إطلاق دبلوم رعاية المبدعين بالإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب بدبي لترسخ منظومة الابتكار والمستقبل
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
دبي – الوطن
اطلقت الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب بدبي الدفعة السادسة من دبلوم رعاية المبدعين لعام 2023،وتضم 40 من موظفي الإدارة الذين اجتازوا اختبار تحليل الشخصية الإبداعية، بالإضافة إلى منتسبين من الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ، وبلدية الفجيرة، وبمشاركة مجموعة من طلبة الجامعات.
ويتكون البرنامج الذي يشرف عليه مركز الابتكار والمستقبل بإقامة دبي، من ثلاثة مراحل تتضمن كل من مرحلة التأهيل، ومرحلة التأسيس، ومرحلة المشاريع، حيث تستعرض المرحلة الأولى التحديات، وتشهد تشكيل مجموعات عمل لكل تحدٍ من التحديات.
ويستمر البرنامج التأهيلي لمدة شهر يتعرف خلاله المشاركون عبر تطبيق تيمز، على علم استشراف المستقبل، وأدوات استشراف المستقبل، ومهارات المستقبل وصناعة الفكرة الإبداعية، وتعليم مهارات التفكير والإبداع، والذكاء العاطفي والتعامل مع أنماط الشخصيات، والتفكير الناقد.
فيما يتلقى المشاركون خلال مرحلة التأسيس التي تستمر لمدة أسبوع تعليماً صفياً ذكياً، يتضمن مجموعة من المحاور الرئيسية التي تشمل تزويدهم بمهارات بناء التوجهات الاستراتيجية والابتكار، ومحترف الابتكار، واستراتيجية الابتكار.
أما مرحلة المشاريع التي تستمر حتى نهاية ديسمبر المقبل، فتتضمن تدريب المنتسبين على كيفية بناء فريق إيجابي ومحفز لريادة الابتكار والإبداع، ومعالجة الأفكار وتحويلها إلى نماذج ابتكارية عبر منهجية البحث والتجارب والتطوير، بالإضافة إلى الحلول الابتكارية، وتمكينهم من إعداد دراسات إطلاق المشاريع الابتكارية ، قبل أن يتم عرض المشاريع والنماذج المبتكرة على مجلس الاستراتيجية للابتكار واستشراف المستقبل والعمليات للتقييم النهائي .
وأكد المقدم فيصل بن بليله مدير إدارة الابتكار والمستقبل، أن دعم الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب للمبدعين وأصحاب القدرات والمهارات المتميزة بين صفوف موظفيها ، يأتي في إطار توجهاتها نحو تعزيز بيئة العمل، وترسيخ ثقافة الإبداع والابتكار، وتوفير أدوات وحلول مبتكرة وسهلة لمنظومة التكامل المؤسسي من خلال اكتشاف القدرات الإبداعية لدى الكوادر البشرية، والعمل على صقلها وتطويرها من خلال برامج التأهيل والتعليم والتدريب، مرحبا بمشاركة عدد من الشركاء الاستراتيجيين وطلبة الجامعات في الاستفادة من البرنامج، وما يوفره من فرص التدريب والتأهيل العلمي وتنمية القدرات الإبداعية لدى المنتسبين .
ويشارك في تقديم المحاضرات نخبة من الأكاديميين والخبراء المتخصصين في علوم ومنهجيات الابتكار والمستقبل، والتخطيط والدراسات الاستراتيجية من الموارد البشرية في الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب دبي .
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب
إقرأ أيضاً:
من المشلعيب إلى المنافي محنة المبدع السوداني بين القمع والهروب- حول كتاب مهارب المبدعين
أطروحة نقدية حول كتاب "مهارب المبدعين" للنور حمد
الهروب كظاهرة ثقافية وسياسية
يُعتبر كتاب "مهارب المبدعين" للنور حمد عملاً نقدياً بارزاً في سياق الفكر السوداني المعاصر، حيث يتناول ظاهرة الهروب التي اتسم بها المبدعون والمثقفون السودانيون كرد فعل على القيود الاجتماعية والسياسية التي فرضتها البيئة الثقافية السودانية. الكتاب ليس مجرد سرد لتجارب فردية، بل هو تحليل عميق لجذور هذه الظاهرة وتأثيراتها على الإنتاج الثقافي والفكري في السودان.
يطرح النور حمد فكرة أن الهروب لم يكن مجرد فعل جسدي، بل كان أيضاً هروباً نفسياً وفكرياً، حيث لجأ المبدعون إلى ملاذات مختلفة، سواء كانت الهجرة إلى الخارج، أو الانسحاب إلى فضاءات ثقافية بديلة داخل المجتمع السوداني نفسه. هذه الظاهرة، كما يرى المؤلف، لم تكن مجرد استجابة فردية، بل كانت نتاجاً لبنية اجتماعية وسياسية قمعية، حالت دون تفاعل المبدعين مع قضايا مجتمعهم بشكل فاعل.
المحاور الرئيسية في الكتاب
القمع السياسي والاجتماعي كعامل رئيسي في الهروب
يشير النور حمد إلى أن القمع الفكري والسياسي الذي مارسته الدولة والمجتمع السوداني كان أحد الأسباب الرئيسية وراء ظاهرة الهروب. فمنذ الاستقلال، ظل السودان محكوماً بأيديولوجيات منغلقة، سواء كانت دينية أو عسكرية أو قبلية، مما جعل الفضاء العام غير قادر على احتضان التنوع الفكري والإبداعي.
نتيجة لذلك، اتجه العديد من المثقفين والمبدعين إلى الهجرة للخارج، أو إلى الانسحاب داخل مجتمعاتهم في جيوب صغيرة منعزلة، مثل النوادي الأدبية والمقاهي الثقافية، التي أصبحت ملاذات لهم بعيداً عن القيود المفروضة.
المدينة السودانية كفضاء طارد للمبدعين
يناقش الكتاب كيف أن المدن السودانية الحديثة، وخصوصاً الخرطوم، لم توفر بيئة خصبة للإبداع، بل كانت خاضعة للرقابة الاجتماعية والدينية، مما جعلها غير مرحبة بالتجارب الإبداعية الجريئة.
يقارن المؤلف بين الريف والمدينة، موضحاً كيف أن بعض الشعراء، مثل محمد سعيد العباسي، لجأوا إلى البادية بحثاً عن الحرية بعيداً عن قيود المدينة. من ناحية أخرى، وجد بعض المبدعين ملاذهم في المقاهي والمجتمعات الثقافية الصغيرة داخل المدن، لكنها ظلت هامشية وغير مؤثرة في التغيير المجتمعي الكبير.
أثر الهروب على الإنتاج الثقافي والفكري
يرى النور حمد أن ظاهرة الهروب لم تؤدِ إلى نهضة إبداعية، بل إلى حالة من الانفصال بين المبدعين والمجتمع. كثير من المبدعين السودانيين لم يستطيعوا تشكيل تيارات فكرية أو ثقافية مؤثرة، لأنهم إما تماهوا مع السلطة أو دخلوا في حالة انسحاب واغتراب نفسي وفكري.
يعقد المؤلف مقارنة بين السودان ودول أخرى مثل الهند وإثيوبيا، حيث تمكنت هذه الدول من خلق حركة ثقافية مبدعة رغم التحديات السياسية والاجتماعية، بينما فشل السودان في ذلك.
تحليل الكتاب في ضوء الفكر السوداني المعاصر
العلاقة بين "مهارب المبدعين" و"العقل الرعوي"
يمكن اعتبار كتاب "مهارب المبدعين" امتداداً لأطروحة "العقل الرعوي" للنور حمد، حيث يرى أن السودان محكوم بعقلية تقليدية محافظة تمنع التحولات الفكرية والثقافية الجذرية.
في كتاب "العقل الرعوي"، يناقش كيف أن البنية الاجتماعية السودانية تعتمد على قيم القبلية والطائفية، بينما في "مهارب المبدعين"، يناقش كيف أن هذه البنية أفرزت واقعاً خانقاً أدى إلى هروب المبدعين بدلاً من مقاومتهم لهذه العقلية.
نقد المثقف السوداني ودوره في تكريس الأزمة
لا يعفي النور حمد المثقفين السودانيين من المسؤولية، حيث يرى أن كثيراً منهم استسلموا للهروب بدلًا من مواجهة المشكلات البنيوية في المجتمع.
هذا النقد يتقاطع مع أطروحة عبدالله علي إبراهيم حول "تحالف الهاربين"، حيث يرى أن هناك تحالفًا ضمنيًا بين القوى المحافظة والمثقفين الذين اختاروا العزلة بدلًا من المواجهة.
المقارنة مع كتاب "مهارب المثقفين"
بينما يناقش "مهارب المبدعين" دور الشعراء والكتاب والفنانين في التهرب من مواجهة الأزمات الاجتماعية والسياسية، فإن كتاب "مهارب المثقفين" يركز أكثر على دور المثقفين في التماهي مع السلطة بدلًا من معارضتها.
في "مهارب المثقفين"، يؤكد النور أن العديد من المثقفين السودانيين، بدلاً من تقديم رؤية نقدية للمجتمع، انشغلوا بالتبرير الأيديولوجي، مما جعلهم جزءًا من الأزمة بدلًا من أن يكونوا جزءًا من الحل.
نقد الكتاب
هل كان الهروب خيارًا أم نتيجة؟
يمكن المجادلة بأن الهروب لم يكن دائمًا خيارًا للمبدعين، بل كان أحيانًا نتيجة للقمع السياسي والاجتماعي.
العديد من المبدعين الذين هاجروا أو انسحبوا لم يجدوا بدائل حقيقية داخل السودان، وبالتالي كان خيار الهروب أمرًا مفروضًا وليس ترفًا فكريًا.
غياب الحلول العملية
رغم أن الكتاب يقدم تحليلًا دقيقًا لمشكلة هروب المبدعين، إلا أنه لا يقدم حلولًا واضحة لكيفية تجاوز هذه الأزمة.
كيف يمكن إعادة دمج المبدعين في المجتمع؟ وكيف يمكن خلق بيئة ثقافية حاضنة للإبداع بدلًا من أن تكون طاردة له؟ هذه الأسئلة لم تجد إجابة واضحة في الكتاب.
التركيز على الجانب الفردي أكثر من البنيوي
الكتاب يركز على تجارب فردية للمبدعين السودانيين، لكنه لم يناقش بشكل كافٍ البنى المؤسسية والسياسية التي عززت هذه الظاهرة.
كان من الممكن أن يكون التحليل أكثر عمقًا لو تمت دراسة دور التعليم والإعلام والسياسات الثقافية في تكريس هذا الواقع.
أهمية الكتاب في فهم أزمة المثقف السوداني
يعد "مهارب المبدعين" إضافة مهمة للنقد الثقافي السوداني، حيث يقدم رؤية تحليلية لأسباب ضعف التأثير الإبداعي للمثقفين السودانيين.
و يعكس الكتاب رؤية النور حمد النقدية التي تتقاطع مع كتاباته الأخرى حول العقل الرعوي وتأثيره على البنية الثقافية والسياسية في السودان.
رغم بعض النواقص في تقديم الحلول العملية، فإن الكتاب يظل مرجعًا هامًا لفهم كيف فشل السودان في استثمار طاقاته الإبداعية، مما يطرح تساؤلات هامة حول مستقبل الثقافة السودانية.
zuhair.osman@aol.com
///////////////////////