هذا هو السياق العالمي للحرب بين حماس وإسرائيل
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
بدأت روسيا الحرب الأكبر في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وباتت الصين أكثر عدائية مع تايوان، وشكلت اسرائيل الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخها. وصباح السبت، هاجمت حماس إسرائيل بآلاف الصواريخ وخطفت مدنيين وقتلتهم علناً.
شجع ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، على تجاهل المصالح الفلسطينية، وعمل عوض ذلك على تأمين انتصار إسرائيلي ساحق.
وكتب نواه سميث في نشرته الإخبارية سوسبستاك أن "عالماً متعدد القطب بالكامل برز، الناس يدركون متأخرين أن التعددية القطبية يشوبها نوع قليل من الفوضى".
وعلى نحوٍ مشابه، اعتبر عالم السياسة الصيني ونغ يونغنيان الذي تربطه علاقات مع قادة البلاد، أن "العالم القديم" يتفتت. وقال إن "الدول مفعمة بالطموح، مثل نمور تنظر إلى فريستها، ومتحمسة لانتهاز كل فرصة تتوفر لها وسط أنقاض النظام القديم". تراجع أمريكا
ويتساءل الكاتب "لماذا تراجعت القوة الأمريكية؟"، مستدركاً أن بعض التغيير لا يمكن تجنبه. لكن الولايات المتحدة تقترف أخطاء استراتيجية تزيد وتيرتها مع ظهور العالم متعدد الأقطاب.
ومن هذه الأخطاء أن الرؤساء من الحزبين اعتقدوا بسذاجة أن الصين الغنية ستكون حتماً بلداً صديقاً، وأخفقت في إدراك أن الولايات المتحدة كانت تعزز منافسها عبر سياسات تجارية مرنة، كما يقول العالم السياسي جون ميرشايمر. وأمضت الولايات المتحدة معظم السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين، تقاتل في حروب مكلفة في أفغانستان، والعراق.
وكانت الحرب العراقية مدمرة خاصةً لأنها كانت حرباً اشتعلت دون استفزاز، إذ اختار جورج دبليو بوش بدءها. أما الانسحاب المذل من أفغانستان، الذي أشرف عليه الرئيس جو بايدن، فجعل الولايات المتحدة تبدو أضعف.
وربما جاء الدمار الأكبر لسمعة الولايات المتحدة من دونالد ترامب، الذي رفض فكرة أن على الولايات المتحدة أن تقود العالم. وانسحب من اتفاقات دولية، وازدرى تحالفات ناجحة مثل ناتو. ولمح إلى أنه إذا فاز بالرئاسة في 2024، فإنه قد يتخلى عن أوكرانيا.
Haaretz: Netanyahu "completely failed to identify the dangers he was consciously leading Israel into when establishing a government of annexation and dispossession.” He adopted “a foreign policy that openly ignored the existence & rights of Palestinians.” https://t.co/MzM0tfPvDI
— Kenneth Roth (@KenRoth) October 9, 2023وفي إسرائيل، شجع ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، على تجاهل المصالح الفلسطينية، وعمل عوض ذلك على تأمين انتصار إسرائيلي ساحق.
من المؤكد أن نتانياهو لم يبدأ هذه الحرب الجديدة. لكن حماس هي التي فعلت، بدعم على الأرجح من إيران، الدولة الداعمة لهذه الجماعة منذ زمن، وارتكبت حماس انتهاكات صادمة لحقوق الانسان في عطلة نهاية الأسبوع، موثقة بالفيديو.
لكن تطرف نتانياهو ساهم في الاضطراب بين إسرائيل وجماعات فلسطينية مثل حماس. وقالت "هآرتس" أمس إن "رئيس الوزراء الذي يتمتع بالخبرة ويفتخر بحكمته السياسية الواسعة التي لا يمكن الاستغناء عنها في المسائل الأمنية، فشل في تقدير المخاطر التي كان يقود إسرائيل إليها، عن وعي عند تشكيل حكومة تقوم على ضم الأراضي ومصادرة الأملاك". وأضافت أن نتانياهو تبنى "سياسة خارجية تتجاهل علناً وجود الفلسطينيين وحقوقهم".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: غزة وإسرائيل زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
مطرقة ترامب على خريطة العالم
القارة العجوز كما يسمونها، هي من صنعت الولايات المتحدة، منذ اكتشافها على يد بحارة أوروبيين. وفي حربها مع المستعمر البريطاني من أجل الاستقلال، اعتمدت على الدعم الفرنسي، واهتدت بكثير من أفكار الثورة الفرنسية، في قواعد إقامة الدولة الجديدة. عند اشتعال الحرب العالمية الثانية، واجتياح الجيوش الألمانية النازية لفرنسا، وقصف لندن بطيرانها العسكري، ثم الهجوم على الاتحاد السوفياتي، أيقن رئيس الوزراء البريطاني، أن صمود شعبه في وجه القوة النازية، لن يطول ولا سبيل لكسر المشروع العدواني الألماني، إلا بدعم أمريكي واسع عسكرياً ومالياً وسياسياً. ارتبط تشرشل بعلاقة صداقة مع الرئيس الأمريكي آنذاك فرنكلين روزفلت، لكنه لم يتمكن من إقناعه بدعم بريطانيا في حربها مع هتلر. الرئيس روزفلت وكان من الحزب الديمقراطي الأمريكي، وحكم الولايات المتحدة أربع مرات، ولم يغادر البيت الأبيض إلا بسبب الوفاة، رفض في البداية تقديم الدعم العسكري لبريطانيا، بسبب المعارضة الشعبية في أمريكا لذلك. جاءت ضربتا القدر اللتان حققتا أمل ونستون تشرشل. الأولى الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربر الأمريكي، والثانية الهجوم الألماني على الاتحاد السوفياتي. اندفعت الولايات المتحدة بقوة عسكرية هائلة متحالفة مع بريطانيا وقوات فرنسا الحرة التي يقودها شارل ديغول. فتحت صفحة جديدة في مسار التاريخ. بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، بقوة الآلة العسكرية الأمريكية، قام الرئيس الأمريكي هاري ترومان الذي خلف الرئيس روزفلت، بإعادة إعمار أوروبا المدمرة، عبر مشروع مارشال، وأصبح غرب القارة العجوز، تابعاً للولايات المتحدة.
الآن تفتح الولايات المتحدة، صفحة أخرى في كتاب علاقتها مع أوروبا بشرقها وغربها، بيد الرئيس دونالد ترامب. محركه الأساسي الحرب الروسية على دولة أوكرانيا. الحروب تصنع التحولات التاريخية الكبيرة. في السنوات الثلاث الماضية، قدمت الولايات المتحدة، ومعها دول الاتحاد الأوروبي، دعماً عسكرياً ومالياً ضخماً لأوكرانيا، وفرضت عقوبات واسعة على روسيا.
في حملته الانتخابية الرئاسية، تعهد دونالد ترامب، بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في أربع وعشرين ساعة، وأنه لو كان رئيساً لأمريكا قبل اشتعال تلك الحرب، لما نشبت أصلاً. مباشرة بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، شرع ترامب يهوي بمطرقته، على الجانب الأوكراني، وعرض حلَّه الذي يعدّه حاسماً، وهو أن تقبل أوكرانيا بالتنازل عن الأرض التي احتلتها روسيا، وأضاف أن على الرئيس زيلينسكي أن يغادر السلطة، لأنه ديكتاتور قاد بلاده إلى الدمار، فهو من تسبب في تلك الحرب الدامية. الرئيس ترامب طالب أوكرانيا بأن تعوض الولايات المتحدة، على كل ما قدمته لها من دعم مالي وعسكري، عبر المعادن التي تختزنها أرض أوكرانيا. مطرقة ترامب هوت أيضاً على جبل التاريخ الطويل، من التحالف بين الولايات المتحدة وأوروبا، التي تجمع على إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، وتجنح إلى استمرار دعمها عسكرياً ومالياً. بدأ القادة الأوروبيون يراجعون علاقاتهم الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية والسياسية مع الولايات المتحدة. ارتفعت أصوات أوروبية تدعو إلى إقامة جيش أوروبي، يحقق الاستقلال العسكري عن حلف "الناتو" الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. لم يعد خافياً أن الرئيس دونالد ترامب، ينتهج سياسة الانسحاب من المنظمات الدولية، وفق مبدأ "أمريكا أولاً". انسحب من منظمة الصحة العالمية، ومن اتفاق باريس للمناخ، وأوقف برنامج المساعدات الأمريكية لكل الدول، باستثناء مصر وإسرائيل. هل سيوقف الرئيس دونالد ترامب دفع المساهمة الأمريكية لمنظمة الأمم المتحدة، التي تبلغ نحو ربع ميزانيتها، وبذلك تصبح معاقة مالياً، وتدخل في دائرة النهاية؟ من دون شك؛ فإن العالم يتحرك نحو تشكل آخر، وذلك ما عبر عنه وزير الخارجية الروسي لافروف، في كلمته أمام مجلس الدوما الروسي، في الأسبوع الماضي.
الولايات المتحدة قوة عسكرية وصناعية وعلمية غير مسبوقة. شكلت التكوين العالمي منذ الحرب العالمية الثانية، منذ الرئيسين فرنكلين روزفلت، وهاري ترومان. الاتحاد السوفياتي كان القوة الوحيدة التي شكلت المقارع السياسي والعسكري لأمريكا، وبعد انهياره انفردت الولايات المتحدة، بالتحكم في القرارات الدولية الأكثر أهمية. موازين القوة في عالم اليوم، تتحرك ببروز قوى كبيرة أخرى، وفي مقدمتها الصين الشعبية التي حققت تقدماً اقتصادياً هائلاً، ولها وجود منافس للولايات المتحدة وأوروبا. التقارب الصيني الروسي، والكوري الشمالي، له فاعليته الكبيرة التي ستسهم في إعادة رسم خريطة القوة العالمية. الرئيس دونالد ترامب سيهزُّ كثيراً من المسلمات السياسية والاقتصادية، التي عاش فيها العالم وتعايش معها لسنوات طويلة، دعا إلى ضم كل من كندا، وغرينلاند إلى بلاده، وهدد بالهيمنة على قناة بنما، وغيَّر اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا. لا نستبعد أن يكون الرئيس الأمريكي الثالث، الذي يضع بصمات جديدة على خريطة العالم، بعد الرئيسين روزفلت وترومان، اللذين رسما خريطة العالم في القرن العشرين، وفرضا السيطرة الأمريكية على اليابان بعد ضربها بالقنبلة الذرية، وعلى كوريا الجنوبية وأوروبا الغربية، كما فرضت الولايات المتحدة نمطيها السياسي والاقتصادي على هذه الدول.