سودانايل:
2025-01-31@20:17:13 GMT

من مصارعة التعايش إلى صراع الوجود

تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT

أما آن أوان الإنزياح لهذا الجنون المفضي بالوطن ألى الهلاك؟ كيف استطال زمان الهدر والتبديد على جمر العصبية المقيتة في بلد يعرفه العالم برحابة الصبر والتسامح؟ الصراع على السلطة لا يبيح البتة الخوض في مباراة محمومة يتنافس الفرقاء فيها على تدمير البنى التحتية للافراد والشعب حد اقتلاع ركائز الاستقرار كأنها اعجاز نخل خاوية ،فتح فوهات حمامات الدم واشعال شهوة الثأر والإنتقام و نفي أجيال خارج دورة الحياة المألوفةعلى نطاق المعمورة.

ما أبعد المسافة بين ماكان عليه الوطن قبل أشهر معدودات وبين حاله الراهن! هذه ليست كلفة الحرب ففاتورة الخراب والنهوض من تحت الأنقاض يدفعها الشعب لاحقا .رفع شعار (لا للحرب)يصبح أغنية رومانسية حين لايصدر في خضم صخب صخاب على الأرض. هل رأيتم أحد مرددي هذا الشعار النبيل بين احد تجمعات المطاردين من بيوتهم!؟
وللمناضلين المثل الأدنى!
*****

في هذه الحرب المجنونة لا يعنيني الإنشغال بتجريم القاتل وتبرئك الضحية. ففي كل الحروب تكون الحقيقة هي الضحية الكبرى . في هذه الحرب القذرةلا يهمني من أطلق الرصاصة الأولى إذ التاريخ يقول المنتصرون هم من يفوزون أولاً ثم يذهبون إلى الحرب،بينما يذهب المنهزمون إلى الحرب للبحث عن إنتصار !. وفق أسوأ التقديرات الموضوعية في حق الوطن ؛ شعبه ،تاريخه ،أجياله ومكتسباته فقد انتقلنا عبر نار هذه الحرب النتنة من المصارعة في سبيل التعايش إلى الإصطراع من أجل الوجود. حتما لن نخرج جميعا من هذا العراك الدموي المدمر سالمين.كما لن يخرج أيما طرف غانما.في هذه الخسارة الفادحة يستوي الشعب ،الجيش والجنجويد.فإذا أفلح المتآمرون القتلة في بعثرة في أودية الشتات لكنهم فإنهم لن ينالوا قط من معنوياته أو يفلوا إرادته .
*****

عند المنعطف الراهن من مجرى الحزن العا رم لست معنيا بأمر ترتيب الإتهامات والمحاسبة.فلا يشغلني تحديد من يساهم في تسديد كلفة إزهاق الارواح وتدمير البنايات لكن أناسٌ كثرْ يزعمون معرفة من قبض الثمن .صدقوا أ م كذوا فالثابت إنه ثمن زهيد خاسر مقابل الخسران الجماعي المبين. بل هو قبضٌ حرام آثم بمعاير الدين والأخلاق.فكما في الحديث الشريف (التجار يُبعثون يوم القيامة فجارا إلا من إتقى الله وصدق) فمابالك بمن يتاجر في حياة وحقوق اليتامى والأرامل والمعذبين .او كما قال الحجاج بن يوسف (وجدت الكذب مع الفجور ووجدت الفجور في النار) فهل ثمة كاذب فاجر أثقل آثاما من أركان حرب الفجار هذه.فهؤلاء لا يعلمون ما للحرب من آداب ،قيم وأخلاقيات.حتى المتحججون منهم بالدين يجهلون توجيه علي بن أبي طالب لجنده(لا تقتلوا مدبراً ولا تجهزوا على جريح).
*****

ابن أبي طالب قال قولة خريج كلية أركان عصرية (الأرض جزءٌ من الجيش فهي ترفع أو تخفض قوته)تلك قاعدة لم تلغها طائرات الفانتوم أو الطائرات المسيرة.هي قاعدة تجبر قادة الترسانة الاسرائيلية رغم الإذلال العسكري المهين على التردد حد العجز أزاء رغبتهم الثأرية في اقتحام غزة. على النافخين في بوق حربنا المجنونة بأنفاس الدين أن يتذكروا أن الله لايؤجل العقاب كله إلى يوم القيامة مثلما لايرحّل الثواب كله إلى الآخرة. كما على الفرقاء المذنبين في حق الشعب إدراك أن من يكسب الحرب ليس من يقهر الطرف المقابل بل من يمتلك قلوب الشعب. هذه حقيقة تنفي زعم وجود إدعاءات مشرفة لممارسة التقتيل أو التدمير. أهم من ذلك فليعلموا أ ن الطرف الخارج من الحرب منتصرا لايستطيع صنع السلام منفرداً. فالسلام انجاز جماعي .
*****

صحيح أي سلام سيء أفضل من هذه الحرب المجنونة. لكن رفع نداء وقف الحرب ليس السبيل الآمن للخروج من تحت غبار الخراب . ربما يسكت اتفاق وقف النار البنادق لكنه لا يصنع سلاما مهما جاءت بلاغة النصوص .فالسلام الدائم يرتكز بعد الجماعة على العدالة. تلك مهمة لا تشغل بال المفاوضين بغية الوصول إلى حفل توقيع وقف النار. ذلك همٌ ينشغل به العارفون بضرورة غرس السلام في النفوس.ففي القلوب والعقول تزهر براعم السلام مثلما فيها تقدح دوما الشرارة الاولى لأي حرب.ثمة ملايين يرغبون في الرجوع إلى بيوتهم المدمرة .هم مستعدون لاستئناف الحياة وسط الركام.لكنهم لن يغفروا لمن دمّر او نهب رحيق كدهم وزهرة حياتهم .لهذا تصبح العدالة لبنة السلم الدائم.
*****

لسنا أول من يرفع شعار(لا للحرب)فثمة شبه إجماع عالمي على أن الحروب ورطة لايخرج منها منتصر حتى حينما تحقق بعض أهدافها.تلك ورطة أميركية في فيتنام، العراق وافغانستان. اتفاق وقف النار هو شهادة على اخفاق المقاتلين في إنجاز أهدافهم المتمحورة دوما في إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية داخل محيط الحرب.قوانا السياسية المنادية بوقف الحرب ليست متورطة في مستنقع الدم .لكن هذه البراءة لاتمنحها قوة لدى مخيمات ومجمعات الضحايا او معسكرات القتلة. كما لا تمنحها ثقلا في موازين القوى . لهذا هم مطالبون بمبادرات ميدانية على الأرض تمنحهم ثقلا فاعلا مؤثرا في جهود إطفاء نار الحرب . لا أحد ينكر المخاطر والمهددات . لكن لسلام يستأهل التضحيات الجسام وكلفته أعلى من كلفة الحرب لانه الطريق الى الغد.
*****

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

مقرر أممي: إسرائيل خلفت دمارا بغزة لم نره منذ الحرب العالمية الثانية

قال المقرر الأممي المعني بالحق في السكن بالاكريشنان راجاجوبال، إن إسرائيل بارتكابها إبادة جماعية في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، "خلفت دمارا في القطاع لم نشهد مثله منذ الحرب العالمية الثانية" بين عامي 1939 و1945.

وأشار راجاجوبال في مقابلة معه، إلى أن الدمار في قطاع غزة "غير مسبوق من حيث نطاقه ووحشيته وتأثيره الهائل على الفلسطينيين الذين يعيشون هناك".

ولفت إلى دمار أكثر من 80% من المنازل في غزة بالكامل، و"هو ما لا يشبه ما حدث عندما جرى تدمير مدينة دريسدن الألمانية".

وأوضح أن فلسطينيي غزة يواجهون تحديات ضخمة بين الأنقاض، وإزالة الحطام وإعادة بناء حياتهم.

اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي مستشفى الشفاء بغزة عدة مرات ودمر وأحرق مبانيه (رويتزر) دمار شامل

وقال المقرر الأممي "عملت في مجال العلاقات الدولية لأكثر من 40 عاما ولم أشهد قط صراعا مدمرا كهذا".

وأضاف "لم أشهد مثل هذا المستوى من الدمار، ليس فقط للمنازل، بل للمباني الدينية والمدارس وجميع المؤسسات والمحلات التجارية".

وأردف "أستطيع القول إنه منذ الحرب العالمية الثانية، سواء لدى قصف هيروشيما وناغازاكي بالقنابل النووية أو عندما دُمّرت مدينة دريسدن بالكامل، لم نشهد دمارا بهذا الحجم. حتى في دريسدن، لم تُدمَّر المدينة بأكملها كما هو الحال في غزة".

وأوضح أن الفلسطينيين الذين عادوا إلى غزة أو أجبروا على الرحيل مصدومون من مستوى الدمار، وأن الجميع يتساءلون كيف سيكون من الممكن إعادة البناء.

إعلان

وأكد أن "الأولوية في غزة الآن هي تقديم المساعدات الإنسانية حتى يتمكن الناس من العيش عند عودتهم"، وشدد على الحاجة الملحة للوصول إلى المأوى في غزة.

وذكر أنه عقب إقامة الفلسطينيين بغزة خيامهم ومنازلهم بفضل المساعدات، يجب وضع خطط إعادة الإعمار موضع التنفيذ.

وشدد على ضرورة إزالة الحطام في غزة أولا، وخطورة وجود ذخائر غير منفجرة وسط الحطام.

ألقت إسرائيل نحو 100 ألف طن من القنابل على غزة (رويترز) وقف العدوان

وأوضح راجاجوبال أن الدول مستعدة لمساعدة غزة، لكنها تريد التأكد من أن المباني التي بنتها لن تدمرها إسرائيل مرة أخرى إذا استؤنف الصراع.

وقال "لهذا ينبغي احترام حق الفلسطينيين في تقرير المصير بشكل كامل، وضمان إقامة دولة فلسطينية تعيش بسلام في المنطقة، إضافة إلى توفير الأمن الكافي لإعادة بناء بنيتها التحتية المادية والإنسانية كاملة".

وأكد على أهمية ضمان احترام جميع الأطراف لاتفاق وقف إطلاق النار كاملا.

وشدد على ضرورة أن تحصل الدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار، وهي قطر ومصر والولايات المتحدة، على الدعم من بقية المجتمع الدولي.

إبادة حقيقية

وقال المقرر الأممي إن "ما حدث في غزة هو إبادة جماعية حقيقية لأنه يخلق ظروفا تجعل الحياة مستحيلة وتجعل غزة غير صالحة للسكن".

وأضاف "إذا جعلت منطقة أو مكانا غير صالح للسكن للأشخاص الذين يعيشون فيه، فهذا في الواقع عمل من أعمال الإبادة الجماعية".

وشدد على أن وجود اتفاق لوقف إطلاق النار "لا يعني أن الإبادة الجماعية قد توقفت".

وأردف "الإبادة الجماعية تستمر طالما أن غزة غير صالحة للعيش لشعبها، وطالما أن هناك ظروفا قد تؤدي إلى القضاء على الشعب (الفلسطيني) بالكامل أو جزء منه".

وتابع "اتفاق وقف إطلاق النار لا يتحدث عن العدالة للجرائم التي ارتُكبت في غزة، لكن هذا لا يعني أن الأطراف التي ارتكبت هذه الجرائم، لا سيما الجنود الإسرائيليين، ستظل دون عقاب. يجب عليهم أن يتحملوا المسؤولية أمام المحاكم الدولية".

إعلان

وفي 19 يناير/كانون الثاني الجاري، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة.

ويتكون الاتفاق من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية وثالثة وصولا لإنهاء حرب الإبادة.

وبدعم أميركي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت نحو 159 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • سموتريتش يهدد باستئناف حرب غزة.. المحور العربي المعتدل يطالبنا بتدمير حماس
  • هاتفيا.. وزير الخارجية والهجرة يبحث مع مفتي لبنان نموذج التعايش المشترك والوحدة الوطنية
  • تقرير أمريكي: تكتيكات الحرب في البحر الأحمر ستفيد واشنطن في صراع محتمل مع الصين (ترجمة خاصة)
  • الشرق الأوسط… صراع العروش
  • سموتريتش: نتنياهو وترمب ملتزمان بإزالة حماس من حكم غزة
  • «إعلام عبري»: 4% من الإسرائيليين يرون أن الحرب على غزة حققت أهدافها كاملة
  • مقرر أممي: إسرائيل خلفت دمارا بغزة لم نره منذ الحرب العالمية الثانية
  • WP: دول خليجية تتطلّع لـما بعد الحرب بغزة منذ وقف إطلاق النار
  • WP: دول خليجة تتطلّع لـما بعد الحرب بغزة منذ وقف إطلاق النار
  • الوجود الأجنبي .. التفريط .. التلاعب بهويّة الدوله