عربي21:
2024-09-19@03:34:06 GMT

طوفان الأقصى يجتاح الاحتلال

تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT

مضى نصف قرن منذ معركة الكرامة العربية ضد الاحتلال الصهيوني عام 1973، ويبدو أن توقيت المعركة ناسب قادة المقاومة الفلسطينية، فأعادوا مباغتة الاحتلال في أكبر عملية عسكرية في الداخل المحتل منذ هزيمة الجيوش العربية عام 1948.

تثير عملية طوفان الأقصى إعجابا وانبهارا كبيريْن للمؤمنين بعدالة القضية الفلسطينية، وأول أسباب الإعجاب، السرية المطبقة لعملية استغرق إعدادها سنوات طويلة، وسط رقابة صهيونية على الأرض ومن السماء، وجهاز استخباراتي شديد التقدم، لكن اتضح أنه متقدم في أدوات التكنولوجيا لا في كفاءة استخدامها، فحركة حماس محدودة القدرات والنطاق الجغرافي، استطاعت التخطيط والتدرب على عملية عسكرية شديدة القوة والاتساع، تحت سمع وبصر العدو، وربما بعض أصدقائه الدوليين والإقليميين.



ثاني الأسباب هو كفاءة التنفيذ العالية التي صاحبت انطلاق المعركة، كالاستيلاء على القواعد العسكرية، وتحييد أفرادها، وإخراج آلياتها من الخدمة، وأسر ضباط وجنود بأعداد كبيرة لإخلاء السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين، والضغط على حكومة المتطرف ومجرم الحرب نتنياهو، من أجل كبح جماح ردة فعله على المدى القصير أو المتوسط في عدوانه المتوقع، بغية حفظ ماء الوجه.

كانت قوة وكفاءة العملية تشبه ما حققه العرب في معركة 1973، مع فارق أن الانتصار الذي تحقق منذ نصف قرن كان يدور على الأراضي المحتلة لمصر وسوريا، بينما الطوفان يدك الداخل المحتل، كذلك هبَّت الولايات المتحدة لنجدة الدولة الضعيفة والهشة والمهزومة أمام أي اختبار عسكري حقيقي.. فعلت ذلك في حرب 1973، وتُكرر حركتها اليوم مع انطلاق الطوفان الفلسطيني، لتتأكد أمام الدنيا حقيقة أن جيش الاحتلال ضعيف
يلفت النظر أيضا شكل الهجوم الذي لم يكن من الأنفاق كما كان يتصور الصهاينة، فقد اعتمدت مناوراتهم وتدريباتهم على قتال الأنفاق، لكن المقاومين خرجوا لهم من البر والبحر والجو. وقد أثار الهجوم الجوي المفاجأة لدى كثيرين رغم بساطة إمكانياته، كما فاجأنا المقاومون بالدفاعات الجوية الجديدة، فضلا عن قوات النخبة التي هزمت قوات نخبة الاحتلال.

كانت قوة وكفاءة العملية تشبه ما حققه العرب في معركة 1973، مع فارق أن الانتصار الذي تحقق منذ نصف قرن كان يدور على الأراضي المحتلة لمصر وسوريا، بينما الطوفان يدك الداخل المحتل، كذلك هبَّت الولايات المتحدة لنجدة الدولة الضعيفة والهشة والمهزومة أمام أي اختبار عسكري حقيقي.. فعلت ذلك في حرب 1973، وتُكرر حركتها اليوم مع انطلاق الطوفان الفلسطيني، لتتأكد أمام الدنيا حقيقة أن جيش الاحتلال ضعيف، واستخباراته فاقدة للكفاءة العملية، وأنه لا يجيد سوى الصراخ والاستنجاد بالقوى التي لفظته من أرضها وزرعته في أرضنا، ولا يجيد سوى قلب الحقائق وادعاء المظلومية بصورة ممجوجة، وترويج دولي لتلك الوقاحة، ولا يجيد سوى قتل المدنيين بالقصف الجوي دون مواجهة على الأرض.

استطاع المقاومون دفع نتنياهو المتغطرس ووزير الحرب في جيشه، إلى التفكير بجدية في اجتياح برَّي لغزة، وهي اللحظة التي يأملها المقاومون ليذيقوه خسائر فوق الخسائر، وليضبطوا ميزان المعارك مرة أخرى، وليعلم القاصي والداني حجم وقوة وكفاءة جيش الاحتلال أمام حركات بسيطة لا تملك مدفعية ثقيلة أو منظومة دفاع جوي متطورة أو طائرات قتالية ولو قديمة الطراز.

مع هذا الوهن الكبير في قوة وكفاءة "أقوى جيش في المنطقة"، أصبح فتح جبهة شمالية مسألة مرعبة ومؤرقة لقادة "بيت العنكبوت"، كما يحلو القول للسيد حسن نصر الله، ولا يزال جيش الاحتلال يتعامل بحذر في ردود أفعاله على المناوشات الشمالية لئلا يفتح الجبهة؛ خوفا من كشف ضعفه بصورة أوضح، وخوفا من أن يؤدي ذلك إلى حرب إقليمية واسعة النطاق.

لم تخل مكاسب "طوفان الأقصى" من البعد الثقافي كذلك، فبعدما كان المطبعون والمنبطحون العرب يسخرون من القوة التدميرية للصواريخ محلية الصنع في بداياتها، ويلقون اللوم على المقاومة لأنها تجلب عدوانا قاتلا بسبب صواريخ عبثية، وبعد انتقادات عديدة لسنوات طويلة، ألجمت المقاومة ألسنتهم، وأطلقت ألسنتنا، وهزمت أفكارهم وأيدت أفكارنا، وأثبتوا للدنيا معنى "أول الغيث النَّدى".

رغم سير المعارك، فإن المقاومين فتحوا الباب للمسار السياسي مرة أخرى، فربما يصعب في هذه المرحلة تصور زوال الاحتلال بشكل كامل عن أرض فلسطين كاملة، لكن المعركة الجارية ستفتح الباب على مصراعيه من أجل العودة إلى حدود ما قبل عام 1967، والتاريخ أثبت أن كل تنازلات الاحتلال بدأت عقب المقاومة، فاسترداد سيناء بدأ بنصر أكتوبر 1973، والانتفاضة الأولى عام 1987 أدت إلى قبول التحدث مع الفلسطينيين وجها لوجه
الآن، ورغم سير المعارك، فإن المقاومين فتحوا الباب للمسار السياسي مرة أخرى، فربما يصعب في هذه المرحلة تصور زوال الاحتلال بشكل كامل عن أرض فلسطين كاملة، لكن المعركة الجارية ستفتح الباب على مصراعيه من أجل العودة إلى حدود ما قبل عام 1967، والتاريخ أثبت أن كل تنازلات الاحتلال بدأت عقب المقاومة، فاسترداد سيناء بدأ بنصر أكتوبر 1973، والانتفاضة الأولى عام 1987 أدت إلى قبول التحدث مع الفلسطينيين وجها لوجه (أيًّا كانت نتيجة المسار وقبوله أو رفضه)، وتحرير جنوب لبنان جاء بعد مواجهات حزب الله، وتحرير الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين كان بعد أَسْرٍ مقابل، فالاحتلال لا يعرف سوى لغة القوة والضغط، ولا قوة يمكن وصفها بعد اقتحام مستوطنات وقواعد عسكرية والسيطرة عليها، خاصة أن بعضها يبعد مسافة 40 كم خارج قطاع غزة.

ما صنعته "طوفان الأقصى" أنها تعيد تشكيل المنطقة بصورة حقيقية لا بمجرد التهديد، وتصوغ معادلة الردع بطريقة عملية، وتعيد إلى القضية الفلسطينية حيويتها، وتُسمع الدنيا نداءات وحقوق الشعب الفلسطيني، وتدمر أفكار التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتدفع بمراجعة حسابات الذين يفكرون فيه باعتبار أن الفلسطينيين أصبحوا أمواتا، وتفع معنويات الفلسطينيين في كل مكان بعدما أيقنوا أن لهم درعا وسيفا، وتُلجم عربدة الاحتلال في الضفة والقدس، وتحطم صورة الجيش القوي واستخباراته اليقظة، ومع كل ذلك يمسح الطوفان عن جبيننا عار المهانة أمام الاحتلال والقوى الكبرى، ويرفع رؤوسنا بين العالمِين بعدما قهرها الاستبداد وعربدة الاحتلال، وأصبحنا نقول بأريحية كاملة: لقد هُزم الاحتلال.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال المقاومة الفلسطينية الإسرائيلية غزة إسرائيل فلسطين غزة الاحتلال المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طوفان الأقصى جیش الاحتلال

إقرأ أيضاً:

رئيس حماس يبعث برسالة إلى قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي

نص رسالة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس القائد يحيى السنوار إلى قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، ناصر جنده المخلصين المتقين والصلاة والسلام على إمام المجاهدين، وقائد الغُرّ المحجلين، وعلى آله وصحبه الطيبين، وأصحابه الميامين وعلى المجاهدين والمرابطين إلى يوم الدين، وبعد:

أخي الحبيب / سماحة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظكم الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يُسعدني أن أكتب لكم هذه الرسالة في ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ونحن نخوض سوياً معركة طوفان الأقصى المباركة، التي جاءت لتوجه ضربة قويةً للمشروع الصهيوني في المنطقة بشكل عام، وفي فلسطين على وجه الخصوص، ولنكتب بها أولى صفحات وعد الله المقدس بتحرير فلسطين تطبيقاً لقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾

ويسعدني أن أشكركم على العاطفة الصادقة، والمشاعر الفياضة والإرادة الصلبة التي رأيناها منكم في معركة طوفان الأقصى، سواء في ميدان المقاومة، أو فيما ترسله لنا من مخاطبات وما تحمله وفودكم الكريمة من رسائل.

أخي العزيز/ سماحة السيد عبد الملك

لقد استيقظت فلسطين اليوم، على خبر تدشينكم المرحلة الخامسة من مراحل مشاركتكم في معركة طوفان الأقصى، وإنني بهذا الصدد أبارك لكم نجاحكم بوصول صواريخكم إلى عمق كيان العدو، متجاوزة كل طبقات ومنظومات الدفاع والاعتراض، ولتعيد وَهَجَ معركة طوفان الأقصى وتأثيرها على قلب “تل أبيب” من جديد.

لقد اعتقد العدو الصهيوني بأن حرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها ضد شعبنا الفلسطيني، وخطوات الاحتواء والتحييد لجبهات المقاومة، التي تشرف عليها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، ستجعله ينتصر في معركته النازية ضد شعبنا الفلسطيني، فجاءته عمليتكم النوعية صباح أمس لترسل للعدو رسالة عنوانها أن خطط الاحتواء والتحييد قد فشلت وأن تأثير جبهات الإسناد بدأ يأخذ منحى أكثر فعالية، وأعظم تأثيراً على طريق حسم المعركة لصالح شعوبنا الأبية الحُرّة.

وإنني بهذا الصدد أرسل تحياتي لقيادة اليمن الشقيق، وقيادة أنصار الله، ولأبطال الجيش اليمني العزيز الذين أبدعوا في تطوير قدراتهم العسكرية حتى وصلت إلى عمق الكيان الغاصب، كما أُبرق بالتحية للشعب اليمني العظيم، الذي ما فتئ عبر تاريخه عن نصرة شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة، ولا تزال ميادين اليمن العزيز تشهد على ذلك أسبوعياً منذ بدأت معركة طوفان الأقصى.

أخي العزيز

يعيش شعبنا في قطاع غزة بين حالتين حالة الألم والمعاناة الشديدة جراء العدوان النازي والإبادة الجماعية والحصار والتجويع وهو ما يتطلب من كل أبناء الأمة اسناده والوقوف معه، وحالة المقاومة الباسلة التي تقودها كتائب القسام التي خاضت هجوم 7 أكتوبر باقتدار قل نظيره، وخاضت معركة دفاعية على مدار عام كامل أرهقت العدو وأثخنت فيه، وإنني بهذا الصدد أطمئنكم بأن المقاومة بخير، وأنّ ما يعلنه العدو محض أكاذيب وحرب نفسية، وإننا قد أعددنا أنفسنا لخوض معركة استنزاف طويلة تكسر إرادة العدو السياسية، كما كسر طوفان الأقصى إرادته العسكرية وإنّ تضافر جهودنا معكم ومع إخواننا في المقاومة الباسلة في لبنان، والمقاومة الإسلامية في العراق سيكسر هذا العدو وسيُلحق به الهزيمة على طريق دحره عن أرضنا بإذن الله ﴿وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ ۖ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا﴾.

أخوكم

يحيى السنوار

رئيس المكتب السياسي لحركة حماس

 

مقالات مشابهة

  • الإسلاميون والقوميون والسابع من أكتوبر: مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق
  • الحوثيون يكشفون عن إغراءات أمريكية لوقف هجماتهم المساندة لغزة
  • السنوار يبعث رسالة لزعيم الحوثيين بعد اختراق صاروخهم قلب تل أبيب.. ماذا قال؟
  • السنوار: المقاومة صامدة وطوفان الأقصى ضربة قوية للمشروع الصهيوني
  • القوات المسلحة تكشف عن مواصفات صاروخ “فلسطين 2” الفرط صوتي
  • رئيس حماس يبعث برسالة إلى قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
  • السنوار: المقاومة بخير وتحضر نفسها لحرب استنزاف
  • نص رسالة يحي السنوار إلى قائد أنصار الله
  • نص رسالة السنوار للسيد القائد
  • السنوار للسيد القائد :عمليتكم في عمق الكيان تعيد وَهَجَ معركة طوفان الأقصى