فيلم Hypnotic لـ بن أفليك يجذب المشاهدين إلى عالم الغموض والتخيل
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
متابعة بتجــرد: “المنوم” هو أحد أفلام الخيال العلمي الغريبة الأطوار التي تبرز في عالم السينما الأمريكية. تتميز لقطاته بمزجه المتقن بين العناصر الغامضة والإثارة دون أن يجعل المشاهد يشعرون بالملل أبدًا. يقوم الممثل بن أفليك بأداء مزدوج في دور شرطي من تكساس مضطرب، حيث يقودنا بمهارة إلى عقلية هذا الشخصية المعقدة.
القصة تبدأ بشكل حماسي في مشهد افتتاحي يبرز مطاردة مثيرة تكشف عن قدرات رورك كشرطي ماهر. وبالتالي، ينجح المشهد في وضعنا في عالمٍ مظلم مليء بالألغاز والتساؤلات حينما يتورط رورك عن طريق الصدفة مع مجموعة من اللصوص الذين يمتلكون قوى خارقة تتيح لهم التحكم في عقول الآخرين.
استخدام الزوايا الواسعة في معظم اللقطات، تجعلنا نشاهد الأجواء الفريدة والمعقدة التي يحاول المخرج والكاتب روبرت رودريغيز إيصالها. تساهم هذه الزوايا في تعزيز تقديم القصة وإيجاد تباين بين الواقع والتخيل بشكل فعّال. إن استخدام عدسات الكاميرا العميقة يغوص بنا في اللقطات ويساعد على تمييز العناصر الجوهرية في القصة.
يجد المشاهدون أنفسهم في تحدٍ مستمر لفهم اللحظات الغامضة والمحادثات العميقة، وهذا يعكس الأسلوب الفني والتوجه الذكي لروبرت رودريغيز في تقديم الحبكة الدرامية. حيث يعتمد على تفاصيل دقيقة وتركيز على الجوانب النفسية والعقلية، مما يجعل الفيلم مثيرًا للبحث والاستكشاف.
قاد المخرج والكاتب روبرت رودريغيز، المعروف بأعماله مثل “آليتا: محاربة الملاك” و”أربع غرف”، عملية إنتاج هذا الفيلم في مدينة أوستن بولاية تكساس، حيث اعتمد إلى حد بعيد على الجو والبيئة الفريدة التي توفرها المدينة. كي يتم التركيز أكثر على الأجواء والمكان من أجل نقل رسالته وأحداثه، وذلك بدلا من التركيز الرئيسي على القصة ذاتها.
تطرح أحداث الفيلم تساؤلًا إيحائيًا في عقل المشاهدين حول ما حدث لهذه المدينة الغريبة والملونة. هل كانت هذه المدينة حقًا موجودة من قبل؟ وتتابع هذه المشاهد وغموض اللقطات يجذب المشاهدين إلى عالم ميتافيزيقي. وتحديدًا من خلال تكرير الحقائق والإنجازات التي يحققها الشخصية الرئيسية، رورك.
يتعاون رورك مع ديانا كروز التي تؤدي دورها الممثلة أليس براغا، والتي يمكن وصفها بأنها عرافة رخيصة حسب تعبيره. تقوم ديانا بتوجيه رورك نحو الأبعاد الأكثر ظلمة في مدينة أوستن.
تتميز الحبكة الدرامية لهذا الفيلم منذ بدايتها بالغموض الذي يكتنف أوستن، المدينة التي لم يخطر في بال الشخصية الرئيسية رورك أبدًا أن يقوم بالتحقيق فيها. تتألق الصورة على نحو خاص من خلال التقنيات المبتكرة للتصوير التي تم استخدامها لجذب الانتباه نحو هذا السر الغامض. على الرغم من وجود بعض التشابهات الظاهرة بين هذا العمل وأعمال المخرج كريستوفر نولان البارزة، إلا أن “المنوم” يسلك مسارًا مختلفًا.
يقدم الفريق التمثيلي الممتاز، بقيادة الممثل الجذاب بن أفليك، أداءً رائعًا. ومع ذلك، يبدو أنهم لا يضيفون الكثير من الأبعاد والعمق إلى هذا العمل المثير للجدل. تتعرض أليس براغا بشكل مغري لبن أفليك وتقدم له كوبًا من ويسكي القمر الصافي، ثم تقدمه للمراقب التكساسي غير المعروف الذي يرتدي قبعة كاوبوي بيضاء وبدلة مُنسقة، وتُقدم له قهوته السوداء والكثيفة.
إذا كنت معجبًا بالمخرج رودريغيز، ربما تعجبك هذه اللمسات الشخصية الفريدة في شخصيات التنويم المغناطيسي، ولكن قد تكون مبالغًا فيها بعض الشيء. المزاج الفكاهي في بعض المشاهد ليس مثاليًا لجعله محبوبًا، بالمقارنة مع أداء الممثل دايو أوكيني في دور ريفر، الهاكر الذي يشعر بالقلق المفرط. دايو يقدم مشروب ماونتن ديو الذي صنعه بنفسه بعد تقديمه للوحة عقله المشوشة التي تربط كل شيء بفكرة التنويم، من بريكست إلى البابا. حيث يقول “إنها خلطتي الخاصة، وهي عضوية”، يفتخر ريفر بها بشدة بخصوص مشروبه الداي ديو الصناعي.
يرواح إيقاع الأحداث بين التسارع والإبطاء عن طريق تقنية الفلاش باك، إلا أنه يفتقر إلى التعمق والتفكير العميق الذي نجده في أعمال المخرج كريستوفر نولان المميزة.
يظهر هذا التناقض بجلاء في التصوير المبالغ فيه من الناحية البصرية وفي الحوارات الباردة التي تتداخل مع تعقيدات السيناريو. الفيلم يميل أيضًا إلى تمديد مدة المشاهد وزيادة تعقيد الحبكة بشكل زائد، ويبدو أنه يفعل ذلك لضمان عدم تفويت المشاهدين للتفاصيل المهمة.
التجربة تظل ممتعة ومثيرة إذا كنت تستمتع بعناصر السينما البسيطة والمألوفة التي تتجلى في هذا العمل الذي يمتلك لمسة خفيفة من الجودة السينمائية. ستبتسم بالتأكيد عندما يقدم بن أفليك أسطرًا مثل “هل أنا قمت بكل هذا من أجل التنويم؟”.
يظهر أسلوب المخرج في هذا العمل من خلال استخدامه للزوايا التصويرية الواسعة والعدسات العميقة على نحو بارع. حيث يهدف إلى توجيه انتباه المشاهدين وتعزيز التباين بين الواقع والعوالم الأخرى التي تستكشفها الشخصيات. ينشئ هذا الأسلوب جوًا غامضًا وغريبًا يثير تشويق المشاهدين واستغرابهم. ومن خلال التصوير والإخراج الصوتي، يقوم المخرج ببناء أجواء سينمائية فريدة تضيف عمقًا إلى الحبكة وتجعل القصة أكثر تعقيدًا.
يظهر المخرج أيضًا جرأة في استخدامه للزمان والمكان لنقل رسالته، حيث يتجاوز الحدود التقليدية للسينما من خلال تحدي الجمهور لفهم اللحظات الغامضة والمحادثات غير المفهومة. ويعزز هذا الاستخدام الجريء أيضًا تأخير استعراض المشاهد وتمديد تطوير الحبكة بقدر ما يلزم، وذلك للحفاظ على اهتمام الجمهور بالإشارات والمفاجآت الواضحة.
إنها تجربة معقدة نفسيا ولكن على نحو إيجابي، على الرغم من أنها قد تحمل مخاطر درامية حيث تمنح الأولوية لأداء متميز وأحداث غير تقليدية تأخذ الجمهور خارج حدود التوقعات المألوفة. قد لا يكون الفيلم ذكيًا أو معقدًا بما يكفي ليفتح آفاق تأمل عميقة، ولكنه يقدم تجربة ممتعة بأسلوبها الخاص والمثير ويلقي المشاهدين في عالم مليء بالإثارة والتفكير.
main 2023-10-10 Bitajarodالمصدر: بتجرد
كلمات دلالية: هذا العمل من خلال
إقرأ أيضاً:
عالم “الجربندية” السياسية
عالم "الجربندية" السياسية
مندوحة التدخل الاممي - لفصل القوات أم اعادة إنتاج الفوضى؟
كتب الدكتور عزيز سليمان أستاذ السياسة والسياسات
من عجائب التفسيرات السياسية التي طفت على السطح في الأزمة السودانية، حديث البعض عن ضرورة تدخل أممي لفصل قوات (الجنجويد) مليشيا الدعم السريع المتصارعة على البلاد عن الجيش السوداني، وكأن الواقع المعاش يقتصر على صراع متكافئ بين جهتين شرعيتين. في الحقيقة، الجيش السوداني هو المؤسسة الوحيدة المنوط بها حماية الوطن والمواطن وان قصَّرت، بينما تمثل (الجنجويد) مليشيا الدعم السريع نموذجاً سافراً للخروج عن القانون والوحشية السافرة، أُسست على الفوضى وأصبحت أداة تخريبية تهدد وحدة السودان واستقراره.
واقع النزوح ومفهوم الأمان
تحدث غريزة الإنسان عندما يبحث عن الأمان في خضم الصراعات. المواطن السوداني لم يُخدع بجدليات أو دعايات سياسية؛ بل اختار البقاء تحت حماية الجيش في المناطق التي يسيطر عليها، بينما أجبرته غارات (الجنجويد) مليشيا الدعم السريع الوحشية على الهروب من قراهم ومدنهم. المناطق التي اجتاحها الجنجويد أُفرغت من سكانها، وتحولت إلى ساحات للنهب والتدمير، بينما لجأ المواطنون إلى معاقل الجيش حيث شعروا بأن حقوقهم الأساسية في الحياة والأمان ما زالت محفوظة.
في هذه الصورة القاتمة، يأتي طرح "فصل القوات" كفكرة تتناقض مع الواقع. كيف يمكن فصل جيش وطني عن مليشيا خارجة عن القانون؟ هل يعقل أن يُطلب من الدولة التي يهاجمها العدو أن تتخلى عن أحد أبرز أدوات دفاعها الشرعية بحجة "التدخل الإنساني"؟ ومندوحة علاقة المؤسسة العسكرية بسناء حمد او علي كرتي؟
فخ التدخل الأممي وأهدافه المستترة
التاريخ الحديث يفضح غايات التدخلات الأممية في أزمات مشابهة. يُقدم التدخل دائماً تحت عباءة "حماية المدنيين"، لكنه ينطوي غالباً على مصالح سياسية واقتصادية تخدم أطرافاً غير محلية. في الحالة السودانية، فإن فصل القوات سيؤدي إلى تحقيق مكاسب استراتيجية (للجنجويد) الدعم السريع
إضفاء شرعية ضمنية
وضع المليشيا في نفس الكفة مع الجيش يساوي بين الجاني والضحية، ويعطيها مساحة للمناورة السياسية.
تعزيز الاستعداد العسكري
وقف العمليات القتالية سيوفر للجنجويد فرصة لإعادة التموضع والتخطيط لمزيد من الهجمات.
تقويض الدولة السودانية
التدخل الأممي سيضعف سيطرة الجيش على الأرض، مما يفتح الباب أمام فوضى أكبر، ويضعف السيادة الوطنية ويفتح بوابة "تقرير المصير" والتقسيم المرئي..
لقد كشفت الأحداث الأخيرة، مثل الهجوم بالطائرات المسيرة على عطبرة المزدحمة بالنازحين، الوجه الحقيقي (للجنجويد) الدعم السريع عدوٌ للمواطن والوطن. فكيف يمكن أن يُبرر أي تدخل أممي من شأنه منح هذه المليشيا فرصة إضافية لإثارة الفوضى والتنكيل بالمواطن المراد حمايته؟
المخرج الحقيقي للأزمة
بدلاً من الوقوع في فخ التدخل الأممي، يجب على السودانيين والمجتمع الدولي اعتماد خطة محكمة تستند إلى حقائق الأرض ومصلحة السودان، تشمل:
تصنيف مليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية
المجتمع الدولي مطالب بإعلان هذه المليشيا عدواً للإنسانية نظراً لما ترتكبه من جرائم بحق المدنيين
تعزيز دور الحكومة المؤقتة بتعيين رئيس وزراء مدني لتشكيل حكومة حرب وتولي الجيش تطهير البلاد من المليشيا:
يجب أن تكون حكومة السودان المؤقتة، بالتعاون مع الجيش، الطرف الوحيد المخوَّل بالتعامل مع الأزمة مع ان الدعم الدولي ينبغي أن يتوجه لتقوية هذه الحكومة، لا الالتفاف عليها.
تطبيق استراتيجية الشعب المسلح:
بدلاً من النزوح، يجب تمكين السودانيين من الدفاع عن أنفسهم عبر تسليح المدنيين في المناطق التي تتعرض لهجمات المليشيات، بما يحمي أرواحهم وممتلكاتهم دونما التعدي او الهجوم على قوات للمليشيا حيث الهجوم وحسم التمرد المليشي هو من صميم عمل المؤسسة العسكرية.
إقامة ممرات إغاثة داخلية تحت إشراف الدولة:
تقديم المساعدات الإنسانية لا يجب أن يكون بوابة لتدخلات سياسية؛ يمكن إنشاؤها وإدارتها تحت إشراف مباشر من الحكومة السودانية وبالتنسيق مع منظمات دولية ملتزمة مع كامل الشفافية
استراتيجية حسم عسكرية مدعومة دولياً:
الحل الأمثل لفصل القوات يكمن في دعم الجيش لإنهاء التهديد الذي تمثله المليشيا، وليس في تحييده أو إضعافه عبر سياسات التدخل المضللة وتدخلات ديبلوماسية “الجربندية".
العدالة وسد أبواب الفوضى
يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية تاريخية تجاه السودان؛ ليس عبر فرض الحلول من الخارج، بل عبر دعم الشعب السوداني لتحقيق تطلعاته في السلام والاستقرار عبر السماع لمن يمثلون الكتلة الحرجة وليس واضعي اليد عليها وحدهم. يجب أن تكون الأولوية لإنهاء الجرائم ومعاقبة مرتكبيها، لا في تعزيز توازنات مختلة على حساب الضحايا
ختاما: فصل القوات في سياق السودان الحالي ليس حلاً؛ بل هو دعوة مستترة لإعادة إنتاج الفوضى وتثبيت أركان التمرد ونفق في اخره ضوء تقسيم للوطن العزيز.
إذا أراد العالم حقاً أن يساعد السودان، فعليه دعم الشرعية الوطنية والجيش السوداني، والعمل على إنهاء خطر المليشيات بصفته الشرط الأول لتحقيق السلام والتنمية واعمال مبدا مسؤولية الحماية
R2P
تحت اشراف الحكومة المشار اليها انفا.
quincysjones@hotmail.com