المشروع الفكري لـطه حسين «2»
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
فكر طه حسين كان فكرًا نقديًّا مثيرًا للجدل حتى فيما يتعلق بموقفه من التراث، وهو ما أدى إلى خلق صورتين متباينتين لدوره في الثقافة العربية: فهو يبدو أحيانًا ذلك المارق الهادم لمقدسات الذاكرة الجماعية للأمة، ويبدو في أحيان أخرى ذلك المفكر التنويري الذي يعد رائدًا للعقل الحداثي النقدي في الفكر والأدب. ولكننا ينبغي أن نضع الفكر النقدي لطه حسين موضع النقد أيضًا.
معظم فصول هذا الكتاب مكرسة لرؤية طه حسين للتعليم، وحوالي ثلثه مكرس لرؤيته للثقافة. ولا مراء في أن طه حسين قد سعى إلى إصلاح التعليم من خلال رؤية تنويرية ليبرالية باعتباره مفكرًا وباعتباره سياسيًّا مسؤولًا شغل منصب عميد كلية الآداب، بل وزير التعليم في مصر. أما ما كان يطالب به طه حسين لإصلاح التعليم، فقد نجح في تحقيق بعضه حينًا من الدهر، ولكنه ما لبث أن تراجع من بعده، حتى إنه ليبدو الآن مطلبًا ملحًّا من جديد، ويمكن إيجاز أهم هذه المطالب فيما يلي:
- التأكيد على مجانية التعليم باعتباره حقًّا طبيعيًّا كالماء والهواء، وفي هذا المطلب تأكيد دور الدولة في توفير التعليم ورعايته بالنسبة إلى كل المواطنين؛ ومن ثم التأكيد على ديمقراطية التعليم وتكافؤ الفرص بالنسبة إلى المتعلمين.
- تطوير برامج التعليم، واستحداث التخصصات العلمية المتجددة، والعناية بتطوير الدراسات العليا والبحوث.
- التأكيد على أن الامتحانات وسيلة وليست غاية، وتلك- لعمري- حكمة بالغة نحتاج إليها في أيامنا هذه التي ينشغل فيها أفراد قاموا على شؤون جودة التعليم في بلداننا، فتراهم ينشغلون بنوع الأسئلة وأساليب قياسها كميًّا، بل بتقديم إجابات نموذجية عن الأسئلة!، وغير ذلك من الصغائر التي لا تمت لجودة التعليم بأية صلة، وكأن هذا هو المراد من رب العباد.
- تعليم اللغات، وإعداد جيل من العلماء. ولا ينبغي أن ننسى في هذا الصدد أن طه حسين قد عُني بتأسيس الدراسات التاريخية، فضلًا عن عنايته بإنشاء قسم الدراسات الكلاسيكية التي تُعني باللغات والآداب اليونانية والرومانية القديمة.
- الاهتمام بشؤون المعلمين، وبتكوين جيل من المعلمين الأكفاء، وهو ما يقتضي رفع رواتبهم بما يضمن حياة كريمة لهم؛ ولهذا ينبغي ربط درجات أعضاء هيئة التدريس بدرجات رجال القضاء والنيابة. ولقد تحقق مطلب طه حسين بمرور الأيام حتى بتنا نرى رجال القضاء أنفسهم بعد رحيله يطالبون- في عصر السادات- بمساواتهم بأعضاء هيئة التدريس. ولكن الآية انقلبت بعد ذلك، حتى بتنا نجد هوة شاسعة بين رواتب ومزايا القضاة المرتفعة في مقابل نظيرها المتدني لدى هيئات التدريس في الجامعات، ناهيك عن هيئات التدريس بالمدارس الحكومية. وفي ذلك أبلغ دليل على مكانة المعلمين المتدنية في المجتمع والدولة.
ومن هذا نرى أهمية التعليم في المشروع الفكري لطه حسين، باعتباره السبيل لنهضة الأمم والشعوب؛ فالتعليم عنده ميزة كبرى تمتاز بها شعوب على غيرها، وفي هذا فليتنافس المتنافسون. ولكننا ينبغي أن نتساءل عن دور التعليم في تأسيس الثقافة والهوية في فكر طه حسين، فهنا يصبح موقفه موقفًا إشكاليًّا؛ لأنه يلجأ هنا مرة أخرى إلى «مبدأ المقايسة»، أعني قياس الثقافة التي ينبغي أن نتطلع إليها على نموذج الثقافة الأوروبية. وربما يقول البعض هنا: وما الإشكال في هذا؟ لقد استفادت الحضارة اليونانية من الحضارات السابقة عليها، وعلى رأسها الحضارة المصرية القديمة، فما الذي يمنعنا الآن من أن نستفيد بدورنا من الحضارة الأوروبية الحديثة: حضارة البحر المتوسط التي تربطنا جميعًا؟! والواقع أن طه حسين في كتابه «مستقبل الثقافة في مصر» حاول البرهنة على العلاقة الوثيقة بين «العقل المصري» و «العقل اليوناني»، وعلى ما هنالك من تشابه بين العقل الإسلامي والعقل الأوروبي: فكلاهما نتاج للحضارة اليونانية بفلسفتها والحضارة الرومانية بآدابها وفقهها، فضلًا عن المكون الديني في كل منهما. ولا مراء فيما هنالك من صلات بين الحضارة اليونانية والحضارة المصرية القديمة من جهة والحضارة الإسلامية نفسها فيما بعد، ولكن التلاقح بين الحضارات والثقافات لا يمكن أن يعني إمكانية تماهي إحداهما مع الأخرى؛ ولذلك فإننا تستولي علينا الدهشة الممزوجة بالاستنكار حينما نجد أن طه حسين يطالبنا بأن «نتعلم كما يتعلم الأوروبي، ونشعر كما يشعر الأوروبي، لنحكم كما يحكم الأوروبي ونعمل كما يعمل..»
وعلى هذا يمكننا القول بأن طه حسين لم يؤسس لمشروع ثقافي قائم على الشعور بالهوية والاختلاف، وإنما لمشروع يقوم على المطابقة مع الآخر. وقد سار على هذا النهج كثير من رواد المشروعات الإصلاحية أو النهضوية في ثقافتنا المعاصرة، وغلبت على مواقفهم نزعة التوفيق أو التلفيق بين الثنائيات» كمفهومي الأصالة والمعاصرة، والتراث والتحديث، وما إلى ذلك.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التعلیم فی ینبغی أن فی هذا
إقرأ أيضاً:
مرتضى منصور يهاجم حسين لبيب: أنا خيري على الزمالك
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شن مرتضى منصور، الرئيس الأسبق لنادي الزمالك، هجومًا لاذعًا على مجلس إدارة النادي الحالي برئاسة حسين لبيب، متناولًا العديد من الملفات والقضايا التي يرى أنها تستدعي تدخلًا عاجلًا من وزير الشباب والرياضة.
وعقد المستشار مرتضى منصور مؤتمرًا صحفيًا، اليوم الخميس، للحديث عن أهم القضايا التي تخص نادي الزمالك، والأزمات التي يعاني منها خلال الفترة الحالية.
تصريحات مرتضى منصورواستهل منصور تصريحاته بالتأكيد على ثوابته قائلًا: «3 حاجات فقط هما اللي بيهموني ديني ووطني مصر ونادي الزمالك».
مرتضى منصور - حسين لبيبوشدد مرتضى منصور على وجود الكثير من المشكلات التي يجب أن يتدخل بها وزير الرياضة من أجل حل مشكلة مجلس إدارة نادي الزمالك، مؤكدً أن "الزمالك بيشجعه ملايين من الناس".
وزعم منصور أن الجمعية العمومية تم تهديدها من أجل انتخاب حسين لبيب ومجلس إدارته، دون تقديم تفاصيل إضافية حول هذه الادعاءات.
وأضاف رئيس نادي الزمالك السابق بلهجة حادة: «الزمالك كان من أقوى المؤسسات الرياضية في مصر والعالم العربي وانهارت ويجب محاسبة كل من قام بتعيين مجلس الإدارة الحالي من قبل وزير الرياضة والمسؤولين»، موجهًا نداء مباشرًا للجهات المعنية: «أنا بناشد الجميع أنهم لا بد لهم من التدخل من أجل حل تلك المشكلة».
مرتضى منصورمرتضى منصور وحسين لبيبوتطرق مرتضى منصور إلى مقال للكاتب الصحفي كرم جبر، قائلًا: «كرم جبر كتب مقالًا بيطالب حسين لبيب يستفيد مني، لكن أخبروني كيف لي أن أجلس مع شخص قام بتدمير نادي الزمالك؟ أنا خيري على الزمالك ودفعت 200 مليون في النادي، ولم أكن مثل ممدوح عباس».
وفي سياق آخر، كشف منصور عن وجود مذكرة للعرض على اللجنة الأولمبية المصرية وطلباتها نقل جميع أنشطة النادي الرياضية خارج نادي الزمالك، مشيرًا إلى أن هناك توقيعًا من نائب رئيس مجلس إدارة النادي على هذا الأمر.
ويعاني نادي الزمالك حاليًا من فترة إيقاف للقيد؛ بسبب مستحقات متأخرة للاعبه المغربي السابق خالد بوطيب، حيث أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، أمس الأربعاء، منع القلعة البيضاء عن القيد حتى يتخلص من القضايا والشكاوى ضده.
كما ودع الزمالك مؤخرًا بطولتي كأس الكونفدرالية الأفريقية، بجانب خروجه من دور المجموعات لبطولة كأس عاصمة مصر.