الجزيرة:
2025-03-16@03:29:45 GMT

طوفان الأقصى.. مظاهر الفشل الإسرائيلي

تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT

طوفان الأقصى.. مظاهر الفشل الإسرائيلي

تعيش إسرائيل، حكومة وجيشا ومجتمعا، حالة صدمة كبيرة على أثر هجوم "طوفان الأقصى" المباغت الذي شنته "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس على منطقة "غلاف غزة"، المتاخمة لحدود القطاع. وهو الهجوم الذي أسفر في حصيلته الأولية عن مقتل 600 جندي ومستوطن، وجرح 2000 آخرين، فضلا عن أسر العشرات من الجنود والمستوطنين وجلبهم إلى قطاع غزة.

فهناك شبه إجماع في أوساط المراقبين في تل أبيب بأن الفشل الذي منيت به إسرائيل في المواجهة المتواصلة مع حركة حماس يفوق بكثير فشلها في حرب 1973، من منطلق أن إسرائيل واجهت في تلك الحرب دولا تحوز على جيوش قوية، فضلا عن أن إسرائيل تملك حاليا مقدرات عسكرية وتتمتع بكفاءة استخبارية لا يمكن مقارنتها مع ما كانت عليه الأمور في 1973.

"رجال حماس أكثر تصميما من حزب الله، شجعان، ليسوا أغبياء، إنهم يعرفون ما يقدمون عليه، يتوجب عدم الاستخفاف بهم، لديهم طاقة صبر، اليأس لا يصل إليهم، إنهم يستغلون الفرص ويمكن أن يكونوا خطيرين للغاية". مسؤول في أحد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية

وقد تمظهر الفشل الإسرائيلي في هذه المواجهة في إخفاق الأجهزة الاستخبارية للاحتلال في الحصول على معلومات مسبقة كان يمكن أن تسهم في إحباط الهجوم أو على الأقل تقلص الأضرار الناجمة عنه. مع العلم أنه لا خلاف على أن "كتائب القسام" خططت لهذا الهجوم منذ مدة طويلة، فضلا عن أن الكثير من قيادات "الكتائب" وعناصرها كانوا منغمسين في الإعداد له مما كان يفترض أن يساعد الاستخبارات الإسرائيلية على الحصول على معلومات مسبقة عنه.

كما تمثل فشل الاحتلال في تهاوي الدفاعات الإسرائيلية البرية والبحرية والجوية أمام الهجوم الذي شنته "كتائب القسام". فعلى الصعيد البري تمكن مقاتلو "كتائب القسام" من اجتياز الجدار الحدودي الذي أنفقت إسرائيل مليات الدولارات من أجل تدشينه بحيث يحول دون السماح بتسلل المقاومين.

مما أثار استهجان النخب الإسرائيلية أن الفرقة العسكرية التي تتولى تأمين الحدود والمستوطنات الواقعة في تخومها، والتي تضم 3 من ألوية الصفوة في سلاح المشاة، يصل تعدادها أكثر من ألفي ضابط وجندي، قد تبخرت ولم تتمكن من صد الهجوم. فقد تمكن عناصر "القسام" من اجتياز الحدود والسيطرة على المواقع العسكرية واقتحام المستوطنات وقتل عدد كبير من الجنود والمستوطنين وأسر آخرين.

كما أن عمليات الإنزال التي نفذتها "كتائب القسام" عبر الجو بواسطة الطائرات الشراعية وعبر البحر عبر قوارب، عكست أيضا تهاوي الدفاعات الجوية والبحرية. كما مثل الهجوم الذي ترافق مع إطلاق "كتائب القسام" آلاف الصواريخ مؤشرا إضافيا على عجز منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية وتحديدا "القبة الحديدية".

فضلا عن ذلك، فإن السهولة التي نقلت بها "كتائب القسام" أسراها من عمق إسرائيل إلى داخل قطاع غزة دون تمكن جيش  الاحتلال من اعتراضها، ومواصلة "كتائب القسام" عمليات التسلل والسيطرة على المستوطنات حتى بعد مرور حوالي 36 ساعة على بدء الهجوم يعد فشلا آخر مدويا لإسرائيل وجيشها.

كما أن حالة الإرباك التي أصابت الحكومة الإسرائيلية التي عجزت عن تقديم إجابات للجمهور الإسرائيلي حول ما جرى وحقيقة الخسائر البشرية التي لحقت بالجيش والمستوطنين أثارت الكثير من التساؤلات حول أهلية المستوى السياسي لإدارة أزمة من هذا القبيل.

دلل الهجوم الذي شنته "كتائب القسام" على فشل الافتراضات التي حكمت سياسة إسرائيل تجاه غزة، حيث اعتقدت القيادتان العسكرية والسياسية في تل أبيب أن حركة حماس غير معنية بالتصعيد، وكل ما يعنيها تثبيت حكمها في القطاع عبر تحسين الأوضاع الاقتصادية .

إلى جانب ذلك فقد أثرت مظاهر نجاح الهجوم الحمساوي، كما عكست ذلك الفيديوهات التي بثتها "كتائب القسام" والتي وثقت عمليات الاقتحام والتسلل والسيطرة على المواقع وأسر الجنود والمستوطنين ونقلهم إلى عمق قطاع غزة، على الوعي الجمعي للمجتمع الإسرائيلي بأسره ومست بمعنويات الإسرائيليين. وقد تُكرس انطباعا لدى المراقبين في تل أبيب أن حركة حماس قد حققت انتصارا مبكرا بغض النظر عن النتائج النهائية للحرب التي أعلنتها إسرائيل على غزة في أعقاب الهجوم.

كتب المعلق الإسرائيلي بن كاسبيت في صحيفة "معاريف": "لقد نفذت حماس هجومها لتحصل على صورة نصر لكنها عادت بألبوم كامل من هذه الصور"

وعلى الرغم من الغضب الذي يعتمل في صدور الإسرائيليين تجاه حركة حماس في أعقاب الهجوم، فإن القيادات العسكرية للاحتلال باتت أكثر تقديرا لرجال حماس. فقد نقلت صحيفة "معاريف" عن مسؤول كبير في أحد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قوله: "رجال حماس أكثر تصميما من حزب الله، شجعان، ليسوا أغبياء، إنهم يعرفون ما يقدمون عليه، يتوجب عدم الاستخفاف بهم، لديهم طاقة صبر، اليأس لا يصل إليهم، إنهم يستغلون الفرص ويمكن أن يكونوا خطيرين للغاية".

وعلى الرغم من أن إسرائيل قد أعلنت حالة الحرب على غزة لأول مرة منذ 50 عاما، فإن خياراتها العسكرية تجاه القطاع تبدو محدودة.

فمن الصعب جدا على حكومة نتنياهو أن تحدد أهدافا إستراتيجية وعملياتية لهذه الحرب. فلو أعلنت إسرائيل أن هدفها القضاء على حركة حماس في قطاع غزة فإن هذا سيعني تنفيذ عملية برية واسعة النطاق ستفضي إلى إعادة  قطاع غزة وتورطها في الوحل الغزي إلى أمد بعيد جدا. فضلا عن ذلك، فإن هذا التوجه سيفضي إلى سقوط آلاف القتلى في صفوف جيش الاحتلال والمستوطنين.

حسب كل المؤشرات فإن إسرائيل قد تشرع، تحت تأثير الرغبة في إشباع غريزة الانتقام، في تنفيذ عملية برية في عمق قطاع غزة قد تفضي إلى سقوط  آلاف "إن لم يكن أكثر" من القتلى في صفوف المدنيين الفلسطينيين. لكن سقوط أعداد كبيرة من القتلى في صفوف المدنيين الفلسطينيين سيعزز من فرص تفجر مواجهة متعددة الساحات. وإن كانت إسرائيل قد وظفت كل إمكاناتها العسكرية والاستخبارية قبل الهجوم في محاولة لاحتواء عمليات المقاومة في الضفة الغربية، فإن سقوط عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين خلال الحرب على غزة سيؤجج هذه المقاومة في ظل تراجع الوجود العسكري الإسرائيلي هناك، حيث إن إسرائيل ستكون معنية بتركيز ثقلها العسكري ضد غزة ومقاومتها. ويمكن للمقاومة الفلسطينية أن تركز عملياتها داخل إسرائيل وضد قوات الاحتلال ومستوطنيه في الضفة الغربية ذاتها.

في الوقت ذاته فإن حربا تجبي أرواح الكثير من المدنيين في قطاع غزة قد تدفع فلسطينيي الداخل إلى التحرك والاشتباك مع قوات الاحتلال، تماما كما حدث خلال الحرب على غزة في مايو 2021.

لكن سيناريو الرعب الذي تخشاه إسرائيل يتمثل في فتح حزب الله مواجهة جديدة خلال عملياتها في قطاع غزة. فمبادرة حزب الله إلى فتح هذه المواجهة يمكن أن يقلب حسابات إسرائيل رأسا على عقب. فحزب الله يحوز على ترسانة صواريخ تمتاز بعددها الهائل ومدياتها الطويلة ورؤوسها الثقيلة، فضلا عن أن الكثير منها صورايخ ذات دقة إصابة عالية، بشكل يمكنها من ضرب مؤسسات ومقدرات عسكرية ومدنية حساسة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: کتائب القسام الهجوم الذی حرکة حماس الکثیر من قطاع غزة حزب الله على غزة فضلا عن

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تشدد قيودها على وصول الفلسطينيين للأقصى في ثاني جمعة برمضان

فرضت إسرائيل قيودا مشددة على وصول الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة إلى مدينة القدس للصلاة بالمسجد الأقصى في ثاني جمعة من شهر رمضان، وبالتزامن مع استمرار اقتحامات المستوطنين اليومية للأقصى خلال رمضان.

وعزز الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية من قواته على المعابر المؤدية إلى القدس، ودقّق في هويات الفلسطينيين، ورفض دخول بعضهم بدعوى عدم الحصول على تصاريح خاصة.

ورغم حصولهم على التصاريح المطلوبة، منع جيش الاحتلال فلسطينيين من محافظتي جنين وطولكرم (شمال الضفة) من الوصول إلى القدس لأداء صلاة الجمعة في رحاب المسجد الأقصى المبارك.

ويأتي ذلك في ظل تواصل العملية العسكرية الإسرائيلية في محافظتي جنين وطولكرم منذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي، والتي خلفت دمارا كبيرا طال المنازل والبنى التحتية وتسببت بتهجير نحو 40 ألف فلسطيني واعتقال نحو 400، وقتل نحو 50، بحسب مصادر فلسطينية.

كما شهد حاجز قلنديا شمال القدس، وحاجز 300 جنوب المدينة، ازدحاما على بوابات الدخول من الضفة باتجاه القدس.

وتمنع سلطات الاحتلال فلسطينيي الضفة الغربية المحتلة من الوصول إلى المسجد الأقصى منذ بداية رمضان وفق سياستها التي تطبقها منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

رصدت عدسات مصلين فجر اليوم الجمعة انتشارا مكثفا لشرطة الاحتلال الإسرائيلي بين المصلين في المسجد الأقصى المبارك، مع تحليق لطائرة درون فوق ساحات المسجد لمراقبة المصلين.
ومنذ بداية شهر رمضان تقتحم شرطة الاحتلال باحات الأقصى على مدار الساعة وتتجول بين المصلين، خصوصا أثناء صلاتي الفجر… pic.twitter.com/yodgbelhT5

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) March 14, 2025

إعلان قيود مشددة في رمضان

وفي السادس من مارس/آذار الجاري صادق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على فرض قيود مشددة على وصول المصلين الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى خلال أيام الجمعة في شهر رمضان.

وجاء في بيان صدر عن مكتب نتنياهو، أن الحكومة أقرت توصية المنظومة الأمنية بالسماح لعدد محدود من المصلين من الضفة بدخول المسجد وفقا للآلية المتبعة العام الماضي.

ووفق التوصية، سيسمح فقط للرجال فوق 55 عاما، والنساء فوق 50 عاما، والأطفال دون سن 12 عاما بدخول المسجد الأقصى المبارك بشرط الحصول على تصريح أمني مسبق والخضوع لفحص أمني شامل عند المعابر المحددة.

ويتزامن هذا القرار مع استمرار اقتحام مئات المستوطنين الإسرائيليين للمسجد الأقصى يوميا خلال رمضان، وسط تصعيد إجراءات التضييق على الفلسطينيين القادمين من الضفة الغربية.

تغطية صحفية: توافد أهالي من الضفة الغربية إلى حاجز قلنديا لأداء صلاة الجمعة الثانية من رمضان في المسجد الأقصى وسط إجراءات أمنية مشددة pic.twitter.com/2AM5JiT1KB

— الجرمق الإخباري (@aljarmaqnet) March 14, 2025

يذكر أنه منذ بدء العدوان على غزة والضفة، اقتحم أكثر من 68 ألف مستوطن المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال، وسط تشديد إجراءات الدخول للمسجد، ومداخل البلدة القديمة.

وفي الجمعة الماضية تمكن نحو 90 ألف فلسطيني من أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، رغم القيود الإسرائيلية المشددة، وفي ظل الطقس الشتوي الماطر الذي شهدته المدينة.

وخلال رمضان العام الماضي كانت غالبية المصلين بالمسجد الأقصى من سكان القدس الشرقية والمواطنين العرب في الداخل الفلسطيني.

وكانت السلطات الإسرائيلية فرضت قيودا مشددة على وصول الفلسطينيين من الضفة إلى القدس الشرقية منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، في حين أعلنت الشرطة نشر تعزيزات أمنية إضافية في القدس مع حلول شهر رمضان.

إعلان

ويعتبر الفلسطينيون هذه الإجراءات جزءا من محاولات إسرائيل لتهويد القدس الشرقية، بما في ذلك المسجد الأقصى، وطمس هويتها العربية والإسلامية.

مقالات مشابهة

  • علماء فلسطين تدعو لنصرة الأقصى تدين تصاعد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحقه
  • فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟
  • ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟
  • الجمعة الثانية.. إسرائيل تشدد قيودها على وصول الفلسطينيين للأقصى
  • نتنياهو يقدم شكوى إلى الشرطة ضد رئيس الشاباك السابق نداف أرجمان
  • إسرائيل تشدد قيودها على وصول الفلسطينيين للأقصى في ثاني جمعة برمضان
  • حماس تحذر من التصعيد الإسرائيلي في الأقصى وتدعو للنفير العام
  • «حكماء المسلمين» يُدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف قطارًا جنوب غرب باكستان
  • آثار الدمار في المبنى السكني الذي استهدفته طائرات الاحتلال الإسرائيلي في مشروع دمر بدمشق
  • الجيش: تسلمنا العسكري الذي اختطفته إسرائيل