وأنا أتابع أحداث «طوفان الأقصى» والعملية العسكرية التي تقوم بها آلة الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، لفت نظري انقسام وسائل الإعلام في النظر إلى هذه العملية إلى قسمين، القسم الأول وهو المؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني في استعادة أراضيه المغتصبة من العدو الإسرائيلي والداعم بشدة للعمليات التي تقوم المقاومة الفلسطينية بشنها على إسرائيل وقواتها العسكرية، أما القسم الثاني فهو المؤيد لإسرائيل الذي يعد «حماس» هي المعتدية بشن هجماتها على المدنيين الإسرائيليين وإقلاق راحة المستوطنين، وأن من حق إسرائيل الرد على أي هجوم يمكن أن يهدد وجودها ويحفظ أمنها واستقرارها.
كما نقول نحن أن «لا حياد تام في الإعلام» ولا موضوعية في وسائل الإعلام، فلكل وسيلة إعلامية أجندتها الخاصة بها تحكم توجهاتها وتخدم مصالحها وسواء أكانت تلك الوسيلة عامة مملوكة للحكومة أو خاصة يمتلكها القطاع الخاص أو الأحزاب أو غيرهم.. فإن الأجندات الخاصة بتلك الوسائل تبرز في ما تنشره وتبثه من أخبار وتقارير تخدم مصالح الجهة المؤسسة لتلك الوسيلة حتى وإن ادعت تلك الوسيلة موضوعيتها وحيادها وتطبيقها للكثير من القيم والأخلاقيات الإعلامية، ولكن يبقى أن الوقوف على الحياد مطلب من الصعب تحقيقه إعلاميا.
الأجندة الإعلامية أو ترتيب الأولويات هي في الأصل نظرية من نظريات وسائل الإعلام المتعددة يعود جذرها لأكثر من أربعين عاما ويقوم مفهومها الأساس على فكرة أن وسائل الإعلام قد «لا تنجح في تعريف الناس كيف يفكرون، ولكنها تنجح في تعريفهم فيمَ يفكرون»، بمعنى آخر أن وسائل الإعلام قد تنجح في إثارة اهتمام الجمهور نحو قضية معينة وتزيد من اهتمامهم بتلك القضية في حين يمكنها في الوقت ذاته صرف النظر عن قضية أخرى بعدم التطرق إليها والاهتمام بها كي لا تثير اهتمامات الجمهور بها وهذا ما يسمى أيضا بترتيب الأولويات أي أن وسائل الإعلام هي من يقوم بترتيب أولويات الجمهور بناء على ما تبثه من رسائل إعلامية لجمهورها.
يطرح المختصون بالإعلام سؤالا محوريا وجوهريا وهو من يصنع الأجندة الإعلامية لوسائل الإعلام هو المالك لتلك الوسيلة أم الجمهور المتلقي لها أم المحرر صانع الخبر أم أنها سياسة الدولة ونهجها؟ يذهب العديد من المختصين إلى أن السياسة الصحفية للوسيلة الإعلامية هي على الأغلب من يضع تلك الأجندات باختلاف مضامينها وأهدافها غير أن ما يمكن الإشارة إليه أن العصر الرقمي الحديث وبروز وسائل التواصل والإعلام الإلكتروني ساهما بشكل كبير في التقليل من أهمية الأجندة الإعلامية باعتبار أن وسائل الإعلام الحديث استطاعت أن تكسر القيود التي فرضها الإعلام التقليدي على جمهورها كونه يسمح بتمرير ما يشاء من أجندات ويمنع ما يشاء، غير أن ما يؤخذ حتى على الإعلام الجديد هو وقوعه في شراك التضليل وعدم المصداقية والتدليس وغيرها من الصفات التي لا تتناسب مع القيم والأخلاقيات الصحفية والإنسانية.
كما أنه لا يوجد حياد مطلق في الحياة على الأغلب، فإنه لا يوجد حياد مطلق في وسائل الإعلام هكذا يمكن أن تسير الحياة ولكن ببعض القيم التي تحترم الإنسان والحياة والقارئ، وقد يكون من أبسط تلك الأمور الابتعاد عن التضليل والتدليس والكذب والخداع ومحاولة النظر إلى الصورة من جهاتها الأربع كي تبقى الأمور واضحة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مصدر مسؤول رفيع المستوى ينفي ما تناولته بعض وسائل الإعلام من إجراء اتصال هاتفي بين الرئيسين السيسي وترامب
نفي مصدر مسئول رفيع المستوى ما تناولته بعض وسائل الإعلام من إجراء اتصال هاتفي بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والأمريكي دونالد ترامب.
وأكد المصدر المسئول على أن أي اتصال هاتفي لرئيس الجمهورية يتم الإعلان عنه وفقا للمتبع مع رؤساء الدول، وكان يجب تحري الدقة المطلوبة خاصة فيما يتعلق باتصال على هذا المستوى وفي هذا التوقيت الدقيق الذي تمر به منطقة الشرق الاوسط وعلى ضوء ما يمثله ذلك من أهمية خاصة في ظل العلاقات المتميزة التي تجمع رئيسي البلدين.