غزة يا ثورة الأحرار
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
حمد بن سالم العلوي
كنت حتى يوم أمس قد قررت أن استمر في سلسلة مقالاتي عن "سنيّ الضياع" وأن أؤجل الكتابة عن "طوفان الأقصى"، حتى تأتي الحمامة بغصن الزيتون، ولكن استفزتني بعض التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك من يترحم على أطفال غزة وهذا واجب بالطبع، ولكن ينسب المسؤولية في ذلك إلى الضحية، وليس إلى الصهاينة المُجرمين المُعتدين، الذين يقصفون مساكن الناس الآمنين بالصواريخ والطائرات، ويدمرونها بمن فيها على رؤوس ساكنيها، والفلسطينيون هم المعتدى عليهم، والمسلوبة أرضهم من قبل هذا المحتل الغاصب، وليس العكس نغض الطرف عن المعتدي.
قد لا نلوم الضعفاء وعامة القوم، فقد يكونون قد تلوثت مسامعهم بما يُردده خونة الأمة العربية، واختلط عليهم الحابل بالنابل، فكرروا ما سمعوا كالببغاوات، ولكن عندما تسمع هذه التعليقات من المثقفين والنخبة في المجتمع العربي، يصعب عليك فهم مصدر هذا الخذلان الفج، وأنت تعلم يقينًا أنهم يعلمون أن أرض فلسطين أرض عربية، ومحتلة من قبل اليهود المجرمين، وأن هؤلاء اليهود الصهاينة، وعلى مدى 75 عامًا، وهم يشردون وينكلون ويقتلون في الشعب الفلسطيني، وأنهم يدنّسون المسجد الأقصى، ويضربون النساء والأطفال دون رحمة أو شفقة، وعلى مرأى ومسمع من العالم كله، ولا يرف لأحد رمش عليهم.. سبحان الله كيف تقلب الموازين؟!
وقد تجد لقطة فيديو لطائرات هليكوبتر يتم إسقاطها بصواريخ سام كما يقول التعليق، وتُعيد نشرها اعتزازًا بعمل المقاومة، فتجد من ينكر ذلك عليك، ويزعم أنها لعبة إلكترونية، وقد تجد تصريحاً على منصة "X" (تويتر سابقًا) للزعيم فلاديمير بوتين الرئيس الروسي، يقول فيه إن روسيا ستقف علنًا مع الشعب الفلسطيني، إذا تدخلت أمريكا في المعركة، لتجد فجأة من يُشكك في ذلك أو ينفيه نيابة عن مصدره، فتتساءل أليس من واجب روسيا أن تقوم هي بنفي الخبر أو تصححه؟!
أما إذا كان الكلام منسوبًا للرئيس الأمريكي أو الفرنسي أو أي من الزعماء الأوروبيين، فيصرح بتصريح يدين فيه المقاومة الفلسطينية، ويتهمها بالإرهاب والاعتداء على الصهاينة، فتجد هؤلاء يسارعون في نشر الخبر، بهدف إرهاب وإرعاب القوى الفلسطينية، ومن يقف موقفهم أو يؤيدهم، فينشروه دون تردد، ويضيفون عليه بعض العبارات التي تضخم من الخبر، وقد نسوا أو تناسوا، أن الشعب الفلسطيني، هو المنكل به والمهدورة دماؤه وحقوقه، وأن الذي يقوم به هو أبسط البسيط لحقوقه.
ألم يرَ هؤلاء السفهاء، أن المسجد الأقصى قد دنس بقطعان اليهود؟! وأن حرائر فلسطين يتم ركلهن بأقدام اليهود على أبواب المسجد، وأن الأطفال يقادون إلى السجون، وكأنهم من عتاة المجرمين، وتكسر أطرافهم بأوامر من مسؤولي عصابة بني صهيون.
إن الذين استطاعوا أن يكوِّنوا هذه القوة العظيمة في سراديب تحت الأرض، هم مجرد سكان حارة (بلدة غزة) وإن الذين يحاربونهم أصحاب دولة عسكرية قوية، سبق لها وأن قهرت جيوش دول عربية، إذن هؤلاء القوم عملوا بالتوجيه الرباني لقوله تعالى: "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ" (الأنفال: 60). بالطبع طبقت هذه الآية حرفيًا ويظل النصر من عند الله عز وجل، وقادوا هذا الهجوم صبيحة يوم 7 أكتوبر، ولم تخيفهم القوة الإسرائيلية، ولم تردهم أو تردعهم أسوارها الأمنية والعسكرية الرهيبة، ولا رشاشاتها ومدافعها التي تعمل آليًا، وقد نفذوا هجومًا مباغتًا برًا وجوًا وبحرًا على كتائب ومعسكرات، وجيش مسلح في مستعمرات حربية، ولن تخيفهم أمريكا بأساطيلها الهرمة، ولا أوروبا المنافقة.
أمَّا حاملة الطائرات الأمريكية جيرالد فورد التي تحمل الرقم 78 والتي أرسلت لتقديم الدعم لإسرائيل، فستسكن هي ورقمها السبعيني في قاع البحر الأبيض المتوسط، وهذا الرقم يمثل الشؤم لليهود، وستقيم في قاع البحر ما أقام جبل عسيب في نجد كما قال الشاعر: أمرؤ القيس وهو يرثي نفسه حيث قال:
"أجارتنا إن الخطوب تنوبُ // وإنيّ مقيمٌ ما أقام عسيب
أجارتنا إنا غريبان ها هنا // وكل غريبٌ للغريب نسيبُ"
وأقول للذين رقّت قلوبهم على أطفال غزة، ولم ترق قبل ذلك على أطفال فلسطين، كمحمد الدرة الذي قتل بدم بارد في حضن أبيه، وغيره من الأطفال الذين ينكل بهم وبأهلهم يوميًا، ولم تهتز لكم شعرة عليهم، إن فلسطين ولولا خيانات بعض العرب لها، لما ظلت محتلة كل هذا الوقت، ولم يهب لنجدتهم إلا الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
الذين يظنون بعبثية المقاومة، نقول لهم: لقد أُعطي لكم الوقت الكافي لتفعلوا أنتم شيئًا، ومرت لحد الآن 75 عامًا، ولم يتبقَ من فلسطين إلا قطاع غزة بمساحة تقدر بـ45 كم2 وهي مجرد سجن كبير يحاط بالشباك، والأسوار العظيمة، ويحيط بها جيش الصهاينة من كل مكان، ومعظم سكانها مطلوبون للإعدام، إما بالاغتيالات أو بالقصف بالطائرات والسفن الحربية أو بالصواريخ بعيدة المدى، وقد نُفذ الإعدام في عدد كبير منهم حتى تاريخه، فهل تريدونهم أن يسلموا أنفسهم بأنفسهم للجزارين، أم يختاروا المواجهة مع العدو فإما الشهادة أو النصر، لقد عملوا بنصيحة الشاعر الفلسطيني الذي قال:
سأحمل روحي على راحتي // وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسرُّ الصديق // وإما مماتٌ يغيظ العدى
إن العدو الصهيوني تكبد خسائر عظيمة لم يشهد لها مثيل؛ منذ حرب 6 أكتوبر عام 1973، وإذ يتألم قطاع غزة من القصف الهمجي، فلهم العوض عند الله في الجنة بإذنه تعالى، وقد طمأن الله عباده بقوله تعالى: "وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" (النساء 104)..
هذه بشرى من الله لعباده الصالحين، بينما لم يعد الظالمين إلّا بعذاب جهنم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
من هم القادة الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية؟
منذ إنشائها، أصبحت المحكمة الجنائية الدولية منصة رئيسية لمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. وبينما نجحت في تقديم بعض القادة إلى العدالة، فإن آخرين ما زالوا بعيدين عن المحاسبة، في مواجهة نظام عالمي تسوده التعقيدات السياسية والقانونية.
اعلانفي هذا التقرير، نسلط الضوء على أبرز قادة صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية:
1. نتنياهو وغالانتفي تطور لافت خلال نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت. التهم تتعلق بجرائم ارتُكبت خلال العمليات العسكرية الأخيرة في غزة، تشمل استهداف المدنيين واستخدام التجويع كوسيلة حرب. شددت المحكمة على أهمية هذه المذكرات لضمان حماية الضحايا ومساءلة المسؤولين.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في الوسط، يتحدث إلى وزير الدفاع يوآف غالانت، إلى اليسار، في القدس، الاثنين، 28 أكتوبر 2024APRelatedهآرتس: أيام ويصدر قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت.. لكن لن يكون سلبيًازلزال سياسي: المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال في حق نتنياهو وغالانتالمحكمة الجنائية الدولية تفتح تحقيقًا ضد كريم خان بسبب "سلوك غير لائق".. ما القصة؟بريطانيا تسحب اعتراضها على مذكرة الاعتقال الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو2. بوتين وقضية أطفال أوكرانياانضم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى قائمة المطلوبين دوليًا في مارس 2023. تضمنت الاتهامات ترحيل أطفال ونقل سكان أوكرانيين قسرًا إلى روسيا خلال النزاع. رفضت روسيا التهم ووصفتها بأنها "ذات دوافع سياسية"، مؤكدة عدم تعاونها مع المحكمة.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسجل خطاباً متلفزاً في موسكو، روسيا، الخميس 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024AP3. عمر البشير.. ملف دارفور العالقاكان لرئيس السوداني السابق عمر البشير من أوائل القادة الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال أثناء وجودهم في السلطة. في 2009، اتُهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب في دارفور. ورغم الإطاحة به، لم يتم تسليمه بعد إلى المحكمة، وسط استمرار الجهود الدولية لمحاسبته.
الرئيس السوداني عمر البشير يحضر مراسم استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في القصر الرئاسي في أنقرة، تركيا، 9 يوليو 2018AP4. ميلوسوفيتش.. محطة مفصلية في العدالة الدوليةواجه الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش تهمًا تتعلق بالتطهير العرقي خلال حروب البلقان. بدأت محاكمته في لاهاي التي مثلت مرحلة بارزة في تاريخ المحاكمات الدولية، لكنها انتهت بوفاته داخل السجن قبل صدور الحكم النهائي.
الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش يشير بيده أثناء محكمة جرائم الحرب التابعة للأمم المتحدة في لاهاي, 14 فبراير/شباط 2002 AP5. قضايا بارزة من إفريقيا وآسيالوران غباغبو: رئيس ساحل العاج السابق واجه اتهامات بالقتل والاغتصاب خلال أزمة 2010، لكنه نال البراءة لاحقًا.تشارلز تايلور: الرئيس الليبيري السابق أُدين بتقديم دعم للمتمردين في سيراليون وحُكم عليه بالسجن 50 عامًا.سيف الإسلام القذافي: نجل الزعيم الليبي الراحل لا يزال مطلوبًا بتهم ارتكاب جرائم خلال الثورة الليبية في 2011.سيف الإسلام بعد القبض عليه في قبضة المقاتلين الثوريين في الزنتان، وهي بلدة تقع جنوب العاصمة طرابلس، ليبيا، 19 نوفمبر 2011AP6. قادة آخرون مستهدفون بمذكرات اعتقالأوهورو كينياتا (كينيا): الرئيس الكيني السابق كان قد واجه اتهامات تتعلق بالتحريض على العنف بعد الانتخابات الرئاسية في 2007، لكن المحكمة أسقطت التهم في 2014 بسبب نقص الأدلة.
رادو دانيلوفيتش (البوسنة والهرسك): القائد العسكري الصربي متهم بالمشاركة في مجزرة سريبرينيتسا التي أسفرت عن مقتل أكثر من 8,000 مسلم بوسني في 1995. ورغم إصدار مذكرة اعتقال بحقه في 2011، تم القبض عليه في 2015 وحُكم عليه.
فرانسوا بوزيزيه (جمهورية أفريقيا الوسطى): الرئيس السابق لجمهورية أفريقيا الوسطى متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية أثناء فترة حكمه، وتواصل المحكمة ملاحقته.
رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فرانسوا بوزيزي يتحدث إلى وسائل الإعلام في القصر الرئاسي في بانغي، جمهورية أفريقيا الوسطى، 8 يناير/كانون الثاني 2013Ben Curtis/APرغم دورها الحاسم في ملاحقة مرتكبي الجرائم الكبرى، تواجه المحكمة تحديات قانونية وسياسية تعيق تنفيذ مذكرات الاعتقال. مع ذلك، فإن إصدار هذه المذكرات يبعث برسالة قوية: الإفلات من العقاب لن يظل مقبولًا. قد تتأخر المحاسبة، لكنها تظل هدفًا يطمح المجتمع الدولي إلى تحقيقه.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "من سيناديني ماما الآن؟".. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة بعد غارة إسرائيلية على غزة تجدد القصف الإسرائيلي على غزة وضاحية بيروت الجنوبية.. ودعوات دولية لاعتقال نتنياهو وغالانت الحرب بيومها الـ411: استمرار القتل في غزة ومصرع 36 في قصف إسرائيلي على تدمر ونعيم قاسم يهدد تل أبيب فلاديمير بوتينلاهاييوآف غالانتسيف الإسلام القذافيبنيامين نتنياهوالمحكمة الجنائية الدوليةاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. الحرب بيومها الـ413: قتلى وجرحى في غزة وتل أبيب تبحث خطةً لتعطيل مذكرة الاعتقال وحزب الله يقصف حيفا يعرض الآن Next ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من المنصب.. ماذا نعرف عنها؟ يعرض الآن Next ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد أوكرانيا؟ يعرض الآن Next كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة.. محاولات ومحاذير من إعادة زراعته يعرض الآن Next المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان.. ويدرس تحولات القطاع المصرفي اعلانالاكثر قراءة زلزال سياسي: المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال في حق نتنياهو وغالانت حدث "هام" في منطقة الأناضول.. العثور على قلادة مرسوم عليها صورة النبي سليمان سحابة من الضباب الدخاني السام تغلف نيودلهي: توقف البناء وإغلاق المدارس اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما حب وجنس في فيلم" لوف" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29قطاع غزةإسرائيلروسياضحاياالحرب في أوكرانيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بنيامين نتنياهوالذكاء الاصطناعيدونالد ترامبصاروخقصفالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024