عالم آثار: المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية متفرد عالميا
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
قال عالم الآثار الدكتور حسين عبد البصير، إن المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية متفرد عالميا فيعد أول متحف يركز على الحقبة البطلمية والتي تعكس وتصور وتجسد ملامح الحياة في العصر البطلمي، موضحا أنه لا يوجد متحف في العالم يركز علي التاريخ البطلمي والذي يعد فترة تاريخية هامة للغاية وتعرف بثرائها الشديد.
جاء ذلك في تصريح اليوم لوكالة أنباء الشرق الأوسط في إطار الاستعدادات لافتتاح المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية عقب انتهاء مشروع تطويره وترميمه الذي يجري وفقا لأحدث المقاييس الدولية.
وأضاف عبد البصير أن المتحف اليوناني الروماني يعد واحدًا من أهم وأعظم متاحف منطقة حوض المتوسط بأسرها، ويتمركز في أقدم الشوارع الأثرية الأساسية لمدينة الإسكندرية تلك المدينة عالمية الطابع والتي تعد حلقة الوصل بين اليونان ومصر قديمًا.
وأكد أن تفرد المتحف اليوناني الروماني يرتبط أيضا بالإسكندر الأكبر الذي يشكل شغفا يشغل العالم دائما، فيضم المتحف تمثالا ينسب إلى الإسكندر الأكبر والذي أكتشفته عالمة الآثار اليونانية باباكوستا، مشيرا إلى أن المتحف سيكون مؤسسة علمية تنافس على المستوى العالمي كما أنه يضم نحو4000 قطعة أثرية بعضها متفرد عالميا.
وأوضح أن افتتاح المتحف اليوناني الروماني يؤكد ما تشهده مصر من إنجازات ومشروعات عملاقة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، منوها بأن المتحف مع افتتاحه سيكون منارة ومركزا حضاريا فيضم أقساما جديدة لخدمة الفكر المتحفي الحديث فهو بمثابة مؤسسة علمية عالمية.. مشيرا إلى أن المتحف يقدم من خلال سيناريو العرض المتحفي ملامح الحياة في العصر البطلمي من النواحي الاجتماعية والتبادل التجاري والمحال وغيرها من المعالم التي تجعل الزائر يتعايش مع التاريخ.
وتابع أن سيناريو العرض المتحفي يتناول الدولة الحاكمة والحياة السياسية في مصر خلال العصرين البطلمي والروماني، إلى جانب عرض شكل الحياة اليومية اليونانية والرومانية بالإسكندرية (المجتمع السكندري)، وعرض فكرة الديانة والعبادات في العصرين اليوناني والروماني (العبادات والديانة) من خلال مجموعات المتحف اليوناني الروماني المعروفة والمميزة مثل مجموعة الرأس السوداء، ومجموعة أرض المحمرة، وعرض معبد التمساح ـ سوبك، والذي يرجع إلى عصر الملك البطلمي بطلميوس السابع.
ولفت إلى أن سيناريو العرض المتحفي يشمل النشاط الفني بالإسكندرية والمسرح و ديونيسوس (راعي المسرح) في الإسكندرية، كما سيعرض التطور العقائدي الجنائزي في العصرين اليوناني والروماني من خلال المومياوات والأواني الكانوبية والتمائم وشواهد القبور الجنائزية وبورتريهات الفيوم والتوابيت عبر العصور المختلفة التي مرت بها الإسكندرية بوجه خاص، ومصر بشكل عام.
وأضاف أن المتحف يعرض أيضا الفن البيزنطي والفن القبطي من خلال البقايا المعمارية المميزة (أفاريز، وزخارف السقوف، وقواعد الأعمدة، وعوارض، وتيجان، ومعموديات، ونسيج، وعملات، ومجموعة الراعى الصالح جداريات ومنحوتات ومسارج وقنينات)ويضم المتحف صالة لكبار الزوار، وقاعة للمؤتمرات، ومكتبة خاصة بالمتحف اليوناني الروماني والتي تضم مجموعة من أندر الكتب بالعالم، ويضم قاعة للتربية المتحفية لجذب الأطفال إلى المتحف من خلال الورش والأنشطة المختلفة التي تهتم برفع الوعي الأثري لدى النشء.
و أكد أن المتحف اليوناني الروماني يعد من أقدم المتاحف وفقد افتتح في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني في 1895، وبني على عدة مراحل وفي المرحلة الأولى جُمعت المجموعة الأثرية الأولى في 1892 والتي كان قوامها المتحف المصري، وفي المرحلة الثانية اكتمل بناء العشر قاعات الأولى عام 1895، وفي المرحلة الثالثة أضيف قاعتان، وأخيرًا 1904 عام ميلادية، وكان ذلك جنبًا إلى جنب مع تكوين الجمعية الأثرية في الإسكندرية في 1893 كمؤسسة علمية داعمة تنظم البحث العلمي لدراسة الآثار ونشرها.
وشدد على أن المتحف من خلال ما يقدمه يؤكد أن الإسكندرية تعد مركزا دائما للمعرفة والعلوم والفكر ومنارة للعلوم والثقافات المختلفة، فكانت قبلة يحج إليها جميع علماء وفلاسفة العالم القديم لما لها من تأثير ثقافي وحضاري.
يتفرد المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية بكونه الأول عالميا وفي منطقة المتوسط الذي يركز على التاريخ البطلمي ويؤرخ لتلك الفترة الهامة، كما يروي تفاصيل ترتبط بالإسكندر الأكبر وقادة البطالمة وملامح الحياة في تلك الآونة وملكوها وحكامها والتي تمثل شغفا دائما يشغل العالم أجمع.
كما يتوسط المتحف اليوناني الروماني أقدم شوارع العالم فيقع في قلب "شارع فؤاد" والذي يعد من أقدم الطرق التي لا تزال تستخدم حتي العصر الحالي و يرتبط تأسيسه بالإسكندر الأكب .
ويأتي افتتاح المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية ليؤكد على تفرد مصر أرض الانجازات والحضارات ومركز التسامح العالمي ومدينة الإسكندرية، فيقع على مقربة من رموز الديانات السماوية الثلاثة والتي تجتمع وتتقارب في شارع واحد في وسط عروس البحر المتوسط، حيث يتواجد المعبد اليهودي " الياهو هانبي " والذي يعد الأقدم في الشرق الأوسط والعالم وشهد مشروع ترميم عالمي نفذته مصر وافتتح عام 2020، وتقابله الكنيسة المرقسية والتي من أقدم الكنائس في إفريقيا، وكذلك مسجد النبي دانيال الأثري الذي يعود إلى القرن 12 هجريا لتؤكد أن مصر كانت ولا تزال مهد ومركز الحضارات والديانات السماوية والتسامح والتعايش على مر عصور التاريخ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المتحف الیونانی الرومانی بالإسکندریة من خلال
إقرأ أيضاً:
بدء الاستعدادات لحفل إعلان الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية بأبوظبي.. صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بدأ منذ قليل، توافد الأدباء والكتاب ومجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2025 وذلك بحضور الدكتور ياسر سليمان رئيس مجلس أمناء الجائزة والدكتور على بن تميم رئيس مركز أبو ظبي للغة العربية والداعم للجائزة، والأدباء الست الذين ترشحوا القائمة القصيرة وهم أحمد فال الدين، وأزهر جرجيس، وتيسير خلف، وحنين الصايغ، ومحمد سمير ندا ونادية النجار.
ومن المقرر أن يتم الإعلان عن الفائزة بالجائزة الكبرى بعد قليل في أبو ظبي.
وتضم لجنة تحكيم الجائزة كلا من منى بيكر، رئيسة لجنة التحكيم، وعضوية بلال الأرفه لي، أكاديمي وباحث لبناني؛ وسامبسا بلتونن، مترجم فنلندي؛ وسعيد بنكراد، أكاديمي وناقد مغربي؛ ومريم الهاشمي، ناقدة وأكاديمية إماراتية، بالإضافة إلى ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة، وفلور مونتانارو، منسقة الجائزة، ومدير مكتبة الإسكندرية، أحمد زايد.
التنوع الغني في الموضوعات
وقالت رئيسة لجنة التحكيم منى بيكر عن الروايات الست تميزت نصوص القائمة القصيرة لدورة 2026 من الجائزة العالمية للرواية العربية بالتنوع الغني في المواضيع، إلى جانب قيمتها الجمالية والمعرفية. فقد أخذنا بعضها إلى أعماق المجتمعات الدرزية في جبال لبنان وإلى سكان قرية نجع المناسي" في صعيد مصر، وعالم المكفوفين في الخليج كما سلطت الضوء على ماساة جيل ضائع من الشباب الذي عاش - ولا يزال يعيش - الواقع العراقي المرير. أما بعضها الآخر فقد عاد بنا إلى حقبات من التاريخ الديني والسياسي التي شهدت صراعات الحكم والسلطة، واتسمت بتعدد اللغات والمذاهب الدينية.
حياة حجة الإسلام الصوفي
وفي هذا السياق، تأتي رواية "دانشمند" للكاتب الموريتاني أحمد قال الدين كعمل روائي مبدع يستعرض مختلف مراحل حياة حجة الإسلام العالم الصوفي أبي حامد الغزالي، و دانشمند" هو لقبه بالفارسية وتعني المعلم. تتبعت الرواية حياة الغزالي الشخصية بأسلوب روائي ساحر وسرد ممتع بدءًا بطفولته ودراسته الأولى وانتهاء بتجربته مع السلطان والسلطة، ثم قراره بالرحيل إلى التصوّف واكتشاف الذات. وقد نجح المؤلف في نسج عالم متكامل وغني بشتى التفاصيل، عالم تحوّل فيه الإمام الغزالي من "شبح" في التاريخ إلى "كائن من لحم ودم".
البساطة وخفة الدم
أما "وادي الفراشات" للكاتب العراقي أزهر جرجيس فتتفوق في إيصال الواقع العراقي المرير للقارئ بأسلوب يتسم بالبساطة والمزاح المستحب وخفة الدم حتى في أحلك الظروف، مما يعطي الشخصيات بعدًا واقعيا ومأساويا في الوقت نفسه هي قصة حب بين عزيز وتمارا، حبّ ترهقه التحديات وتنتهي فصوله رغم محاولات مستمرة لتخطي العقبات.
وترمز "الفراشات" في العنوان إلى الجمال والهشاشة، وأيضا إلى الرغبة في التحليق حتى في أقسى الظروف.
الخيالات التاريخية
وفي الاتجاه ذاته نجد أن رواية "المسيح الأندلسي" للكاتب السوري تيسير خلف تجمع بين الخيال والأحداث التاريخية، مستندة إلى بحث عميق خلال فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين وإجبارهم على اعتناق المسيحية في الأندلس.
وتدور أحداثها حول رحلة الأندلسي عيسى (أو خيسوس) للبحث عن قاتل والدته، مرورًا ببلدان وقارات عدة، مع توثيق عدد كبير من الشخصيات والأحداث التاريخية المهمة.
ويتميز أسلوب الكتابة باستخدام الكثير من المصطلحات الشائعة في تلك الفترة واستهجاء الأسماء كما تم نسخها في الكتب التاريخية، مما يثري الرواية ويدعم مصداقية الأحداث المروية.
إنها رواية مشوقة يتردد صداها في ما نشهده اليوم من اضطهاد فئات مختلفة في فلسطين وأجزاء من العالم العربي نتيجة التطرف الديني والعرقي.
ميثاق النساء وتجربة امل
من ناحية أخرى، تبني الكاتبة اللبنانية حنين الصايغ شخصياتها الرئيسية بعناية وحرص في ميثاق النساء"، وتمنح للصوت النسائي حقه من خلال تجربة "أمل" في مجتمع درزي منغلق يفرض وصايته على النساء ويعتبر تعليمهن شيئاً من الرفاهية لا حقًا مشروعًا. نخوض مع أمل تحديات الزواج غير المبني على الحب والمعاملة الجنسية المهينة والحقن المجهري والأمومة المبكرة، ثم رحلة اكتشاف الهوية والقوة الداخلية لتغيير مسار حياتها. "ميثاق النساء" عمل مبدع، غير نمطي، يتميّز بقدر كبير من الصدق والشفافية.
وبالمثل نجد في رواية "صلاة القلق" للكاتب المصري محمد سمير ندا سردا يكشف عزل نجع المناسي" - وهي قرية في وسط صعيد مصر - عن العالم بعد انفجار غامض يرجح ارتباطه بمناورات عسكرية في المنطقة. يتفوق الكاتب في وصف مرحلة القمع والتمويه والتسلط والكذب التي سادت في فترة النكسة وتأثيرها العميق على جيل كامل كما نرى آثارها بشكل مركز في أحداث وشخصيات النجع الذي لا يصله من العالم الخارجي سوى ما يسمح به خليل الخوجة، ممثل السلطة. يقوم بسرد الرواية ثمانية أشخاص، يلقي كل منهم الضوء على المأساة التي يعيشها النجع الذي يرمز للبلد ككل من وجهة
نظر فريدة ومؤثرة.
أما على صعيد آخر، تأخذنا الكاتبة الإماراتية نادية النجار في ملمس الضوء" إلى عالم مبهر وجديد بالنسبة لمعظم قراءها، هو عالم المكفوفين، فنتابع "نورة"، بطلة الرواية، وهي تستكشف وتنمّي حواسها الأربع في غياب حاسة البصر خلال أصعب مراحل انتشار وباء كورونا وفرض الحجر الصحي. ومن خلال هذه الرحلة، نعيش مع نورة تفاصيل علاقتها المتوترة مع أمها وتطوّر علاقتها مع قريبها سيف الذي تستكشف معه تاريخ عائلتها من خلال مجموعة صور فوتوغرافية تركها جدها الذي كان شغوفا بالتصوير. ولا تقتصر رحلتنا مع نورة على استكشاف عالم المكفوفين وتاريخ عائلتها وإنما تمتد إلى استكشاف تاريخ دبي والبحرين ومنطقة الخليج عامة، مما يمنح هذه الرواية بعدًا تاريخيا وإنسانيا عميقًا. وبذلك يعد "ملمس الضوء" عملا أدبيا متميزا يتنقل بسلاسة بين الماضي والحاضر، بين تجربة فقدان البصر والقدرة على استكشاف الذات وبين التاريخ الشخصي والتاريخ الجماعي.
مختتنا قائلة :"وفي النهاية نجد أن هذه الروايات الست تتشارك في نزوعها نحو استكشاف الذات والهويّة، سواء كانت هذه الهوية دينية أو طائفية أو قومية ولتحدي الظلم بأشكاله المتعدّدة. وبذلك، فهي تقدّم لنا صورا مختلفة للواقع الذي نعيشه نحن كقراء، وفي الوقت نفسه تومئ إلى مستقبل أكثر عدلا يمكننا فيه أن نكسر جميع أنواع القيود التي تحد من حريتنا ونعيش فيه بسلام وكرامة".