحاط بها المعتدون.
لا لن نركع.. يقولها كل فلسطيني وعربي حر شريف يؤمن بالله ويؤمن بأنَّ النصر قادم لا محالة مهما تكالبت عليهم الأمم.
لا لن نركع.. يقولها الشرفاء للخبثاء سدنة اليهود وأذنابهم وعبيدهم الذين سعوا ليناصروهم على ظلمهم وفظائعهم التي ارتكبوها في حق شعب فلسطين الصامد المجاهد الشجاع.
إنها معركة الكرامة والنصرة، فليس لها إلا الله، والفئة الصابرة المحتسبة التي ذكرها الله في كتابه عز قائلا: "كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّه".
بالإيمان بالله الملك الديان توكل المجاهدون في سبيله نحو هدفهم الأسمى.. إمّا الشهادة أو النصر، الذي سيأتي، وإن غربت شمس اليوم ستشرق غدًا بإذن الله، وإن غدا لناظرهِ قريبُ.
اليوم ندعو أمة الإسلام كلٌ بمقدرته ومقدراته أن يقف مع أهلنا في غزة وأن نرفع أكفنا إلى الله بالدعاء بعد أن غدر بهم القريب قبل البعيد، وأن تقول الأمة كلمتها: كفى ما حدث ويحدث؛ فالظلم طغى وعمّ ظلامه الكون، ولا بُد من عدل يُشرق نوره، وجهاد يَبيد المحتل الغاشم عن بكرة أبيه.
لا لن نركع.. ولن تركع فلسطين ولو جلبتم العالم كله بعدته وعتاده؛ فللَّه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، يقول تعالى: "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا".
هكذا هم حُماة الحق والدين صامدون فوضوا أمرهم إلى الله فما ضعفوا وما استكانوا بل قاوموا واستبسلوا حتى يأتيهم فرج الله ونصره القريب بإذن الله..
يقول الله عز وجل : "وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ".
لا لن نركع.. يقولها أبناء فلسطين صغيرهم قبل كبيرهم وهم صامدون مرابطون على العزة والنصر؛ فليحفظهم الله ويُسدد رميهم ويحميهم من بطش عدوهم ويجعل كلمته هي العليا وكلمة الغاشمين هي السفلى لعنهم الله وأخزاهم وشتت شملهم.
اللهم احفظ المجاهدين في سبيلك وثبتهم وانصرهم يا رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.
** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مصر التي في خاطري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مصر.. "أم الدنيا"، ليست مجرد بلد عربي، بل هي حالة عشق تتملك كل من تطأ قدماه أرضها الطيبة، هي منبع العلم والفن والثقافة، روح تسكن القلوب، وتاريخ يمتزج فيه عبق الماضي بروعة الحاضر، على أرضها كلم الله موسى، والتقى سيدنا يوسف بأبيه يعقوب، فباركها الرحمن وجعلها موطناً للأمن والسلام، من جاءها ضعيفاً منحته القوة، ومن قصدها مهزوماً أهدته النصر، ومن دخلها خائفاً وهبته الطمأنينة.
مصر.. قصة شعب لا يعرف المستحيل، تحكيها صفحات التاريخ، وترويها معجزاتها الخالدة، تقف أمام الأهرامات عاجزاً عن الفهم، حيث يتحدى الحجر الزمن والمنطق، ويبقى هذا الصرح شاهداً على عظمة المصريين، متحف مفتوح يسرد قصص الشموخ والعظمة التي أدهشت العالم.
النيل.. شريان الحياة، الخليل في الليالي الساهرة، ملهم المبدعين والفنانين، على ضفافه ولدت أروع الإبداعات الفنية، وخرجت منه أصوات خلدها التاريخ كأم كلثوم، عبد الحليم، عبد الوهاب، وسيد درويش وغيرهم، فصار رمزاً للحياة والإبداع.
في شوارع مصر، تأسرك ضحكات المصريين التي لا تفارقهم رغم صعوبات الحياة، يحيطونك بكرمهم ويجذبونك بحكاياتهم، أما بناياتها العالية والشامخة، فهي شاهدة على ذكريات وطنية توجت بالعزة والنصر، ولم تقف مصر عند أمجاد الماضي، بل واصلت مسيرتها في الحاضر، بقيادة واعية أدركت قيمة الوطن، فالرئيس عبد الفتاح السيسي، هذا القائد الاستثنائي، استطاع في فترة وجيزة إعادة بناء مؤسسات الدولة وإطلاق نهضة تنموية، جاعلاً من مصر قوة صاعدة وصامدة أمام كل التحديات.
مصر ليست مجرد بقعة على الخريطة، بل هي أمان وسكينة وانتماء، من يزورها يقف احتراماً لعظمة التاريخ، ومن يختارها وطناً يدرك إنها أكثر من مجرد بلد، بل هي الماضي العريق، والحاضر المشرق، والمستقبل الذي يُصنع بأيدي أبنائها بإرادة وتحدٍّ، إنها مصر.. أم الدنيا، وستظل كذلك إلى الأبد، محفوظة برعاية الله.
*كاتبة وإعلامية مغربية