سودانايل:
2024-10-05@02:47:56 GMT

من مصارعة التعايش إلى صراع الوجود

تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT

أما آن أوان الإنزياح لهذا الجنون المفضي بالوطن ألى الهلاك؟ كيف استطال زمان الهدر والتبديد على جمر العصبية المقيتة في بلد يعرفه العالم برحابة الصبر والتسامح؟ الصراع على السلطة لا يبيح البتة الخوض في مباراة محمومة يتنافس الفرقاء فيها على تدمير البنى التحتية للافراد والشعب حد اقتلاع ركائز الاستقرار كأنها اعجاز نخل خاوية ،فتح فوهات حمامات الدم واشعال شهوة الثأر والإنتقام و نفي أجيال خارج دورة الحياة المألوفةعلى نطاق المعمورة.

ما أبعد المسافة بين ماكان عليه الوطن قبل أشهر معدودات وبين حاله الراهن! هذه ليست كلفة الحرب ففاتورة الخراب والنهوض من تحت الأنقاض يدفعها الشعب لاحقا .رفع شعار (لا للحرب)يصبح أغنية رومانسية حين لايصدر في خضم صخب صخاب على الأرض. هل رأيتم أحد مرددي هذا الشعار النبيل بين احد تجمعات المطاردين من بيوتهم!؟
وللمناضلين المثل الأدنى!
*****

في هذه الحرب المجنونة لا يعنيني الإنشغال بتجريم القاتل وتبرئك الضحية. ففي كل الحروب تكون الحقيقة هي الضحية الكبرى . في هذه الحرب القذرةلا يهمني من أطلق الرصاصة الأولى إذ التاريخ يقول المنتصرون هم من يفوزون أولاً ثم يذهبون إلى الحرب،بينما يذهب المنهزمون إلى الحرب للبحث عن إنتصار !. وفق أسوأ التقديرات الموضوعية في حق الوطن ؛ شعبه ،تاريخه ،أجياله ومكتسباته فقد انتقلنا عبر نار هذه الحرب النتنة من المصارعة في سبيل التعايش إلى الإصطراع من أجل الوجود. حتما لن نخرج جميعا من هذا العراك الدموي المدمر سالمين.كما لن يخرج أيما طرف غانما.في هذه الخسارة الفادحة يستوي الشعب ،الجيش والجنجويد.فإذا أفلح المتآمرون القتلة في بعثرة في أودية الشتات لكنهم فإنهم لن ينالوا قط من معنوياته أو يفلوا إرادته .
*****

عند المنعطف الراهن من مجرى الحزن العا رم لست معنيا بأمر ترتيب الإتهامات والمحاسبة.فلا يشغلني تحديد من يساهم في تسديد كلفة إزهاق الارواح وتدمير البنايات لكن أناسٌ كثرْ يزعمون معرفة من قبض الثمن .صدقوا أ م كذوا فالثابت إنه ثمن زهيد خاسر مقابل الخسران الجماعي المبين. بل هو قبضٌ حرام آثم بمعاير الدين والأخلاق.فكما في الحديث الشريف (التجار يُبعثون يوم القيامة فجارا إلا من إتقى الله وصدق) فمابالك بمن يتاجر في حياة وحقوق اليتامى والأرامل والمعذبين .او كما قال الحجاج بن يوسف (وجدت الكذب مع الفجور ووجدت الفجور في النار) فهل ثمة كاذب فاجر أثقل آثاما من أركان حرب الفجار هذه.فهؤلاء لا يعلمون ما للحرب من آداب ،قيم وأخلاقيات.حتى المتحججون منهم بالدين يجهلون توجيه علي بن أبي طالب لجنده(لا تقتلوا مدبراً ولا تجهزوا على جريح).
*****

ابن أبي طالب قال قولة خريج كلية أركان عصرية (الأرض جزءٌ من الجيش فهي ترفع أو تخفض قوته)تلك قاعدة لم تلغها طائرات الفانتوم أو الطائرات المسيرة.هي قاعدة تجبر قادة الترسانة الاسرائيلية رغم الإذلال العسكري المهين على التردد حد العجز أزاء رغبتهم الثأرية في اقتحام غزة. على النافخين في بوق حربنا المجنونة بأنفاس الدين أن يتذكروا أن الله لايؤجل العقاب كله إلى يوم القيامة مثلما لايرحّل الثواب كله إلى الآخرة. كما على الفرقاء المذنبين في حق الشعب إدراك أن من يكسب الحرب ليس من يقهر الطرف المقابل بل من يمتلك قلوب الشعب. هذه حقيقة تنفي زعم وجود إدعاءات مشرفة لممارسة التقتيل أو التدمير. أهم من ذلك فليعلموا أ ن الطرف الخارج من الحرب منتصرا لايستطيع صنع السلام منفرداً. فالسلام انجاز جماعي .
*****

صحيح أي سلام سيء أفضل من هذه الحرب المجنونة. لكن رفع نداء وقف الحرب ليس السبيل الآمن للخروج من تحت غبار الخراب . ربما يسكت اتفاق وقف النار البنادق لكنه لا يصنع سلاما مهما جاءت بلاغة النصوص .فالسلام الدائم يرتكز بعد الجماعة على العدالة. تلك مهمة لا تشغل بال المفاوضين بغية الوصول إلى حفل توقيع وقف النار. ذلك همٌ ينشغل به العارفون بضرورة غرس السلام في النفوس.ففي القلوب والعقول تزهر براعم السلام مثلما فيها تقدح دوما الشرارة الاولى لأي حرب.ثمة ملايين يرغبون في الرجوع إلى بيوتهم المدمرة .هم مستعدون لاستئناف الحياة وسط الركام.لكنهم لن يغفروا لمن دمّر او نهب رحيق كدهم وزهرة حياتهم .لهذا تصبح العدالة لبنة السلم الدائم.
*****

لسنا أول من يرفع شعار(لا للحرب)فثمة شبه إجماع عالمي على أن الحروب ورطة لايخرج منها منتصر حتى حينما تحقق بعض أهدافها.تلك ورطة أميركية في فيتنام، العراق وافغانستان. اتفاق وقف النار هو شهادة على اخفاق المقاتلين في إنجاز أهدافهم المتمحورة دوما في إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية داخل محيط الحرب.قوانا السياسية المنادية بوقف الحرب ليست متورطة في مستنقع الدم .لكن هذه البراءة لاتمنحها قوة لدى مخيمات ومجمعات الضحايا او معسكرات القتلة. كما لا تمنحها ثقلا في موازين القوى . لهذا هم مطالبون بمبادرات ميدانية على الأرض تمنحهم ثقلا فاعلا مؤثرا في جهود إطفاء نار الحرب . لا أحد ينكر المخاطر والمهددات . لكن لسلام يستأهل التضحيات الجسام وكلفته أعلى من كلفة الحرب لانه الطريق الى الغد.
*****

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

الفنان سيف الجامعة: أنا ضد الحرب ومع المتضررين من الانتهاكات والمجاعة

أكد الفنان السوداني سيف الدين محمد المعروف بـ”سيف الجامعة”، موقفه الرافض للحرب بكل مكوناتها، وأعلن انخراطه في مبادرات من شأنها إيقاف الحرب ورفع معاناة الشعب السوداني وإيقاف المجاعة التي باتت تهدده.

وتحدث سيف في حوار مكاشفة رصدته (التغيير) على الأسافير، عن مشروعه الفني، وقال إنه لم يتبن خيار مقاطعة الإسلاميين وغنى في منابر محسوبة عليهم إيماناً منه بإيصال صوته الداعي للحرية والمدنية.

التغيير- رصد: عبد الله برير

* هنالك اتهامات طالتك بأنك تغنيت للكيزان، ما تعليقك؟

اذكروا لي نموذجاً واحداً يثبت بأنني تغنيت للكيزان، أنا ليست لدي ارتباطات حزبية سواء بالمؤتمر الوطني أو غيره وكل الهجوم علي من أشخاص من قوى اليسار اعتقدوا أن حركة الجماهير حصرية عليهم بمعنى أنني إما أن أكون منظماً لصالح اليسار وتحديداً الحزب الشيوعي أو هذا يعني أنني كوز.

* علام ارتكزت فلسفتك في الغناء على كل المنابر بغض النظر عن توجهها؟

لم يكن لدي أدنى تحفظ في أنني اغني في أي مكان، أنا شخص مستقل في كل مواقفي التزمت جانب الشعب السوداني واعتبر نفسي فناناً قومياً لكل الناس، لم أقاطع اي منبر حتى تلك المحسوبة على الإسلاميين والتي كانت تحتاج شخصا جريئاً ليقول لهم إنكم أخطاتم في كذا وكذا، نضالي كله من 1989 حتى 2006 كان إصراراً على أن أوصل صوتي للناس وأغني للحرية والديمقراطية، لم أرفض هذه الفرصة لأن رؤيتي تختلف عن الآخرين الذين يعتمدون على المقاطعة والغياب.

* البعض يقول إن مواقفك رمادية فيما يختص بمناهضة الإنقاذ تحديداً، كيف ترد؟

لا يزايد أحد على وطنيتي ولا أكره أحداً بل أحب جميع الناس، أنا من مؤيدي الثورة وتغنيت لها وكنت واعتبر نفسي أحد المساهمين في الوعي الذي أنتج ثورة ديسمبر التي قام بها شباب يفع ونحن تجاوزنا العمر الذي نجري فيه من الشرطة، عمري الآن 65 عاماً ولا أسمح لأي جهة أن تحدد مشاركتي من عدمها ولا أسمح بالمزايدة على مواقفي، أتحدى أي شخص أن يحفظ لي موقفاً مخزياً.

* هل صنفت الثورة الفنانين بناءً على مواقفهم منها ودعمهم لها؟

السودان يسع الجميع ومحاولات البعض لإبعاد زيد أو عبيد هي ما أودت البلد إلى ما نحن فيه الآن، من مشاكل ثورة ديسمبر هذه التصنيفات ومحاولة إبعاد فلان لأنه غنى للكيزان مثلاً، كله كلام مرسل وليس عليه إثبات واحد، من يعرف لي موقفاً مخزياً فليقله، أنا واحد من مشاعل الوعي والفهم والحركة الفنية السودانية وشخص مناضل وكنت أكثر من تعرض للضغوط المستمرة في فترة الإنقاذ تصدياً لمحاولاتي في قياده مجموعة الفنانين من داخل اتحاد المهن الموسيقية، كلما حاولت الاقتراب من الإدارة إجد مقاومة شديدة من الكيزان، الشيوعيون نصحوني دائماً بأن ابتعد وهذا موقف اعتبره سلبياً ورفضته.

* ما هو الانتماء السياسي للفنان سيف الجامعة؟

كل ذنبي الذي اقترفته في الحياة أنني مستقل، أنا واحد ممن أسسوا مؤتمر الطلاب المستقلين الذي أحدث انتفاضة ابريل والذي تمخض عنه حزب المؤتمر السوداني الحالي بقيادة الدقير، وعندما تحول إلى حزب خرجت منه فوراً.

* ما هو موقفك من الحرب الدائرة في البلاد؟

ليس هنالك فنان عاقل واعي أو أي إنسان يكون مع الحرب، أنا ضد الحرب قلباً وقالباً وضد آثارها وما ترتب عليها من انتهاكات، ومع كل ما هو داعم لوقف الحرب وماشي في هذا الخط، بلادنا تحتاج إلى جهودنا جميعاً أنا عضو في مبادرات كثيرة هدفها إيقاف هذه الحرب ورفع المعاناة عن الشعب وإقالة عثرات الأسر المتضررة ومكافحة شبح المجاعة.

الفنان سيف الجامعة * ما هي كواليس استنكار بعض الجهات لإحدى حفلاتك بجامعة الخرطوم؟

في العام 2004 و2005 غنيت في جامعة الخرطوم بكلية الآداب في حفل استقبال الطلاب الجدد، منظمو الحفل لم يقابلوني بصورة شخصية بل اتفقوا عبر اتحاد الفنانين، جئت يوم الحفل ووجدت الجمهور موجوداً وكان هذا عقب عودتي السودان، كنت متحمساً وغنيت الغناء الخاص بي من أعمال الراحل محبوب شريف والموصلي والنخلي وجاءني بعض الطلاب المنتمين للجبهة الديمقراطية وتساءلوا: كيف أغني غناء الراحل محجوب شريف للكيزان، الامر لا يفرق معي أنهم كيزان أو غيرهم لأن الفنان لا يختار الجمهور، ومكتب الارتباطات لا يسأل طالب الحفل هل أنت شيوعي أم حزب أمة مثلاً، غنيت في جميع الكليات والجامعات داخل وخارج الخرطوم سواء كان اتحاد الطلاب إسلامي أو لا، وأعتقد “دا ما شغلي”.

* هل طلب منك محجوب شريف عدم التغني بأشعاره نهائياً؟

ناس الجبهة الديمقراطية ذهبوا إلى محجوب شريف وأخبروه بأنني أغني للكيزان وأرسل لي محامياً ينتمي للحزب الشيوعي وأوصل لي رسالة بأن الأستاذ طلب مني عدم أداء أغنياته مجدداً ووافقت احتراماً للعلاقة وأوقفت غناء مريم ومي ومريم محمود، وبعد ذلك ظل بعض الشيوعيين يرددون بأن سيف الجامعة تراجع وباع القضية وأنا أردد في المنابر واتساءل لمن بعت هذه القضية وبكم؟ الحرية والديمقراطية ليست قابلة للشراء.

* ما هو موقفك من الجيش السوداني وكواليس تغنيك له في الأوبريت الشهير؟

ليس لدي موقف ضد الجيش وحينما غنينا في أوبريت القوات المسلحة كان الجيش السوداني قد استعاد الفشقة وشارك في هذا العمل 18 مطرباً في  أغنية لحنها عمر الشاعر وتتكلم عن القوات المسلحة التي حققت انتصاراً على عدو خارجي لأول مرة لأن كل الحروبات كانت داخلية، ننظر للجيش كمؤسسة قومية ولا تعجبنا المعركة الدائرة حالياً لكنني ساعٍ وبشدة كما ذكرت لإيقاف الحرب ولست بصدد الحديث عن تاريخي، حينما قامت الثورة انخرطت في عدد من المبادرات القومية السودانية وشاركت في المفاوضات على الوثيقة الدستورية المعروفة واحتفل بنا الوسيط الأفريقي وذكر ذلك في كتابه، شاركت مع الشعب في مليونية 30 يونيو مما ساهم في انصياع العساكر ونجح ضغط الشارع حتى وقعوا على الوثيقة.

* هل انت راضٍ عن مشروعك الفني ومواقفك الوطنية؟

ضميري مرتاح جداً ولن أعتذر عن شئ عملته بقناعة، لم أقم بشئ ضد الشعب السوداني الذي يحفظ لي طبل العز ضرب وغنيتها للانتفاضة عام 1985م وقدمت أعمالاً عظيمة لشعراء كبار مثل القدال وحميد وأزهري وغيرهم، وهي أعمال ذات صبغة وطنية وقومية، على من ينتقدني أن يفعل ذلك بذكر الحقائق وليس بالافتراءات، وأكرر مجدداً لم أؤلف أو أغن أو ألحن للكيزان ولا لمن له علاقة مباشرة بهم ولست عضواً في المؤتمر الوطني أو الحركة الإسلامية.

الوسومالانتفاضة الجبهة الديمقراطية الجيش السوداني الحرب الدقير السودان الفنان سيف الجامعة الكيزان المؤتمر الوطني جامعة الخرطوم حزب المؤتمر السوداني محجوب شريف

مقالات مشابهة

  • عاجل - إيران وإسرائيل على خط النار.. هل يقود تحريض ترامب المنطقة نحو صراع نووي؟
  • بسبب الحرب.. بريطانيا تُجلي 250 من مواطنيها في لبنان
  • الأمم المتحدة: «يونيفيل» تتواجد على طول الخط الأزرق لدعم الشعب اللبناني
  • عراقجي: إنهاء الحرب في لبنان وغزة يجب أن يكونان متزامنان
  • رجال الدين في السودان.. صراع التأصيل للحرب ودعوات المحبة والسلام
  • الفنان سيف الجامعة: أنا ضد الحرب ومع المتضررين من الانتهاكات والمجاعة
  • الرئيس السيسي: السلام العادل هو الحل الوحيد لضمان التعايش الآمن والمستدام بين شعوب المنطقة
  • قلب صناعي لمحمد الباشا: استعادة الوجود
  • وزير الخارجية الإيطالي يحمًل إيران مسؤولية نشوب صراع إقليمي واسع
  • الدعامة أردوا شابًا (أطرش) بالرصاص لهذا السبب (..)