فيلم لن ينقذك أحد.. عودة ذكية إلى زمن السينما الصامتة
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
كانت السينما في بداياتها صامتة، واعتمدت بشكل أساسي على حركة الكاميرا وأداء الممثلين في حكي قصصها، ثم ظهر الصوت، ليعطي صنّاع الأفلام أداة سينمائية كانت حينها أقرب للمعجزة، لكن مخرجا عظيما مثل تشارلي تشابلن ظن أن الحوار ما هو إلا إفساد لنقاء هذا الفن، فاستمر في صنع الأفلام الصامتة لسنوات مراهنا على جمهور ما زال يتذوق الصورة بدون مساعدات خارجية.
ورغم وجهة نظر تشابلن، استمر الصوت في السينما، بل تطور، فلم يعد يقتصر على الحوار، فضم موسيقى ومؤثرات صوتية، وأصبح فرعا في حد ذاته يعزز من جماليات الأفلام.
إلا أن عام 2023، شهد عرض الفيلم "لن ينقذك أحد" (No One Will Save You) الذي لا يحتوي سوى على جملة حوارية واحدة، ومع ذلك كان أحد أكثر الأفلام مشاهدة على أي منصة إلكترونية خلال أول أسبوع من عرضه.
فلماذا وقع المشاهدون في حب غير المألوف في زمن تضج فيه الأفلام السينمائية من كثرة الأصوات؟
"لن ينقذك أحد".. فن عدم الحاجة للحوارتبدو قصة فيلم "لن ينقذك أحد" أقرب للكلاسيكية؛ بطلة تعيش حياة تبدو مستقرة. لكن هذا الوضع يتغيّر عندما ياتي للشخصية الرئيسية نداء المغامرة، ويتمثل هنا في هيئة غزو فضائي يستهدف سكان الأرض بأكملهم، فترفض برين (كايتلين ديفير) النداء، وتحاول الهرب، ولكنها في النهاية تستجيب، تدافع عن نفسها، وعن الأرض التي تمثل موطنها.
تتمحور أحداث الفيلم حول رحلة البطل للبحث عن سلام نفسي تفتقده برين التي نجمع قصتها على هيئة أحجية ينسجها المخرج والمؤلف بريان دفيلد.
وتبدو حياة برين لأول وهلة مثل صور تطبيقات "إنستغرام"، كل شيء مثالي وبراق في استعادة واضحة لأزياء وديكورات عقود سابقة، الأمر الذي لا يبدو فقط مجرد اختيار من البطلة لهيئة حياتها بل في المقتنيات يدوية الصنع التي تبيعها عبر الإنترنت، لكن حياتها شديدة البهاء والأناقة لا تبدو سعيدة، فهناك غطاء شفاف من العزلة يغطي كل شيء، يبدأ من تعلم البطلة الرقص وحيدة، وحتى زيارتها للمدينة الصغيرة ونظرات أهل البلدة المريبة نحوها.
تدرك برين أن أحدا لن ينقذها، فتحاول إيجاد حل لإنقاذ حياتها من الغزو الحالي، والذي جعل الجميع لا ينقلبون عليها فحسب، بل تسكن كائنات فضائية أجسادهم.
اختار بريان دفيلد أن يقدم فيلمه صامتا بلا حوار تقريبا، لكنه ليس خيارا متحذلقا يستعرض فيه قدراته الإخراجية، بقدر ما هو حاجة فنية تجعل هذا الصمت منطقيا، وتعكس مقدار عزلة ووحدة البطلة.
غياب الكلمات في فيلم "لن ينقذك أحد" لم يكن حالة تتطلب الملاحظة، بل هو جزء منطقي من نسيج الفيلم، فالشخصية الرئيسية تواجه الخطر وحدها، في منزل ناءٍ، بينما الخطر نفسه لا يتحدث بلغتها، فمع من تتحدث بالأساس؟
تم تعويض غياب الحوار بالأداء الممتاز للممثلة ذات الـ27 عاما كايتلين ديفر، التي مثلت إعادة إحياء لبطلات السينما الصامتة مثل ليليان جيش وماري بيكفورد بملامح وجهها ونظرات عيونها التي تعكس كل مشاعرها، من الحزن والقلق إلى الرعب والذعر.
يشير الفيلم طوال الوقت إلى صدمة كبيرة تعرضت لها البطلة (آي إم دي بي) هل نرى بالفعل ما نراه؟قال الفيلسوف الإيطالي بينيديتو كروتشه في كتابه "المجمل في فلسفة الفن"، إن الفنان "إنما يقدم صورة أو خيالا، والذي يتذوق الفن يدور بطرفه إلى النقطة التي دله عليها الفنان، وينظر من النافذة التي هيأها له، فإذا به يعيد تكوين هذه الصورة في نفسه ولا فرق هنا بين الحدس والرؤيا والتأمل، والتخيل والخيال، والتمثل، والتصور وما إلى ذلك، فتلك جميعا مترادفات تتردد باستمرار حين نتحدث عن الفن، وتنهض بالفكر إلى مفهوم واحد أو إلى منطقة واحدة من المفاهيم، مما يدل على اتفاق عام".
يتلاعب فيلم "لن ينقذك أحد" بالحد الفاصل بين الحقيقة والوهم؛ فبينما يدلف المشاهد إلى عالم برين المثالي، ويشاهد العزلة التي تعيشها بسبب نبذ أهل البلدة، يتم التشكيك بسلامتها النفسية، الشك الذي يترعرع بعد الغزو الفضائي، والذي تضطر لمواجهته وحيدة.
ماذا يريد المخرج إخبار جمهوره؟ أن هناك غزوا حقيقيا، أم أنه ليس سوى جزء من خيالات وتوهمات البطلة؟
يعزز الهاجس الأخير هذا الصورة التي ظهرت عليها الكائنات الفضائية بشكلها الكلاسيكي للغاية ذي الرأس البيضاوي والعينين الكبيرتين على جانبي الوجه، لتبدو كما لو أنها وليدة خيال طفلة تربت على قصص الخيال العلمي.
ويسلط الفيلم الضوء على صدمة كبيرة تعرضت لها البطلة، أو ذنب اقترفته وأدى إلى وحدتها وحياتها المرسومة بدقة كما لو أنها تعيد إحياء قصص أميرات ديزني، لكنه لا يطلع متفرجيه على حقيقة هذه المأساة سوى قرب النهاية، الأمر الذي لا يشعر المشاهد بالراحة على الإطلاق، بل يجعله يعيد قراءة الأحداث ويزيده حيرة حول حقيقة كل ما يرى.
يتلاعب فيلم "لن ينقذك أحد" بهذا الحد الفاصل بين الحقيقة والوهم (آي إم دي بي)يوحي عنوان "فيلم لن ينقذك أحد" بأن البطلة تحتاج إلى منقذ خارجي يعينها في مصيبتها، ولكن مع تصاعد أحداثه حتى لحظة الذروة نجد أن المطلوب ليس إنقاذا خارجيا بل داخليا، أن تكسر البطلة الفقاعة الوهمية التي تعيش داخلها حياة تبدو كصورة من صور مواقع التواصل الاجتماعي الجميلة، وأن تعترف بما اقترفته، وتقول الجملة الوحيدة في طول الفيلم "أنا آسفة"، ثم تتصالح مع صدمة عمرها، وتفتح قلبها للعالم، أو تغلقه إلى الأبد.
وينتهي الفيلم بخاتمة محيرة، يمكن قراءتها بعدة طرق، وهذا يمثل جزءا من سحره الخاص، فهو ليس فيلما اعتياديا عن غزو فضائي، ومحاولة الشخصية الرئيسية مقاومته، أو فيلما متحذلقا يرغب في إعادة استخدام أدوات صناعة السينما، بل رحلة شخصية، كرحلة أي من المشاهدين في التعامل مع ماضي حزين، لها عدة نهايات، تبعا للزاوية التي ترى بها الوضع.
يعد فيلم "لن ينقذك أحد" المشروع الإخراجي الثاني لبريان دفيلد، وهو عمل حظي باهتمام المشاهدين والنقاد، وكذلك المشاهير مثل ستيفن كينغ، والمخرج غيلرمو ديل تورو، وينبئ عن مخرج قد يضفي نكهة مختلف على سينما الرعب.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
إليك قائمة بأفضل الأفلام لمشاهدة ممتعة في عطلة الشتاء
سواء كنت من محبي الكوميديا أو الإثارة والمغامرة الشيقة التي لا تُنسى، فإن عطلة الشتاء هي الوقت المثالي للتجمع مع أحبائك والاستمتاع بأفضل العروض. نقدم لك قائمة متنوعة من الأفلام والعروض التي تستعرض مجموعة من المواضيع المميزة، من رحلة الاكتشاف وتحقيق الذات، إلى العلاقات الأسرية، وقصص الحب، والبحث المستمر عن الحقيقة. لذا، استرخِ، وحضّر وجباتك الخفيفة المفضلة، ولنغوص معاً في هذه العناوين المثيرة، التي ستجعل شتاءك أكثر متعة!
إليك قائمة بأفضل الأفلام لمشاهدة ممتعة في عطلة الشتاءهذا الكريسماس (7+):
تتعرض مدينة صغيرة على شاطئ البحر لعاصفة ثلجية، تضفي سحرًا خاصًا على الأجواء، بينما تنكشف مجموعة من القصص العاطفية المؤثرة. ووسط العاصفة، تتداخل حكايات عن العائلة والصداقة والحب والروابط غير المتوقعة، ما يجعل هذا الكريسماس واحدًا من أروع الأعياد التي لا تُنسى.
ستوري بوتس (مناسب لجميع الأعمار):
انضم إلى طاقم من الروبوتات المبدعة، وهي تستكشف عجائب العالم، من سبب زرقة السماء إلى كيفية عمل الدماغ! مع مزيج من المرح التعليمي، والألحان الجميلة، والضيوف المشاهير. وتقدم هذه السلسلة الممتعة لجميع أفراد العائلة تجربة تعلم مسلية مناسبة لجميع الأعمار.
عالم كارما (مناسب لجميع الأعمار):
مستوحاة من حبه اللامحدود لابنته، يقدم الفنان الحائز جائزة «غرامي» والممثل المبدع، كريس بريدجز، المعروف بلقب «أبو البنت المخلص»، سلسلة ملونة مليئة بالموسيقى تعكس الفرح والمغامرة. فباستخدام إبداعه الفريد وإحساسه المرهف، يقدم بريدجز عرضًا حيث كل نغمة وكل لحظة تصبح تكريمًا للعائلة والمرح وسحر الطفولة.
إليك قائمة بأفضل الأفلام لمشاهدة ممتعة في عطلة الشتاءسحر موتاون (مناسب لجميع الأعمار):
بلمسة من فرشاته السحرية وألحان موتاون المفعمة بالحياة، يبعث الفتى المبدع بن روحًا جديدة في مدينته، محوّلاً الشوارع الباهتة إلى لوحات فنية نابضة بالألوان. فكل ضربة فرشاة وكل نغمة موسيقية تضيف بُعدًا من الإبداع والفرح إلى عالمه، مؤكدةً أن الفن والموسيقى قادران على تحويل الأشياء العادية إلى استثنائية.
ماتيلدا (7+):
تعرف على «ماتيلدا»، الفتاة الذكية ذات الخيال الواسع والرغبة الشديدة على تغيير واقعها. عندما تدفعها مديرة مدرستها القاسية إلى أقصى الحدود، وتساعدها قدراتها الاستثنائية على إعادة كتابة مصيرها في هذه الرحلة الخيالية المليئة بالأغاني.
سليب أوفير (10+):
في ليلة مليئة بالفوضى والتقلبات، يكتشف شقيقان سر والدتهما، التي طالما كانت تبالغ في حمايتهما: إنها لصّة ماهرة سابقة، وقد جُرّت مرة أخرى إلى عالم السرقة من أجل عملية أخيرة. وبشجاعة وعزيمة، ينطلقان في مهمة جريئة لإنقاذها، ومواجهة ماضٍ غامض لم يكن لديهما أدنى فكرة عنه.
إليك قائمة بأفضل الأفلام لمشاهدة ممتعة في عطلة الشتاءمهمة سحرية (7+):
عندما يتحول أهلها إلى وحوش مرعبة نتيجة لعنة مدمرة، تجد الأميرة الشابة نفسها مضطرة لخوض مغامرة ملحمية عبر أراضٍ برية محفوفة بالمخاطر. وفي عالمٍ يعج بالتحديات، هل ستتمكن من كسر اللعنة قبل أن ينفد الوقت، وتعيد السلام لمملكتها؟
كلاوس (10+):
في بلدة يغمرها البرد والظلام، يتشكل ارتباط غير متوقع بين ساعي بريد أناني، وصانع ألعاب منعزل. مع مرور الوقت، يُجبر الرجلان على العمل معًا، ليكتشفا أن الصداقة واللطف لهما قدرة سحرية على إضاءة القلوب المظلمة. وخلال هذه الرحلة، يجلبان الدفء والدهشة إلى مجتمع كان يفتقر إلى الفرح والنور، ليُعيدا له الأمل، ويثبتا أن القليل من الخير يمكن أن يغيّر الكثير.
الخلاط+ (13+):
في هذه الإنثولوجيا المثيرة، يكمن الخداع في كل زاوية. من حفل زفاف فاخر إلى مطعم راقٍ، ومن ملهى ليلي إلى المشرحة، وتتكشف الأكاذيب والخيانة في أكثر الأماكن غير المتوقعة. وفي عالم مليء بالمسارات المعقدة والوجوه المتلونة، هل ستتمكن الحقيقة من النجاة والظهور يومًا؟.. رحلة مليئة بالغموض والتشويق، تنتظركم في هذا العمل المثير!
إليك قائمة بأفضل الأفلام لمشاهدة ممتعة في عطلة الشتاءالبحث عن علا «الجزء الثاني» (13+):
يعود الموسم الثاني من هذه السلسلة الدافئة؛ ليُعيد علا إلى دائرة الأضواء، حيث تظهر أمامها فرصة عمل مغرية في فرنسا. وبينما تحاول الحفاظ على احترافيتها المهنية، تجد نفسها أمام تحدٍّ جديد: كيف ستتعامل مع مشاعرها تجاه رجل الأعمال الجذاب؟ هل ستتمكن من موازنة حياتها المهنية مع هذه المشاعر، أم ستؤثر تلك المشاعر على قراراتها؟