هجوم حماس المُفاجئ على إسرائيل يغير قواعد المواجهة
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
قال الدبلوماسي الأمريكي المتقاعد ريتشارد سينديلار إن الإخفاق المخابراتيّ الإسرائيلي الذي لن ينساه أحد قد فتح الباب على مصراعيه أمام مجموعة من التهديدات والتحديات لإسرائيل. فقد شارك في هجوم "حماس" على إسرائيل مئات المسلحين من مختلف الخلايا والوحدات، واقتضى الأمر تخطيطاً وتدريباً وتنسيقاً مطولاً ومتطوراً ودمجاً لأدوات ومنصات متباينة، بما في ذلك وحدات المشاة والصواريخ والدفاعات المضادة للطائرات.
التحدي الأكبر يتمثل في الرهائن الإسرائيليين الذين اقتيدوا إلى غزة
وأضاف الكاتب، الذي عمل في مكتب الاستخبارات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية الأميركية، في مقاله بموقع "1945"، كان يُفترض أن تكون بصمات هذه الأنشطة والخطط الواسعة النطاق واضحة لجواسيس إسرائيل الذين يُعتقد أنهم جزء لا يتجزأ من نسيج البيئة السياسية والعسكرية في غزة. غير أنّ فشل هؤلاء في رصد التهديد القادم ألقى في طريق إسرائيل بتحديات مختلفة تُضخِّمهَا في نفسية الجمهور الإسرائيلي الخسائر غير المسبوقة التي لحقت بهم والرهائن الذين نُقلوا إلى غزة.
ولفت الكاتب إلى أنه بين الأمور المجهولة والحاسمة ما إذا كان "حزب الله" سيتحرك. تتحصن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان لرصد أي نشاط عسكري محتمل، وقد يلمس "حزب الله" فرصةً كبيرة لمواجهة إسرائيل مجدداً، علماً أنه يملك بدعمٍ من النظام الإيراني نحو 130 ألف صاروخاً وقذيفة يمكن إطلاقها على إسرائيل.
https://t.co/tj8JFr6iTu
— Jeff Bingham (@jrmichaluk) October 9, 2023
وإلى الآن، كانت الضربات الصاروخية لـ "حزب الله" محدودة للغاية مقارنةً بالحرب التي اندلعت عام 2006، وقد لا يتورط حزب الله في ما يتجاوز مناوشات محدودة داعمة في المناطق الحدودية. فقد تلقى الكيان الذي أمسى حزباً سياسيّاً شرعيّاً في لبنان ضربةً عسكرية وسياسية في حربه مع إسرائيل عام 2006. وأدى الدمار الذي خلفته الحرب إلى تراجع شعبيته وشرعيته بين الجمهور اللبناني.
كيف سترد إيران؟
ويتساءل الكاتب: كيف يمكن أن تستجيب إيران؟، مستدركاً أنه مع الحشد العسكري الأمريكي الأخير في الخليج العربي، ستكون طهران حذرة من الإقدام على أي إجراء مباشِر قد يفضي إلى انتقام أمريكي دفاعاً عن إسرائيل. غير أن الحرس الثوري الإسلامي في سوريا يمكنه تنفيذ عملية إعادة انتشار رمزية في وادي البقاع الجنوبي وتنفيذ هجمات صاروخية من شمال لبنان أو من سوريا. وهذا أمر غير مُرجح، لكنه تهديد محتمل.
ودعماً لـ "حماس"، يُرجح أن تسعى إيران إلى الإسراع بإرسال المزيد من الصواريخ والأسلحة إلى الحركة عبر قنوات سرية. وقدرة إسرائيل على اعتراض هذه الإمدادات محل شك. ولدى "حماس" و"الجهاد" في فلسطين القدرة على تصنيع بعض هذه الأسلحة، غير أن قوة اندفاع هذه المقذوفات التي شوهدت على وسائل التواصل الاجتماعي توحي بنسخٍ متطورة جُلِبَت من الخارج.
وأوضح االكاتب أن إسرائيل تواجه محليّاً مجموعة من التهديدات الأمنية الداخلية التي يمكن أن تستنزف مواردها. فمن شبه المؤكد أن تلهم جرأة "حماس" الضفة الغربية إشعال فتيل انتفاضة جديدة. ويزداد تشاؤم سكان الضفة من احتمالات زحف المستوطنات عليهم وحملات قمع الجيش الإسرائيلي في القرى، والانتهاكات المتكررة في القدس والمسجد الأقصى.
وفي الوقت عينه، سيتطلب الأمر تعزيز الموارد الأمنية الضعيفة داخل إسرائيل ضد ما يُحتمل أن يكون تصعيداً للهجمات الإرهابية بالقنابل أو المركبات. فضلاً عن ذلك، سيتطلب تصاعد أعمال العنف في الجليل مثلاً المزيد من الوجود الأمني الإسرائيلي. ومن شبه المؤكد أن هذا المزيج المضطرب سيتطور إلى فترة جديدة طويلة من الاضطرابات واسعة النطاق. وسيأتي وقت يمتلك فيه المزيد من الفلسطينيين في الضفة الغربية أسلحة بدلاً من الحجارة.
الرهائن الإسرائيليون..التحدي الأكبر
غير أن التحدي الأكبر، برأي الكاتب، يتمثل في الرهائن الإسرائيليين الذين اقتيدوا إلى غزة. فعادةً ما يأمر القادة الإسرائيليون بشن غارات جوية واسعة النطاق على قادة "حماس" ومقراتها وأصولها العسكرية داخل عزة. والواقع أن نتنياهو هدد بتحويل "جميع الأماكن التي تختبئ فيها حماس إلى أنقاض". ويمكن استخدام التوغلات البرية ذات النطاق المتفاوت للكشف عن المسلحين ومخابئ الأسلحة والسعي إلى إغلاق طرق الإمداد بالأسلحة السرية والأنفاق.
ولكن، مع كل خيار من هذه الخيارات، تخاطر إسرائيل بإلحاق أضرار جانبية بمدنييها وأفراد جيشها الأسرى. فهل تشن إسرائيل غارات على المباني التي يُحتجز فيها الأسرى؟ بحسب ما أشارت إسرائيل عدة مرات، فإن إستراتيجية "حماس" تنطوي على دمج مراكز عملياتها في المباني المدنية. وقد تؤوي هذه المباني سجناء إسرائيليين موزعين بين المراكز الرئيسة. وقد يكون أي توغل بري أسوأ، إذ سيُحاصَر الرهائن في معمعة الاشتباكات.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: غزة وإسرائيل زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل حزب الله غیر أن
إقرأ أيضاً:
4 بدائل قاتمة تنتظر إسرائيل في غزة
حددت دراسة أمنية إسرائيلية 4 بدائل وصفتها بالقاتمة أمام تل أبيب للتعامل مع قطاع غزة تمثلت في حكم عسكري مطول أو تهجير السكان أو إقامة حكم فلسطيني "معتدل" أو بقاء الوضع القائم.
وقال معهد دراسات الأمن الإسرائيلي (غير حكومي) في دراسة بعنوان "البدائل الإستراتيجية لقطاع غزة" إنه بعد مرور عام ونصف العام تقريبا على الحرب على قطاع غزة تقف إسرائيل عند مفترق طرق، وعليها صياغة إستراتيجية مناسبة لمستقبل القطاع.
وأعد الدراسة الباحث في معهد دراسات الأمن القومي عوفير غوترمان الذي عمل سابقا محللا أول في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- ونحو 11 ألف مفقود، وتفرض حصارا مطبقا على جميع الإمدادات والمساعدات الإنسانية، مما تسبب بمجاعة قاسية.
وترى الدراسة أن إسرائيل "تواجه مجموعة من البدائل القاتمة، جميعها إشكالية في آثارها وجدواها، وأول تلك البدائل: تشجيع الهجرة الطوعية، وهو خيار لم تُدرس عواقبه الإستراتيجية بدقة في إسرائيل، وإمكانية تحقيقه ضعيفة".
إعلانأما البديل الثاني فهو "احتلال القطاع وفرض حكم عسكري مطول، ومع أن ذلك قد يُضعف حماس بشدة لكنه لا يضمن القضاء عليها وينطوي على خطر تعريض الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس للخطر، وتكبد تكاليف باهظة أخرى طويلة الأجل".
وعن البديل الثالث أوضحت الدراسة "إقامة حكم فلسطيني معتدل في القطاع بدعم دولي وعربي، وهو خيار تكاليفه على إسرائيل منخفضة، لكنه يفتقر حاليا إلى آلية فعالة لنزع سلاح القطاع وتفكيك قدرات حماس العسكرية، وأخيرا احتمال فشل مبادرات الاستقرار السياسي والعسكري، مما يترك حماس في السلطة".
كما أشارت إلى البديل الرابع، وهو "استمرار الوضع الراهن، وينبع هذا البديل أساسا من واقع تمتنع فيه إسرائيل عن الترويج لمبادرات عسكرية أو سياسية في قطاع غزة، أو تفشل في المبادرات التي تسعى إلى تنفيذها".
وقال غوترمان إن قائمة البدائل الإستراتيجية لقطاع غزة صممت من خلال دراسة استقصائية شاملة لمختلف الخيارات المطروحة في الخطاب الإسرائيلي والعربي والدولي، سواء مبادرات عملية طرحتها جهات رسمية أو اقتراحات من معاهد بحثية ومحللين.
إستراتيجية ثنائية الأبعاد
وتوصي الدراسة بتنفيذ إستراتيجية ثنائية الأبعاد تجمع بين العمل العسكري والسياسي، وهي "جهد عسكري مكثف ومتواصل لا يهدف فقط إلى تقويض حماس وقدراتها، بل أيضا إلى إرساء أسس استقرار بديل حاكم لحماس، وبالتوازي مع ذلك، مبادرة سياسية لبناء بديل حاكم معتدل تدريجيا في قطاع غزة من شأنه أيضا دعم وتسريع نجاح الجهد العسكري".
ورأت الدراسة أن هذه الإستراتيجية "تتطلب تعاونا وثيقا مع الدول العربية، وينبغي أن تكون جزءا من اتفاق إقليمي يشمل التطبيع مع المملكة العربية السعودية وخطوات نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي".
وقالت إنه بالنسبة للفلسطينيين فإن الأفق السياسي المتوخى في هذه الإستراتيجية هو "أفق استقلال وسيادة محدودين".
إعلانأما بالنسبة لإسرائيل -وفقا للدراسة ذاتها- فتحافظ الخطة على الحرية الأمنية والعملياتية والجهود المستمرة للقضاء على حماس وإحباط التهديدات الناشئة في القطاع من خلال مزيج من التدابير العسكرية والاقتصادية والقانونية والسياسية.
واعتبرت الدراسة أن "هذه الإستراتيجية المقترحة أكثر تعقيدا في التنفيذ مقارنة بالبدائل أحادية البعد التي تناقش حاليا في إسرائيل، ولكنها واقعية من حيث جدواها العملية، وعلى النقيض من البدائل الأخرى".
ولفتت الدراسة إلى أنه "من المهم الإدراك أن حماس ليست ظاهرة خارجية أو جديدة أو عابرة في التجربة الفلسطينية -خاصة بقطاع غزة- بل هي متجذرة بعمق وجوهر فيه"، وفق تعبيرها.
وقالت إن حماس وُلدت في قطاع غزة، وأعضاؤها محليون لا يعملون من خلال شبكات تنظيمية فحسب، بل أيضا من خلال شبكات عائلية.
وأشارت إلى أنه على مدار عقود من وجودها نجحت حماس بترسيخ وعيها السياسي الديني والقومي في المجتمع الفلسطيني من خلال نشاط مكثف في جميع مجالات الحياة.
وأضافت الدراسة أن الجيل الذي نشأ في قطاع غزة على مدى العقدين الماضيين لا يعرف بديلا لحماس.
واعتبرت أن الوضع المدني في قطاع غزة غير قابل للاستمرار دون إعادة إعمار واسعة النطاق، لكن مستقبل إعادة الإعمار غير واضح، وفق تعبيرها.
ورأت الدراسة أن إسرائيل قادرة على قمع حماس في غزة بالوسائل العسكرية وحدها، لكنها لن تقضي عليها.
وفي بداية حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حددت حكومة بنيامين نتنياهو أهدافا لها، أبرزها: تفكيك قدرات "حماس" وحكمها للقطاع، وإعادة الأسرى الإسرائيليين، لكنها لم تنجح في تحقيق أي من الأهداف التي وضعتها.
وتقول المعارضة الإسرائيلية إن حكومة نتنياهو لم تنجح بالحرب ولا تملك إستراتيجية لليوم التالي لها.
إعلان