يبدو المهاجرون فى القارة السمراء، كالمستجير من الرمضاء بالنار، حيث يهربون من العنف وتغير المناخ، إلى معسكرات اللجوء ومقصدهم الأول قارب يدفعهم إلى البر التانى على ساحل البحر المتوسط، إلا أنه لا يقين بالوصول، والمؤكد أن الرحلة غير مأمونة والنجاة غير مضمونة. 

وتتجمع فى قارة أفريقيا عوامل عديدة تدفع أبناءها للهجرة من مناطقهم إلى أماكن أخرى سواء داخل القارة أو خارجها فى محاولة للعيش فى سلام أو البحث عن فرص عمل بعيدا عن العوامل المهددة لحياة الإنسان وأبرزها الحروب والعنف وتغير المناخ.

وعلى الرغم من الاعتقاد السائد بأن قطاعا كبيرا من أبناء القارة السمراء يهربون منها بموجات الهجرة غير الشرعية، إلا أن تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين يكشف أن ٨٠٪ من اللاجئين يبقون فى القارة السمراء. 

وأضاف التقرير، الصادر فى منتصف العام الماضى ٢٠٢٢ أن أوغندا هى خامس دولة فى العالم استقبالا للمهاجرين، وجاءت بعد تركيا وكولومبيا وألمانيا وباكستان، بمجموع ٣٦ مليون لاجئ للبلدان الخمسة. 

فيما أكد تقرير البنك الدولى الصادر فى نهاية عام ٢٠٢١ أن الكونعو الديمقراطية وإثيوبيا، من أكبر دول العالم التى تشهد موجات نزوح داخلية، باحتلالهما المرتبتين الرابعة والخامسة عالميا، وأشار التقرير إلى أن الكونغو الديمقراطية شهدت نزوح ٥.٤ مليون نسمة بنسبة ٦٪ من عدد السكان، بينما نزح فى إثيوبيا ٣.٦ مليون نسمة بنسبة ٣٪ من السكان، وهذه الأرقام تشمل فقط النازحين الداخليين بسبب الصراعات والعنف.

البحر المتوسط هو المقصد الأول

ويعد البحر المتوسط هو المقصد الأول للمهاجرين من أفريقيا، وقالت الأمم المتحدة إنه بين عامى ٢٠١٤ و٢٠٢٢ مات أو فُقد ما لا يقل عن ٥٠ ألف نازح على طريق الهجرة، حسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة، وأكثر من نصفهم «٢٦ ألف مهاجر» غرقوا أو فقدوا فى البحر المتوسط خلال إبحارهم من سواحل دول شمال أفريقيا باتجاه أوروبا.

وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجارى ٢٠٢٣، حاول أكثر من ٥٦ ألف شخص الإبحار إلى إيطاليا نصفهم انطلاقًا من ليبيا، ونشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرًا فى مستهل شهر أكتوبر ٢٠٢٣، أوضحت فيه أن هناك أكثر من ٤ آلاف مهاجر أفريقى فى المنطقة الحدودية الصحراوية بين تونس وليبيا والجزائر. وقالت المنظمة الدولية للهجرة، إنه خلال النصف الأول من العام الحالي، نحو ألفى شخص لقوا حتفهم غرقا فى المتوسط، مقارنة بنحو ١٤٠٠ فى الفترة نفسها من العام الماضي. لكن فى الإجمالي، سُجل أكثر من ٢٠ ألف وفاة منذ عام ٢٠١٤، على طول الطريق البحرى الخطير بين شمال أفريقيا والشواطئ الجنوبية لأوروبا.

منذ عام ٢٠١٥، تم إنقاذ نحو ٣٠٠ ألف شخص أثناء محاولتهم العبور عبر البحر الأبيض المتوسط، وفق وكالة الحدود وخفر السواحل الأوروبية.

على صعيد الهجرة غير الشرعية القادمة من أفريقيا عبر القوارب والسفن غير المرخصة، يقول تقرير «يورو ستات»، إن عدد المهاجرين بطرق غير شرعية تراجع بمعدل سنوى من ١.٠٤ مليون نسمة فى عام ٢٠١٥ إلى ٣٣٠ ألف مهاجر فى نهاية العام الماضى ٢٠٢٢. 

وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، أن ٢٨٩ طفلًا على الأقل توفوا أو فُقدوا خلال العام الجارى ٢٠٢٣ أثناء سعيهم للهجرة عبر طريق وسط البحر الأبيض المتوسط من شمال أفريقيا إلى أوروبا. وأضافت «اليونيسيف» فى تقريرها المنشور منتصف يوليو الماضى أن هذا الرقم يعادل حوالى أحد عشر طفلًا يلقون حتفهم أو يُفقدون فى كل أسبوع أثناء سعيهم للتمتع بالأمان والسلام والحصول على فرص أفضل، واصفة البحر المتوسط بمقبرة الأطفال. وتقدر اليونيسف أن حوالى ١.٥٠٠ طفل لقوا حتفهم أو باتوا فى عداد المفقودين منذ عام ٢٠١٨ أثناء سعيهم لعبور طريق وسط البحر الأبيض المتوسط.

أسباب الهجرة

وفى نهاية العام الماضى ٢٠٢٢ عددت مفوضة الصحة والشئون الإنسانية والتنمية الاجتماعية فى الاتحاد الأفريقى ميناتا سيسوما، لأسباب الجذرية للهجرة فى القارة السمراء ولخصتها فى خمسة أسباب هي: تغير المناخ، والفقر، ونقص فرص العمل، والصراعات، والهجمات الإرهابية.

يعد التغير المناخى أحد أهم الأسباب التى تدفع إلى الهجرة بسبب الآثار الناجمة عنه، وحذرت مديرة المرصد الأفريقى للهجرة التابع للاتحاد الأفريقى الدكتورة نميرة نجم، من غياب الوعى لدى الشعوب بخطورة تغير المناخ على والأسباب التى يمكن أن يسببها لهم.

وأكدت خلال كلمتها فى قمة التنقل المناخي، التى نظّمها المركز العالمى للحركة المناخية التابع للأمم المتحدة على هامش الأسبوع الرفيع المستوى للجمعية العامة ٧٨ للأمم المتحدة التى عقدت فى نيويورك خلال سبتمبر الماضي، أن هناك عدم إدراك لبعض شعوب العالم بتأثيرات التغيّرات المناخية عليها، فالبعض ما زال لا يعترف بها، ويرى أنه فى منأى عنها، بما فى ذلك سكان مناطق من الأكثر تضررا بهذه التغيرات. وأشارت «نجم» إلى أن تفاقم أزمة نقص الأمن الغذائى أصبح وشيكًا، وشددت على دور جمع البيانات ومراجعتها للحد من هذه الظواهر، لمعرفة تأثير ما وصفته بـ"الهجرة المناخية" على الأراضى الزراعية.

ويعيش ٨٠٠ ألف شخص فى أفريقيا فى خطر انعدام الأمن الغذائي؛ ومن المتوقع ان يرتفع عدد الواقعين فى خط الفقر الغذائى إلى أكثر من مليار شخص فى ٢٠٣٠؛ فى ظل تراجع الإنتاج الزراعى بأكثر من ٣٠٪ بسبب الآثار المترتبة على التغير المناخى والنزاعات الأهلية المتزايدة.

وتساهم أفريقيا بنسبة ٤٪ فقط فى تغير المناخ، وهى أقل منطقة تسببت فيه بينما أكثر قارة تتأثر بآثاره السلبية، بحسب مذكرة قدمتها دولة الجابون خلال ترأسها مجلس الأمن فى أكتوبر ٢٠٢٢.

وأوضحت المذكرة التى عرضت خلال مناقشة مجلس الأمن موضوع «المناخ والأمن فى أفريقيا» ضمن أجندة «الأخطار التى تهدد السلام والأمن الدوليين»، أن أفريقيا تمثل حوالى ٤٪ فقط من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى العالمية، فهى من بين المناطق الأكثر عرضة للآثار الضارة لتغير المناخ.

معاناة القرن الأفريقى

وتعد منطقة القرن الأفريقى أكثر مناطق القارة السمراء التى تشهد موجات نزوح بسبب العوامل الطبيعية وأبرزها الجفاف، وكشف تقرير صندوق الأمم المتحدة للأنشطة السكانية الصادر فى يوليو الماضي، أن موجة الجفاف فى القرن الأفريقى أجبرت ٢.٧ مليون من السكان على النزوح خلال الفترة ما بين ٢٠٢٠ – ٢٠٢٣ بعد نفوق ١٣ مليون رأس من الماشية وجفاف مساحات شاسعة من الأراضى المنزرعة.

وأكد البنك الدولى أن تغير المناخ قد يجبر ٢١٦ مليون شخص فى ست من مناطق العالم على الارتحال داخل حدود بلدانهم بحلول ٢٠٥٠، مُشيرًا إلى أن التحرك سريعا لاتخاذ إجراءات فورية ومُنسَّقة للحد من الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة ودعم التنمية الخضراء الشاملة للجميع والقادرة على الصمود قد يحد من نطاق الهجرة بسبب تغير المناخ بنسبة تصل إلى ٨٠٪. وأضاف البنك الدولى فى تقريره الصادر سبتمبر ٢٠٢١ إلى أنه بحلول عام ٢٠٥٠، قد تشهد منطقة أفريقيا جنوب الصحراء اضطرار ما يصل إلى ٨٦ مليون شخص إلى الهجرة الداخلية بسبب تغير المناخ، وشمال أفريقيا ١٩ مليونا.

تعد البطالة إحدى أسباب الهجرة حيث تصل فى بعض البلدان إلى ٤٠٪ فى ظل تراجع متوسط النمو السنوى فى أفريقيا من ٤.١٪ فى ٢٠٢١ إلى ٣.٣٪ فى ٢٠٢٢. وترجع أسباب ارتفاع معدلات البطالة فى أفريقيا إلى جائحة كورونا والجفاف الناجم عن التغير المناخى إلى جانب عوامل عدم الاستقرار مثل الإرهاب والحروب الأهلية والتحولات السياسية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: البحر المتوسط تغير المناخ القارة السمراء البحر المتوسط تغیر المناخ فى أفریقیا أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

حالة الطقس اليوم الاثنين 30 سبتمبر 2024: ارتفاع في درجات الحرارة وتحذيرات من اضطراب الملاحة البحرية

كشفت الهيئة العامة للأرصاد الجوية عن تفاصيل حالة الطقس المتوقعة ليوم الاثنين 30 سبتمبر 2024، حيث يشهد اليوم تباينًا ملحوظًا في درجات الحرارة وظواهر جوية مختلفة تؤثر على أنحاء البلاد. 

يبدأ اليوم بطقس معتدل الحرارة في الصباح الباكر، ثم ترتفع درجات الحرارة لتصبح حارة على أغلب المناطق، وتصل إلى شديدة الحرارة في جنوب الصعيد.

ظواهر جوية مؤثرة على مدار اليوم

أعلنت هيئة الأرصاد الجوية في بيانها عن تعرض البلاد لعدة ظواهر جوية على مدار اليوم، وهي:

شبورة مائية كثيفة تتكون في ساعات الصباح الباكر على الطرق الزراعية والسريعة، مما قد يؤثر على حركة المرور.نشاط ملحوظ للرياح على معظم الأنحاء، خاصة في المناطق المكشوفة، ما يزيد من الإحساس بتحسن الأجواء خلال فترات المساء.اضطراب في الملاحة البحرية على البحر المتوسط، حيث تصل سرعة الرياح إلى 70 كم/ساعة، مع ارتفاع الأمواج إلى ما بين 2.5 و4 أمتار. وقد حذرت الأرصاد سكان المحافظات الساحلية من خطورة البحر، داعية إلى توخي الحذر.سقوط أمطار خفيفة على بعض المناطق من السواحل الشمالية الغربية وشمال الوجه البحري.الطقس خلال النهار

تسود البلاد أجواء حارة خلال النهار على معظم الأنحاء، حيث ترتفع درجات الحرارة بشكل ملحوظ.

وتتراوح درجات الحرارة العظمى بين 28 و37 درجة مئوية حسب المنطقة، حيث تصل أقصى درجات الحرارة في جنوب الصعيد (أسوان وأبو سمبل) إلى 37 درجة مئوية.

الطقس خلال الليل

أما خلال الليل، فتشهد البلاد انخفاضًا في درجات الحرارة، مع نشاط الرياح على أغلب المناطق، مما يسهم في تحسين الأجواء وجعلها أكثر اعتدالًا. 

وأوصت الأرصاد بضرورة توخي الحذر من الرياح النشطة خاصة في المناطق الساحلية والمكشوفة.

تحذيرات من الشبورة المائية

وفقًا لما رصدته خرائط الطقس، من المتوقع تكوّن الشبورة المائية صباحًا على بعض الطرق الزراعية والسريعة والقريبة من المسطحات المائية، خاصة في القاهرة الكبرى وشمال الوجه البحري. 

وتنصح الأرصاد الجوية قائدي السيارات بالالتزام بالسرعة المحددة وتشغيل الكشافات والانتظار في حالة عدم وضوح الرؤية.

حالة البحرين: البحر المتوسط والبحر الأحمر

تشير التوقعات إلى أن حالة البحر المتوسط ستكون مضطربة، مع ارتفاع الأمواج إلى ما بين 3 و3.5 أمتار، واتجاه الرياح شمالية غربية، مما يجعل الملاحة البحرية في خطر خلال اليومين القادمين.

أما حالة البحر الأحمر، فمن المتوقع أن تكون معتدلة، حيث تتراوح ارتفاع الأمواج بين 1.5 و2.25 متر، مع اتجاه الرياح شمالية غربية، ما يجعل الملاحة البحرية هناك أكثر استقرارًا مقارنة بالبحر المتوسط.

درجات الحرارة المتوقعة اليوم

وفيما يلي قائمة بدرجات الحرارة المتوقعة في مختلف المدن والمناطق:

القاهرة: 32/236 أكتوبر: 33/22الإسكندرية: 29/21شرم الشيخ: 36/26الغردقة: 35/27الأقصر: 36/24أسوان: 37/24مطروح: 28/23العريش: 30/22بورسعيد: 31/25سوهاج: 34/22قنا: 36/24نصائح وإرشادات الأرصاد للمواطنين

للسائقين: تحذر هيئة الأرصاد الجوية من تكوّن الشبورة المائية الكثيفة في الصباح الباكر، وتنصح قائدي السيارات بتوخي الحذر، والالتزام بالسرعات المحددة، وتشغيل الكشافات عند القيادة، والتوقف الفوري في حالة عدم وضوح الرؤية.

لسكان المناطق الساحلية: تناشد الهيئة سكان المحافظات الساحلية المطلة على البحر المتوسط بتوخي الحذر من اضطراب الملاحة البحرية، وعدم ممارسة الأنشطة البحرية حتى استقرار الحالة الجوية.

ملخص توقعات الطقسصباحًا: شبورة مائية خفيفة على الطرق القريبة من المسطحات المائية.نهارًا: طقس حار على أغلب الأنحاء، شديد الحرارة جنوبًا.مساءً: انخفاض في درجات الحرارة ونشاط للرياح.ملاحة بحرية: اضطراب في البحر المتوسط واعتدال في البحر الأحمر.الطقس وأثره على الحياة اليومية

مع اقتراب فصل الخريف، تشهد البلاد تغيرات جوية ملحوظة، بدءًا من انخفاض درجات الحرارة ليلًا، مرورًا بنشاط الرياح وزيادة الرطوبة النسبية، وحتى فرص تساقط الأمطار الخفيفة في بعض المناطق الشمالية. 

هذه التغيرات تؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للسكان، سواء في الحركة المرورية، أو الملاحة البحرية، أو الأنشطة الخارجية.

مقالات مشابهة

  • بي دبليو سي: تغير المناخ والتضخم يقودان قرارات المستهلكين في الشرق الأوسط
  • «الوزراء»: 170 مليون شخص معرضون لخطر الجوع بحلول 2080 بسبب تغير المناخ عالميا
  • أمطار ومنخفض جوي.. الأرصاد تحذر المواطنين من طقس 48 ساعة مقبلة
  • رزان المبارك تدعو إلى تكامل إجراءات مواجهة تغير المناخ
  • «معلومات الوزراء»: توقعات بزيادة حصة الهيدروجين من الطاقة عالميا في 2050
  • الإحصاء: أعداد المسنين حول العالم ستصل لـ 1.6 مليار شخص بحلول 2050
  • حالة الطقس اليوم الاثنين 30 سبتمبر 2024: ارتفاع في درجات الحرارة وتحذيرات من اضطراب الملاحة البحرية
  • حجم تجارة النفط العالمية قد يرتفع 12 مليون برميل يوميًا بحلول 2050
  • تغير المناخ.. خطوات للمقاومة بالزراعة والنظم الغذائية المرنة (مقال)
  • "بحوث الصحراء" يتابع مشروع إدارة المياه والتربة للأراضي الجافة