اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن هجوم طوفان الأقصى الذي تشنها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ فجر السبت الماضي، يجبر إسرائيل على الدخول في فصل جديد من معضلتها الأزلية وهي "وجودها" التي تطاردها منذ إعلان قيام دولتها في عام 1984، وذلك مهما كانت نتيجة الحرب التي بدأت للتو.

ونقلت الصحيفة عن يوفال شاني، أستاذ القانون الدولي في الجامعة العبرية في القدس قوله "لقد اهتز الإسرائيليون حتى النخاع.

. هناك غضب ضد حماس، لكن أيضاً ضد القيادة السياسية والعسكرية التي سمحت بحدوث ذلك.

وأضاف "كنت تتوقع من دولة بهذه القوة أن تمنع مثل هذه الأمور، لكن برغم مرور 75 عاماً على إنشاء إسرائيل، فشلت الحكومة في الاضطلاع بمسؤوليتها الرئيسية؛ وهي حماية حياة مواطنيها"

ورأت الصحيفة إن إسرائيل منذ قيامها لم تتحرك إلى ما هو أبعد من الصراع مع الفلسطينيين للسيطرة على نفس الشريط الضيق من الأرض الواقع بين البحر المتوسط ​​ونهر الأردن.

ورغم محاولاتها للاندماج مع المنطقة والتطبيع مع الحكومات العربية وترويجها لـ"الشركات الناشئة المزدهرة" معها، لا يمكن لإسرائيل أن تخفي إلى الأبد عدم الاستقرار المترسخ الذي تعاني منه منذ إنشائها.

 اضطرابات عميقة

ورأت الصحيفة أن الهجوم أصاب إسرائيل وحلفائها بصدمة كبيرة، وزعزع صورتها إلى الحد الذي قد يجعل إسرائيل تدخل في فترة من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية العميقة.

 وبحسب شاني فإن "الحكومة كانت مهووسة بخطة لا علاقة لها بالأمن القومي. وهناك صلة واضحة بين ذلك والأداء الإسرائيلي السيئ في الأحداث الأخيرة. ولا يبدو الأمر جيداً بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".

ومع ذلك، فإنَّ حرب أكتوبر 1973 -أو ما يسميها الإسرائيليون "يوم الغفران"- التي شكَّلت صدمة نفسية عميقة بنفس القدر لإسرائيل، لم تقلب السياسة الوطنية رأساً على عقب على الفور.

لكن في غضون أربع سنوات، في عام 1977، هُزِمَت حكومة حزب العمل التي حكمت إسرائيل منذ تأسيسها، واستولت حكومة الليكود اليمينية على السلطة بانتصار ساحق، وبالكاد استطاع حزب العمل التعافي من آثارها خلال العقود الخمسة الماضية.

وقالت ديانا بوتو، وهي محامية فلسطينية تعيش في حيفا للصحيفة الأمريكية: أنَّ فلسطينيي الداخل، الذين يشكلون أكثر من 20% من سكان إسرائيل،

اندهشوا مما حدث وشعروا بالقلق بشأن المستقبل، لكن كان هناك أيضاً "شعور بالفخر لأنَّ الأشخاص الواقعين تحت أشد الحصار تمكنوا من اختراقه".

لكن يمتزج هذا الشعور بالخوف.

اقرأ أيضاً

طوفان الأقصى يجبر الفدائي على الانسحاب من كأس ميرديكا الودية

وفي رسالة مسجلة، وصف محمد ضيف، قائد الجناح العسكري لحركة حماس، هدف "العملية" بأنه ضمان "أن يفهم العدو أنَّ زمن جنونهم دون محاسبة قد انتهى". ومن الواضح أنَّ القصد من هذا البيان هو إيقاظ الفلسطينيين من إذعانهم وعجزهم في غزة والضفة الغربية.

ورأي شاني أن هجوم طوفان الأقصى المباغت والأوسع نطاقا على إسرائيل منذ عقود، سيكون له تأثيرات خارجية أيضا إذ أن أثار شكوكا غربية حول قدرات الجيش الإسرائيلي وأجهزة استخباراتها وحكومتها وقدرتها على السيطرة على ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في وسطها.

خيارات صعبة

ورأت الصحيفة أن حكومة نتنياهو المتطرفة تواجه قرارات مؤلمة بشأن مدى شمول الانتقام الإسرائيلي في قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة حماس،

ويعاني منذ فترة طويلة من تراكم الفقر والاستياء، في ظل حصار إسرائيلي مستمر منذ 16 عاماً.

وتوعد نتنياهو بـ"حرب طويلة وصعبة تدخل الآن مرحلة هجومية، التي ستستمر بلا قيود وبلا فترة راحة حتى تحقيق الأهداف".

وقد قُتل بالفعل أكثر من 400 فلسطيني.

ومن الواضح أنَّ إسرائيل تشعر بالإغراء الشديد لشن هجوم كاسح للتأكد من أنَّ حماس لن تكون قادرة على تنفيذ مثل هذه العملية مرة أخرى.

ومن الأمثلة على ذلك الهجوم الضخم الذي وقع في جنوب لبنان عام 2006؛ ومنذ ذلك الحين ظلت الحدود هادئة نسبياً رغم أنَّ حزب الله أطلق قذائف مدفعية يوم الأحد، 8 أكتوبر/تشرين الأول، على ثلاثة مواقع إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا المتنازع عليها.

لكن في غزة، يُشكِّل وجود العشرات وربما المئات من الرهائن الإسرائيليين لدى حماس عاملاً معقداً للغاية.

فمن شأن أية احتمالية لإعدام الرهائن رداً على هجوم إسرائيلي أن يتحول لقضية سياسية داخلية متفجرة. لذا يواجه نتنياهو واحداً من أكثر التحديات حساسية.

وقال شاني عن الهجوم الإسرائيلي الوشيك رداً على ما حدث -في إشارة إلى القيود القانونية المفروضة على استخدام القوة العسكرية: "من المؤكد أنَّ جدلاً سيُثار حول قضايا القانون الدولي فيما يتعلق بتناسب رد الفعل والأضرار الجانبية.  لكن الاهتمام السياسي بضبط النفس محدود للغاية. وسيكون هذا اختباراً جدياً لإسرائيل".

 اقرأ أيضاً

وصفه بزلزال مدمر لإسرائيل.. خامنئي ينفي صلة إيران بطوفان الأقصى

 

المصدر | الخليج الجديد+ وسائل إعلام

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: طوفان الأقصى إسرائيل وجود إسرائيل حماس

إقرأ أيضاً:

إسرائيل مأزومة للغاية من الداخل.. فما الذي يمنعها من الانهيار؟

يتّفق المحللون الإسرائيليون على أنّ المذكرةَ التي قدّمها رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار إلى المحكمة العليا، (أعلى سلطة قضائية)، وما تضمّنته من اتهامات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ستعمّق الأزمة الداخلية في إسرائيل، وتنعكس مباشرة على مسار مفاوضات وقف الحرب في قطاع غزّة.

لا جدال حول ما يعيشه نتنياهو اليوم من لحظة تقييم حقيقية، بعد أن حصل في السابق على تفويض غير مشروط لتصعيد الحرب من أجل استعادة الأسرى، وتحقيق أهداف عسكرية، دون أن ينجح فعليًا في أي منها.

لم تهدأ الساحة الداخلية الإسرائيلية، ولم تستكن تلك الاحتجاجات الملونة في دعواتها، التي تبدأ بالدفع بالحكومة نحو إبرام صفقة الأسرى مع حركة حماس ووقف النار، ولا تنتهي عند حالات التمرّد داخل المؤسسات العسكرية، والتي شكّلت حالة "توترية" مستحدثة سببتها تلك الرسالة العلنية التي نشرها نحو ألف من أفراد سلاح الجو الإسرائيلي في 10 أبريل/ نيسان الجاري، والتي تدعو إلى إعادة الأسرى ووقف الحرب.

لا شكّ أن الداخل الإسرائيلي يشهد على اهتزازات، لم تعهدها الدولة العبرية في تاريخها، حيث وصلت الحال بزعيم المعارضة الإسرائيلي، يائير لبيد، في تصريحات أطلقها، الأحد 20 أبريل/ نيسان الجاري، إلى حدّ التحذير من أن هناك كارثة ستبدأ من الداخل الإسرائيلي "نتيجة التحريض المستمر"، محملًا رئيسَ جهاز الأمن المسؤولية عن "الفشل في التعامل مع هذه التحديات".

إعلان

كما أضاف لبيد، أنه "وفقًا لمعلومات استخباراتية، نحن مقبلون على كارثة وهذه المرة ستكون من الداخل". ما دام أن جميع المعطيات تتقاطع حول موضوع الانهيار الداخلي الإسرائيلي، فلمَ لم يحصل إذًا؟

عقبات كثيرة تقف عائقًا أمام استمرارية حكومة نتنياهو، وإشكاليات تطرح عليها من الداخل والخارج، وهذا ما برزَ بعد استئناف حربه على قطاع غزة، حيث تناولت وسائل إعلام إسرائيلية تصاعد الضغوط داخل الحكومة على رئيسها، لاتخاذ قرار باحتلال كامل قطاع غزة، في ظلّ مخاوف رئيس الأركان الجديد إيال زامير من الثمن العسكري لمثل هذه الخطوة.

يشير أغلب التقارير إلى أن إطالة أمد الحرب في المنطقة، يصبّ في صالح توفير الحماية لنتنياهو، الذي تحيط به ملفات مشبوهة. هو الذي مثَلَ في مارس/ آذار الماضي أمام المحكمة المركزية في تل أبيب، للردّ على اتهامه بالتورط في فساد وتلقّي رِشا.

كُشفت نوايا نتنياهو من خلال إفشال مسارات التفاوض، ومن الذهاب إلى الخيار العسكري، ولكن الذي ما يزال غامضًا، هو الموقف الأميركي (اللين) تجاه نتنياهو، ورفضه المقترحات التي قدّمها الأميركي لحلّ الأزمة في المنطقة.

هذا (التراخي) الأميركي تجاه نتنياهو، قابله صرامة وصلت إلى حدّ "البهدلة" بالنسبة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض عقب لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 28 فبراير/شباط الماضي.

لا يوفّر ترامب مناسبة إلا ويتهجم فيها على زيلينسكي، لا بل ذهب بعيدًا في مواقفه، عندما عرض عليه الأربعاء 23 أبريل/ نيسان الجاري، ورقة "الذل" لإنهاء الحرب، طالبًا منه الموافقة على التخلي عن شبه جزيرة القرم، من خلال أخذ كييف إلى الاعتراف بملكيتها لروسيا. لا يتوقف الموضوع عند فرض الاستسلام على كييف، بل ذهب بعيدًا في المطالبة بالاستيلاء على الموارد النادرة في أوكرانيا. رغم أن ترامب أطلق في حملاته الانتخابية مواقف حاسمة تتعلق بإنهاء حالة الحرب في كل من القطاع وأوكرانيا.

إعلان

لا مصالح لأميركا في الحرب الدائرة في أوكرانيا، بل على العكس هناك مكاسب لها تستطيع أن تستغلها لصالح سياساتها في الشرق الأوسط. يفتّش ترامب عن صادقات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، كيف لا وهو يجد في أوكرانيا تسوية كبرى ترتبط بمنطقة الشرق الأوسط.

إنّ جلّ ما يريده الرئيس الأميركي من روسيا ممارسة المزيد من الضغط على حليفتها إيران للتوصل إلى تسويات في المنطقة، بهدف إبعاد شبح الحرب معها.

أفصح نتنياهو عن "تهديد وجودي" يداهم إسرائيل من خطورة التسوية التي تقودها أميركا مع إيران، ورفع من مستوى خطابه تجاه إيران. فعبّر قائلًا الأربعاء 23 أبريل/ نيسان، إن "إيران تمثل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل وخطرًا على مستقبلها"، مؤكدًا عزم حكومته على مواصلة التصدي لما وصفه بـ"الخطر الإيراني" حتى لو اضطرت إسرائيل للتحرك بمفردها".

هذا السقف العالي من التهديدات تحتاجه إدارة ترامب، كي تستغلّه لفرض شروطها في المفاوضات مع الجانب الإيراني. وبهذا يتبلور ما تخطط له واشنطن في المنطقة، بعيدًا عن التوجّسات الإسرائيلية، مستغلة تهديدات نتنياهو تجاه إيران.

إنّ زيارة وزير الطاقة الأميركي، كريس رايت، إلى الرياض، السبت 19 أبريل/ نيسان الجاري، وإعلانه عن "طريق مشتركة" لاتفاق نووي مدني مع السعودية، دليل واضح على ما تراه الإدارة الأميركية للمرحلة القادمة في المنطقة، ودليل إضافي على أن النظرة الأميركية تختلف كل الاختلاف عن نظرة نتنياهو.

في السبعينيات، قام نيكسون ووزير خارجيته في حينها "هنري كيسنجر" ببلورة مبادئ ما سُمي "سياسة الركيزتين" ووقتها الخطة استهدفت ضمان استقرار إقليمي، ووفرة النفط ومساعدة متبادلة ضد النفوذ السوفياتي، بينما اليوم تتوجه ضد النفوذ الصيني.

وقعت المملكة مع الولايات المتحدة على اتفاقية المادة 123 التي تطرق إليها قانون الطاقة النووية الأميركية من العام 1954، والذي يسمح لواشنطن بنقل التكنولوجيا النووية إلى دول أخرى. قد تهدف واشنطن من هذا الاتفاق إلى خلق تقاربات إقليمية تعتمد على ركائز متنافسة، بدل اللجوء إلى خيار الحروب المباشرة، التي يحتاجها نتنياهو.

إعلان

ليس صحيحًا أن يد نتنياهو مطلقة التصرف، بل الأصح هو أن لواشنطن حساباتها في المنطقة، وأن نتنياهو أصبح أداة تدار من قبل الإدارة الأميركية، التي تتصرف بما ينسجم مع مصالحها.

فنتنياهو يدمر غزة لأجل تحقيق الممر الاقتصادي الهندي، وبناء "ريفيرا الشرق"؛ تمهيدًا لفتح الاستثمارات الأميركية تحديدًا الخدماتية والسياحية.

لهذا لن يتخلَّى ترامب في المدى المنظور عن نتنياهو، ولن يُسمح للداخل الإسرائيلي بالتهور وأخذ الأمور نحو الانهيار، ما دام لم تُرسم المنطقة بحسب مع تريده واشنطن، ولم يزل النظام الدولي يرسم أطره العامة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • إسرائيل مأزومة للغاية من الداخل.. فما الذي يمنعها من الانهيار؟
  • نيويورك تايمز: تجارب الذكاء الاصطناعي الإسرائيلية في حرب غزة تثير مخاوف أخلاقية
  • “نيويورك تايمز” تكشف تقنية إسرائيلية في حرب غزة تثير مخاوف من انتشارها عالميا.. تفاصيل تجارب مرعبة
  • “نيويورك تايمز” تكشف تقنية إسرائيلية في حرب غزة تثير المخاوف .. تفاصيل تجارب مرعبة
  • نيويورك تايمز: مقترح إدارة ترامب يتضمن اعتراف واشنطن بأحقية روسيا في القرم
  • نيويورك تايمز: مقترح أمريكي للاعتراف بالقرم جزءًا من روسيا
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • بينهم سيدتان.. إسرائيل تفرج عن 12 أسيرا فلسطينيا من غزة
  • حماس ترد على هجوم عباس "اللاذع"
  • هذا هو البابا الفقير الذي تكرهه إسرائيل