لجريدة عمان:
2025-04-23@10:29:22 GMT

لن يختفي الفلسطيني

تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT

ماذا لو أن الشعر اختفى؟ سيحدث بالضبط ما حدث في رواية ابتسام عازم «سِفر الاختفاء» عندما وفي غفلة من كل شيء اختفى كل فلسطينيي العالم، من كانوا في فلسطين المحتلة، أو اللاجئين، أولئك الذين يمتلكون جوازات جديدة في المهجر، لا أحد يعرف أين ذهبوا ولا كيف اختفوا كما لو أنهم يتواطؤون على خطة ما، حتى نحن نظن أن هنالك خطة ما ليعودوا بطريقة ما معا، إلا أنهم وببساطة اختفوا!

لو اختفى الشعر، كيف يمكن أن أقول شيئا عن الإيماءات التي تعذبني ولا أستطيع تسميتها، لو اختفى الشعر، أظن بأنني سأتطاير بدوري، نثارا مثل الغبار، وما من وردة ستنبثق منه، كما يحبُ كامو أن يرى الرغبة في العيش في مذكراته، التي ربما كان يتدرب فيها على كتابة شيء ذي معنى، ربما لم يكن يعني هذا كله، أراد أن يجرب، أن يختبر إيقاع الجملة، أن يعتقد أنه بدلا من أن يكون عبثيا، سيكون مؤمنا ولو بشيء واحد ولو لساعة واحدة، كما كتبت الشاعرة الألمانية انجبورج باخمان: أن أكون حرة لساعة واحدة/ حرة وبعيدة/ مثل أغاني الليل في الأجواء.

/ أن أحلق عاليا فوق الأيام/ وأبحث عن السيان.../ هذا ما أريد / أن أمشي فوق المياه الداكنة/ نحو ورد أبيض/، أن أهب روحي أجنحة/ ويا إلهي ألا أعرف المزيد/ من مرارة الليالي الطويلة، التي تتورم فيها العينان/ من حاجة لا اسم لها./الدموع على خدي/ من ليالي الجنون/ جنون الأمل الجميل/ والرغبة في تحطيم القيود/ والارتواء من النور../ أن أرى النور لساعة واحدة!/ أن أكون حرة لساعة واحدة!»

ماذا لو اختفى الشعر؟ ربما حينها سيقولون إن العالم فرض واقعه، كما لو أن هنالك حقيقة واحدة، وجها واحدا لهذا العالم، تماما مثل فوكوياما عندما خرج لنا صارخا: الرأسمالية هي نهاية التاريخ. هذا النوع من الواقعية الذي يستبعد أن يحدث شيء ما غير معقول منطقيا، لكنهم ينسون أن المنطق ليس كل شيء على هذه الأرض. ليس هذا فحسب بل إن هذا النوع من التصريحات هو جزء من بروباغندا استمرار الرأسمالية مثلا، حتى أن ماركس فيشر عندما جاء ليتحدث عن مستقبل ما بعد الرأسمالية، قوض في البداية «الواقعية الرأسمالية» مثل آخرين رأوا أن هذه هي الخطوة الأولى في سبيل تجاوزها. لم يتوقف الأمر عند هذا، بل إن الأدبيات التي تناولت هذه المسألة، وجدت أن الرأسمالية نفسها ستنتج ما يودي بها. وهذا ما يحدث فعلا مع كل يوم جديد ننهض فيه في هذا العالم. لكن على ماذا استند ماركس فيشر وآخرون؟ على المخيلة! لقد وجدوا أن فرصة أن نتخيل العالم بشكل آخر قد تساعدنا وإن بشكل من الأشكال على صناعة واقع أفضل وأجمل. يروقني أن أدعو المخيلة بـ «الشعر» على طريقة السينمائي الروسي تاركوفسكي في كتابه النحت في الزمن، عندما اعتبر أن الشعر هو رؤية جديدة للعالم، رؤية متجاوزة له.

أظن أن ما يحدث هذه الأيام في فلسطين، هو بالضبط ما أوصى به فيشر حول «الخيال»، أمام خطاب التطبيع الذي يدعي ضربا متطرفا من «الواقعية السياسية» التي فرضت طريقا واحدة للتعامل مع الاحتلال، إلا أن ما حدث يوم السبت، يعيد خلخلة هذا الخطاب السلطوي، ويقول أن هنالك دوما ما هو أكثر من حدود الواقع الذي تدعونه. ليس هذا هو الحدث الوحيد الذي شهدناه مؤخرا ويذهب في الاتجاه نفسه فهل ننسى هرب الأسرى الفلسطينيين من سجن جلبوع الإسرائيلي الأشد حراسة في سبتمبر عام 2021 وذلك عبر نفق استخدموا لحفره ملاعق وأشياء أخرى مماثلة!

أظن أن ما يحدث الآن هو درس «شعري» خالص في الرد على ذلك الخطاب المستسلم والمذعن والذي يدعونا كعرب للتسليم نهائيا بوجود المحتل وبحضوره المتغطرس الذي لا مناص منه، ومن أننا ولأسباب واقعية كثيرة، وبراغماتية محضة، سنضع أيدينا في أيدي واحد من أكثر الأنظمة وحشية وبطشا.

ماذا لو لم تختفِ فلسطين ولم يختف الفلسطينيون، ولم يكن الفلسطيني الوحيد المقبول دوليا هو الفلسطيني الميت؟ ماذا لو؟

وكالعادة تمنحنا فلسطين فرصة التفكير في واقعنا بدوره بصورة مختلفة، عندما نستعيد زمام توجيهه والنظر بإمكانية فعل أي شيء بمجرد أن نتخيل، أن نتخيل فحسب أننا نستحق ما هو أفضل. وربما لهذا بالضبط يعادي العالم اليوم، الأدب والعلوم الإنسانية الممثل الشرعي للخيال، ربما لهذا ترفض السلطة داخل الأدب المتمثلة في النقد، التجريب والذهاب بعيدا جدا عن حدود الأجناس الأدبية والمعالجات المتنوعة. إن الفلسطينيين يدعوننا هذه الأيام لنتخيل، فلنتخيل إذن.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ماذا لو

إقرأ أيضاً:

ما هي حكاية يوم الأرض الذي يحتفل به العالم في 22 أبريل من كل عام؟

تحتفل دول العالم بـ"يوم الأرض" في الثاني والعشرين من نيسان/ أبريل من عام. وهو حدث سنوي يقام بهدف زيادة الوعي المجتمعي بالقضايا البيئية، ويتم الاحتفال به في جميع أنحاء العالم من خلال المسيرات والمؤتمرات والمشاريع المدرسية وغيرها من الأنشطة.

بدأ الاحتفال بيوم الأرض عام 1970، حين أطلقه السيناتور الأمريكي غايلورد نيلسون للمرة الأولى في 22 نيسان/ أبريل من ذلك العام.

ففي عام 1969، وخلال زيارة نيلسون ومساعده، طالب الدراسات العليا في جامعة هارفارد دينيس هايز، إلى مدينة سانتا باربارا بولاية كاليفورنيا، شاهدا كميات ضخمة من النفط تلوّث مياه المحيط الهادئ بالقرب من السواحل الأمريكية، وتمتد لعدة أميال، في مشهد يهدد حياة الأسماك والطيور البحرية.



وعندما عادا إلى واشنطن، قدّم السيناتور نيلسون مشروع قانون لجعل يوم 22 نيسان/ أبريل من كل عام عيداً قومياً للاحتفال بكوكب الأرض.

كانت الفكرة من "يوم الأرض" أن يصبح وسيلة لإشراك المواطنين في قضايا البيئة، ودفع تلك القضايا إلى صدارة الأجندة الوطنية.

وأقنع نلسون النائب بيت مكلوسكي من كاليفورنيا ليكون رئيسا مشاركا، وعين الناشط السياسي دينيس هايز منسقا وطنيا، ومع فريق مكون من 85 موظفا اختارهم هايز، تمكنوا من حشد 20 مليون شخص في جميع أنحاء الولايات المتحدة في 22 نيسان/ أبريل 1970.


لماذا 22 أبريل؟
اختار الفريق يوم 22 نيسان/ أبريل، لأنهم اعتقدوا أن يوما يقع في عطلة الربيع واختبارات نهاية العام سيشجع أكبر عدد من الطلاب على المشاركة، وفي هذا اليوم نظّمت آلاف الكليات والجامعات احتجاجات ضد التدمير البيئي، لكن لم يقتصر الأمر على الطلاب فقط، فقد حظي الحدث باهتمام وسائل الإعلام الوطنية وتجمع العديد من الأشخاص في الأماكن العامة للحديث عن البيئة وإيجاد طرق للدفاع عن الكوكب، ووصلت المشاركات الإجمالية لحوالي 10% من إجمالي سكان الولايات المتحدة.

وكتب نلسون في دورية عام 1980 "في ذلك اليوم أوضح الأميركيون أنهم يتفهمون ويشعرون بقلق عميق إزاء تدهور بيئتنا وتبديد مواردنا".

وفي عام 1990، أصبح "يوم الأرض" حدثاً عالمياً، يشارك فيه الآن أكثر من مليار شخص من مختلف الأعمار، موزَّعين على نحو 200 دولة، وفقاً للمنظّمين.

في العام نفسه، تأسست منظمة دولية ضمّت 141 دولة، بهدف تعزيز الاهتمام ببيئة كوكب الأرض. ويُحتَفَل حالياً بهذا اليوم في 184 بلداً حول العالم.

وسرعان ما ظهرت حملات كبرى ركّزت على قضايا تغيّر المناخ، مثل ظاهرة الاحتباس الحراري والطاقة النظيفة.

وفي عام 1997، اعترف قادة العالم، خلال اجتماعهم في كيوتو باليابان، بأن أحد أبرز أسباب تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري هو استمرار انبعاثات الكربون الناتجة عن استهلاك الوقود الأحفوري، مؤكدين ضرورة التصدّي لتلك الانبعاثات المضرّة بكوكب الأرض.

وفي عام 2009 أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة رسميا يوم 22 نيسان/ أبريل يوما دوليا للأرض. وفي يوم الأرض 2016، تبنت الأمم المتحدة اتفاقية باريس للمناخ التي جعلت الدول في جميع أنحاء العالم تهدف إلى إبقاء الاحترار العالمي أقل من 1.5 درجة مئوية (2.7 فهرنهايت)، وأقل بكثير من 2 درجة مئوية (3.6 فهرنهايت) مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة.

فعاليات هذا العام
وهذا العام، يسعى "يوم الأرض" إلى التركيز على الطاقة المتجددة للأسباب التالية:
انخفضت تكلفة تصنيع الألواح الشمسية بشكل كبير خلال العقد الماضي - بنسبة تصل إلى 93 في المئة بين عامي 2010 و2020، وهذا يجعلها خياراً أكثر توفيراً.

يُقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري من تلوث الهواء، مما يُخفّض من خطر الإصابة بأمراض خطيرة.

يعود بالنفع على الاقتصاد حيث إن الاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة يُمكن أن يُوفر ما يُقدر بـ 14 مليون فرصة عمل حول العالم.

تُنتج حوالي 50 دولة حول العالم بالفعل أكثر من نصف احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة.


مقالات مشابهة

  • ما هي حكاية يوم الأرض الذي يحتفل به العالم في 22 أبريل من كل عام؟
  • ماذا تعرف عن عصابة تران دي أراغوا التي يهاجمها ترامب بشراسة؟
  • ثلثا البشر يقعون في خطأ فادح بخصوص شرب الماء... ماذا يحدث عندما تشعر بالعطش؟.
  • محلل سياسي يكشف الأوضاع الكارثية التي يمر بها الشعب الفلسطيني
  • «بابا الفاتيكان الذي كسر التقاليد».. ماذا تغيّر في طقوس دفن «البابا فرنسيس»؟
  • البابا فرنسيس.. ماذا تعرف عن الالتهاب الرئوي المزدوج الذي توفي به بابا الفاتيكان؟
  • الشيب المبكر: الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى ظهور الشعر الرمادي في سن الشباب
  • مقتل النور: عندما تخلى العالم عن السودان للإبادة الجماعية لمدة عامين كاملين
  • ماذا يفعل المسلم إذا أدرك الإمام راكع أو ساجد؟.. الأزهر للفتوى يوضح
  • ‏الأردن يرحب بالتوافق الذي توصّلت إليه واشنطن وطهران خلال الجولة الثانية من المباحثات التي عُقِدَت في العاصمة الإيطالية روما